24 يوليو 2025

تعرض تصاميمها في باريس.. «سيريفانافاري» ابنة ملك تايلند: على الأميرة العصرية أن تجد لها مهنة

كاتبة صحافية

الأميرة بنياشينها
الأميرة بنياشينها

اللقاء مع أميرة تايلند جرى في صالون صغير مخصص للزبونات الهامّات، يقع في الطابق الأول من متجر «جاليري لافاييت» في باريس. والأميرة سيريفانافاري ناريراتانا راجاكانيا، وهذا هو اسمها الكامل، تحب الموضة، وهي شابة بالغة الأناقة، تحرص على حضور عروض الأزياء الراقية، سواء في باريس، أو لندن، أو ميلانو. والسؤال هو: هل نصافح الأميرة باليد مثل أيّ مواطنة عادية، أم يتوجب الانحناء قليلاً على طريقة الآسيويين في إبداء الاحترام؟

مجلة كل الأسرة

ليس في الصالون سوى أريكة أنيقة واحدة. وقد كان المكان هادئاً، ومعزولاً عن ضجة الزبائن في الخارج، والنداءات الترويجية عبر مكبّرات الصوت، الأمر الذي أتاح تأمل الملامح الجميلة للأميرة التايلندية سيريفانافاري، البالغة من العمر 38 عاماً، وملاحظة تفاصيل أناقتها. كانت تبدو عليها علامات التعب. فهذا هو يوم افتتاح زاويتها الخاصة التي تعرض فيها أزياء من تصميمها داخل المتجر الباريسي الضخم. ولنقل إنه دكانها المؤقت الذي يحمل اسمها، على أمل توسيع شهرتها والاستقلال بمتجر خاص بها.

مجلة كل الأسرة

أميرة ومصممة أزياء

تبدو الأميرة أكثر شباباً من عمرها الحقيقي. لكن نظرتها الحازمة تكشف عن شخصيتها، وخبرتها. وهي لم تصبح مصممة أزياء تلبية لنزوة عابرة، بل صنعت علامتها التجارية ببطء، منذ أن كانت في سن الثامنة عشرة. وهذا يعني أنها مارست هذا الشغف لمدة عشرين عاماً، متنقلة بين بلدها الأم وأوروبا. وتقول إنها كانت في بداياتها مهتمة بالرسم، والكولاج، والطباعة، قبل أن تنجذب إلى الموضة وترى فيها فناً حياً، ومتحركاً. وهي لا تخفي أن البداية كانت بدعم من عائلتها. فقد نصحها والدها بالدراسة في فرنسا، بينما كانت تميل أكثر إلى تعلم التصميم في إيطاليا.

مجلة كل الأسرة

لم تترك لها بداياتها في هذه المهنة ذكريات سعيدة، وهي تتذكر تلك الفترة الصعبة بالقول: «بدأت عام 2005 بتواضعٍ شديد. عرضت مجموعتي الأولى خلال أسبوع الأزياء الراقية في بانكوك، ثم في باريس. حضر الناس لمشاهدتها، وكان عرضاً مذهلاً، وفي الوقت ذاته معاناة حقيقية. كنت صغيرة جداً، ولم تكن لديّ خبرة. لكنني تعلمتُ الكثير. لذلك قررت أخذ استراحة لتطوير نفسي وتحسين أدائي. كان عليّ أن أخلع تاج الأميرة، وأتعلّم كغيري».

في شرفة العائلة المالكة
في شرفة العائلة المالكة

تفرغت سيريفانافاري للدراسة الفنية وكانت تحضر المعارض على نطاق، واسع واكتشفت فن التصوير، وراحت تلتقط الصور، وتصوّر الأفلام، وترسم. أما مثالها الأعلى في التصميم فهما رجل وامرأة: التونسي عز الدين علايا، والفرنسية مدام غراي. كانت مأخوذة باللمسة الأنثوية في تصاميمهما، وبدقة التفصيل والقصّات، وبالأخص طيّات القماش.

في شرفة العائلة المالكة
في شرفة العائلة المالكة

هوية حقيقية.. ليست مجرّد أميرة

معظم الناس لا يعرفون سوى القليل عن تايلند. لذلك فليس من السهل المضي في الكلام مع ابنة الملك الحالي، ماها فاجيرالونجكورن، على فنجان شاي. فهناك، تحظى العائلة المالكة بمكانة مرموقة، ويتمتع أفرادها بمنزلة تقترب من القداسة. ومع ذلك، لا تضع الأميرة أي حدود، بل تشعر معها بأنها تتحدث بحرية وبساطة. وحتى عندما تزور فرنسا، البلد الذي تجاوز الملكية، وأقام النظام الجمهوري، فإن المحيطين بها يعاملونها كفرد من العائلة المالكة المميّزة. لكنها تتمنى لو يعرفها الفرنسيون والفرنسيات كمصممة أزياء، وليس كأميرة. إن العمل الإبداعي يمنحها هالة مختلفة، ويرفع معنوياتها، ويخفف من شعورها بالحرج.

في شرفة العائلة المالكة
في شرفة العائلة المالكة

تقول: «في عائلتي، لدينا معايير عالية. كان عليّ إثبات جديتي. أما علامتي التجارية فقد تطوّرت معي. واليوم أتمتع بهوية حقيقية تختلف عن مجرّد كوني أميرة. لقد كان العمل مع جاليري لافاييت تجربة مدهشة بالنسبة لي. لقد فهموا مَن أكون، وماذا أملك كمواطنة تايلندية لتقديمه للعالم. لدينا معالم وإنجازات تحققت بفضل فريق العاملين معي. ونحن نشعر، كل يوم، كأننا ذاهبون إلى الألعاب الأولمبية».

مجلة كل الأسرة

لم يقتصر عملها على تصميم الثياب، إذ تقدم سيريفانافاري، حالياً، الملابس والإكسسوارات، وهناك خط لطرح مجوهرات تحمل توقيعها. وهي في طريقها لتصبح من الشخصيات الرئيسية في عالم الموضة، ليس في آسيا فقط، بل في أوروبا أيضاً. لقد كبرت الأميرة الصغيرة وأفسحت المجال للمصممة وسيدة الأعمال التي ترأس شركة تضم 80 منتسباً. ولديها ورشة عمل خاصة بها، مع فريق تطريز محلي هو الوحيد من نوعه في تايلند. وطبعاً فإنها تهدف إلى مواصلة النمو والترويج لعملها.

تختتم سيريفانافاري حديثها مازحة: «أنا من عائلة كبيرة، هكذا هي الأمور. لم أختر ذلك. ولكن كما قال لي عمي ذات مرة، يجب أن يكون للأميرات العصريات مسيرة مهنية».