تتميّز المصممة الإماراتية عائشة سيف الحمراني، بقدرتها على مزج الأصالة الإماراتية بالتصاميم المعاصرة، لتخلق أعمالاً فنية تحمل روح التراث، وتطلعات الحداثة، في الوقت ذاته. ومن خلال مشاريعها، تسعى عائشة إلى إعادة تفسير الحرف التقليدية والفنون الشعبية بأسلوب مبتكر، يُضفي حياة جديدة على الرموز الثقافية، ويجعلها قادرة على التفاعل مع المجتمع الحديث...
في هذا الحوار، تتحدث عائشة الحمراني عن آخر ابتكاراتها وتصميمها الجديد لملعب كرة السلة في «منتزه الشيخة فاطمة»، مستعرضة رؤيتها الفنية، وشرحها لكيفية دمج التراث الإماراتي مع الرياضة والتجربة المجتمعية:
وقد كشفت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، من خلال هويتها السياحية «حياكم في أبوظبي»، وبالتعاون مع فريق «نيويورك نيكس»، عن واحد من أبرز أعمال عائشة الحمراني، وهو ملعب كرة سلة مُجدد في «منتزه الشيخة فاطمة»، بتصميم مستوحى من الثقافة الإماراتية، بالتزامن مع مباريات دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين (NBA)، أبوظبي 2025، المقدمة من شركة القابضة (ADQ). وشهد افتتاح الملعب محمد خليفة المبارك، رئيس الدائرة، وجيمس دولان، الرئيس التنفيذي لشركة «ماديسون سكوير جاردن سبورتس»، إلى جانب أسطورتي «نيويورك نيكس» جون ستاركس، وستيفن ماربري، في خطوة تعكس التزام الدائرة بتطوير تجارب مجتمعية تُثري حياة السكان والزوار، على حد سواء
وفي حديثها «لكل الأسرة» أوضحت الفنانة الإماراتية عائشة الحمراني أنها استوحت تصميم الملعب الجديد من صندوق «المندوس» التقليدي، حيث أعادت تصوّر زخارفه ونقوشه لتغطي أرضية الملعب، وتحيط بشعار فريق «نيويورك نيكس»، مع إبراز التفاصيل الفنية، مثل دائرة الملعب المركزية المستوحاة من قفل «المندوس»، والزخارف الممتدة على الخطوط الجانبية، لتدمج بين الثقافة الإماراتية الأصيلة، ورياضة كرة السلة. ويعد الملعب الثاني ضمن مبادرة الدائرة لتجديد الملاعب المجتمعية بعد ملعب «ريم سنترال بارك»، ويهدف إلى تشجيع ممارسة الرياضة، وتعزيز الروابط المجتمعية، وتقديم تجربة تجمع بين الترفيه والابتكار والثقافة، في قلب العاصمة.
تراثنا قائم وينبض بالحياة
وحول شغف عائشة بتقديم التراث والثقافة الإماراتية بصورة حديثة، تقول «الفكرة ليست في إعادة الماضي كما هو، بل في جعله يعيش الحاضر، ويرتبط بحياة الناس اليومية. فالتراث يجب ألا يُروى كقصص بعيدة عن الواقع، أو كأساطير قديمة، وهي لا تزال موجودة في حياتنا اليومية، تنبض بالحياة، وتستمر في التأثير في الأجيال الحالية، ما يجعل التصميم أكثر قرباً وفهماً للجمهور، من مختلف الأعمار.
قيمة «المندوس» في حفظ الأشياء الثمينة
وأوضحت أن اختيارها لصندوق «المندوس» كان متعمداً، بسبب قيمته الرمزية، فهو يُستخدم تقليدياً لحفظ الأشياء الثمينة، ما يعكس اهتمام المجتمع بما هو ثمين، في ثقافته وهويته الوطنية. وأكدت أن هذا المعنى الرمزي كان محورياً في تصورها لتصميم ملعب كرة السلة، حيث رأت أن الأطفال والشباب يمثلون أثمن ما لدى المجتمع، وبالتالي، كان من الطبيعي أن يحظوا بتجربة فنية ورياضية ترتبط بالثقافة، والهوية الإماراتية.
وأشارت عائشة الحمراني إلى جمال تصميم «المندوس» في انتظامه ودقته، ما يمنحه إحساساً بالراحة والتناغم للنظر، وقالت: «خطوط المندوس المتقنة، والتكرار الهندسي في زخارفه تمنح العين راحة، وتنقل شعوراً بالتوازن، لذلك كان ملعب كرة السلة انعكاساً لهذا الشعور، ليصبح المشهد متناسقاً وجذاباً للاعبين والمشاهدين، على حد سواء». وأضافت أن دمج الجماليات التقليدية مع الوظيفة الرياضية يجعل الملعب تجربة حسية متكاملة، تعكس التراث في إطار عصري وحيوي.
واختتمت المصممة عائشة الحمراني حديثها بأنها تحب أن تكون أعمالها موجودة في الحدائق والأماكن العامة، لتصبح جزءاً من الذاكرة الجمعية لأفراد المجتمع، قائلة: «كمصممة إماراتية، أعتبر أن واجبي هو تعزيز التراث والثقافة الوطنية، بحيث يمكن للناس رؤيتها، والتفاعل معها في حياتهم اليومية. فعندما يمر الأطفال والشباب بين هذه الأعمال، أو يجلسون بالقرب منها في الحدائق، يكون لديهم شعور بالارتباط بالموروث الثقافي، ويصبح الفن جزءاً من تجربتهم اليومية، وليس شيئاً معزولاً عن حياتهم»، مشيرة إلى أن هذا النهج يجعل الفن وسيلة تربوية واجتماعية تعزز الانتماء والفخر بالهوية الإماراتية.