06 نوفمبر 2025

من الملل إلى النفور... كيف تنقذ زواجك قبل فوات الأوان؟

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

بفعل ضغوط الحياة المتسارعة والمقارنات التي تفرضها وسائل التواصل الاجتماعي، تواجه العلاقات الزوجية تحدّيات متزايدة تجعلها أكثر عرضة لمشاعر الملل، أو النفور الذي ربما يتطور إلى رفض وابتعاد، عاطفي وجسدي، يهدّد استقرار الأسرة. ولتجنب هذه المخاطر، يصبح الوعي بالمشكلة ومراجعة التوقعات وتجديد العلاقة من أهم الخطوات، ليبقى الزواج مساحة للاستقرار، بدلاً من أن يتحول إلى دائرة من الفتور والابتعاد.

مجلة كل الأسرة

في هذا الإطار، توضح الأخصائية الأسرية أسماء سويد، الفرق بين الملل والنفور«يعني الملل في العلاقة الزوجية، فقدان الحماس والمتعة، والإحساس بالرتابة، كأن الحياة متشابهة بلا تجديد، والعلاقة تدار بطريقة آلية. بينما يكون النفور أخطر على العلاقة، إذ يتحول الشعور من فتور إلى رفض، وربما كره، يظهر بشكل تجاهل متعمد، أو ابتعاد عاطفي وجسدي، بين الزوجين. وغالباً ما يكون النفور نتيجة طبيعية لتراكم الملل، وتجاهل التعامل معه منذ البداية ليصل في النهاية إلى مرحلة خطرة تهدّد استقرار الزواج».

مجلة كل الأسرة

أسباب الملل والنفور في الحياة الزوجية 

تكشف أسماء «تختلف أسباب الملل والنفور، حيث يمكن أن يكون بعضها نفسياً، مثل القلق، أو الاكتئاب، أو فقدان الثقة بالنفس، وبعضها حياتياً مثل الضغوط المالية، أو مشكلات العمل، أو تكرار الخلافات، إضافة إلى مشكلات صحية كاضطراب الهرمونات، أو تأثير بعض الأدوية». وتشير «يعد فقدان الاهتمام المتبادل من أبرز أسباب الملل، ففي بداية الزواج يكون هناك حرص على السؤال، والاهتمام على الرغم من الانشغالات، لكن مع مرور الوقت يضعف هذا التواصل، فيشعر الطرفان بالإهمال. كما لعبت وسائل التواصل التي يمكن أن نطلق عليها «وسائل التقاطع الاجتماعي» دوراً سلبياً في تعزيز الشعور بالنقص والإحباط، بفتحها باب المقارنات مع حياة الآخرين، على سبيل المثال، من يسافر أكثر؟ من يتلقى هدايا أغلى؟ من يعيش رفاهية أكبر؟، إضافة إلى ضغوط العمل التي يمكن أن تتسلل إلى البيت فتحوّله إلى مكتب، بسبب الانشغال بالمكالمات أو الرسائل، مسبباً إحساساً بالإهمال لدى الطرف الآخر. هذا الخلط بين العمل والحياة الخاصة يؤدي إلى فقدان العلاقة الزوجية خصوصيتها، وتقليل فرص الاستمتاع».

روتين فارغ وتصورات غير واقعية تقود العلاقة الزوجية إلى الإحباط والملل وربما النفور لاحقاً

تلفت أسماء سويد إلى مسألة وضوح الرؤية والتوقعات «الكثير من الأزواج يدخلون الحياة الزوجية بتصورات مثالية، أو غير واقعية، مثل الحصول على كل الامتيازات من دون تقديم التزامات مقابلة. على سبيل المثال، بعض النساء يتوقعن البقاء في البيت من دون القيام بالمهام المنزلية، والحرية الكاملة في الإنفاق المالي من الزوج، هذه المبالغات والتصورات غير المنطقية تصطدم بالواقع بعد فترة قصيرة من الزواج، فتخلق حالة من الإحباط والملل، وربما النفور لاحقاً».

وفيما ينظر الآخرون إلى الروتين على أنه مسألة خطرة على العلاقة الزوجية، تجد أسماء فيه عنصراً من عناصر الاستقرار والنظام، يخلق طقوساً تمنح العلاقة معنى ودفئاً «عندما يعتاد الزوجان الخروج مساء الخميس لتناول العشاء، أو مشاهدة فيلم معاً مساء، أو القيام برحلة قصيرة في نهاية الأسبوع، هذه الطقوس تصبح متنفساً من ضغوط الحياة اليومية، وتمنحهما شعوراً بالانتظار الجميل. لكن هذا الروتين يمكن أن يتحول إلى مشكلة، عندما يتحول إلى تكرار فارغ بلا معنى، أو متعة، ليكون عبئاً بدلاً من أن يكون مصدر استقرار، فيبدأ الملل بالتسلل، وتضعف الحميمية، ويبحث الطرفان عن تجديد يعيد الحيوية للعلاقة».

مجلة كل الأسرة

خطوات انتعاش وتجديد العلاقة الزوجية 

لكسر دائرة الملل قبل أن تتحول إلى نفور، تضع أسماء خطوات عدة:

  • الاعتراف بالمشكلة: لا بد أن يكون كل من الزوجين صريحاً مع نفسه ومع الطرف الآخر لتحديد أماكن الفتور، ومصادره، فالوعي هو المفتاح الذي يساعد على التعبير عن المشاعر السلبية بطريقة واضحة، بدلاً من تركها تتراكم وتنفجر في وقت لاحق.
  • التخلي عن التوقعات غير الواقعية: يجب أن تكون التوقعات من الزواج متناسبة مع شخصية الشريك، وطبيعة عمله، وعدد سنوات الزواج، ووجود الأطفال. فالتوقعات الواقعية تقلل من الإحباط، وتمنح العلاقة فرصاً أكبر للاستمرار، برضا وتوازن.
  • التجديد عبر لغات الحب والأنشطة المشتركة: من الوسائل الفعالة في تجديد العلاقة إدخال أنشطة وهوايات جديدة يتشاركها الطرفان، من خلال لغات الحب الخمس، ليتمكن كل طرف من التعبير عن مشاعره. ومعرفة لغة الحب المفضلة لدى الشريك، سواء كانت كلمات التقدير، هدايا، قضاء وقت مشترك، المساعدة، المشاركة في إعداد وجبة جديدة، ممارسة رياضة خفيفة، مشاهدة فيلم، أو حتى التمشي على البحر، هذه الأنشطة الصغيرة تجدد المشاعر، وتمنح الروتين معنى مختلفاً، وتفتح أبواباً للتواصل.
  • ممارسة بعض الطقوس الخاصة: إلى جانب الأنشطة المشتركة، يمكن للزوجين ابتكار طقوس شخصية مميزة لا تقلد الآخرين، مثل شرب القهوة مع شكولاتة على الشاطئ، أو الاستماع إلى أغنية مفضلة معاً، هذه الطقوس تصبح بمثابة إشارات خاصة تمنح الزوجين شعوراً بالترابط.
  • التقدير والامتنان: كلمة شكر لشراء حاجيات بسيطة، أو تقدير لجهد في المطبخ، أو دعم عند استقبال الضيوف رغم التعب، من أقوى الأسلحة لمواجهة الفتور، حيث يمكن لكلمات إيجابية صغيرة أن تصنع أثراً كبيراً، تشعر كل طرف أن جهوده مقدّرة.

تختتم أسماء سويد «من الطبيعي أن تهدأ العاطفة مع مرور الوقت. الشرارة الأولى لا تدوم إلى الأبد، وهذا لا يعني تراجع الحب، بل تحوّله إلى مشاعر أعمق من المودة، والرحمة، والسكينة، فهذه المرحلة علامة على نضج العلاقة، حيث يصبح الطرفان أكثر خبرة في إسعاد بعضهما بعضاً. وبدلاً من أن تكون العلاقة الزوجية جامدة ومحبطة، يمكن أن تصبح متجدّدة ونامية».