04 نوفمبر 2025

تسامح المرأة مع الخيانة... و5 خطوات لاستعادة التوازن

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

لماذا تسامح بعض النساء الخيانة على الرغم من الألم؟ وهل يمكن للغفران إعادة بناء الثقة، أم مجرّد محاولة للنجاة من الانهيار؟

أسئلة تطرحها تجربة كثير من النساء اللواتي قرّرن البقاء، على الرغم من خيانة الشريك، من باب الحفاظ على الأسرة، من دون إغفال الآثار السلبية بسبب ما يسمى بـ«زلزال» يهز كيان المرأة.

فما هي الدوافع النفسية والاجتماعية التي تجعل المرأة تقرّر البقاء، والتسامح مع واقعها ؟ وهل تكمن القوة في البقاء أم الرحيل؟ وكيف تستعيد المرأة توازنها وثقتها بنفسها بعد الخيانة لتقوم بواجباتها، كزوجة وأم؟

في هذا الشأن، تفتح د. شماء لوتاه، مدرّبة الحياة والمتخصصة في البرمجة اللغوية العصبية وشريك ومدير في منصة العافية الشمولية The Holistic Culture، الباب أمام فهم تسامح المرأة مع الخيانة، كاشفة الأسباب النفسية والاجتماعية خلف هذا القرار، وآليات التعافي، وبناء الوعي بعد الانكسار، لكون الخيانة «أزمة تُعيد تشكيل العلاقة والذات، في آن».

مجلة كل الأسرة

أسباب نفسية واجتماعية 

نسأل: ما الأسباب النفسية والاجتماعية التي تدفع بعض النساء إلى تقبّل الخيانة، أو التسامح معها، على الرغم من الألم؟ تجيب د.شماء لوتاه: «الخيانة هي انهيار داخلي يهزّ أساس الأمان العاطفي. وعلى الرغم من هذا، نجد نساء كثيرات يخترن البقاء. ليس ضعفاً، بل لأن القرار معقّد، ومملوء بتداخلات نفسية واجتماعية».

وترصد أسباباً متعددة للتسامح:

  • بعض النساء تربّين على أن التضحية هي مرادف للحب، وأن الحفاظ على بيت الزوجية أولى من صوتهن الداخلي.
  • شعور المرأة بأنّها لا تملك البديل، فتخاف من العزلة، ومن نظرة المجتمع، أو حتى من الشعور بالذنب تجاه الأطفال.
  • بعض النساء مررن بتجارب طفولة فيها خذلان، أو تجاهل، فتتشكل لديهنّ برمجة داخلية تقول: (أحتاج إلى أن أكون قوية وأتحمّل، لكي لا أبقى وحيدة). وهنا نرى الخلط بين التسامح الحقيقي، والتكيّف مع الألم.

المرأة قد تفقد ثقتها بذاتها وقيمتها، وحتى بقناعاتها بالحياة وقيمها التي تعيش عليها جراء الخيانة والرهان يقوم على ترميم نفسها

وبالطبع، ثمة آثار نفسية طويلة المدى تتركها الخيانة في المرأة، حتى في حال قررت البقاء في العلاقة. فما هي؟ توضح د.لوتاه: «آثار الخيانة لا تتوقف عند لحظة الاكتشاف والمواجهة، بل تمتد لسنوات، إن لم يتم التعامل معها بوعي. لذلك، تترك الخيانة جرحاً غير مرئي، لكنه عميق. وقد تعيش المرأة حالة يقظة مفرطة (Hypervigilance)، تنتبه لأدق التفاصيل، تفسّر كل تصرّف على أنه تهديد. وأحياناً تدخل في دور «المراقبة»، وتتحوّل العلاقة إلى ساحة توتر بدلاً من تعاف. بل إن بعض النساء يتبنّين سلوكاً تعويضياً: إما في محاولة المثالية الزائدة، وإما الانسحاب العاطفي الكامل».

ومن واقع خبرتها، عايشت د.لوتاه حالات استطاعت فيها المرأة تجاوز الخيانة فعلاً، وإعادة بناء العلاقة بنجاح، ولكن بشرط واضح: «النية الحقيقية للإصلاح من الطرفين. وقد شهدت حالات مؤثرة استطاعت فيها المرأة أن تتجاوز الخيانة، ولكن ليس لأن الزمن كفيل بالنسيان، بل لأن الطرف الآخر تحمّل مسؤولية الخيانة، وتعلّم كيف يُعيد بناء الأمان من جديد. والمرأة في هذه الحالات بدأت أولاً بترميم نفسها، ثم قررت البقاء من موضع وعي، لا من موضع خوف. العلاقة تعافت لأنها لم تُدفن تحت السجادة، بل تمت مواجهتها، والتعبير عنها، واستبدال الألم بشفافية متجددة».

مجلة كل الأسرة

خطوات استعادة الزوجة توازنها 

إذن، ما الخطوات أو الأساليب العلاجية التي تساعد المرأة على استعادة توازنها وثقتها بنفسها بعد الخيانة؟ ترصد د.لوتاه الخطوات:

  • التوقف عن لوم الذات: الخيانة قرار شخصي لا تبرّره تقصيرات العلاقة.
  • إعادة بناء العلاقة مع النفس: جلسات وعي ذاتي، كتابة مشاعر، ممارسة تأملات تعيد الاتصال بالجسد والروح.
  • استخدام  تقنيات البرمجة اللغوية العصبية لتحويل الانطباعات السلبية المترسخة إلى نظرة مختلفة.
  • التفريغ العاطفي الآمن، وتمارين استرجاع الصوت الداخلي، وبناء الثقة بالنفس.
  • العمل على حدود صحية جديدة: ما أريده؟ ما أرفضه؟ ما هي القيم التي أعيش عليها؟ لأن الشفاء لا يعني العودة إلى ما كنا عليه، بل إلى من نحن قادرون أن نكونه في المستقبل.
مجلة كل الأسرة

ولكن، كيف يمكن للزوجين معاً، تفادي الخيانة من الأساس، من خلال التواصل العاطفي والوعي بالعلاقة؟ تجيب د.شماء لوتاه: «الخيانة تبدأ من اللحظة التي يتحوّل فيها الشريكان إلى غريبين في البيت نفسه. لحظة يتوقف فيها الحوار الحقيقي، ويتحول التواصل إلى مجرّد تبادل للمهام اليومية: من فواتير، وأولاد، ومسؤوليات، بينما تُهمّش المشاعر، وتكتم الكلمات، ويمارس الصمت. الشراكة العاطفية لا تقوم على الحُب فقط، بل على الحضور بحيث تكون هناك حاضراً، لا بجسدك فقط، بل بروحك، وإصغائك، وصدقك. وكثيراً ما أقول في جلساتي إن الخيانة لا تنمو في وجود المشاعر، بل في غيابها. تنمو في الصمت، في غياب الفضفضة، في تكرار السؤال المهمل: «كيف حالك؟»، «شو حاس اليوم؟»، «وش ينقصك؟».

تخلص: «التواصل الحقيقي ليس شيئاً نؤجّله، بل هو عادة يومية تحمينا من التباعد التدريجي الذي يسمّى في علم النفس بـ«الطلاق الصامت»، وهو الانفصال العاطفي على الرغم من استمرار العلاقة رسمياً. الشريك لا يحتاج إلى نسخة مثالية منك، بل يحتاج إلى حضورك الصادق، حتى في التعب، حتى في الانكسار. لأن الخيانة الحقيقية تبدأ حين نتوقف عن أن نكون شركاء في المشاعر، ونكتفي بأن نكون شركاء في الروتين».