الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر
12 مايو 2024

الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر

محررة في مجلة كل الأسرة

محررة في مجلة كل الأسرة

الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر

عند تعرّض بعض الزوجات للخيانة، أو الانفصال بالطلاق، تتبدل أحوالهن، وتبدأ المرأة بالانتفاض من أجل الثأر لكرامتها، فبعد موجة الغضب والإنكار التي تتعرض لها، تتكوّن لديها الرغبة في تغيير نظرتها للحياة، فتبدأ بمظهرها الخارجي، وربما بطريقة تفكيرها، كأنها تريد، بصورة أو بأخرى، إيصال رسالة إلى المحيطين بها، مفادها أن السبب في ما كانت عليه من إهمال يرجع إلى الزوج، وأنه من كان يبعدها عن وسطها الاجتماعي، ويزيد من مسؤولياتها، والتزامات البيت، والأبناء.

الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر

آثار ونتائج الصدمات الزوجية على المرأة

وبما أننا بصدد الحديث عن تلك الأزمة، ومناقشة تلك الظاهرة، فعلينا التعرف إلى المشكلات الاجتماعية التي تصيب المرأة، والاضطرابات النفسية المصاحبة لتلك الصدمة.

تفسّر لنا الدكتورة نادية الخالدي، دكتوراه في الإرشاد النفسي والصحة النفسية، تأثير الصدمات الزوجية، وما ينتج عنها من تغييرات مربكة «بداية أودّ أن أوضح المقصود بمفهوم الصدمة، وهي عبارة عن حدث مفاجئ، نشعر معه بالعجز، والخيانة، أو الطلاق، من الصدمات القوية التي يمكن أن تدمّر المرأة، وتجعلها تمرّ بمراحل عدة:

  • الأولى هي الشعور بالتبلّد، وعدم استيعاب ما يحدث، وفيها تشعر كأن الحياة توقفت، وأن عقارب الساعة لا تدق.
  • لتبدأ بعدها المرحلة الثانية، وهي الإنكار للواقع، والدخول في صراع نفسي مرير تجلد فيه ذاتها، وتظل تسأل نفسها، لماذا صار معي ذلك؟ لماذا أنا تحديداً دون غيري؟ لماذا الخيانة؟
  • هنا تبدأ المرحلة الثالثة، وهي الغضب، والتمرّد على الواقع المرير، بل والتشكيك في المعتقدات الراسخة، والعادات الثابتة، لتظهر سلوكات غير منطقية، مثل مَن تقوم بقص شعرها، أو تلجأ إلى عمليات التجميل، أو تغيّر في مظهرها الخارجي، كل ذلك يُعد ردة فعل في الاتجاه المعاكس، لحالة التخمة في المشاعر التي عاشتها قبل التعرض لتلك الأزمة، ففي السابق كانت حياتها مملوءة بالعطاء والتضحية، لزوجها، وأبنائها، وبعد امتصاص الصدمة تنحّي هؤلاء جانباً، ولا يشغل تفكيرها شيء سوى نفسها».

الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر

وهنا نطرح تساؤلاً تجيب عنه الدكتورة الخالدي: هل ردّة الفعل غير المنطقية في هذه الحالة تُعد نوعاً من الاضطرابات النفسية؟ «بلا شك، لا، بل هي مراحل طبيعية لوقوع الصدمة، والدليل على ذلك أنه بمجرد المرور بتلك المراحل المتلاحقة، تبدأ المرحلة الرابعة، وهي الحزن، والبكاء، وعدم الرغبة في استكمال التغيير الذي ابتدعته، وتبدأ بالتفكير في الاتجاه السليم.. وبمجرد التكيف مع الواقع، هنا نستطيع أن نقول إنها في مرحلة التشافي، والمشكلة التي نواجهها في معظم الحالات هي المكوث في المرحلة الثالثة (الغضب)، فتزداد المبالغة في كل شيء، في السلوك، والتصرفات، والمظهر الخارجي، وغيرها من تداعيات مراحل التخبط».

خطوات يجب اتخاذها عند الوقوع في الصدمة الشديدة

تلخصها د. نادية الخالدي:

  • عيشي مراحل الصدمة، وخذي وقتك فيها، فإذا حزنت عبّري عما في داخلك، وإذا غضبت فاتركي لنفسك الحق في التعبير عما يجول بخاطرك.
  • اللجوء إلى مختصين في العلاقات الزوجية، ضروري، ليساعدوك على التعرف إلى آليات التعامل في حالات الخيانة، أو الانفصال.
  • أحبّي ذاتك، فالحياة تستحق أن نعيشها، ونسعد بها، ودورنا فيها يجب أن يكون على الوجه الذي نرتضيه لأنفسنا، وليس كما يخططه، ويريده غيرنا.
  • تجنّبي ملاحقة أو معرفة أخبار الطرف الآخر، حتى لا تطول فترة التعافي، وتزيد لديك المشاعر السلبية.

أما الدكتورة خديجة أحمد البلوشي، أستاذ علم الاجتماع التطبيقي بجامعة الشارقة، فتبين «لا شك في أن الأسرة تمثل استقراراً لأي زوجين، إلى أن تصبح العلاقة بينهما غير صحيّة، وبمجرد أن يحدث التفكك فمن السهل أن تتحول تلك العلاقة إلى الخيانة، أو الانفصال بالطلاق، وقد يكون الانفصال مؤلماً للغاية لأنه يمثل خسارة، ليس لذلك الكيان الأسري فقط، بل أيضاً للأحلام والتوقعات، وهنا يبدأ التخبط والبحث عن تغيير، كلّي أو جزئي، في حياتهما، بسبب تعرض كلا الزوجين لمجموعة من الاضطرابات النفسية التي تعقب الانفصال، منها الصدمة، والإنكار، والتقلّب العاطفي الذي تختلط فيه الأحاسيس بين الشعور بالذنب، والألم، والتقصير، وعدم الثقة بالنفس، والعزلة والاكتئاب، والشعور بالحيوية والأمل في بعض الأحيان».

إظهار المشاعر وعدم كبتها وقت الحزن ضروري في مرحلة التشافي

بيد أن ثمة اضطرابات نجدها تظهر بحدة لدى النساء، بما يتوافق مع طبيعتهن العاطفية «تميل بعض النساء إلى المبالغة في الاهتمام بمظهرهن، أو تغيير طريقة تعاملهن مع الأقارب، والأصدقاء، وزملاء العمل، ويُعد هذا الأمر طبيعياً في العلوم الإنسانية والاجتماعية، لما تمرّ به المرأة من حزن تحاول تجاهله، أو المرور به بأقل ضرر. فمن الطبيعي أن يشعر الشخص بالحزن، والإحباط، والارتباك، وقد تكون تلك المشاعر شديدة، لكن من الضروري تقبّلها، وإدراك أنها ستقل بمرور الوقت، وكما أن الشعور بالفرح مهم، فإن الشعور بالحزن في المشكلات الاجتماعية والنفسية أمر لا يقل أهمية، بل ومن الضروري أن يسمح الشخص لنفسه بالحزن على فقدان العلاقة، ولا يكبت مشاعره؛ فالحزن ضروري لعملية الشفاء».

وتوصي الدكتورة البلوشي ببعض الحلول المقترحة لمن تتعرض لمثل تلك الظروف حتى تتمكن من العبور منها بأقل الخسائر الممكنة «على المرأة تقبّل الوضع الجديد، واستقباله بالرضا، والتقرب إلى الله تعالى بالدعاء، وطلب الهداية، وصلاح الحال، فالمؤمن، كما قال رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلّم، أمره كله خير، وعليها بدء حياة اجتماعية مملوءة بالتفاؤل والإيجابية، واعتبار ما مرت به تجربة يمكن الاستفادة منها، ومن الضروري أن تقدر المرأة ذاتها بشكل إيجابي، ولا تتأثر بآراء المحيطين من الأهل، والأصدقاء، وزملاء العمل، بل تبحث لها عن وسيلة تثبت من خلالها ذاتها وتساعدها على المرور من تلك الأزمة».

ماذا تفعلين في مرحلة ما بعد الطلاق؟

على صعيد آخر، يعلّق الدكتور أشرف العسال، مستشار أسري «تتربع الخيانة على عرش قائمة الخلافات الزوجية، وكثيراً ما تتأذى المرأة نفسياً عندما تتعرض لهذا الموقف، بخاصة إذا كانت زوجة مشهوداً لها بعدم التقصير في حق شريك حياتها، وتحرص على أن تؤدي دورها على الوجه الأكمل، وصبورة في تنفيذ طلباته، واحتياجاته النفسية، عكس نظيرتها المهملة التي لا تلقي بالا لهذا الزوج، فينظر لها بأنها تستحق ما وصلت إليه من نتائج، والمشكلة التي دائماً ما نرصدها، هي عدم قدرة المرأة على التكيّف السليم مع آثار الخيانة، أو الطلاق، فتبدأ بدخول مرحلة جلد الذات، ومحاسبة النفس على تلك النتائج التي أدت إلى الشعور بالفشل».

الخيانة أو الطلاق.. صدمات تبدّل حال المرأة فتغيّر وتتغيّر

ويرى الدكتور العسال أن المطلوب في مرحلة ما بعد الطلاق ليس تحوّل المرأة إلى عكس شخصيتها، والإيمان بأيّ مسلّمات لم تكن تعيرها أي اهتمام، فالمطلوب هو قبول الخسارة والعمل على اكتساب المهارات المفقودة التي أدت إلى الانفصال، والابتعاد عن محيط الأصدقاء والمعارف الذين يدسّون السّم في العسل من خلال محادثاتهم المتعلقة بالشريك وتفاصيل يومه، وماذا فعل، ومع من يجلس.. وغيرها من الأمور التي تشع طاقة سلبية كفيلة بتدمير المرأة، مهما كانت قوية».

عليك التحلي بالصبر، والتمسك بالأمل، نصيحة يوجهها د. العسال، ويضيف إليها «التعرض للخيانة، أو حتى الطلاق، ليس طريق النهاية، وما تتخذينه من قرارات تنعكس على حياتك هو الأهم، بشرط ألا تدمّر تلك القرارات الآخرين، كأن تأتي على حساب حقوق الأبناء، وواجباتك تجاههم، أو تنفقين أموالك في أشياء ليست مجدية، أو تتمردين على واقعك بتغيير حالك إلى ما هو ليس أفضل، أو تبنين سعادتك على أكتاف زوجة ثانية، ليس لها ذنب في ما وصلت إليه».

المرأة العاقلة صاحبة الدين والخلق تستطيع أن تجتاز هذا الاختبار بنجاح

وأشار إلى بعض الحالات التي تنجح في هذا الاختبار «عندما تكون المرأة عاقلة، وصاحبة دين وخلق، تستطيع أن تنجح في المرور بهذا الظرف الصعب من دون أن تكون حكايتها على كل لسان، فقد جاءتني حالة لامرأة طُلقت بسبب الخيانة، وودّدت أن اطمئن عليها، وسألتها عن خطواتها القادمة، بخاصة أن لديها ابنة في سن المراهقة، فأجابتني سأعيش من أجلها، ولن أحكي ما فعله والدها معي حتى تظل تحترمه، وسأحرص على أن يكون الانفصال مهذباً احتراماً لهذا الطرف المشترك بيننا، والغريب في الأمر أن الأب عاد لعشه بعد 4 سنوات، وبعد أن عرف قيمة هذه المرأة، ورغب في العيش في كنفها بكامل إرادته، وكلّه حب وود».

 

مقالات ذات صلة