12 يونيو 2025

بمناسبة مرور 57 عاماً.. قصة الغرام العجيب بين ملك النرويج وابنة الشعب سونيا

كاتبة صحافية

مجلة كل الأسرة

حاولت العائلة المالكة في النرويج الوقوف في وجه هذا الحب الجارف. لكن هارالد الخامس، ملك النرويج، تحدّى التقاليد، واستمر في تعلقه بحبيبته سونيا، حتى تمكن من قهر الذين اعترضوا على أمر الحب، وتزوجها، ليجعل منها ملكة تجلس على العرش، وترتدي التاج.

«كل الأسرة» تستعيد الحكاية بعد مرور نحو من 57 عاماً على العرس الملكي:

مجلة كل الأسرة
ملصق المسلسل الجديد عن قصة الحب
ملصق المسلسل الجديد عن قصة الحب

إنها قصة حب مذهلة من تلك التي تصلح للروايات والأفلام. فقد كانت هناك مؤامرات، لا ضد العرش، وإنما ضد القلب المتعلق بغرام امرأة. وبالفعل، تحولت الحكاية إلى مسلسل جرى بثه في 14 فبراير الماضي، في عيد الحب، على قناة «برايم فيديو». لم تكن سونيا هارالدسن نبيلة تجري في عروقها دماء زرقاء، بل شابة من عامة الناس، أبوها تاجر أقمشة في أوسلو، على شيء من الثراء، لكنه لا يحمل ألقاباً رفيعة، وهي حين التقت بولي العهد هارالد، فإنها لم تتصور أنها ستدخل دائرة الغضب، لأن الملك أولاف الخامس كان قد خطط لمصير مختلف لوريثه.

مجلة كل الأسرة

علاقة عبر ساعي البريد

كان هارالد لا يزال أميراً في ذلك الوقت، وقد رتبوا له أن يتزوج فتاة من سلالة ملكية. لكن الشاب البالغ من العمر 21 عاماً، وقع في حب سونيا، الشابة التي التقى بها في حفلة مع أصدقاء مشتركين. لقد أنهى الملك المستقبلي للتوّ عامه الأول في المدرسة العسكرية، ويستعد لدخول جامعة أكسفورد، في حين تستعد سونيا للمغادرة لمواصلة دراستها في لوزان، بسويسرا. لكن المصائر تتبدل فجأة، فبعد ذلك المساء تقابلا مرة أخرى، والأهم أنهما كانا يتبادلان الرسائل بشكل منتظم. علاقة امتدت عبر ساعي البريد، ومغلفات مكتوبة بحبر الشوق تقطع القارة الأوروبية من سويسرا، إلى إنجلترا.

وبينما كان الحبيبان يتمتعان بعلاقتهما الرومانسية الطويلة، فإن الملك أولاف لم يكن مسروراً برؤية ابنه يقع في حب امرأة من عامة الناس. لقد حاول تدمير تلك العلاقة، وكانت كل البدائل صالحة، ومرحّباً بها لضمان زواج الأمير من امرأة من رتبته «لقد حاولوا دفعه إلى فخ النبيلة اليونانية إيرين، أو أحضان الأميرة تاتيانا رادزيويل، أو بينيديكت الدنماركية»، هذا ما كتبته الصحفية الفرنسية سابين دي لا بروس، في تقريرها لمجلة «باري ماتش» عام 1968. لكن لا شيء نجح من كل تلك المحاولات، وبقي الأمير الشاب مصرّاً على رأيه طوال 9 سنوات. وخلال كل تلك المدة، تمكن الحبيبان من عيش قصة حبهما، ومقاومة مكائد العائلة المالكة، وتنظيم اجتماعات سرية، وحتى استخدام رموز للاتصال ببعضهما بعضاً. وحين بلغ انزعاج الملك حداً أقصى، قرّر توجيه إنذار نهائي لابنه، إذا تزوج سونيا هارالدسن، فإنه سيفقد حقوقه في التاج.

وكان لهذا القرار الملكي المعلن تأثير يشبه انفجار قنبلة في النرويج، حسبما ذكرت صحيفة «بوان دو فو»، المتخصصة في أخبار العائلات النبيلة. لقد استحوذت الصحافة على القصة، وكشفت أن الرأي العام في النرويج أبدى عدم رضاه عن انجراف ولي العهد وراء عاطفته. وفي مواجهة الضغوط، والتغطية الإعلامية للقضية، أصدر القصر بياناً يوضح أن الزواج من سونيا «ليس جزءاً من خطط الأمير». وعند اطّلاعها على ذلك البيان أصيبت سونيا بالصدمة، وغرقت في الحزن، بل وحاولت الانتحار في مارس 1965، بسبب مضايقة وسائل الإعلام لها.

تم إبلاغ الأمير هارالد، الذي جلس على سرير محبوبته المريضة، ووعدها بأنه لن يتخلى عنها مهما حدث. وبعد عامين، اعترف أولاف الخامس بالهزيمة، ووافق على العلاقة بين ولي العهد هارالد وسونيا. وفي 19 مارس 1968، أعلن الزوجان خطوبتهما، وأدلى الأمير ببيان صحفي جاء فيه: «أنا رهن إشارة الوطن إن أرادني. وآمل أن أكون أنا وسونيا أهلاً للمهمة التي أُعددت لها منذ ولادتي. وهناك أمر واحد مؤكد هو أن سونيا ستكون زوجتي».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

انتظار دام 9 سنوات للموافقة على الزواج

اضطر هارالد وسونيا للانتظار تسع سنوات، حتى يتقبل المجتمع حبهما الراسخ. وقالت فيبيك إدسو، مخرجة المسلسل الذي عرضته «برايم فيديو» في بيان صادر عن مؤسسة «نورديسك» للأفلام والتلفزيون: «بينما كان أصدقاؤهما يتزوجون وينجبون أطفالاً، ويسعون وراء أحلامهم، كان على هارالد وسونيا انتظار مباركة القوى السياسية، والملكية، والاجتماعية». وأخيراً، نال الحبيبان لحظة الانتصار. فبعد إعلان خطوبتهما تزوجا في صيف العام نفسه. وكتبت مجلة «باري ماتش»: «في النرويج، يمكن للأمراء أن يتزوجوا راعيات الأغنام، بعد تغلبهم على العقبات».

مجلة كل الأسرة

وفي يوم الزفاف، وافق الملك أولاف الخامس على مرافقة زوجة ابنه إلى الكنيسة. وكان والد سونيا قد فارق الحياة، ولم يستمر به العمر ليشهد تلك الفرحة. كان تصرف الملك لفتة مؤثرة، وصفها أسقف أوسلو بأنها كانت بمثابة رابطة جديدة، وقوية للغاية، بين العائلة المالكة والشعب النرويجي. لقد فازت سونيا هارالدسن بقلوب النرويجيين. وحضر العرس 830 ضيفاً، اجتمعوا داخل كاتدرائية أوسلو، وكانت هناك 4 كاميرات تلفزيونية تتابع ملكة النرويج المستقبلية، وهي تسير في ممر الكنيسة مستندة إلى ذراع الملك.

مع الأبناء والأحفاد
مع الأبناء والأحفاد

بعد مغادرة المراسم الدينية، استقل الزوجان سيارة كاديلاك مفتوحة، وتوجها نحو القصر الملكي. وعلى جانبي شارع «كارل يوهان»، أكبر شوارع العاصمة، تجمع 100 ألف شخص للتصفيق للزوجين الملكيين الجديدين، وتهنئتهما بانتصار الحب. واليوم يتمتع الاثنان بتأييد شعب بأكمله. وبعد مرور 57 عاماً على تلك المناسبة السعيدة، سيحتفلان هذا الصيف بعيد زواجهما الأزلي.

اقرأ أيضاً: تخلت عن لقبها بأمر الحب.. أميرة النرويج تتزوج أمريكياً من أصل إفريقي يقول إنه كان «فرعوناً»