أزواج وزوجات لا يجيدون إدارة ميزانية الأسرة.. كيف تقنع شريك حياتك بالتوقف عن التبذير؟

مما لا شك فيه أن إدارة ميزانية الأسرة، وطريقة تنظيمها، من الأمور الهامّة التي تشغل بال العديد من الأسر، لما لها من آثار في حياة الأسرة، واستقرارها الاجتماعي، والعاطفي، والمالي. ودائماً ما يضع خبراء المشكلات الزوجية ميزانية الأسرة في مقدمة الموضوعات الزوجية، نظراً لما يترتب على اضطراب الميزانية من مشكلات أسرية.
والواقع يؤكد أن هناك العديد من حالات الطلاق التي حدثت خلال العقدين الماضيين، كان في مقدمة أسبابها عدم قدرة كل من الزوج والزوجة، على إدارة الأمور المالية التي تخصّ الأسرة.
ولأن أساس نجاح أيّ علاقة زوجية هو وجود لغة حوار سليمة، وتفاهمات مشتركة بين طرفيها، بخاصة في ما يخص الأمور المالية، ولأن هذا الأمر دائماً ما يكون الضمانة الأولى لطريق المودة والتفاهم بين الزوجين، سألت «كل الأسرة» عدداً من خبراء العلاقات الزوجية والأسرية حول كيفية تجنب الخلافات المالية بين الزوجين، وما هي أبرز الأخطاء التي يرتكبها الأزواج والزوجات، عند وضع الميزانية، ومَن الأجدر بإدارة ميزانية الأسرة.. المرأة أم الرجل، وما هي أهم التحديات التي تؤثر في ميزانية الأسر.

المرأة الأقدر على إدارة ميزانية الأسرة.. وأيضاً الأكثر إسرافاً!
في البداية، يؤكد الدكتور محمد حمدي، استشاري الطب النفسي وخبير العلاقات الزوجية والأسرية، أن اختلاف عادات الصرف والادخار بين المرأة والرجل تتسبب بالكثير من الخلافات والمشاكل المالية، بخاصة في بداية الزواج، وغالباً ما تكون البداية من عند الزوجة التي قد تتربّى على الدلع، وأن كل طلباتها مجابة، ثم تفاجأ بعد الزواج بأن زوجها يتعامل معها بشكل مختلف، ويحسب كل الأمور المالية قبل الإقدام على أيّ خطوة، بخاصة إذا كان مهموماً بتأمين مستقبل الأسرة، فتراه مقتراً، أو بخيلاً، بينما هو يتعامل معها على أنها مبذرة ومسرفة، ومن هنا تبدأ الخلافات المالية.
ويقول «الحياة الزوجية ليست معركة يسعى أحد الطرفين إلى القضاء على الآخر، وإنما هي حياة مشتركة قائمة على التفاهم والرقي في التعامل، كما أن لكلا الزوجين أدوارهما التي يتم تحديدها بناء على صفات عدّة، يملكها كل منهما. وإذا كان أحد أهم واجبات الزوج الإنفاق على المنزل، فيجب أن تكون مهمة الزوجة التحكم في قنوات الصرف، باعتبارها الأكثر احتكاكاً بالاحتياجات المنزلية»، لافتاً إلى أن التبذير هو من أسوأ الصفات التي قد توجد في الإنسان، ويتسبب بالكثير من الخلافات الزوجية، فكما أن الزوجة تنزعج من الزوج البخيل، وترى أنه لا يصلح للزواج، فإن الزوج أيضاً ينزعج من الزوجة المبذرة، ويرى أنها لا تقدّر ما يبذله حتى يحصل على هذا المال، فالزوج يحترم ويقدّر الزوجة التي تحافظ على ماله.
ويشدّد استشاري العلاقات الأسرية محمد حمدي، على أنه إذا كانت الميزانية تختل بسبب أحد الزوجين، فإن الطامّة الكبرى تكون عندما يتفق الزوجان معاً، على مبدأ الإسراف، فلا يوقف أحدهما اندفاعات الآخر الإسرافية. مبيّناً أن المرأة في أغلب الأحوال تكون الأقدر على تنظيم ميزانية الأسرة، وهناك عدة أسباب لذلك، منها قدرة المرأة على تحديد الاحتياجات الأولية الضرورية للأسرة، إضافة إلى خبرتها الطويلة في التسوّق، والمساومة، والوصول إلى أفضل الأسعار، عكس الرجل الذي لا يملك صبراً على تحمّل النزول إلى الأسواق، والمفاضلة، والمساومة، والسؤال، والتنقل بين المحال.

أسباب هوس الإسراف والتبذير عند النساء
وتتفق معه الدكتورة نوران فؤاد، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية والزوجية بالقاهرة، في أن أساس استقرار الأسرة هو المرأة الناجحة، إن هي استطاعت إدارة شؤون منزلها بسلام.. وتوضح «الزوجة المسرفة نموذج موجود، ولكن لا يشكل ظاهرة، والزوج يتحمل جزءاً من مسؤولية تماديها في طلباتها من دون اعتراض، أو رفض، ولعل بعض السيدات يغيب عن وعيهنّ أن الرجل قبل أن يبحث عن زوجة جميلة يريد لنفسه زوجة تحسن التدبير، إذ يكتمل هناء الرجل بالزوجة التي تحسن التدبير، وتقتصد، ولا تبخل، فهي تعي مقدار النعمة، وتحافظ على رزقه، وترعاه وتدّخر، فتكون هي السند الأول لزوجها إذا ما واجهته مشكلة مالية، لسبب أو لآخر، فالزوج يكره الزوجة المسرفة المبذرة».
وترى الدكتورة نوران فؤاد أن الزوجة الذكية هي التي تستطيع أن تحافظ على مال زوجها، وتضع ميزانية منضبطة تتفق مع دخل زوجها، وأيضاً تستطيع أن تدّخر جزءاً منه، كما أن الزوجة الذكية هي من تستطيع أن تتجاوز الصعاب والمحن، وتبعث الطمأنينة في نفس زوجها، وتؤكد له قدرتهما على تجاوز الأزمات المادية.
وتشير د. نوران إلى أن التبذير صفة تلتصق بالنساء بشكل أكبر لأسباب متعدّدة، منها:
1. غياب القناعة: بعض النساء ليس لديهنّ قناعة بحياتهنّ ولديهنّ جشع فيلجأن دائما إلى كثرة صرف المال، والتبذير، ولا ينظرن إلى القدرة المادية للزوج، لعدم تربيتهنّ على أسس سليمة.
2. الـ«سوشيال ميديا»: تعتبر مواقع التواصل سبباً أساسياً من أسباب تبذير المرأة، فهي تريد أن تقلد كل شيء تراه، فعندما ترى شيئاً في مسلسل ما، تريد أن تقلده مباشرة، من دون النظر إلى قدرة زوجها المادية، ولا يهمها سوى أن تحقق كل ما تتمناه، وكل ما تطلبه.
3. العادات والتقاليد: من أسباب التبذير أيضاً العادات والتقاليد في الإسراف، في العزائم والأفراح، وكل هذا التبذير يكون بسبب التباهي والافتخار، من دون التفكير في التكاليف المبالَغ فيها، التي تصرف على أشياء ليست ضرورية، والتي قد يكون الزوج غير قادر على تلبيتها.
4. الإفراط في الإنفاق: بعض النساء يقدمن الكثير من الهدايا للأقارب والأصدقاء، من دون تفكير في قدرة زوجها المادية على ذلك. من الممكن أن تبدأ الزوجة بالتوقف عن هذا الأمر بالتدريج، فتبتعد عن كثرة الهدايا المبالَغ فيها، وأن تقدم الهدايا المناسبة في المناسبات حتى يستطيع كلا الزوجين الحفاظ على المال، وأن يدّخرا جزءاً منه للمستقبل.
5. التسرّع في الشراء: بعض النساء متسرّعات في القيام بالشراء، ويمكن أن يقمن بشراء الشيء نفسه أكثر من مرّة. يجب على الزوجة قبل قيامها بدفع النقود في شيء ما، أن تسأل نفسها إذا كان هذا هو الشيء التي ترغب فيه، أم لا، أو إذا كان هذا هو المناسب لها، أم لا، لكن تجد بعض النساء لا يفكرن، وبمجرد إعجابهنّ بشيء ما، يشترينه على الفور، وبعد ذلك يتضح لهنّ أن هذا الشيء غير مناسب لهنّ، أو مخالف لما يردنه، لذلك يجب التمهل عند القيام بعملية الشراء.
6. اختلاف عادات الصرف والادخار بين الرجل والمرأة: وذلك يرجع إلى أساليب التربية المختلفة، بين الصبي والبنت، أثناء طفولتهما. فأحياناً يتم التعامل مع البنت بدلال ودلع، ويتم الإنفاق عليها، وعلى ما تطلبه، وعندما تتزوج تتوقع أن يعاملها زوجها مثلما كان والدها يعاملها، لكنها تفاجأ، مع مرور الزمن، بأن زوجها في بداية حياته، ويريد تأمين مستقبل الأسرة، فتراه من منظورها شخصاً حريصاً على المال، أو بخيلاً، وربما تشعر بأنها ظلمت نفسها بهذا الزواج.

6 نصائح تساعد الزوجين على تنظيم ميزانية الأسرة
من جانبها، تقدم الدكتورة شيماء الخليلي، الاختصاصية النفسية والمتخصصة في العلاقات الأسرية بالقاهرة، مجموعة من النصائح للشباب والفتيات المقبلات على الزواج، والأزواج والزوجات حديثي الزواج، لتجنب الوقوع في خلافات مادية بسبب عادات الصرف والإنفاق، وحلول ناجعة لعلاج إسراف أحد الطرفين، حتى يتمكنا من إقامة حياة زوجية مستقرة، وخالية من الاضطرابات والمشاكل النفسية:
- التفاهم في بداية الزواج هو المفتاح لمعالجة المشاكل والخلافات المالية. فعندما يتم الاتفاق بين الزوجين على سياسة مالية واضحة حول المصاريف، والالتزامات، والديون، ومشاركة المعلومات بينهما، مثل بيان قيمة الإيجار ومصاريف المعيشة والالتزامات، تكون الحياة أكثر استقراراً.
- توحيد مصدر الصرف في الأسرة يجعل شخصاً واحداً مسؤولاً عنه، إما أن يكون الزوج، وإما الزوجة، حتى لا تحدث ازدواجية في الإنفاق بشراء أشياء قد لا تحتاج إليها الأسرة، في الوقت الحالي، ما يوصلها إلى نفاد المبلغ المخصص للفترة الزمنية قبل انتهائها.
- تثقيف المرأة بالإدارة المنزلية وتخطيط ميزانية الأسرة يسهم في استقرار الوضع الاقتصادي للأسرة، والقدرة على الموازنة بين متطلبات المنزل، والاحتياجات الضرورية والكماليات، ما يجنب الأسرة الاستدانة، أو الوقوع في مأزق مالي.
- يجب على الزوجة احترام إمكانات زوجها المالية، وعدم تحميله فوق طاقته بطلبات ترفيهية أو كمالية، لا تُعد من الضروريات.
- مسؤولية تقسيم الأعباء المالية تحتاج إلى توافق، ففي معظم الأسر يستطيع الزوج تحمّل المصاريف الأساسية، وإذا كان لدى الزوجة طلبات، كمالية أو ترفيهية، والزوج غير قادر على تلبيتها، فلا بد من التنسيق بينهما. وقد يكون أحد الحلول مشاركة الزوجة في الإنفاق على ما تريده من أمور، كمالية أو ترفيهية، بخاصة إذا كان الزوج يضع أولوية لسداد الديون، أو الادخار، لتأمين منزل المستقبل، أو للإنفاق على تعليم الأبناء.
- يجب على الزوجة أن تحدّد ما هي الأشياء الضرورية التي لا تستطيع الاستغناء عنها، ومن الضروري أن تشتريها، وتطلبها من زوجها في الوقت المناسب، كما يجب عليها الابتعاد عن الأشياء التي تضيع المال فقط، ولا تقدم قيمة حقيقية، حتى تحافظ الزوجة على مال زوجها، ويشعر الزوج بتقدير زوجته لجهده وتعبه.
اقرأ أيضاً: حروب الزوجين بسبب مصروف البيت.. خبراء يقدّمون الحل لتوقيع «اتفاقية محبة»