
تمرّ الحياة الزوجية بمراحل مختلفة، تتأرجح ما بين الانسجام والتفاهم والتحديات والأزمات التي تتراكم لتشكل صدعاً في العلاقة يصعب ترميمه. فالأزمات الزوجية لا تحدث فجأة، بل غالباً ما تكون نتيجة إشارات تحذيرية لم يتم الانتباه لها، والتعامل معها بوعي.
وضمن مبادرة «رحلة عمر»، التي تنظمها إدارة التنمية الأسرية، وفروعها، قدمت المرشدة في تحسين جودة الحياة، منيرة المرزوق، ورشة «الأزمات الزوجية وكيفية تحويلها لبداية جديدة»، التي كشفت فيها عن أسباب الخلافات الزوجية، ووضعت أهم استراتيجيات الحفاظ على الاستقرار العاطفي للعلاقة الزوجية.

تكشف المرزوق «تمرّ الحياة الزوجية بمراحل مختلفة، قد تكون مملوءة بالانسجام أحياناً، لكنها لا تخلو من الأزمات التي يمكن أن تؤثر في استقرار العلاقة، فالأزمة لا تأتي بشكل مفاجئ، بل غالباً ما تكون نتيجة تراكم مشكلات لم يتم حلّها في وقتها، ما يؤدي إلى تصاعدها، ووصولها إلى مرحلة حرجة».
وتشبّه المرزوق العلاقة الزوجية بـ«دورة حياة النباتات» التي لا يمكن لها أن تنمو من دون وجود الماء، والشمس، والهواء، وتقول «تحتاج العلاقة الزوجية إلى عناصر حتى تنمو وتتطوّر، فهي بحاجة إلى الحب، والاهتمام الذي يمنحها القوة للاستمرار، والدفء، والاحترام الذي يضيء مسار الحياة المشتركة، ويمنحها الطاقة الإيجابية، والتفاهم والحوار الذي لا يمكن أن يوجد من دون تواصل مستمر».

وتشير إلى أسباب الأزمات الزوجية التي تتنوّع ما بين «عوامل مالية، مثل الضغوط الاقتصادية، أو الاختلاف في طريقة إدارة الأموال التي تنجم عنها خلافات بسبب الإنفاق الزائد، أو التقصير في الالتزامات المالية، أو الخلافات التي تنشأ نتيجة ارتفاع سقف الطموحات التي تؤثر في استقرار الحياة الزوجية، على سبيل المثال، انشغال أحد الزوجين بوظيفته على حساب الأسرة، والذي يخلق بالتالي فجوة عاطفية بين الطرفين. أما على الصعيد الشخصي، فيمكن أن يكون التعامل غير الصحيح مع المشاعر والأحداث اليومية سبباً رئيسياً في الأزمات. فالتواصل غير الفعّال، وعدم القدرة على التعبير عن المشاعر بوضوح، يقودان إلى تراكم المشكلات، وبالتالي يصبح حلها أكثر تعقيداً مع مرور الوقت».
تكمل «العلاقة الزوجية تمرّ بمراحل مختلفة، تبدأ بربيع العلاقة، حيث يسود الحب والتفاهم، ولكنها قد تنزلق بشكل تدريجي نحو التصدّع، ما يضعها على حافة الأزمات. وعدم الانتباه للإشارات المبكرة يمكن أن يؤدي إلى مشكلات أكبر وأعمق، تهدد استقرار الحياة، لذلك فإن التعرّف إلى العلامات التحذيرية، واعتماد استراتيجيات فعالة للحفاظ على العلاقة، هي المفاتيح التي تجنبنا الوقوع في هذه المشكلات».

علامات ما قبل الأزمة الزوجية
- الصراع الداخلي: معاناة أحد الزوجين من صراع داخلي بين التمسك بالعلاقة، أو الانفصال التدريجي، يؤدي إلى اضطراب في المشاعر والتصرفات، وتصبح القدرة على قرارات واضحة صعبة، وبالتالي زيادة حالة التوتر في أجواء الأسرة.
- مشاعر الحزن والخوف: عندما تطغى المشاعر السلبية، مثل الحزن المستمر، أو القلق من المستقبل، تصبح العلاقة مصدر ضغط بدلاً من أن تكون مصدر للسعادة. هذه المشاعر تجعل الزوجين في حالة توتر دائم، مما يعزز احتمالية نشوب خلافات.
- فقدان الرغبة في التواصل: قد لا يكون الانفصال الزوجي مادياً، دائماً، بل يمكن أن يكون شعورياً. حين يتجنب الزوجان التواصل يبدآن بفقدان الرغبة في قضاء الوقت مع بعضهما بعضاً، أو حتى الحديث لأسباب مختلفة، إما نتيجة تجاهلها، أو الجهل بها، فهذا مؤشر خطر على دخول العلاقة الزوجية مرحلة الجمود العاطفي.
- الإهمال المتبادل: يمكن تصنيفه على أنه من أخطر العلامات التي تسبق الأزمة الزوجية. فعندما يبدأ الإهمال بالتسلل تدريجياً إلى الحياة الزوجية، تبدأ الروابط العاطفية بالضعف، وتصبح العلاقة سطحية خالية من المشاعر.

استراتيجيات للحفاظ على الاستقرار العاطفي
ولتجنب المرور بعلامات ما قبل الأزمة، تزوّدنا المرزوق بسبع استراتيجيات للحفاظ على الاستقرار العاطفي بين الزوجين:
- التصالح مع الماضي: من الهام معالجة المشكلات العالقة والتخلص من المشاعر السلبية المتراكمة. على كل من الزوجين السعي لأن يكونا جزءاً من الحل، وليس جزءاً من المشكلة، عبر تبنّي وسائل جديدة للحفاظ على استدامة العلاقة وتعزيز التفاهم.
- اختيار رد الفعل الإيجابي: عند مواجهة التحدّيات، يجب التصرف بحكمة، والبحث عن حلول بدلاً من تصعيد الخلافات. تبنّي موقف الفائز يعني السعي لبناء علاقة مستقرة، وسعيدة، تقوم على الحوار والاحترام المتبادل.
- التواصل بلغة الحب المناسبة: التواصل العاطفي بين الزوجين يمكن أن يتحسن عبر استخدام لغات الحب الخمس:
- لغة الهدايا: تقديم هدايا رمزية تعبّر عن الاهتمام.
- لغة اللمس: التعبير عن المشاعر من خلال التواصل الجسدي.
- لغة جودة الوقت: قضاء أوقات ممتعة معاً من دون انشغالات أخرى.
- لغة الخدمات: تقديم المساعدة والدعم في الحياة اليومية.- لغة الكلمات التشجيعية: استخدام عبارات تحفيزية تعزز المشاعر الإيجابية

- تطوير قوة التعاطف السمعي: الاستماع لشريك الحياة بفهم واهتمام، والتفاعل مع مشاعره من دون إصدار أحكام، يعزز الشعور بالأمان والثقة المتبادلة.
- ضبط قوة التأثير الإيجابي: العلاقات الصحية تقوم على التأثير المتبادل بين الزوجين، ومعرفة نقاط القوة في التأثير الإيجابي تساعد على بناء بيئة داعمة تحفز الشريك على التطوّر، وتحقيق النجاح.
- تحويل الاختلافات إلى نقاط قوة: الاختلافات بين الزوجين أمر طبيعي، لكن طريقة التعامل معها تحدّد مدى استقرار العلاقة. فبدلاً من اعتبارها نقاط ضعف، يمكن تحويلها إلى فرص للنمو المشترك والتكامل في الحياة الزوجية.
- اكتشاف المتعة في دعم الشريك: النجاح المشترك ينعكس على استقرار العلاقة، لذا فإن دعم شريك الحياة في مسيرته المهنية والشخصية يعزز التقارب العاطفي، ويخلق بيئة إيجابية داخل المنزل.