17 نوفمبر 2025

لماذا ينام البعض فجأة دون إنذار؟... مرض صامت يكشفه الأطباء

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

يتعامل كثيرون في المجتمعات العربية مع النعاس المتكرّر، أو الإرهاق المزمن، على أنه أمر عابر، غير مدركين أن هذه الأعراض قد تخفي وراءها اضطراباً عصبياً معقّداً يُعرف بـالتغفيق، (النوم القهري). هذا الاضطراب يؤثر بشكل مباشر في الوعي، والانتباه، والأداء اليومي، وقد يحوّل حياة المريض إلى صراع دائم بين اليقظة والنوم.

مجلة كل الأسرة

تشرح الدكتورة سودانتيرا ديفي رامدوس، أخصائية الطب النفسي في أحد المستشفيات بالقصيص- دبي، ماهية التغفيق، وعلاماته المبكرة، وطرق تشخيصه وعلاجه، إضافة إلى تأثيره في حياة المرضى، وكيفية التعامل معه، قائلة «يعدّ التغفيق، أو النوم القهري أحد الاضطرابات المعقدة التي تؤثر في قدرة الدماغ على تنظيم النوم واليقظة، ما يؤدي إلى نوبات متكررة من النعاس المفرط، خلال ساعات النهار، إضافة إلى أعراض أخرى، مثل التخشب، وشلل النوم، والهلوسة، ما يجعل التغفيق يختلف تماماً عن الإرهاق العادي، إذ يترافق مع مجموعة من العلامات التي لا تظهر في حالات التعب الشائعة».

مجلة كل الأسرة

وتضيف «غالباً ما يبدأ الاضطراب في مرحلة المراهقة، حيث يكون النعاس المفرط أول الأعراض، ما ينعكس مباشرة على الأداء الدراسي، أو العملي، ورغم أن الكثيرين يفسرون ذلك بأنه كسل أو ضعف تركيز، إلا أنه قد يكون مؤشراً مبكراً على بداية المرض. ويعتمد الأطباء في تشخيص التغفيق على فحوصات محدّدة، تشمل دراسة النوم، واختبار كُمون النوم المتعدّد (أداة لقياس المدة التي يستغرقها الشخص في النوم أثناء النهار)، إضافة إلى فحص مستوى الهيبوكريتين في السائل الشوكي، بخاصة عند الاشتباه في النوع الأول من التغفيق».

وتوضح د. رامدوس أن العوامل النفسية تلعب دوراً مؤثراً «قد يؤدي التوتر والقلق والاكتئاب، وحتى المشاعر القوية كالضحك أو الغضب، إلى تفاقم الأعراض، أو تحفيز النوبات، كما أن للمرض جوانب وراثية واضحة، إذ يزداد احتمال الإصابة لدى الأقارب من الدرجة الأولى، وقد ينصح بعضهم بإجراء فحوصات جينية إذا ظهرت أعراض مشابهة».

مجلة كل الأسرة

وعن التأثير المباشر للنوم القهري في حياة المصاب، تبيّن «يعاني الشخص صعوبة في التركيز، ونوبات نوم مفاجئة، خلال العمل أو الدراسة، وأحياناً أثناء القيادة، ما يعرّضه لمشكلات مهنية وتعليمية، وقد يقوده ذلك إلى العزلة الاجتماعية، والشعور بالإحراج، أو انخفاض الثقة بالنفس، وتتضاعف المخاطر عند عدم التشخيص، إذ قد ترتفع احتمالات الحوادث والإصابات، وتتأثر الحياة العاطفية والاجتماعية، بشكل ملحوظ. أما على الصعيد الاجتماعي، فيواجه المريض تحدّيات تتعلق بحضوره المناسبات، أو التواصل مع الناس، إذ قد تحدث نوبات النوم في لحظات غير متوقعة، ما يدفع البعض إلى تجنب المواقف التي تثير القلق أو قد تجلب لهم الإحراج».

مجلة كل الأسرة

علاج النوم القهري… ليس بالدواء فقط

وفي ما يتعلق بالعلاج، تؤكد د. رامدوس أن السيطرة على التغفيق ممكنة من خلال مزيج يجمع بين العلاج السلوكي المعرفي والأدوية، وتعتمد خطة العلاج على:

  • أدوية لتعزيز اليقظة مثل مودافينيل وأرمودافينيل
  • المنشطات ومضادات الاكتئاب
  • أوكسيبات الصوديوم في بعض الحالات

أما العلاج النفسي والدعم الاجتماعي فيساعد المريض على التعامل مع القلق، والتوتر، والاكتئاب المصاحبة للمرض، كما يلعب دعم العائلة وتفهّم الأصدقاء دوراً حاسماً في تحسين نوعية الحياة، من خلال:

  • التواصل الفعّال
  • القيلولة المنظمة
  • تثقيف المحيطين بطبيعة الاضطراب

تؤكد الأخصائية أن المريض يستطيع يعيش حياة طبيعية إذا التزم بالعلاج، وبتنظيم نمط حياته، مشيرة إلى أن الوعي باضطرابات النوم، ومنها التغفيق، بدأ بالازدياد في المجتمعات العربية، لكنه لا يزال بحاجة إلى المزيد من التثقيف، وتختم حديثها «النعاس المفاجئ، أو غير المبرّر، ليس عرَضاً بسيطاً، وقد يكون إنذاراً مبكراً للتغفيق، لذا من الضروري اللجوء إلى مختص في حال تكرار هذا العرض«