10 نوفمبر 2025

هل للنبيت الجرثومي المعوي دور في رفض الظلم؟

أستاذة وباحثة جامعية

مجلة كل الأسرة

تؤكد دراسات حديثة أن للنبيت الجرثومي المعوي، أو البيئة المعوية، دوراً في ميلنا إلى رفض الظلم. أما دراسة تأثير النبيت في الإحساس بالظلم فهي ترجع إلى أن ما يجري على مستوى الأمعاء يُعدّ حاسماً من أجل أن نشعر بأننا متصلون بمشاعرنا. وقد كان هذا الأمر معروفاً بالنسبة إلى حالات القلق، بما أن التجارب قد أثبتت أن الفئران التي لا تمتلك نبيتاً لا تتصرف إزاء الوضعيات المقلقة كما يفعل أترابها، ما يعني أن للنبيت المعوي دوراً في هذا الانفعال.

وبالنسبة إلى الانفعالات العاطفية الاجتماعية، كالشعور بالظلم، والتعاطف، والعار...، كان ثمة مؤشر آخر يشير إلى دور البكتيريا المعوية، حيث إن الأشخاص المصابين بالتوحد يمتلكون نبيتاً معوياً فقيراً، ويعانون صعوبات في التفاعل اجتماعياً مع الآخرين، ما حمل العلماء على الظن أن النبيت يسهم في هذه الصعوبات، أو بالأحرى أن اضطراب التوحد يجعل المرء يأكل بطريقة أقل توازناً تؤدي إلى إفقار النبيت، ما يعزز بدوره تلك الصعوبات.

وقد أثبتت الأبحاث أن ردود فعلنا إزاء الظلم تتحدّد جزئياً من قبل نبيتنا المعوي. وقد توصل الباحثون إلى هذه النتيجة من خلال استخدام بروتوكول تجريبي بعنوان «لعبة الإنذار الأخير». وتقضي هذه اللعبة بأن يتواجه لاعبان يتلقى أحدهما 10 يوروهات من قبل القيّمين على البحث، ويعطى الإذن باقتسام هذا المبلغ كما يشاء بينه وبين اللاعب الآخر. بإمكانه مثلاً أن يعطيه أربعة يوروهات وأن يحتفظ بستة، أو يعطيه يورو واحداً، ويحتفظ بتسعة. أما اللاعب الآخر فبإمكانه أن يقبل العرض، أو يرفضه. وفي حال رفضه يترك اللاعبان اللعبة من دون أن يأخذ أيّ منهما أيّ مبلغ.

من حيث المنطق، يكون من الأفضل القبول حتى لو كان العرض غير متكافئ، لأن يورو واحداً أفضل من لا شيء، لكن في الحقيقة، يرفض العديد من اللاعبين العروض التي تبدو لهم غير متكافئة بالمرّة. إنهم يفضلون عدم أخذ أي مبلغ طالما أن اللاعب الآخر لن يأخذ بدوره شيئاً، فهم لا يحتملون هذا الظلم. وقد عملت الأبحاث على اختبار دور النبيت المعوي في هذا النوع من الخيار، وتم جمع نحو مئة مشترك، حيث لوحظ أن من كان نبيته المعوي الأقل توازناً كان يقبل، في أحيان كثيرة، العروض غير المتكافئة في لعبة «الإنذار الأخير».

ثم أُعطيَ المشاركون مكمِّلات من «البروبيوتيك» (وهي بكتيريات تحسّن تنوّع النبيت وتحمل تأثيراً مضاداً للالتهاب)، ترافقها مغذيات من «البريبيوتيك»، كالألياف التي تغذي البكتيريا التي تم تناولها، وتساعد على انغراسها. وكانت النتيجة أن من كان لديه نبيت معوي غير متوازن بين المشاركين قد شهد عودة التوازن إليه، كما شهد تطوراً في سلوكه، إذ أخذ برفض العروض غير المناسبة أكثر من ذي قبل، لأنه كان يشعر بإحساس حاد بالظلم.

اقرأ أيضاً: ما هو «البروبيوتيك»؟ أين تجده؟ كم تأكل منه؟ ما علاقته بالصحة وفقدان الوزن؟