
يعتمد جسمك على الطعام كمصدر للطاقة، لذا من الطبيعي أن تشعر بالجوع إذا لم تأكل لبضع ساعات. ولكن إذا كانت معدتك تُصدر قرقرة مستمرة، حتى بعد تناول الطعام، فقد يكون هناك مشكلة صحية.
الجوع الشديد هو المرحلة الأخيرة من حرمان الجسم من العناصر الغذائية، ما يؤدي إلى انهيار العضلات والأعضاء، والموت. وعلى مستوى السكان، يُعرف الجوع بالمجاعة، وهي حالة كارثية تتميز بانتشار الوفيات بسبب الجوع والمرض، ونقص حاد في الغذاء، ومعدلات سوء تغذية حاد تتجاوز 30%. وللجوع الشديد آثار جسدية ونفسية مدمرة، ويمكن أن يكون سبب بدايته عوامل طويلة الأمد، مثل الصراع والفقر.

تأثير الجوع في الفرد
استجابة الجسم: عندما تنفد الطاقة المخزنة في الجسم (الجليكوجين والدهون)، يبدأ بتكسير العضلات والأنسجة الأساسية الأخرى للبقاء على قيد الحياة.
الآثار الجسدية: يؤدي هذا إلى فقدان كبير في الوزن، وهزال عضلي، وإرهاق، وتباطؤ في معدل ضربات القلب، وضعف في جهاز المناعة، ما يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالعدوى.
الآثار المعرفية: يحدث تدهور نفسي ومعرفي، بما في ذلك التهيّج واللامبالاة، وصعوبة التركيز.
المرحلة النهائية: يحدث في النهاية فشل عضوي، وغالباً ما يكون القلب آخر من يتوقف عن العمل.
هناك أسباب عدّة للجوع الشديد الذي يشعر به البعض، نذكر منها:
1. داء السكري
يُحوّل جسمك السكر الموجود في الطعام إلى وقود يُسمى الجلوكوز. ولكن عند الإصابة بداء السكري، لا يصل الجلوكوز إلى خلاياك، فيُخرجه جسمك مع البول، لذلك سيطالبك جسمك بتناول المزيد من الطعام.
قد يتناول الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الأول، على وجه الخصوص، كميات كبيرة من الطعام، ومع ذلك يفقدون الوزن.
وإضافة إلى زيادة الشهية، قد تشمل أعراض داء السكري ما يلي: العطش الشديد، الحاجة المتكررة إلى التبوّل، فقدان الوزن غير المبرّر، ضبابية الرؤية، جروح وكدمات تستغرق وقتاً طويلاً للشفاء، وخزاً أو ألماً، في اليدين أو القدمين، إرهاقاً.
2. انخفاض سكر الدم
هبوط سكر الدم هو انخفاض مستوى الجلوكوز في الجسم إلى مستويات منخفضة جداً. ويُعدّ هذا الأمر مصدر قلق شائعاً لدى مرضى السكري، ولكن قد تُسببه أيضاً مشكلات صحية أخرى. وتشمل هذه المشكلات التهاب الكبد، واضطرابات الكلى، وأورام الغدد الصماء العصبية في البنكرياس، ومشكلات في الغدة الكظرية، أو الغدة النخامية.
وفي الحالات الشديدة، قد يبدو المصابون بانخفاض سكر الدم في حالة سُكر. وقد يتلعثمون في الكلام، ويواجهون صعوبة في المشي. وقد تشمل الأعراض الأخرى ما يلي: القلق، الشعور بخفقان القلب، شحوب البشرة، الارتعاش، التعرّق، وخزاً حول الفم.
3. قلة النوم
يمكن أن يؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من الراحة في الهرمونات التي تتحكم في الجوع في الجسم. فالأشخاص المحرومون من النوم لديهم شهية أكبر، ويجدون صعوبة في الشعور بالشبع. كما أنك أكثر عرضة لاشتهاء الأطعمة الغنية بالدهون والسعرات الحرارية عند الشعور بالتعب.
وتشمل الآثار الأخرى للحرمان من النوم ما يلي: صعوبة في البقاء متيقظاً، تغيّر المزاج، التصرفات غير المهذّبة، المزيد من الحوادث، صعوبة البقاء مستيقظاً خلال النهار، زيادة الوزن.

4. التوتر
عندما تشعر بالقلق أو التوتر، يفرز جسمك هرموناً يُسمى الكورتيزول. وهذا يزيد من شعورك بالجوع.
يشتهي الكثير من الأشخاص الذين يعانون التوتر أيضاً الأطعمة الغنية بالسكّر، أو الدهون، أو كليهما. وقد يكون ذلك محاولة من جسمك لإيقاف جزء من عقلك يسبب لك القلق.
تشمل الأعراض الأخرى ما يلي: نوبات الغضب، الإرهاق، الصداع، مشاكل النوم، اضطراب المعدة.
5. النظام الغذائي
لا تُشعرك جميع الأطعمة بالشبع بالدرجة نفسها. والأطعمة التي تُخفف الجوع بشكل أفضل هي تلك الغنية بالبروتين - مثل اللحوم الخالية من الدهون، والأسماك، ومنتجات الألبان - أو الغنية بالألياف. ومن المصادر الجيدة للألياف الفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، والبقوليات.
كما أن الدهون الصحية، مثل تلك الموجودة في المكسّرات، والأسماك، وزيت دوار الشمس، تُخفض مستويات الكوليسترول في الدم. إنها أساسية لنظام غذائي متوازن، ويمكن أن تساعدك على الشعور بالشبع بعد تناول الطعام.
تفتقر المعجنات والخبز الأبيض والعديد من الوجبات المُعلبة والوجبات السريعة إلى هذه العناصر الغذائية، كما أنها غنية بالدهون والكربوهيدرات غير الصحية. إذا تناولت الكثير من هذه الأطعمة، فقد تشعر بالجوع مرة أخرى بعد الوجبة بفترة وجيزة، وقد تأكل أكثر مما ينبغي.
كما قد تشعر بالشبع بعد الوجبة إذا خصصت وقتاً أطول لمضغ الطعام والاستمتاع به، بدلاً من تناوله بسرعة. كما يُنصح بالانتباه لما في طبقك بدلاً من التلفزيون، أو هاتفك.
6. الأدوية
قد تُسبب بعض الأدوية زيادة في الرغبة في تناول الطعام أكثر من المعتاد. وتُعرف مضادات الهيستامين، التي تُعالج الحساسية، بهذا التأثير، وكذلك مضادات الاكتئاب المعروفة باسم مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، والستيرويدات، وبعض أدوية السكّري، والأدوية المضادة للذهان.
فإذا اكتسبتِ وزناً منذ بدء تناولكِ دواء، فقد يكون هذا الدواء هو السبب في شعوركِ بالجوع. استشيري طبيبكِ لمعرفة الأدوية الأخرى التي قد تُناسبك.
7. الحمل
تلاحظ العديد من النساء الحوامل زيادة كبيرة في الشهية. هذه هي طريقة جسمكِ لضمان حصول طفلكِ على ما يكفي من العناصر الغذائية لنموه.
تكتسب معظم النساء ما بين 1 و2.2 كيلوجرام خلال الأشهر الثلاثة الأولى، (الثلث الأول من الحمل)، ثم كيلوجراماً واحداً، أسبوعياً، خلال الثلثين، الثاني والثالث، من الحمل.
من العلامات الأخرى التي قد تدل على الحمل: غياب الدورة الشهرية، الحاجة المتكرّرة للتبول، اضطراب المعدة، ألم الثديين، أو تضخمهما.
8. مشكلات الغدة الدرقية
الغدة الدرقية، غدة على شكل فراشة تقع في الرقبة. تفرز هرمونات تتحكم في معدل عمل كل عضو في الجسم. فإذا كانت الغدة الدرقية تعمل بجهد زائد، فقد تكون مصاباً بفرط نشاط الغدة الدرقية.
إلى جانب تضخم الغدة الدرقية، قد تشمل العلامات الأخرى للمشكلة ما يلي: سرعة نبضات القلب، الشعور بالتوتر، تعرّقاً أكثر من المعتاد، ضعف العضلات، العطش حتى بعد شرب السوائل.
9. المشروبات الغازية الخالية من السكّر
يقبل البعض على المشروبات الغازية الخالية من السكّر لتقليل السعرات الحرارية، أو إنقاص الوزن. لكن السكّر المزيف في هذه المشروبات يخدع دماغك، لأنه ينبهه إلى توقع وصول السعرات الحرارية التي يمكنه استخدامها كوقود. ولكن، عندما لا يحصل جسمك على أي سعرات حرارية، يُفعّل «مفتاح الجوع»، ويحثك على الحصول على السعرات الحرارية من الطعام، بدلاً من ذلك.
إذا كانت المشروبات الغازية الخالية من السكّر تُشعرك بالجوع، فقد تلاحظ أيضاً: صداعاً، رغبة شديدة في تناول السكّر، زيادة الوزن.

10. الجفاف
هل تشعر بالجوع أم العطش فقط؟ لا يمكنك دائماً تمييز الإشارات التي يرسلها جسمك.
تشمل علامات الجفاف الأخرى ما يلي: الدوخة، الشعور بالتعب، قلة التبول، أو أن لون البول داكن.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن شرب كوب من الماء قبل، أو أثناء الوجبة قد يشعرك بالشبع مع استهلاك سعرات حرارية أقل.
11. التمارين الرياضية
يحرق جسمك السعرات الحرارية كوقود عند ممارسة الرياضة. وهذا يؤدي إلى زيادة عملية الأيض، وهي العملية التي يستخدم بها الجسم الطاقة. وقد يؤدي ذلك لدى بعض الأشخاص إلى زيادة الشعور بالجوع.