07 أغسطس 2025

أطباء يحذّرون من مخاطرها.. كيف تحمي طفلك من الإصابات الرياضية؟

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

يقول بعض الخبراء إن الإصابات الرياضية آخذة في الارتفاع لدى الأطفال، وقد ناشد أطباء الآباء والأمّهات إعطاء الأولوية لصحة أطفالهم على المدى الطويل على الأهداف الرياضية قصيرة المدى. لذلك يقدّمون هنا بعض أفضل السبل للحد من مخاطر هذه الإصابات.

يشير هؤلاء الأطباء إلى أن العالم يشهد زيادة في الإصابات الرياضية بين الأطفال والمراهقين، وقد برز هذا التوجه بشكل خاص خلال العقد الماضي، تقريباً. لذلك يؤكدون أن الوقاية تتطلب تغييراً جذرياً في نهج الآباء، والأمّهات، والمدرّبين، تجاه الرياضة التي يمارسها الصغار والشباب، مع إعطاء الأولوية للصحة على المدى الطويل والتوقف عن تفضيل تحسين الأداء على المدى القصير.

فقد لاحظوا سريرياً، ارتفاعاً في الإصابات الرياضية بين الشباب، وربما يُعزى ذلك إلى زيادة شدّة وحجم الرياضة، أو إلى زيادة طلب المشورة من المتخصصين نتيجة لتحسّن المعرفة بالإصابات الرياضية.

واحدة من المشكلات الرئيسية وراء زيادة الإصابات الرياضية لدى الشباب هي التحوّل نحو التخصص في رياضة واحدة، على مدار العام، في أعمار أصغر، بشكل متزايد. إذ إن الشباب غالباً ما يركزون على رياضة واحدة فقط، بدلاً من تطوير أنماط حركة متنوّعة، من خلال أنشطة متنوّعة. وهذا التخصص المبكر، إلى جانب الضغوطات التي يتعرضون لها للتفوق، يؤدي إلى إجهاد متكرّر على الأجهزة العضلية الهيكلية النامية لأجسامهم، وهي أجهزة غير مصممة للتعامل مع هذه المتطلبات.

ويُعدّ الإفراط في التدريب مصدر قلق كبير، حيث يتدرب العديد من الرياضيين الشباب بكثافة وحجم متزايدين، مع إهمال الراحة والتعافي المناسبين.

مجلة كل الأسرة

الإصابات الشائعة لدى الأطفال الصغار

يقول الخبراء إن أنماط الإصابات الرياضية الشائعة لدى الأطفال تختلف باختلاف العمر ومستوى المشاركة الرياضية. إذ تظل عظام ومفاصل الأطفال الصغار، والشباب، في حالة نمو. ومن الإصابات المحدّدة التي يجب الانتباه إليها إصابات صفيحة النمو، (حيث تنمو العظام الطويلة)، والتي قد لا تُلاحظ بسهولة لأنها قد تبدو كالتواء خفيف.

ففي بعض الحالات، قد تكون لهذه الإصابات عواقب طويلة المدى إذا لم تُعالج بشكل صحيح. ويمكن للهيكل العظمي النامي أن يتجدّد بشكل جيد مع مرور الوقت، ولكن ليست كل الإصابات قابلة للشفاء بهذه الطريقة، لذلك من الهام الحصول على تقييم مناسب لضمان الحصول على رعاية سريعة ومناسبة.

ويلاحظ أن إصابات الإفراط في الاستخدام أصبحت أكثر شيوعاً أيضاً، حيث إن بعض المفاصل النامية، مثل الركبة أو الكوع، أكثر عرضة لها.

ويمكن أن يؤدي الإجهاد المتكرّر إلى إصابة العظام والغضاريف النامية في المفصل، وقد يحدث نوع من الكسر الإجهادي، وهذا غالباً ما يزول بالراحة، على الرغم من أنه قد يتطلب، أحياناً، علاجاً طبياً، أو جراحياً أكثر فعالية.

كما أن كسور الإجهاد في العمود الفقري والورك تُرى أحياناً لدى لاعبي الجمباز الشباب، إضافة إلى أن العدائين ولاعبي كرة القدم الشباب معرّضون أيضاً لمثل هذه المشكلات في الأطراف السفلية، حيث يعاني لاعبو الجمباز، أو ممارسو رياضات الرمي، أو المضرب، من هذه المشكلات في مرافقهم.

مجلة كل الأسرة

الإصابات الشائعة لدى الأطفال الأكبر سناً

غالباً ما تشمل إصابات الإفراط في الاستخدام لدى الأطفال الأكبر سناً والمراهقين، الوصلة بين عضلات أقوى، وعظام لم تنضج بعد. وعادة ما يؤثر التهاب الناتئ (التهاب الوصلة بين العضلة/ الوتر والعظم) في الركبة لدى الشباب الذين يمارسون رياضات القفز، (مثل كرة السلة والكرة الطائرة). ومع الأنشطة الأكثر جهداً، مثل الركض والقفز، يمكن أن تؤدي هذه المناطق الضعيفة نسبياً، إلى تمزق الأوتار.

والإصابات في هذه الفئة العمرية تميل إلى أن تكون أكثر شدّة، وغالباً ما تتطلب الكسور علاجاً فعالاً (المعالجة اليدوية، التثبيت، وأحياناً العمليات الجراحية). وقد تشمل الإصابات حول المفاصل صفيحة النمو، لكن الهيكل العظمي الأكبر سناً يكون أقلّ قدرة على إعادة البناء.

كما أن تمزقات الرباط الصليبي الأمامي لدى الرياضيين المراهقين شائعة بشكل متزايد، بسبب زيادة شدة الالتواء والدوران في رياضات مثل كرة القدم، وكرة الطائرة، وكرة السلة.

ويُعد علاج هذه الإصابات معقداً في الهيكل العظمي النامي، ولكنه هام جداً لصحة مفصل الركبة، على المدى الطويل. ويُنصح عادةً بالجراحة، حيث تستمر إعادة التأهيل لعدة أشهر، قبل إمكانية العودة إلى ممارسة الرياضة.

والرياضيات الشابات أكثر عرضة لإصابات الرباط الصليبي الأمامي، بسبب عوامل تشمل الهرمونات وفسيولوجية الجسم. كما أن الإرهاق يزيد أيضاً بشكل كبير من خطر إصابة الرباط الصليبي الأمامي لدى الصغار، لأن العضلات المتعبة لا تستطيع حماية المفاصل بشكل صحيح أثناء الأنشطة عالية المجهود.

وتزداد إصابات الكتف شيوعاً في الرياضات التي تُمارس فوق الرأس، مثل التنس والسباحة، بينما تكون إصابات الورك والفخذ أكثر شيوعاً في الرياضات التي تتطلب حركات ركل أو قطع متكرّرة.

ويبين الخبراء أن ما يثير القلق بشكل خاص، هو أننا نشهد إصابات في الفئات العمرية الأصغر سناً، والتي كانت تُلاحظ في السابق بشكل رئيسي لدى الرياضيين الأكثر نضجاً. وإذ كانت كسور الإجهاد والتهاب الأوتار لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عاماً نادرة قبل بضعة عقود، لكنها الآن موجودة بانتظام.

مجلة كل الأسرة

علامات تحذير على إصابة الطفل

غالباً ما يقلل الأطفال من شأن الألم أو يُخفونه، بخاصة عندما يخشون إبعادهم عن رياضتهم، أو خيبة أمل مدرّبيهم، وأولياء أمورهم.

لذلك:

  • إذا اشتكى طفل من ألم أثناء، أو بعد النشاط، لأكثر من بضعة أيام، أو كان يعاني أيّ ألم يؤثر في أنشطته اليومية، فمن الأفضل الحصول على استشارة طبية. ولا ينبغي أبداً تجاهل الألم المستمر الذي لا يزول بالراحة.
  • والألم الليلي لدى الأطفال الأكبر سناً والمراهقين يُمثل مصدر قلق خاص. وقد يعاني الأطفال الصغار غالباً من «آلام النمو» الليلية، ولكن هذا أقل شيوعاً لدى الأطفال الأكبر سناً، لذا من الهام تقييمه.
  • قد تكون التغيّرات في الأداء، أو التردّد في المشاركة، أو تفضيل جانب واحد من الجسم مؤشرات مبكرة على تطور المشكلات.
  • كما تشمل العلامات الجسدية التورّم، أو الكدمات، أو التشوّهات، إضافة إلى تغيّرات أكثر دقة، مثل تغيّر الحركة، أو انخفاض نطاق الحركة، أو ضعف العضلات. وهنا يجب على الآباء الاعتماد على حدسهم.
  • إذا بدا أي اختلاف في حركة طفلهم أو سلوكه تجاه الرياضة، فالأمر يستحق التحقق منه. واضطرابات النوم، أو تقلبات المزاج، أو فقدان الشهية قد تشير أيضاً إلى أن الطفل يعاني ألماً مرتبطاً بأنشطته الرياضية.
مجلة كل الأسرة

كيف يمكن للآباء مساعدة أولادهم على الوقاية من الإصابات الرياضية؟

يؤكد الخبراء أهمية:

  • أن تفهم المدارس، والمدربون، وأولياء الأمور، نموذج التطوير الرياضي طويل الأمد الذي يعزز التدريب المناسب للعمر، والنشاط المتوازن في مختلف الرياضات، وتمارين الإحماء المصممة خصيصاً لكل مرحلة من مراحل النمو. ويقولون إن هذا لا يساعد على تقليل مخاطر الإصابة فقط، بل يسهم أيضاً في بناء رياضيين أقوى وأكثر صحة، على المدى الطويل. ففي حين أن تشجيع الأطفال على النشاط البدني أمر أساسي، فإن الوقاية خير من إعادة التأهيل.
  •   تشجيع الآباء لأطفالهم على المشاركة في رياضات وأنشطة متعدّدة، حيث يساعد هذا النهج التدريبي المتنوع على تطوير أنماط حركة متنوّعة، ومنع الإجهاد المتكرّر، وتقليل خطر الإصابة الناتجة عن الإفراط في التدريب.
  • عدم التخصص في رياضة واحدة قبل سن 14-16 عاماً، وضمان فترات راحة بين التدريبات أمر ضروري. كما أن الراحة الكافية والاستشفاء أمران أساسيان للوقاية من الإصابات.
  • أن يحصل الأطفال على يوم راحة كامل واحد، على الأقل أسبوعياً، من الرياضات المنظمة، وأن يأخذوا فترات راحة طويلة على مدار العام من رياضتهم الأساسية، للسماح لأنسجتهم النامية بالتعافي.
  • ضمان زيادة أحمال التدريب تدريجياّ، بدلاً من زيادة مفاجئة، وهذا أمر أساسي للوقاية من الإصابات، ويجب على الآباء البحث عن برامج تعطي الأولوية لتنمية المهارات، والمتعة، والتطوير الرياضي طويل الأمد، على النجاح التنافسي الفوري.
  • التشديد على أهمية التغذية السليمة، وشرب الماء، والحصول على قسط كاف من النوم، فهي عوامل تشكل أساس الوقاية من الإصابات. لذا، كآباء، من الضروري ضمان تزويد أطفالهم بالطاقة اللازمة لأجسامهم.

يجب أن يكون الهدف تربية شباب أصحاء ونشيطين، يحافظون على علاقة إيجابية بالنشاط البدني، بدلاً من دفع الأطفال إلى حدّ الإصابة، على حساب صحتهم على المدى الطويل.

اقرأ أيضاً: هل يعاني طفلك آلام النمو؟ إليكِ الحلول