تخشى كثير من الأمهّات إصابات أبنائهن بجروح أو كسور أثناء اللعب، أو ممارسة رياضة ما، ويتولد لدى البعض منهن هاجس الخوف من تعرضهم لمشاكل عدة، وأحياناً تمنع الأم ابنها عن ممارسة أي نشاط بدني، ولو كان بسيطاً، خشية وقوعه في دوامة رحلات العلاج، وهناك من لا تهتم بذلك، إلا أنها تفتقر إلى التخصص الذي من المفترض أن تلجأ إليه في بعض المواقف. يشاركنا الدكتور هيثم أبو حليمة، أخصائي جراحة العظام والطب الرياضي في عيادة أستر- رأس الخيمة، هذا الأمر، ويتناول ما يجب على الأهل اتّباعه للتخلص من هواجسهن.
النشاط البدني للأطفال وسيلة لاستخراج الطاقة المكبوتة، والخوف من إصابتهم مبرر غير مقبول لمنعهم منه، ويوضح د. هيثم أبو حليمة «ممارسة أي نشاط بدني شيء مهم للإنسان عموماً، وأكثر أهمية للأطفال، لكونه وسيلتهم الفعالة لاستخراج ما بداخلهم من طاقات، ومن الخطأ منع الطفل من ممارسة الرياضة التي يحبّها، لمجرد أن الأهل يخشون إصابته أثناء اللعب، ودورهم يتمحور في اختيار الألعاب التي تقل فيها فرص الاحتكاك المباشر مع الباقين، أما إذا وقعت الإصابة، كأن يعاني الطفل ألماً شديداً، أو توّرماً غير طبيعي، أو صعوبة في الحركة، فدورهم يتمحور هنا في زيارة طبيب متخصص يقدم المساعدة بشكل مدروس، وهنا يظهر أخصائي الطب الرياضي، لكونه الأقدر على تقديم التقييم اللازم، والعلاج المناسب للإصابة، بجانب تقديم نصائح حول كيفية تجنب الإصابات المستقبلية، أثناء ممارسة الرياضة».
د. هيثم أبو حليمة
كثيرا ما تأتي إصابات الأبناء بسبب أخطاء التدريب، وسوء المستلزمات الرياضية، ليؤدي ذلك إلى إصابات شائعة، منها الجلدية، العضلية، إصابات العظام، المفاصل، الأعصاب، ولتجنب إطالة فترة التشافي، أو عدم حل المشكلة من جذورها، يوضح لنا الدكتور هيثم أبو حليمة «يمكن للطب الرياضي أن يساعد على علاج تلك الإصابات، وإدارة الألم المزمن، وتحسين اللياقة البدنية، وتقديم نصائح حول التغذية السليمة والوزن الصحي، إضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً أن يلعب دوراً في تقديم الرعاية الصحية الشاملة للأفراد من خلال تقييم الصحة العامة وتوجيه الأطفال نحو أساليب حياة صحية، وعلى الأهل أن يدركوا أن العلاج الناتج عن تخصص ليس في محله يؤدي إلى تبعات غير مستحبة تتمثل في إطالة فترة التشافي، أو عدم حل المشكلة من جذورها بالطريقة الصحيحة».
منع الطفل من ممارسة الرياضة التي يحبها يعرّضه لتأخّر في النمو الجسدي والعقلي
الوقاية خير من العلاج، إلا أن منع الطفل من اللعب ليس وقاية، بل مخاطرة تحمل تداعيات كثيرة «دعوا أطفالكم يلعبوا من دون قيود، فذلك يساعد على تحسين الحالة المزاجية لديهم، ويطوّر من مهاراتهم الاجتماعية ويجنّبهم العزلة، إضافة إلى تخفيف حدة التوتر والقلق لديهم، فكونوا عونا لأبنائكم، ولا تكونوا عقبة في طريق سعادتهم من دون أن تشعروا، فمنع الطفل من ممارسة الرياضة التي يحبها يعرّضه لتأخر في النموّ الجسدي، والسمنة، وضعف النمو العقلي، فضلاً عن مشاكل أخرى، مثل فرط الحركة، العصبية، الانطواء، فالألعاب الرياضة مهمة لتنمية قدرات الأطفال، ومن أهمها الدفاع عن النفس، ركوب الدراجات، كرة القدم، السباحة، وغيرها من الرياضات التي تعزز من الحالة الصحية، بشكل عام، ولنترك الخوف من تعرض الطفل للأذى جانباً، فقضاء الله تعالى نافذ، ولا يمنعه شيء، ودورنا نحن توفير الرعاية الصحية إذا احتاج إليها، والتثقيف، والتزود بالمعلومات الطبية المفيدة، مثل التعرف إلى ما يقدمه الطب الرياضي الوقائي، والذي يعمل على تحديد ومعالجة مجموعة متنوعة من المشاكل، كإصابات العضلات، والأربطة، ومشاكل العظام، مثل التواء الكاحل، وكسور العظام، والإصابات الناتجة عن الاستخدام المكثف، مثل آلام الظهر والتهاب الأوتار، إضافة إلى مشاكل صحية أخرى مثل ضغط الدم وأمراض القلب التي يمكن أن تؤثر في الأداء الرياضي، وتتطلب رعاية وقائية».