
مع أن الاستحمام بماء ساخن قد يكون ممتعاً، ويساعد على الاسترخاء، إلا أن الخبراء يؤكدون اليوم أن له بعض السلبيات. إذ يلجأ الكثير منا إلى الاستحمام بماء ساخن للتدفئة في الشتاء، والاسترخاء في الأيام الدافئة. ولكن ماذا يحدث لبشرتك عند الاستحمام بماء ساخن جداً؟
الجلد.. أكبر عضو في جسمك
الجلد هو أكبر عضو في جسمك، ويتكون من جزأين: البشرة من الخارج، والأدمة من الداخل.
تتكون البشرة من مليارات الخلايا، موزعة على أربع طبقات في الجلد الرقيق، (مثل الجفون)، وخمس طبقات في الجلد السميك، (مثل باطن القدم).
تترابط الخلايا، (الخلايا الكيراتينية)، في الطبقات العميقة من الجلد بواسطة وصلات دقيقة. هذه الجسور الخلوية تُشكل وصلات مقاومة للماء بين الخلايا المجاورة.
تفقد الخلايا الموجودة على السطح الخارجي للبشرة هذه الجسور الخلوية، وتتساقط بمعدل نحو 1000 خلية لكل سنتيمتر مربع من الجلد في الساعة. أي ما يعادل 17 مليون خلية في الساعة، يومياً، للشخص البالغ.
أما الأدمة فتقع تحت البشرة، حيث توجد الأوعية الدموية، والأعصاب، وبصيلات الشعر، ومستقبلات الألم، ومستقبلات الضغط، والغدد العرقية.
يعمل الجلد والبشرة معاً على:
- حمايتكِ من الأشعة فوق البنفسجية من الشمس.
- تصنيع فيتامين د3، الذي يساعد الأمعاء على امتصاص الكالسيوم.
- الحماية من البكتيريا والطفيليات والفطريات والفيروسات
- تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال تمدّد الأوعية الدموية والغدد العرقية، ما يؤدي إلى إفراز العرق.
- المساعدة على التعبير عن مشاعرنا، (مثل الاحمرار أو القشعريرة).
- الشعور بأحاسيس مثل اللمس، والضغط، والألم، ودرجة الحرارة.
لذا، فإن بشرتك هامّة، وتستحق العناية. صحيح أن الاستحمام اليومي يساعد على الوقاية من الأمراض، وغالباً ما يكون الاستحمام بماء ساخن جداً أمراً رائعاً، ويساعد على الاسترخاء، ولكن هناك جوانب سلبية محتملة.
التسبب بالتهاب
عادة ما يحتوي جلدنا على العديد من الكائنات الحية السليمة التي تُسمى المكوّرات العنقودية الجلدية. تساعد هذه الكائنات على تعزيز سلامة طبقات الجلد، (فهي تُقوّي الروابط بين الخلايا)، وتُحفز إنتاج البروتينات المضادة للميكروبات.
تفضّل هذه الكائنات الصغيرة البيئة الحمضية، مثل درجة حموضة الجلد الطبيعية التي تتراوح بين 4 و6.
وإذا ارتفعت درجة حموضة الجلد إلى نحو 7 (محايد)، فإن ابنة عم المكوّرات العنقودية الجلدية، المكوّرات العنقودية الذهبية، ستحاول السيطرة على الجسم، والتسبب بالتهابات.
يمكن أن يؤدي الاستحمام بماء ساخن إلى زيادة درجة حموضة بشرتك، ما قد يفيد المكوّرات العنقودية الذهبية في النهاية.
الجفاف
كما أن الغمر في الماء الساخن جداً يسحب الكثير من الرطوبة من الأدمة، ويجعلك تفقد الماء عن طريق العرق. وهذا يجعل بشرتك أكثر جفافاً، ويدفع كليتيك إلى إفراز المزيد من الماء، ما يُنتج المزيد من البول.
مخاطر ضغط الدم والقلب
وقد يُخفض البقاء في حمام ساخن لفترة طويلة ضغط الدم، ولكنه يزيد من معدل ضربات القلب. ويجب على الأشخاص الذين يعانون انخفاض ضغط الدم، أو مشكلات في القلب، استشارة طبيبهم قبل الاستحمام، أو الاستحمام بماء ساخن لفترة طويلة.
التهيّج
يمكن للحرارة الناتجة عن الاستحمام، أن تُنشّط إطلاق السيتوكينات (جزيئات التهابية)، والهيستامين (المرتبط بردود الفعل التحسسية)، وتزيد من عدد الأعصاب الحسية. كل هذا قد يؤدي إلى الحكة بعد الاستحمام بماء ساخن جداً.
كما قد يُصاب بعض الأشخاص بالشرى (نتوءات بارزة مثيرة للحكة تبدو حمراء على البشرة الفاتحة، وبنية أو بنفسجية على البشرة الداكنة)، بعد الاستحمام بماء ساخن، وهو شكل من أشكال الشرى المزمن القابل للتحريض، وهو نادر نسبياً، وعادةً ما يُعالج بمضادات الهيستامين. ويجب على الأشخاص ذوي البشرة الحساسة، أو المصابين بأمراض جلدية مزمنة، مثل الشرى، والتهاب الجلد، والإكزيما، والوردية، والصدفية، أو حب الشباب، تجنب الاستحمام بماء ساخن جداً، فهو يُجفف البشرة، ويجعلها أكثر عرضة لنوبات التهيّج.

نصائح هامة قبل الاستحمام
جِلد اليدين، أو القدمين، هو الأقل حساسية للحرارة والبرودة، لذا استخدم دائماً معصمك، وليس يديك، لاختبار درجة حرارة الماء، إذا كنت تُحمم طفلاً، أو شخصاً مسناً، أو شخصاً من ذوي الاحتياجات الخاصة.
جلد الأرداف هو الأكثر حساسية للحرارة والبرودة. لهذا السبب قد تعتقد أحياناً، أن الاستحمام مناسب عند دخولك، ولكن بمجرد الجلوس، تشعر بحرقة في مؤخرتك.
ربما سمعت أن النساء يُفضلن درجة حرارة الماء الأعلى من الرجال، لكن هذا غير مدعوم بالأدلة البحثية. ومع ذلك، تختلف حساسية الجسم للحرارة بشكل كبير في مناطق مختلفة من الجسم، ويختلف كل شخص بشكل كبير، بغضّ النظر عن جنسه.
الاستفادة القصوى من الترطيب
يُساعد ترطيب البشرة بعد الاستحمام بماء ساخن، ولكن تأكد من أن مرطّبك يفي بالغرض.
لتحسين حاجز البشرة، يجب أن يحتوي مرطبك على مزيج من:
- مرطب مثل السيراميدات، أو السكوالينات، أو الدايميثيكون (تندمج هذه المرطبات في الحاجز الدهني في البشرة لتقليل فقدان الماء).
- مرطب مثل الجلسرين أو حمض الهيالورونيك (تسحب المرطبات الرطوبة من الأدمة إلى البشرة).
- مادة عازلة مثل الفازلين، أو الزيوت المعدنية، أو زبدة الكاكاو، (تقلل هذه المواد العازلة من فقدان الماء عبر الجلد وتزيد من إنتاج الببتيدات المضادة للميكروبات).
ليست كل المرطبات فعالة في تقليل فقدان الرطوبة من بشرتك. قد تعاني الجفاف والحكة أثناء تعافي بشرتك إذا كنت تستحم كثيراً بماء ساخن جداً.
أشعر بالحكة مجدداً، ماذا أفعل؟
إذا كنت تشعر بالحكة بعد الاستحمام بماء ساخن، فحاول الاستحمام بماء بارد لفترة أقصر، وتجنب إعادة استخدام الإسفنج، أو الليفة، أو مناشف الوجه (التي قد تكون بيئة مناسبة للبكتيريا).
يمكنك أيضاً تجفيف بشرتك بالتربيت عليها، بدلاً من فركها بالمنشفة. كما أن وضع كريم مرطب مضاد للحساسية، مثل السوربولين، على بشرة رطبة قد يساعد أيضاً.
إذا لم تتحسن الأعراض، فاستشر طبيبك.
اقرأ أيضاً: صباحاً أم ليلاً.. متى يجب أن تستحم؟ أطباء يقدمون لك فوائد كلّ وقت