24 يونيو 2025

دراسة جديدة تكشف عن صلة غير متوقعة بين آلام الجسم والاكتئاب

محررة ومترجمة متعاونة

مجلة كل الأسرة

في دراسة رائدة استندت إلى عقود من البحث، حلل فيها باحثون بيانات على مدار 21 عاماً للوصول إلى نتائجهم، كُشف عن صلة مفاجئة بين الألم المزمن ومشكلات الصحة النفسية.

فقد وجد باحثون في كلية لندن الجامعية (UCL) أن الاكتئاب والشعور بالوحدة أكثر شيوعاً لدى الأشخاص الذين يعانون الألم المزمن قبل سنوات من بدء الألم فعلياً. حلل الباحثون بيانات على مدار 21 عاماً من دراسة صحية طويلة الأمد شملت أكثر من 7300 بالغ في إنجلترا، تتراوح أعمارهم بين 50 عاماً فأكثر.

تُظهر نتائجهم، المنشورة في eClinicalMedicine، وجود صلة قوية بين هذه التحديات المتعلقة بالصحة النفسية والتطور اللاحق للألم المزمن. ويضيف الباحثون أن مشكلة الألم المزمن تُمثل مصدر قلق رئيسي للصحة العامة، حيث تؤثر على ما يصل إلى 40% من الناس في المملكة المتحدة وأوروبا، وتُعتبر سبباً رئيسياً للإعاقة.

مجلة كل الأسرة

ما المهم للغاية في الدراسة الجديدة؟

المثير في الدراسة الجديدة هو اكتشاف أن المشكلات النفسية تبدأ قبل فترة طويلة من الآلام البدنية، وتكون جرس إنذار لها. ففي حين أن الأبحاث السابقة قد أثبتت وجود صلة بين الألم المزمن ومشكلات الصحة النفسية مثل الاكتئاب والشعور بالوحدة، تُلقي هذه الدراسة الضوء على التسلسل الزمني لهذه الحالات، مُثبتةً أن هذه المشكلات غالباً ما تسبق الألم الجسدي. قُسِّم المشاركون في الدراسة إلى مجموعتين: أولئك الذين أصيبوا بألم مزمن، بما في ذلك آلام الظهر والركبة والورك والقدم، وأولئك الذين لم يُعانوا هذا الألم.

اكتشف الباحثون أن الأفراد الذين عانوا في نهاية المطاف ألماً مزمناً أبلغوا عن مستويات أعلى من الاكتئاب والوحدة قبل سنوات من بدء معاناتهم.

يشير هذا إلى أن معالجة هذه التحديات المتعلقة بالصحة النفسية في وقت مبكر قد تكون حاسمة في الوقاية من الألم المزمن أو التخفيف من آثاره. يُؤكد البحث أهمية اتباع نهج شامل للرعاية الصحية، مُشدداً على الترابط بين الصحة البدنية والعقلية.

كما وجد الباحثون أن البالغين في منتصف العمر وكبار السن الذين يعانون الألم هم أكثر تعرضاً لتفاقم أعراض الاكتئاب لمدة تصل إلى ثماني سنوات قبل ظهوره. وتزداد هذه الأعراض سوءاً في السنوات التي تسبق الألم، ويبدو أنها بلغت ذروتها عند ملاحظة الألم لأول مرة، وتبقى مرتفعة في السنوات التي تلي بدء الألم.

كانت أعراض الاكتئاب أقل شيوعاً وأقل حدة، وثابتة نسبياً بين الأشخاص الذين لم يُعانوا الألم.

كما وجدوا أن الشعور بالوحدة قد ازداد في كل من السنوات التي سبقت والسنوات التي تلت ظهور الألم، ولكنه ظل منخفضاً وثابتاً نسبياً بين المجموعة التي لم تعانِ الألم.

ونتيجة لذلك، اقترح الباحثون أن علاج الاكتئاب قد يساعد على منع أو تقليل الآلام والأوجاع اللاحقة.

وقالت الدكتورة ميكايلا بلومبرج، المؤلفة الرئيسية للدراسة، من قسم أبحاث علم الأوبئة والصحة العامة بجامعة كوليدج لندن: «من المعروف أن الألم والاكتئاب مرتبطان، حيث يؤدي كل منهما إلى تفاقم الآخر. لكننا لم نكن نعرف توقيت ظهور هذه الحالات المرتبطة. وتظهر دراستنا أن أعراض الاكتئاب والوحدة تتفاقم قبل وقت طويل من بدء الألم. هذا مهم لأنه يشير إلى إمكانية أن تساعد الصحة النفسية المبكرة والدعم الاجتماعي على تقليل أو تأخير الألم اللاحق».

وأضافت «يمكن أن تساهم عوامل معينة، مثل الاكتئاب والوحدة، في الألم من خلال عدة آليات.. من خلال التسبب في التوتر، حيث تزيد الالتهاب ما قد يؤدي إلى الألم؛ كما أنها تزيد حساسية الألم عن طريق تغيير الاستجابات المناعية واختلال تنظيم الجهاز العصبي اللاإرادي، وهو شبكة الأعصاب التي تتحكم في العمليات اللاواعية مثل استجابة «الهروب أو القتال». تُبرز نتائجنا أهمية التعامل مع الألم ليس من منظور بيولوجي فقط، بل قد تكون تدخلات الصحة النفسية مهمة أيضاً».

وجد الفريق أن أعراض الاكتئاب كانت أكثر وضوحاً لدى الأشخاص ذوي المستويات التعليمية المنخفضة وبين المرضى الأقل ثراءً. وتقدم هذه الدراسة أدلة إضافية تدعم أهمية استهداف الشعور بالوحدة والصحة النفسية لدى كبار السن، وأن هناك حاجة إلى دعم استباقي للصحة النفسية والاجتماعية في العقد الذي يسبق ظهور الألم، ويجب دمجه في استراتيجيات إدارة الألم الطويلة المدى، وخاصة للأفراد ذوي الموارد الاجتماعية والاقتصادية المحدودة.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: الذكريات الجميلة تسكن آلام الجسم!