9 مراحل للسيطرة على غضبك.. من فهم أسباب الغضب إلى استعادة هدوء النفس

للغضب فائدة، لكنه حين يسيطر علينا لأتفه الأسباب ينبغي أن نحسن التعاطي معه، حتى نتمكن من الحفاظ على طمأنينتنا الداخلية.

ويقدم هذا الكتاب «الغضب والسبيل إلى التعاطي معه»، تأليف أورور إيمليه، طريقة تحقيق هذا الهدف عبر مراحل تسع، تخلق لنا على المدى الطويل عادات جديدة تتيح لنا الاستمتاع بهدوئنا المستعاد.
هل أنتم من النوع الغضوب؟ وهل تعيشون في يومكم مشاهد تعتمد على السيناريو التالي: انزعاج، وتوتر، وتذمّر، وانقباض، وشكوى... فثورة غضب، وأحياناً كثيرة لسبب تافه؟ وكل هذا من دون أن تتمكنوا من السيطرة على أنفسكم، ما يجعلكم تشعرون بتأنيب الضمير. أما الحل فهو أن تكفّوا عن تفجير الغضب عبر اتّباع برنامج من تسع مراحل، يؤدي بكم إلى عدم الاشتعال غضباً عند أصغر انزعاج تصادفونه في حياتكم اليومية.
المرحلة الأولى: أفهم غضبي
في البداية يجب القيام بعملية فرز، لأننا في معظم الأحيان، نخلط كل شيء تحت تأثير الانفعال، الغضب الجيد، والغضب السيئ معه. وهذا يعني أن الغضب انفعال مفيد في الأصل، ويتمتع بمعنى ووظيفة، وفي الأصل يهدف إلى مواجهة حدث صادم، والدفاع عن النفس ضد ما يُعد تهديداً لها.
ونحن في هذا السياق نمتلك ثلاث آليات للدفاع: الهرب، أو المواجهة، أو الانطواء على الذات. وتكون ردّة فعلنا تلقائية، وغير واعية. وهذا أمر يصح على الجميع، لأننا جميعاً نعمل بواسطة الدماغ ذاته، ونحافظ على حياتنا بواسطة الآليات ذاتها. لذا، فإن السعي إلى التخلص من الغضب يوازي السعي إلى التخلص من طبيعتنا البشرية، والاكتفاء بلوم النفس، أو الآخر، يوازي تجاهل الرسالة التي يسعى الغضب إلى التعبير عنها.
المرحلة الثانية: أعي مدى أذاه
تهدف هذه المرحلة إلى التعرّف إلى أنواع الغضب المؤذي، ذاك الذي نعبّر عنه بشكل سيئ ليصير بعدها غضباً مزمناً. فحين يضغط الانفعال علينا، ويسمّم حياتنا، ويؤذي علاقاتنا مع الآخرين، يصير انفعالاً سامّاً على كل المستويات، النفسية والجسدية والاجتماعية. فالغضب هنا ليس مستخدماً في الاتجاه الجيد، وهو حمايتنا وضمان أمننا وسلامتنا. أنتم لا تعرفون كيف تفككون الرسالة التي يبعث بها غضبكم إليكم. وحتى تنجحوا في هذا أجيبوا عن الأسئلة التالية: هل تحسنون التعرّف إلى ما يثير غضبكم؟ هل تنجحون في تمييز الوقائع، أي ما حدث فعلاً، عن طريقة إحساسكم تجاهها؟ هل تصغون إلى ما يجري على مستوى أحاسيسكم الجسدية؟ هل تتحملون جزء المسؤولية العائد إليكم؟
من أجل التخفيف من حالات الغضب المؤذي، يمكنكم أن تتعلموا التعبير عن مشاعركم بشكل أفضل.
المرحلة الثالثة: أقرّر معالجة المسألة
كثيراً ما يكون خطأنا في ما نطلبه من أنفسنا، ومن الآخرين، والذي يغذي ضيقنا من دون أن يشبع احتياجاتنا. الغضب عبارة عن جرس إنذار يعني أن واحداً من احتياجاتنا الأساسية لم تتم تلبيته. وبتأثير من الصدمة يمكِّننا الغضب من أن نردم الثغرة، بشكل مؤقت، وأن نستعيد التوازن. لكن حين نرغب في أن نكون نحن والآخر، والعالم معنا، مثاليين، وكاملين، ومستجيبين لتطلعاتنا نعيش في حالة وهْم. فمن الأفضل الحفاظ على التوازن بدل أن نضطر إلى استعادته في كل مرة. لذا، يتعين علينا أن نهتم باحتياجاتنا الدفينة لنؤمّن لأنفسنا درجة من الأمان، وحين نعبِّر عن هويتنا، ونعطي معنى لحياتنا سنكون عرضة لدرجة أقل من فقدان التوازن، وبالتالي أقلّ عرضة لنوبات الغضب.
المرحلة الرابعة: الهدوء على المستوى الجسدي
النفس والبدن يعملان بالتكاتف والتعاضد، وبقدر ما يكون الجسم سليماً ينخفض مستوى الغضب. لكننا كثيراً ما نميل إلى فصل الجسم عن النفس، على الرغم من أنهما يعملان معاً، ولا يمكن مقاربة الواحد منهما من دون الآخر. لذا، فإن الاهتمام بالبدن وتبنّي نمط حياة سليم يساعد على إحلال توازن نفسي وجسدي، ويخفف بالتالي نزعتنا نحو الغضب.
المرحلة الخامسة: أفكر بشكل مختلف
بما أن الانفعالات والأفكار المؤلمة تغذي نفسها، وتغذي الواحدة منها الأخرى، يجب أن نتعلم التفكير بشكل مختلف من أجل الخروج من الدورة الجهنمية. فنحن مسؤولون عن أفكارنا، ومعتقداتنا، وافتراضاتنا، بما أن الفكرة ليست سوى نتاج نفسي. والواقع بحد ذاته لا نستطيع أن نبلغه إلا بواسطة تمثلنا وتفسيرنا له بطريقة لا بدّ أن تكون ذاتية. وكثيراً ما تكون طريقتنا في تفسير الواقع، أو تشويهه، سبباً لغضبنا.
وهكذا يجب أن نتعلم كيف نفكر بطريقة أكثر حيادية، إن لم نقل إيجابية، حتى نتغلب على نزعتنا الغضوبة. ويستلزم التخفيف من الغضب العمل على تصيُّد أخطاء التفسير التي نرتكبها، والتي هي عبارة عن شطط في أفكارنا.
المرحلة السادسة: أبدأُ بالتغيير
هو زمن البحث والتقصّي: احمل ورقة وقلماً لكتابة مذكرات غضبك اليومية، وتسلَّح بكل شجاعتك لأنك ستتصيَّد العناصر التي تثير غضبك، وتخرجك عن طورك. سنبحث عمّا نشعر به حقاً، وكيف يمكن استباق الأوضاع الدقيقة على أفضل وجه، ونتحدّى أنفسنا من أجل البدء بالتغيير.
ما يثير الغضب هو في الوقت نفسه جماعي، فالكل يحمل ردة فعل إزاء أيّ تهديد، وشخصي إذ إننا لا ننظر جميعاً إلى الحدث ذاته بوصفه تهديداً. تختبئ خلف الغضب تلاوين انفعالية متعدّدة، وإذا كانت بعض الوضعيات مصدراً للغضب أساساً، إلا أنها تثير كذلك مشاعر أخرى ذات ألوان مختلفة. إن التعرّف إلى ما يزعجنا، وما يحمل صدى في داخلنا، يمكِّننا من تحضير أنفسنا، سواء أكان على المستوى البدني، أم النفسي، وبشكل ملموس. ففهم الانفعال هو الخطوة الأولى، لكن يجب العمل من أجل خلق ردود سلوكية جديدة. والتوجه نحو المزيد من السكينة هو خيار يستلزم حافزاً، وثقة، ما يعني وضع أهداف واضحة. وكل مشروع كبير يبدأ بعمل صغير، والمهم هو أن نبدأ.
المرحلة السابعة: أتعلم أن أهدئ نفسي قبل فوات الأوان
إن التعرف إلى مظاهر الغضب البدنية يسمح باستحضار سريع لما يمكن أن يقف في وجهه. وهكذا بإمكاننا أن نعمل على الجسم لنخفض من توتره بشكل واعٍ. كما يمكننا أن نعمل على النفس حين نستبقي مسافة بيننا وبين ما يجري، ونتصوّر أنفسنا أكثر هدوءاً. ويمكننا أيضاً أن نعمل على الوضع حين نأخذ الوقت الكافي، ونتقدم بحسب إيقاعنا، ونحدّد المشكلة التي ينبغي حلّها، والتعبير عمّا نريد قوله عنها من دون عدائية.
المرحلة الثامنة: أتعلم أن أهدئ نفسي في خضم الأزمة
لن نعدم حيلة لمساعدتنا على تهدئة أعصابنا في قلب العاصفة، فالحِيل كثيرة: غسل الوجه بمياه باردة، شرب كوب كبير من الماء ببطء، التنفس العميق، الركض في مكانك... فحين نشعر بأن الظروف تتخطانا، من الأفضل ترك العاصفة الداخلية تمر، نحن لا نستسلم أمامها بل نتقبَّل الانفعال. وعلينا أن نركز اهتمامنا على شيء آخر، أو أن نصير مجرد مشاهدين لهذه النوبة، ما يساعدنا على الاحتفاظ بمسافة تجاهها. دعونا نقبل بضعفنا، ونطلب المساعدة إن كان هذا ضرورياً. ثم لنترك الوقت يعيد إلينا هدوءنا.
المرحلة التاسعة: أتبنّى الهدوء وأُمارسه
الامتناع عن التوتر والغضب هو مسألة خيار، ولكن ينبغي أن نغذي ما يحفزنا على اتّباعه، حتى لا نستسلم. إن حسن التصرف حين يكون الآخر غاضباً يساعدنا على مواصلة جهودنا، ويشكل مناسبة ممتازة لممارسة ما عزمنا عليه، وسوف نشعر بالرضى عن أنفسنا حينما ندرك أننا قادرون، بالفعل، على تحقيق ما وضعناه نصب أعيننا.
ويعتبر التأمل طريقة فعالة جداً لتعديل موقفنا تجاه المصاعب، كما أنه يعدّل حالتنا الذهنية بعمق. ولا ننسى أن الصراخ، والعنف، والاضطراب، ليست أفضل الوسائل للتعبير عن الغضب، لأن ثمّة وسائل أخرى لهذا تكون أكثر فعالية وإبداعاً، ومحافظة على صحتنا النفسية والبدنية.
اقرأ أيضاً: تحذير الأطباء.. 5 حقائق صادمة عن تأثير الغضب في صحتك