12 مايو 2025

11 استراتيجية نفسية وطبية للتعامل مع «الثعلبة البقعية»

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

 لا ترتبط مشكلة الثعلبة البقعية بالبعد الجمالي فقط، بل بكونها مرضاً مناعيّاً معقداً يصيب النساء والرجال، الكبار والصغار، من دون سابق إنذار. وبين العوامل الوراثية والجينية، وارتباطه ببعض الأمراض المزمنة، نتناول أسباب المرض، والعلاجات المتوافرة، واستراتيجيات التعامل معها.

مجلة كل الأسرة

تعرّف الدكتورة علياء كلداري، استشارية الأمراض الجلدية في دبي الصحية، الثعلبة البقعية ومسبّباتها: «الثعلبة البقعية هي مرض مناعي ذاتي غير مُعدٍ، يصيب نحو 2% من السكان، ويؤدي إلى تساقط الشعر، كلياً أو جزئياً، نتيجة مهاجمة الجهاز المناعي لبصيلات الشعر. ومن الممكن أن تصيب الثعلبة البقعية أيّ مكان في الجسم، لكن الحالات الأكثر شيوعاً تظهر في فروة الرأس. ويمكن لمرض الثعلبة البقعية أن يصيب الأطفال، أو البالغين، من جميع أنواع البشرة والشعر، حتى من دون وجود تاريخ عائلي للإصابة، لكن وجود أمراض المناعة الذاتية، مثل السكّري من النوع الأول، أو اضطرابات الغدة الدرقية، أو الذئبة الحمامية الجهازية، أو مرض الثعلبة البقعية في التاريخ الأسري، يزيد من احتمالية الإصابة، وبالرغم من عدم وجود ارتباط واضح، إلا أن التوتر وبعض الحالات الصحية، قد تلعب دوراً في تحفيز المرض أو تفاقمه».

وتشرح: «في الوضع الطبيعي، توفر بصيلات الشعر حماية من الهجمات المناعية الذاتية، ولكن في حالة الثعلبة البقعية، ينهار الامتياز المناعي لجريبات الشعر، ما يؤدي إلى فقدان هذه الحماية. والسبب الرئيسي لذلك يعود إلى مهاجمة الخلايا التائية CD8+، و CD4+، لجذر جريب الشعر، ما يؤدي إلى التهاب حاد في البصيلات».

مجلة كل الأسرة

وحول طبيعة المرض، توضح د.علياء أن «مرض الثعلبة البقعية يُعّد غير متوقع بطبيعته، حيث لا يمكن تحديد موعد تساقط الشعر، أو كمية الشعر المفقودة، أو متى سيعود إلى النمو، أو ما إذا كان سيتكرر. قد يكون هناك أفراد آخرون في العائلة مصابون بالثعلبة البقعية، ما يشير إلى دور العوامل الوراثية في الإصابة. وبعض المرضى يستعيدون شعرهم ويحتفظون به لسنوات، قبل أن يبدأ بالتساقط مرة أخرى، بينما قد لا يتمكن آخرون من استعادة شعرهم من دون تدخل علاجي. وفي العديد من الحالات، يكتشف المرضى إصابتهم بعد قصّ شعرهم، حيث يصبح التساقط أكثر وضوحاً. إضافة إلى ذلك، قد تتأثر مناطق أخرى من الجسم، مثل شعيرات الأنف، ما قد يؤدي إلى أعراض إضافية».

عوامل الإصابة بالثعلبة البقعية

ولا ترتبط الثعلبة بالعوامل الوراثية فقط. وتشير استشارية الأمراض الجلدية إلى:

  • وجود عوامل جينية قد تزيد من القابلية للإصابة.
  • وقد تم ربط هذا المرض بأمراض مناعية أخرى، مثل السكّري من النوع الأول، البهاق، أمراض الغدّة الدرقية، والتهاب المفاصل، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن جميع المرضى المصابين بالثعلبة سيعانون هذه الحالات.
  • كما تشير الأبحاث إلى أن المرض أكثر شيوعاً بين مرضى متلازمة داون، ويرتبط ببعض المتلازمات المناعية الأخرى، مثل متلازمة الغدد المتعددة النوع 1.
  • كذلك، أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون أمراض الحساسية، مثل حمّى القش، أو الإكزيما التأتبية، قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالثعلبة.
  • وأيضاً العوامل البيئية يمكن أن تؤثر في تطور المرض، حيث يُعتقد أن الطقس البارد قد يكون محفزاً لتفاقم الحالة لدى بعض المرضى.
  • إضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أن التدخين لفترات طويلة، سواء لأكثر من عشر سنوات، أو تدخين أكثر من خمس سجائر يومياً، يمكن أن يزيد من مستويات الالتهاب في الجسم، ما قد يفاقم أعراض المرض.
مجلة كل الأسرة

ما علاقة الخوف والوضع النفسي بالثعلبة البقعية؟

يتردّد أن الخوف، والوضع النفسي، وما يصاحبه من توتر وقلق، من أسباب الإصابة. فكيف ترصد د. علياء كلداري هذا التحليل؟ تجيب: «بما أن الثعلبة البقعية من أمراض المناعة الذاتية، قد يؤثر التوتر، والقلق الشديد والمستمر، في فرص الإصابة بها، نظراً لأن استمرار الضغوط النفسية لفترات طويلة تزيد من مخاطر التعرّض للعديد من الأمراض، وتدهور الصحة عموماً، بما يشمل الإصابة بأمراض المناعة الذاتية».

بيد أن الثعلبة تصيب الأطفال في بعض الحالات. فكيف يمكن للأسر التعامل مع الآثار النفسية الناجمة عن تساقط الشعر، بخاصة لدى الأطفال، والمراهقين؟

تقول د.علياء: «لم تُظهر الدراسات زيادة احتمال الإصابة بالثعلبة البقعية لدى فئة دون الأخرى. وبالفعل، قد تصيب هذه الحالة الأطفال والمراهقين، ما يترك آثاراً نفسية مزعجة لديهم، لاسيما بين الفتيات نظراً لعدم قدرتهنّ على تقبّل الأمر بسهولة. ويمكن لأولياء الأمور مساعدتهم على تخطي هذا الأمر، من خلال تقديم الدعم العاطفي والنفسي اللازم، وتثقيفهم حول هذه الحالة الصحية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، واللجوء إلى الخيارات التجميلية في مراحل لاحقة من العمر عندما يستدعي الأمر ذلك، وباستشارة الطبيب المختص».

مجلة كل الأسرة

هل يعود الشعر بعد العلاج؟

وإذ يتساءل العديد من المصابين بالثعلبة البقعية عن إمكانية عودة نمو الشعر بعد تساقطه، تلفت د. علياء كلداري: «لا يوجد جواب جازم عن هذا السؤال، حيث يختلف هذا الموضوع بين مريض وآخر، إذ من الممكن عودة الشعر إلى النمو بعد العلاج لدى البعض، في حين يبقى مكان الشعر المتساقط خالياً لدى البعض الآخ،ر مع عدم عودة النمو».

وتعقّب: «بفضل التطور الطبي الراهن، ظهرت أدوية فعالة، ويتوافر اليوم  نوعان من الأدوية التي تعالج مرضى الثعلبة البقعية الشديدة، حيث تكون هذه الأدوية على شكل حبوب يومياً، وأثبتت فاعليتها، وأثرها الإيجابي في مرضى الثعلبة البقعية الشديدة، حول العالم، خصوصاً في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، حيث تخفف فقدان الشعر بنسبة تتجاوز 50%، ومن الملاحظ أن هذه الأدوية تبدأ بالعمل بعد عدة أشهر من تناولها، في حين أن مفعولها طويل الأمد عند الالتزام بها وفقاً لتوجيهات الطبيب».

وتأسف د.علياء لـ«عدم وجود خطوات وقائية مثبتة علمياً، نظراً لغياب سبب دقيق يوضح جذور الإصابة بالثعلبة البقعية»، موصية باتّباع نمط حياة صحي، وممارسة الرياضة، والالتزام بنظام غذائي صحي ومتوازن، والابتعاد عن مسببات القلق والتوتر، نظراً للآثار الإيجابية لهذه العادات في الصحة عموماً، ودورها في الوقاية من أمراض عدّة.

مجلة كل الأسرة

11 نصيحة للتعامل مع الثعلبة بأقل الأضرار النفسية

وفي المقابل، تزوّدنا د. علياء كلداري بنصائح للحدّ من التداعيات النفسية والصحية للإصابة بالثعلبة، عبر:

  • تشجيع المرضى على التعبير عن مشاعرهم بصراحة وتوفير بيئة آمنة وداعمة لهم.
  • تقديم المعلومات والتثقيف حول أسباب المرض وأعراضه وخيارات العلاج المتاحة.
  • تعزيز ثقة المرضى بأنفسهم من خلال مساعدتهم على إيجاد طرق للتعبير عن أسلوبهم الشخصي، والتركيز على جوانب حياتهم الإيجابية، بعيداً عن المظهر الخارجي.
  • استشارة طبيب أمراض جلدية معتمد للحصول على تشخيص دقيق وخطة علاج مناسبة.
  • تجنب العلاجات الكيميائية القاسية، مثل الصبغات، الكحوليات، والعطور، التي قد تزيد من تهيّج فروة الرأس.
  • استخدام فرشاة ناعمة ومشط واسع الأسنان عند تمشيط الشعر، وتركه يجف طبيعياً، بدلاً من تعريضه لمجففات الشعر الساخنة.
  • حماية المناطق المكشوفة من أشعة الشمس والطقس البارد باستخدام قبعات، أو واقيات مناسبة.
  • توفير الاستشارة المستمرة للمرضى طوال رحلتهم مع المرض، مع إمكانية إحالتهم إلى أخصائيين في الصحة النفسية، عند الحاجة.
  • الاحتفاء بإنجازاتهم، وتشجيعهم على ممارسة الأنشطة التي يحبونها، والتواصل مع العائلة والأصدقاء، لتحسين صحتهم النفسية.
  • التحلي بالصبر والتفهم ضروري أيضاً، إذ تتسم الثعلبة البقعية بعدم الاستقرار بين فترات تساقط الشعر، ونموه مجدداً.
  • تقديم دعم مخصص، وموارد تتناسب مع احتياجات كل فرد للحفاظ على صحته النفسية والجسدية، لكون تجربة كل مريض مع الثعلبة البقعية فريدة.