مهارات التحمل العاطفي...7 استراتيجيات تساعدك على مواجهة الضغوطات
يلامس الحديث عن مهارات التحمّل العاطفي مشاعر الفرد، وقدرته على ضبط تلك المشاعر، والتعامل معها في المواقف الصعبة، عبر تحقيق التوازن بين الشعور والاستجابة، حيث نصبح أكثر وعياً بأنفسنا، وأكثر قدرة على التواصل الصادق مع من حولنا.
في هذا الصدد، نحاول فهم معنى التحمّل العاطفي، والقدرة على مواجهة المشاعر، وتنظيمها عند التعرّض للضغوط، وكيفية التفاعل بوعي مع تلك المشاعر التي تؤثر في ردود أفعالنا.
تعرّف ميساء الشحادات، مدربة واستشارية أسرية، مفهوم التحمّل العاطفي بكونه «القدرة على الصمود النفسي أمام المواقف المؤلمة، من دون إنكار ما نشعر به، كما القدرة على مواجهة المشاعر القوية، أو المواقف الضاغطة بطريقة متوازنة وصحية، من دون أن نفقد السيطرة، أو ننكسر داخلياً. إنه لا يعني «عدم الشعور»، بل أن أعيش مشاعري وأتجاوزها بوعي ومرونة، بدل أن تتحكم فيّ».
https://www.shutterstock.com/image-photo/beautiful-girl-chooses-between-brain-love-144333700
كيف يمكن إتقان مهارة التحمّل العاطفي؟
في هذا الصدد، تتوقف الاستشارية الأسرية عند عامل التربية: «فالمربّي، أو الوالد هو من يُفَعّل الراشد داخله في تعامله مع الطفل، لأنه بالنسبة إلى الطفل هو المرجع العاقل، والقدوة في كيفية إدارة المشاعر. إنّ دور المربّي لا يقتصر على التوجيه فقط، بل على تجسيد نموذج النضج الانفعالي أمام أبنائه، ليتعلموا منه أن المشاعر طاقة يمكن توجيهها نحو الفهم والنمو».
فالتحمّل العاطفي يبدأ من لحظة الوعي بالاختيار: «الإنسان الواعي يدرك أنه مُخيَّر، وأن له القدرة على تحديد الطريقة التي يتفاعل بها مع الموقف. فعندما نتصرف بدافع الانفعال وحده، نصبح كأننا مأسورون بردود أفعالنا، بينما الوعي الحقيقي يعني أن نمهل أنفسنا لحظة نختبر فيها المشاعر، ثم نقرّر كيف نعبّر عنها بطريقة تحترمنا وتحافظ على توازننا».
ما هي عناصر التحمّل العاطفي؟
تؤكد ميساء الشحادات أن «مهارات التحمّل العاطفي لا تُكتسب بين ليلة وضحاها، بل هي نتيجة وعي وتدريب مستمر على فهم الذات،| وإدارة المشاعر».
وتمايز الاستشارية الأسرية بين التحمّل عبر «المواجهة الصحية لجهة التعرف إلى شعوري وأديره، في حين أن الكبت هو هروب مؤقت يترك أثراً سلبياً، بحيث أنكر شعوري وأدفنه».
وتورد أهم عناصر التحمّل العاطفي، وهي:
- الاعتراف والوعي بالمشاعر بدلاً من إنكارها: أتعرف إلى ما أشعر به وأعطيه اسماً. فحين نسمح لأنفسنا بأن ندرك ما نشعر به ونعيشه بصدق، سواء كان غضباً أو حزناً أو خوفاً، نمنح عقولنا فرصة لتنظيم هذه الانفعالات، بدلاً من أن تتراكم في الداخل. والإنكار، على العكس، يزيد من حدة التوتر ويُضعف قدرتنا على التوازن.
- تنظيم الانفعالات: أهدأ قبل أن أتصرّف. فغالباً ما تتفاقم مشاعرنا السلبية بسبب الطريقة التي نفسّر بها المواقف. وعندما نحاول أن نُعيد صياغة الحدث بوعي مختلف، كأن ننظر إليه من زاوية التعلم لا الهزيمة، فإننا نُقلّل من حدّة الانفعال، ونزيد من مرونتنا النفسية.
- المرونة في الاستجابة: أختار ردّة الفعل المناسبة للموقف وحسب مصلحتي. فحين نتوقف قليلاً لنتأمل ما حدث، ونمنح أنفسنا فرصة للتفكير، نصبح أكثر قدرة على اختيار استجابة، منطقية ومتزنة، وعدم إنتاج ردّ فعل يعبّر عن غضب، أو انفعال مؤقت.
- الأمل والثقة بالنفس: أؤمن بأنني أستطيع اجتياز الموقف.
من الأكثر قدرة على التحمّل العاطفي؟
تجيب ميساء الشحادات: «من المفترض – وغالباً ما يُتوقّع – أن يكون الراشد هو القادر على إدارة مشاعره وتحمّلها، سواء في المواقف الشخصية، أو المهنية. فالتحمّل العاطفي يرتبط ارتباطاً مباشراً بدرجة النضج النفسي التي تمكّن الإنسان من التعامل الواعي مع مشكلاته».
وتشرح: «نتمنى دائماً أن يكون «الراشد فينا» هو من يتولى قيادة الموقف، لا «الطفل الغاضب» الذي يندفع بردّات فعل سريعة، أو عصبية. وكلما تمكن الراشد من فهم مشاعره، وتنظيمها، ازدادت قدرته على التعامل مع مشكلاته بوعي ونضج». لكن هذه المهارة لا تأتي تلقائياً، بل تتطلب وعياً بالذات وتدريباً على «تفعيل الراشد» داخلنا، كما تؤكد الاستشارية الأسرية، وتعقب بالقول: «عندما يواجه الشخص موقفاً ضاغطاً، عليه أن «يرفع الحدث للتفكير»، أي أن يتروى ويفكر قبل أن يختار استجابته، ليكون تصرفه مبنياً على وعي».
وتضيف الاختصاصية: «أنا لا أتعامل من موقع الطفل، بل أستدعي «الراشد» داخلي، الراشد الذي يُحلّل، ويفكّر، ويختار». فالطفل في داخلنا قد تكون قدرته على التعبير محدودة، لكن الراشد يمتلك الخبرة والمعرفة التي تمكّنه من تهذيب الاستجابة، وتحويل الانفعال إلى فهم».
ما الذي يساعدني على التحمّل العاطفي؟
- التعبير بدل الكتمان: لا تحبس مشاعرك بداخلك. احكِ لمن تثق به، أو اكتب على الورق، أو حتى شارك مع نفسك بصوت عالٍ. الكتمان يضاعف الألم.
- قبول المشاعر بدل مقاومتها: الغضب، الحزن، الخوف، كلها مشاعر طبيعية. إنكارها يزيد من تعبنا. تقبّلها هو أول خطوة لتخفيفها.
- تنظيم التنفس والجسد والاعتناء بالنفس: النفس العميق، المشي، النوم الجيد، التغذية المتوازنة، أو ممارسة رياضة بسيطة، تُعيد توازن الجسد،، وتهدئ الذهن، وهي وسائل فعّالة تساعد على تهدئة الجهاز العصبي، وتقوية المرونة النفسية في مواجهة الضغوط.. فأحياناً الجسد هو الذي يخلّص العقل من الدوامة.
- التركيز على الحاضر: عندما يثقل الماضي، أو يقلق المستقبل، أعد نفسك إلى اللحظة الحالية. انظر حولك وتأمل ما لديك الآن.
- العلاقات الداعمة: وجود شخص يسمعك من دون حِكم أو نصائح جاهزة، يساعدك على التحمّل أكثر، ويتيح لك التعبير عن مشاعرك، فيما يُعرف بـ «التفريغ الانفعالي»، ما يرسّخ حالة من الهدوء والتوازن. الدفء الإنساني أقوى من الوحدة.
- البحث عن معنى أعمق: حاول ربط تجربتك بهدف، أو معنى. فحتى الألم عندما يكون له معنى، يصبح أهون وأخفّ على الروح.*الأمل والدعاء: الأمل ليس إنكاراً للواقع، بل نافذة صغيرة تسمح بدخول النور، والدعاء يخفف ثقل القلب، ويمنح راحة نفسية.
