09 أكتوبر 2025

«حديقة المواسم».. بانوراما نباتية تحاكي الفصول الأربعة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تبرز «حديقة المواسم» في أبوظبي كأحد أبرز المشاريع البيئية التعليمية التي نجحت في جمع العلم والسياحة والطبيعة في مساحة واحدة، تنبض بالحياة.

تتجلّى أهمية الحديقة كمنصة للتجربة والبحث والتطوير، ومتنفس يروي لزائريه حكاية تنوّع بيولوجي استثنائي، من خلال تصميم مدروس يدمج جماليات المشهد الطبيعي والبعد العلمي، لتأخذ زوارها في رحلة معرفية بصرية تكشف عن عالم نباتي فريد، يجمع بيئات مختلفة، من قارات مختلفة.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

ثلاث بيئات... ورحلة حول العالم دون سفر

تقول المشرفة على الحديقة، الدكتورة نجوى الحجار «تقسم الحديقة إلى ثلاث مناطق رئيسية، تمثل أنماطاّ نباتية مختلفة من العالم. الأولى تحتضن النباتات الاستوائية (Tropical)، بينما تعكس الثانية روح النباتات المتوسطية (Mediterranean)، فيما تحاكي الثالثة عالم النباتات متساقطة الأوراق (Deciduous)، وبين هذه المساحات تتوزع نباتات طبية، وأخرى للزينة، إضافة إلى نباتات داخلية نادرة، لتصنع مجتمعة رحلة معرفية وسياحية متكاملة، تتيح للزائر التعرف إلى هذه البيئات المختلفة، من دون أن يغادر مكانه».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

مساحات تجمع بين الوظيفة والجمال

على مساحة تقارب 53 ألف متر مربع، تمتد الحديقة لتشكل لوحة طبيعية مترامية الأطراف. ويحتل البيت الزجاجي، قلب المشروع، مساحة تصل إلى 26 ألف متر مربع، ليكون بمثابة المنطقة الداخلية التي تجمع الزوار تحت سقف واحد، حيث تتوزع فيها المرافق الخدمية، من استراحات ومطاعم، بشرفات تطل على مشاهد نباتية آسرة. أما المساحة الخارجية، والتي تمتد على نحو 35 ألف متر مربع، فتمنح الزائر فرصة الانغماس المباشر في الطبيعة المفتوحة، عبر مسارات خضراء، وحدائق موضوعية، تحاكي تنوّع البيئات العالمية، ما يجعل من زيارة الحديقة تجربة متكاملة تمزج بين جماليات التصميم، وسحر الطبيعة في أجمل صورها.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

تنوع نباتي وانسجام بيئي

توضح د. نجوى «تحتضن الحديقة أكثر من 150 نوعاً من النباتات، تتوزع بين الأشجار، والشجيرات، والنباتات الموسمية، وأزهار القطف، ونباتات الزينة، جمعت من بيئات متباينة، ومناخات متنوّعة، لتقدم للزائر بانوراما نباتية فريدة تعكس ثراءً حيوياً استثنائياً. هذا التنوع لا يقتصر على إبهار العين بجماله البصري، بل يشكل أيضاً تجربة علمية حقيقية، إذ تلتقي نباتات من قارات بعيدة لتعيش في انسجام داخل منظومة واحدة، ما يجعلها نموذجاً حياً للتكامل بين العلم، والطبيعة، والجمال».
لكن تحقيق هذا التنوع لم يكن سهلاً، وتكشف «بعض النباتات تحتاج إلى محاكاة أربعة فصول مناخية كاملة لتتكيف، ما فرض على فريق العمل متابعة دقيقة على مدار الساعة، مع مراقبة المتغيرات الحيوية للنباتات، ليلاً ونهاراً، بما في ذلك عمليات التمثيل الضوئي، والتنفس، وتفاعلها مع المناخ داخل الحديقة، من أجل تحقيق توازن جمالي وبيئي، يضمن استمرار هذا التنوع بشكل مستدام».

وتشير د. نجوى «لا يخلو هذا التنوع النباتي من التحدّيات، خصوصاً في ما يتعلق بمكافحة الآفات الحشرية، والأمراض النباتية التي تهدّد بعض الأنواع الحساسة. لكننا وبالتعاون مع فريق العمل والخبرات والأساليب العلمية الحديثة، تمكنا من تجاوز هذه العقبات وتحقيق نتائج إيجابية، ضمنت للنباتات بيئة صحية متوازنة، ما أتاح للأنواع المختلفة التعايش بانسجام داخل منظومة طبيعية واحدة، محولاً الحديقة إلى فضاء حي نابض بالحياة، يتيح للزوار القيام برحلة افتراضية بين مناخات وبيئات متباعدة، كأنهم يجوبون العالم من دون أن يغادروا المكان».

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة

مساحة للعلم والسياحة

إلى جانب دورها البيئي والعلمي، تبرز الحديقة لتكون أحد المقاصد السياحية والتعليمية الرائدة، تكشف د. نجوى «تفتح الحديقة أبوابها أمام الجامعات والمدارس من خلال برامج زيارات تعليمية، تتيح للطلاب التعرف عن قرب إلى التنوّع النباتي، وطرق العناية بالنباتات. وإضافة إلى الأنشطة الاجتماعية الموجهة لكبار السن، تمنحهم فسحة من الترفيه والتواصل وسط بيئة طبيعية، إلى جانب استضافتها وفوداً دبلوماسية، من بينها السفارة التايلندية، والوفد الإيطالي، وزيارات من بلديات وخبراء من منظمات محلية مختلفة».

* تصوير: السيد رمضان