12 أغسطس 2025

مهندسة الديكور سلمى كابس: أسلوبي توازن مدروس بين البساطة والفخامة

محررة الموضة والجمال

مجلة كل الأسرة

من مصر بدأت مهندسة الديكور سلمى كابس، فاكتسبت أساسيات العمل الميداني التي ساعدتها على بناء مسارها، التحقت بكلية الفنون التطبيقية، وتخصصت في قسم التصميم الداخلي، حيث وجدت في هذا المجال المساحة التي تعبّر عن شغفها الحقيقي. وبعد التخرّج، انتقلت إلى دولة الإمارات، وبدأت هنا مرحلة جديدة من مسيرتها المهنية، عملت خلالها على تأسيس علامتها التجارية الخاصة، وتنفيذ مشاريع تعبّر عن رؤيتها، وتترجم شغفها بهذا الفن.. كان لنا معها هذا الحوار لنتعرف أكثر إلى رحلتها.

مجلة كل الأسرة

كيف اكتشفت حبّك لعالم التصميم الداخلي؟

بدأت رحلتي مع التصميم الداخلي في سنٍّ مبكرة. كانت أول تجربة لي حين قررت أن أصمم غرفتي بالكامل، وأنا في الرابعة عشرة من عمري، ومنذ تلك اللحظة، أدركت أن هذا المجال ليس مجرّد هواية عابرة، بل شغف حقيقي ينتمي إلى عالمي. وقد كان لأسرتي دور كبير في غرس الثقة بداخلي، إذ منحتني الحرية الكاملة لاختيار كل تفاصيل الغرفة، وتصميمها بنفسي في هذا العمر الصغير. ومنذ طفولتي، كنت أهوى الرسم وتنسيق الألوان، وكنت أستمتع بإعادة ترتيب أثاث غرفتي، بين الحين والآخر. هذا الميل الفطري إلى الجمال والتنظيم كان دليلي الأول نحو التصميم.

مجلة كل الأسرة
مجلة كل الأسرة


ما هو مصدر إلهامك الذي تستقين منه أفكاراً لتصاميمك؟

استوحي أفكاري من مصادر متعدّدة، لكن يمكن القول إن السفر هو أكثر ما يُلهمني ويُثري خيالي التصميمي. كل مدينة أزورها، وكل مكان أعيش فيه، يحمل طابعاً خاصاً، وثقافة بصرية مميّزة تترك بصمة في ذهني. أحب أن أستكشف التفاصيل الصغيرة في المعمار، الألوان، الخامات، وحتى طريقة تفاعل الناس مع المساحات. كما أنني أستلهم كثيراً من الطبيعة، فهي المدرسة الأصدق في التناغم بين الألوان، الضوء، والملمس. وأؤمن بأن التصميم الحقيقي لا ينبع من الخيال فقط، بل من الشعور؛ من فهم نمط حياة العميل، والقدرة على ترجمة احتياجاته إلى مساحة تحمل الجمال والوظيفة، في آنٍ واحد.

تحقيق التوازن بين الجودة العالية والميزانية المتاحة تحدّياً متكرّراً، بخاصة عند السعي لتقديم نتيجة فاخرة بخامات مدروسة بعناية

وما هي أبرز التحدّيات التي تواجهك أثناء تنفيذ المشروع؟

من أبرز التحديات التي أواجهها أثناء تنفيذ المشاريع الاهتمام الشديد بالتفاصيل الدقيقة، إذ إن أيّ خلل بسيط في التشطيبات أو المقاسات، قد يؤثر في جودة النتيجة النهائية. كما أن إدارة الوقت والتنسيق مع فرق العمل والموردين تتطلب متابعة يومية، لضمان الالتزام بالجداول الزمنية، من دون الإخلال بمستوى التنفيذ. كذلك يُعد تحقيق التوازن بين الجودة العالية والميزانية المتاحة تحدّياً متكرّراً، بخاصة عند السعي لتقديم نتيجة فاخرة بخامات مدروسة بعناية. ولتحقيق أعلى درجة تطابق بين التصميم والتنفيذ، يتطلب الأمر تواجداً مستمراً في الموقع، وإشرافاً دقيقاً في كل مرحلة من مراحل المشروع.

مجلة كل الأسرة

كيف تصفين لنا أسلوبك الذي تتميزيّن به؟

أصف أسلوبي التصميمي بأنه توازن مدروس بين البساطة الراقية، والفخامة الهادئة. وأسعى دائماً إلى خلق مساحات تُشعِر الإنسان بالراحة والانسجام، من دون أن تُفقد الحس الجمالي أو العمق البصري.

أولي اهتماماً بالغاً باختيار الخامات، والإضاءة الطبيعية، وتوزيع الألوان بعناية، بحيث تعكس كل تفصيلة شخصية العميل، ونمط حياته، مع الحفاظ على روح التصميم، ورؤيتي الخاصة.

أؤمن بأن التصميم الناجح لا يعتمد على المظهر فقط، بل على الإحساس الذي يتركه المكان في النفس، ولذلك أحرص على أن تحمل مشاريعي لمسة دافئة، ومتّزنة، سواء كانت بسيطة، أو معاصرة، لتكون أقرب إلى تجربة معيشية متكاملة، لا مجرّد شكل جميل.

مجلة كل الأسرة

ما هي أهم المشاريع التي تعتزين بها؟

في بداياتي، قرّرت يوماً العمل في «كوفي» لتغيير الروتين. هناك تعرّفت إليّ عميلة، وطلبت مني تصميم غرفة نومها، من دون أن أعلم أنها شخصية مؤثرة على وسائل التواصل.

نفّذت التصميم بدقة، وكان مطابقاً تماماً لما تم الاتفاق عليه. بعد نشرها لتجربتها، حصلت على تفاعل كبير، وبدأت منها انطلاقتي الحقيقية. أعتز بهذه التجربة لأنها جاءت بشكل عفوي، لكنها كانت سبباً في فتح أبواب جديدة لي في هذا المجال، ولأنها تذكّرني دائماً بأن الفرص قد تأتي في أبسط اللحظات، وأن الإخلاص في العمل هو أفضل وسيلة للتقدّم.

ما هي الرسالة التي تقدمينها من خلال تصاميمك؟

أؤمن بأن التصميم الداخلي ليس مجرّد ترتيب عناصر داخل مساحة، بل هو رسالة شعورية تُترجم إلى واقع ملموس. من خلال تصاميمي، أسعى إلى خلق أماكن تُشبه أصحابها، تعبّر عن شخصياتهم، وتُشعرهم بالراحة والانتماء. فرسالتي هي أن يكون كل تصميم تجربة متكاملة، لا تكتفي بالجمال الظاهري، بل تُحدث أثراً حقيقياً في حياة من يعيش فيه. أحاول دائماً أن أوازن بين الذوق، والوظيفة، والهدوء، لأقدّم تصاميم تضيف قيمة إلى يوم الإنسان، وتجعله يشعر بأن بيته هو ملاذه الحقيقي.

مجلة كل الأسرة

كيف تحققين التوازن بين رغبة العميل وأحلامه من جهة، والواقع من جهة أخرى؟

التوازن بين أحلام العميل والواقع هو من أكثر الجوانب دقّة في التصميم الداخلي، ويتطلب فهماً عميقاً لما يريده العميل، إلى جانب تقييم دقيق لإمكانات المشروع وحدوده. أبدأ دائماً بالاستماع جيداً لرغبات العميل، وأسلوب حياته، ثم أعمل على ترجمتها إلى حلول عملية قابلة للتنفيذ، من دون أن أفقد جوهر الرؤية الأصلية. أشرح له ما يمكن تحقيقه فعلياً، وما قد يحتاج إلى تعديل، مع اقتراح بدائل تحافظ على روح الفكرة، وتنسجم مع الواقع. وأؤمن بأن المصمم الجيد لا يفرض رأيه، بل يبني جسراً بين الحلم والإمكانية، ويقدم تجربة تصميمية متوازنة تجمع بين الجمال والوظيفة، وبين الذوق الشخصي والاحتراف التقني.

كيف تعكسين اهتمامك بالاستدامة في عملك؟

أحرص على تطبيق مبادئ الاستدامة من خلال اختيار خامات تدوم طويلاً، وتقليل الهدر، والاستفادة من الإضاءة والتهوية الطبيعية، قدر الإمكان. كما أفضّل التصاميم المرنة التي تُستخدم لسنوات من دون الحاجة إلى تغيير مستمر، لتكون صديقة للإنسان والبيئة معاً.

هل تفضلين الستايل المودرن، أم الكلاسيكي، أم الجمع بينهما؟

أفضّل الجمع بين الأسلوبين، المودرن والكلاسيكي، بطريقة متوازنة وراقية، بحيث أحافظ على أناقة التفاصيل الكلاسيكية، مع بساطة وعصرية الخطوط الحديثة. هذا المزج يمنح المساحة طابعاً زمنياً غنيّاً، وشعوراً بالدفء والراحة، من دون أن تفقد جمالها المعاصر.

في فصل الصيف، ما هي أهم نصائحك لديكور الهواء الطلق؟

أنصح باختيار أثاث خارجي مريح، ومصنوع من خامات مقاومة للعوامل الجوية، مع استخدام أقمشة قابلة للغسل، وسهلة الصيانة. كما أفضّل إضافة عناصر طبيعية، مثل النباتات، والإنارة الدافئة، وخلق جلسة بسيطة بألوان هادئة تبعث على الاسترخاء، مع الاهتمام بتوفير الظل والخصوصية.

ما هي أهم صيحات الديكور في ربيع وصيف 2025؟

من أبرز صيحات الديكورهذا الربيع و الصيف هو التركيز على الطبيعة داخل المنزل، من خلال الألوان الهادئة المستوحاة من الأرض، مثل درجات البيج، الرملي، والأخضر الزيتوني. كما يبرز استخدام الخامات الطبيعية، مثل الخشب الخام، الكتان، والحجر غير المصقول، لإضفاء إحساس بالدفء والهدوء. الخطوط المنحنية ما زالت حاضرة بقوة في الأثاث، إلى جانب القطع ذات التصاميم العضوية المريحة، بصرياً وجسدياً. كذلك يشهد هذا الموسم عودة قوية للألوان المشرقة كلمسات بسيطة، مثل الأصفر الفاتح، والبرتقالي الترابي، لإضفاء طاقة صيفية ناعمة. أما من حيث الإضاءة، فالاعتماد مستمر على الإضاءة الطبيعية، وتوزيعها الذكي، إلى جانب وحدات إنارة ناعمة بلمسات فنية.

مجلة كل الأسرة

ما هي خططك القادمة؟

خُطتي القادمة تتركّز على التوسّع التدريجي في نطاق العمل، مع الحفاظ على الهوية الجمالية والجودة التي تميّز علامتي منذ البداية.

وفي دولة الإمارات، أعمل على تعزيز وجودي من خلال مشاريع أكثر تنوّعاً، تستهدف شرائح مختلفة من العملاء، مع التركيز على التصميم السكني الراقي والمريح.

أما على المستوى الإقليمي، فقد بدأت، أخيراً، بخطوة فعلية نحو السوق المغربي، وهو سوق غني بالثقافة والبصمة الجمالية، ويحمل الكثير من الإمكانات. قمنا بتنفيذ أول مشروع هناك، وكان تجربة ناجحة شجعتني على الاستمرار في هذا الاتجاه. أطمح إلى أن يكون لي حضور فعّال في أكثر من دولة، لكن بأسلوب مدروس، يضمن الحفاظ على المستوى العالي من الجودة، والمتابعة الشخصية التي أؤمن بأنها أساس نجاح أي مشروع تصميم داخلي