
ما المعايير الأساسية التي يعتمد عليها الفرد لتقييم خدمة؟ وهل الأهواء الشخصية للعملاء قد تؤثر، أحياناً، في تقييمهم لخدمات قطاع السفر، أو قطاع الضيافة والفنادق؟ وإلى أيّ مدى يظلم التقييم البعض، ويرفع مستوى شركات؟
هذه الأسئلة، وغيرها، ناقشنا أبعادها مع أفراد وخبراء رصدوا المعايير الحقيقية للتقييم، ومدى مطابقتها للواقع، ومدى مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في بلورة صورة، واقعية أو مضلّلة، حول تقييمات تتأرجح بين الترويج والهدم في آن، حتى ليكون السؤال: هل أختار الأرخص، أم الأعلى تقييماً، وهل التعليقات المنشورة حقيقية أم مدفوعة؟

تعمل شريفة البادي في مجال التسويق والعلاقات العامة، وتفضّل أن تدوّن تعليقاً عن خدمة ما، من دون أن يرد اسمها، تقول: «في العادة، لا أحبّذ «غوغل ريفيوز»، وأعتبرها ظاهرة غير صحية. فأن يعمد موظف إلى الطلب من الزبائن تقييم خدمة ما، لتقييم أدائه هو نوع من الذل، لأن التقييم الإيجابي يعود بالنفع على الشركة، وترك الحرية للناس لاتخاذ قراراتهم هو العمل الصائب، لا إرغامهم على تقييم لا تترتب عليه مزايا إضافية للموظف».
وتتوقف البادي عند أهمية التجربة لكون «التقييم قد لا يقدم الصورة الحقيقية للواقع»، لافتة إلى أن بعض الشركات تعمد إلى الحصول على «تقييمات مدفوعة»، في وقت تحكم الأهواء الشخصية في بعض الأفراد «يلحق الظلم بمشروع بأكمله، ويؤذي سمعة شركة ما، من دون وجه حق»، مؤكدة أنه «في حال رغبت في إبداء وجهة نظري السلبية، أتواصل مع الإدارة مباشرة لتبيان الأسباب، والوقوف على الحل».

لطالما كان وسام خالد، مدير مساعد في مجال العلاقات الإعلامية، موضوعياً في تقييمه، ولا يستند إلى أهوائه الشخصية، مضيفاً «التقييم يعتمد على الخدمات ومدى جودتها، وعندما أكتب تعليقاً سلبياً فهذا يعود إمّا إلى رداءة الخدمة التي تلقيتها، وإما لعدم تجاوب الشركة، أو مقدم الخدمة مع متطلباتي».
ويرى خالد أن التقييم يلعب دوراً مؤثراً في الحكم على خدمة في قطاع ما، ومن ذلك قطاع السفر، إلا أنّه يرفض أن «تتحكم الأهواء الشخصية في تقييمي، أو كتابة تعليق سلبي، بل يتعلق الأمر بجودة الخدمة، وأداء الموظفين، وحسن سير الطلب»، لافتاً إلى أن «الآراء الواردة والتقييمات تعلي من شأن المنتج المقدم، ولكنها قد لا تكون، بالضرورة، كلها حقيقية، أو موضوعية».

يورد مأمون حميدان، الرئيس التنفيذي للأعمال في منصة السفر Wego، المعايير الأساسية التي يجب أن تعتمد عليها شركات السياحة، وتشمل «الشفافية، والجودة، والتخصيص»، موضحاً «نعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتوفير تجربة شخصية للمسافرين، حيث نقوم بتحليل بيانات تفضيلاتهم، وتاريخ البحث، لنقدم لهم توصيات مخصصة، ودقيقة. ومع ذلك، ندرك أن الأهواء الشخصية قد تؤثر في تقييمات العملاء».
وهنا يبرز سؤال: كيف يتم التعامل مع التقييمات السلبية التي لا تعكس بالضرورة، جودة الخدمة، بل تعتمد على تفضيلات فردية؟
يجيب مأمون: «في Wego، نتعامل مع التقييمات السلبية بعقلية منفتحة، ونعتبرها فرصة للتطوير. نقوم بتحليل جميع التقييمات، سواء كانت إيجابية، أو سلبية، لفهم وجهات نظر العملاء. وإذا كانت التقييمات السلبية تعتمد على تفضيلات شخصية، فإننا نعمل على توجيه المسافرين لتجارب تناسب اهتماماتهم بشكل أفضل، من خلال تقنيات التخصيص لدينا».

تُعّد ملاحظات العملاء جزءاً حيوياً من استراتيجية «ويغو»، هذا ما يؤكده مأمون حميدان «نعتمد على أدوات تحليل البيانات والتعلم الآلي، لتحديد مدى رضا العملاء، وتقديم توصيات مخصصة لهم، ونؤمن بأهمية التخصيص لتلبية احتياجات كل عميل على حدة، وهذا النهج يضمن حصول كل مسافر على تجربة تلبّي تطلعاته، سواء كان يبحث عن مغامرات ثقافية، أو رحلات استرخاء، أو تجارب فريدة»، ويقول حميدان، من دون أن يغفل الدور المؤثر لوسائل التواصل الاجتماعي إذ «تعّد سيفاً ذا حدين. فهي توفر منصة لعرض التجارب الحقيقية للمسافرين، لكنها في الوقت نفسه، قد تؤدي إلى خلق توقعات غير واقعية، بسبب الصور المعدلة، أو الآراء المتحيزة».
ويخلص: «في Wego، نعتمد على المصداقية والشفافية، ونشجع المستخدمين على مشاركة تجاربهم الحقيقية، كما نحرص على تقديم معلومات دقيقة، وغير متحيّزة، عن الوجهات والعروض، ما يساعد على بناء صورة واقعية عن خدماتنا».

بدوره، يتوقف خالد عثمان، المدير الإقليمي للعلاقات الإعلامية والمؤثرين في الخليج، عند أهمية التقييم لكونه «يهدف إلى تعزيز مكانة الشركات في مختلف مجالاتها، لا سيما تلك التي تعتمد على تقديم الخدمات للعملاء والجمهور».
وعلى صعيده الشخصي، يعتبر التقييم «إجراء عادلاً إلى حدٍّ ما، خصوصاً عندما يكون مبنياً على تجربة حقيقية، ويورد مثالاً «عندما نحجز في أحد الفنادق، أو نزور مطعماً، أو مكاناً ترفيهياً ما، فإننا غالباً ما نعتمد على الصور والعروض الترويجية، التي قد تكون جذّابة للغاية، وتدفعنا لخوض التجربة. ولكن عند الوصول إلى الموقع الفعلي، قد نجد أن الواقع يختلف كثيراً عمّا شاهدناه. في هذه الحالة، يكون التقييم عادلاً لأنه يعكس الفرق بين التوقعات والواقع».

وقد يرتبط التقييم غير العادل بالتجارب الشخصية، والتي قد تختلف من شخص لآخر، يشرح خالد عثمان: «لنأخذ مثالاً شركة تقدم ميزة الدفع عبر رابط إلكتروني يُرسل للعميل، تسعة من أصل عشرة عملاء أتموا عملية الدفع بسهولة ومن دون أيّ مشكلات تقنية، بينما واجه أحدهم مشكلة بسبب ضعف الاتصال بالإنترنت، أو خلل في البنك، أو عطل في جهازه الشخصي. في هذه الحالة، قد يُقيّم هذا العميل التجربة بشكل سلبي بسبب ظرف شخصي، رغم أن الخدمة نفسها كانت تعمل بشكل سليم لمعظم العملاء»، داعياً إلى التروّي والبحث وراء هذا التقييم للتأكد مما إذا كان منصفاً وحقيقيا، أم لا.