
باتت التحدّيات المعاصرة تشغل طلبة الجامعات، الذين يبذلون جهداً لإيجاد حلول مبتكرة، عبر مشاريع التخرج التي تعكس فهماً عميقاً للقضايا الاجتماعية، والبيئية. فقد تمكّن الخريجون، بفضل التزامهم وتفانيهم، من تحويل أفكارهم إلى مشاريع تصميم احترافية مرتبطة بالواقع، قدّمت مقترحات مسؤولة تواكب العصر، وتعبّر عن رؤيتهم للمستقبل، واستعدادهم لدخول سوق العمل، بثقة وتميّز.

بدورها، احتفت جامعة هيريوت-وات دبي، بطلبة كلية التصميم، من خلال معرض التصميم 2025، الذي شمل مشاريع تخرّج طلبة البكالوريوس في تخصصات العمارة، التصميم الداخلي، الاتصالات البصرية، وترويج العلامات التجارية والأزياء، في حرم الجامعة في مجمع دبي للمعرفة، حيث أشادت البروفيسورة لويز فالنتاين بالمعرض كمنصة لإبراز مواهب الطلبة، واستجابتهم الإبداعية للتحدّيات المعاصرة، فيما أكدت الدكتورة ديمة القوادري أن المعرض يجسّد تطور الطلبة كمصممين جاهزين للعالم المهني.

مساحة تجمع بين الترفيه والتعلّم
صممت الطالبة ليليا سمولينسكايا، في سنتها الرابعة بقسم تصميم العمارة الداخلية، مشروع «Filmic»، كمركز ترفيهي للشباب يتمحور حول السينما، مستوحى من مفاهيم الماضي، والحاضر، والمستقبل. استلهمت فكرته من حدث تقني أثر في استخدام الوقت، فقرّرت تحويله إلى مساحة تجمع بين الترفيه والتعلّم، وتوفّر بيئة آمنة لتعزيز الصحة النفسية، والتواصل الاجتماعي بين الشباب، خصوصاً جيل Z. يضم المشروع مناطق متنوعة تقدم تجارب سينمائية، وورش عمل، وعروضاً تفاعلية، مستهدفاً شريحة واسعة من الاهتمامات. وقد واجهت ليليا تحدّي ابتكار فكرة جديدة خارجة عن المألوف، لكنها تغلبت عليه بدعم أكاديمي مستمر، وملاحظات من أساتذتها، والمجلس الاستشاري، ما ساعدها على تطوير أسلوب تصميم مميّز. ومن خلال العمل على المشروع، طورت مهاراتها في التفكير الإبداعي والتصميم المكاني، وتعلمت كيفية ترجمة الأفكار المعقدة إلى تصاميم ملموسة، وفعالة.

مركز اجتماعي لسائقي التوصيل
قدّمت الطالبة مريم خالد عبد المعطي، في سنتها الرابعة بقسم تصميم العمارة الداخلية، مشروعاً إنسانياً يسلّط الضوء على العزلة التي يعيشها سائقو التوصيل في دبي، رغم تفاعلهم اليومي مع عدد كبير من الأشخاص. تمثلت فكرتها في إنشاء مركز اجتماعي يوفّر لهم مساحة هادئة بعيداً عن ضجيج التكنولوجيا، لتعزيز الروابط الإنسانية، من خلال جلسات تواصل، وقهوة دافئة، تُخفف من الشعور بالوحدة. وقد وجدت مريم حلولاً لتحديات عدّة، منها محدودية المساحة، وتعدّد الخيارات التصميمية، إلى جانب تعلّمها تصميم النموذج الرقمي للمرة الأولى باستخدام 3Ds Max. وقد ساعدها التوجيه الأكاديمي المستمر على تطوير فكرتها، وصقلها. ومن خلال هذا المشروع، طوّرت مهاراتها في التخطيط والتفكير النقدي، والتصميم المكاني، وتعلّمت كيفية التعامل مع التحدّيات بثقة، وصبر.
منشأة بحثية للطاقة المستدامة والمتجددة
أما مشروع الطالبة صديقة أشرف، فهو عبارة عن منشأة بحثية للطاقة المستدامة والمتجددة في منطقة الخليج التجاري، مستوحى من تأثيرات الركود الاقتصادي في دبي عام 2009، بهدف تعزيز النمو الذاتي والتعاون بين القطاعين، العام والخاص. استخدمت الطالبة طابقين من برج «أوبس» كموقع للمشروع، ليكون مركزاً غير ربحي يتيح للجمهور الوصول إلى مصادر تعليمية، وتقنيات حديثة. وقد ترجمت الطالبة صديقة فكرة مجرّدة إلى تصميم مكاني فعّال، واحتاجت إلى تعديلات متعدّدة على الألوان، والإضاءة، مستفيدة من دعم أساتذتها، وأقرانها. وطورت من خلال المشروع مهارات تقنية في التصميم الرقمي، والتعامل مع الطابعات ثلاثية الأبعاد، وأدوات القطع، إلى جانب تعزيز التفكير النقدي، والقدرة على حل المشكلات.

منصة تدعم أصحاب الشركات الناشئة
بدورها، حرصت الطالبة ندى الغبرة على ربط الشركات الناشئة بعالم ريادة الأعمال، من خلال مركز ريادي يوفر بيئة داعمة للتواصل مع الشركات القائمة، والحصول على التوجيه والخبرات. استوحت تصميم المركز من هشاشة النظم البيئية البحرية، وتحديداً حادثة تلوث مياه نخلة جميرا عام 2023، لتعكس أهمية التوازن والتنظيم، وأوضحت أن المشروع يهدف إلى سد الفجوة بين المبتدئين، ورواد الأعمال، وتقديم مساحات مرنة للتعليم، والعرض، والتعاون. فقد واجهت ندى تحّديات في تحويل المفهوم البيئي إلى تصميم مكاني مناسب لمساحة كبيرة، لكنها تخطّتها بدعم من أساتذتها. وخلال العمل طوّرت مهارات بحث وتحليل، وتصميم فني، إلى جانب تحسين قدراتها على التفكير النقدي، والتعامل مع النماذج الرقمية والمادية.

شاشة تفاعلية للمتسوّقين
أما مشروع «SERA»، من الطالبة بيانكا شين آبي بوليدو، فهو شاشة لمس متطورة مدمجة في متاجر البيع بالتجزئة لتحسين تجربة التسوّق، من خلال تمكين العملاء من تحديد مواقع المنتجات بسهولة، وتلقي توصيات شخصية، ما يوفر رحلة تسوّق أسرع، وأكثر متعة. وقد واجهت الطالبة تحدّيات في تصميم واجهة المستخدم، وتجربة المستخدم، لأنها ليست مجال تخصصها الأساسي، لكنها تطورت بتوجيه من أساتذة وخبراء، واستخدمت أدوات جديدة مثل Adobe XD وBlender. المشروع عزز مهاراتها في التصميم الرقمي والتفكير النقدي، وأكد لها أهمية الانفتاح على الملاحظات لتحسين النتائج.

وتعليقاً على مشاريع الطلبة، عبّرت الدكتورة ديمة القوادرى، الأستاذ المساعد في كلية التصميم بجامعة هيريوت وات، في دبي، عن حماسها الكبير لاستضافة الجامعة للفعالية السنوية التي تحتفي بمشاريع طلاب السنة النهائية في الكلية. وأوضحت أن الهدف من المعرض لا يقتصر على تسليط الضوء على إبداعات الطلاب فقط، بل يتعداه إلى معالجة قضايا، اجتماعية وبيئية وتقنية، معاصرة، من خلال التصميم. وأضافت أن هذه الفعالية تمثل فرصة متميّزة لخلق بيئة تفاعلية ملهمة، تعزز من روح الابتكار والعمل الجماعي بين الطلبة. ولفتت إلى أن هذا العام له طابع خاص، إذ يتزامن مع الاحتفال بمرور 20 عاماً على تأسيس فرع الجامعة في دبي، ما يجعل الحدث مناسبة مثالية لتجديد التزام الجامعة بدعم الطلبة، أكاديمياً ومهنياً. وأشارت إلى أن الجامعة تسعى باستمرار لتزويد طلابها بكل الأدوات اللازمة لتطوير مهاراتهم في مختلف تخصصات التصميم، بما يهيئهم بشكل فعّال لمتطلبات سوق العمل المستقبلية.