07 سبتمبر 2025

الأنشطة المدرسية... جسر تواصل بين البيت والمدرسة

محررة في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

تُعد مشاركة الوالدين في الأنشطة المدرسية الخاصة بأبنائهم عنصراً أساسياً في تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتقوية الروابط بين الأسرة والمدرسة. فحضور الأهل ومشاركتهم في الفعاليات التعليمية والترفيهية يمنح الأبناء شعوراً بالأهمية، ويتيح لهم فرصة للتعبير عن مهاراتهم وقدراتهم، في جوّ من الدعم والتشجيع.

من خلال مشاركة الأهل، تتحوّل الأنشطة المدرسية إلى تجربة تربوية متكاملة، تجمع بين المتعة والفائدة، وتفتح المجال للتقارب بين الأهل وأبنائهم، وفهم احتياجاتهم بشكل أعمق، بما يسهم في بناء شخصية متوازنة وواثقة. هذا ما تؤكده فاطمة عابدين، أم لثلاثة أبناء، والتي تحرص على مشاركة أبنائها في جميع الأنشطة المدرسية، سواء كانت فعاليات، أو أياماً مفتوحة، للتفاعل معهم، ورؤيتهم عن قرب، على الرغم من انشغالاتها المرتبطة بعملها في مجال الإعلام، مؤكدة أن مشاركة هذه الأنشطة لا تمر مرور الكرام، بل تترك أثراً في نفوسهم، وتضيف «يشعر أطفالي بالفخر والاعتزاز عندما يروني أتابع ما يقدمونه، هذا الإحساس يدفعهم إلى بذل جهد أكبر، ويمنحهم ثقة بأنفسهم، ويزرع بداخلهم الطمأنينة والأمان. وأذكر عند عودتنا من أحد الأنشطة كانوا يفيضون سعادة وحماساً، واستمروا في الحديث عن تفاصيل ما جرى كأنهم يعيشون اللحظة من جديد، مملوئين بالتفاؤل، ورغبة أكبر للدراسة».

وتصف فاطمة حضورها هذه الأنشطة على أنها رسائل دعم «وجودي يعني أن ما يقومون به هو هام بالنسبة لي، في نفس الوقت كان دافعاً لهم للمشاركة في جميع الأنشطة المستقبلية بحماس أكبر، كما أنها تمنحنا مساحة للحديث، وصنع ذكريات جميلة مرتبطة بالمدرسة، وفتح حوارات للتفاهم والتواصل».

مجلة كل الأسرة

فوائد حضور الأهل الأنشطة المدرسية

من جانبها، كشفت مسؤولة الأنشطة في مدرسة ابن خلدون الخاصة، مشيرة الدسوقي عامر، أن «إشراك الأهل في الأنشطة والفعاليات المدرسية، ركيزة أساسية في رؤية المدرسة الهادفة إلى تعزيز الترابط بين البيت والصف»، وتشير إلى نوع هذه الأنشطة «تجمع البرامج المعدّة بين المتعة والفائدة، وتفتح المجال أمام الطلاب لتجارب تعليمية، مفيدة ومسلية، منها على سبيل المثال، مشاركة الطلاب ذويهم زراعة النباتات المثمرة التي تساعد على تنمية حس المسؤولية ضمن أجواء عائلية بهيجة، ويوم تبادل الثقافات الذي تتيح فيه المدرسة حضور أولياء الأمور للمشاركة، ومساعدة أبنائهم في التعرف إلى ثقافات مختلفة، والانفتاح على التنوع الثقافي للمجتمع الإماراتي، والبيئة المدرسية، كما لم تغفل المدرسة عن دعوة الأسر إلى المشاركة في فعاليات اليوم الوطني الإماراتي التي تدعو إلى غرس قيم الانتماء الوطني، وتقوية شخصية الطالب من خلال أنشطة إبداعية، إضافة إلى مشاريع إعادة التدوير التي تلهم الطلاب ابتكار أدوات وأعمال فنية من مواد معاد استخدامها، وعرضها في يوم تتم فيه دعوة الأهل للمشاركة، والاطّلاع على إبداعاتهم، ما يجعل من التجربة التعليمية أكثر متعة».

وتؤكد مشيرة «مشاركة الأهل أطفالهم في الأنشطة المدرسية يمنحهم الإحساس بالسعادة والفخر، لذلك يحرص كل طفل على أن يظهر أفضل ما لديه أمام زملائه، ما يعزز ثقته بنفسه، ويشجعه على التميّز، ويسهم في تعزيز إحساسهم بالمسؤولية والإنجاز. كما تضفي مشاركة الأهل على العملية والبيئة المدرسية جواً من التشويق والمرح». وتكشف «قد تحول التزامات بعض أولياء الأمور، أو ظروفهم الخاصة، دون حضورهم ومشاركة أطفالهم في الأنشطة، بدورنا كإدارة مدرسة نحرص على أن يبقى جميع الطلاب مشمولين بالرعاية والاهتمام من دون أن يشعر أي منهم بالحرمان، أو النقص مقارنة بزملائه، من خلال دمجهم في أنشطة جماعية ممتعة مع أقرانهم، وأسر زملائهم، من دون استثناء».

ومن خلال تماسّها المباشر مع هذا الواقع، توضح «وجود أنشطة تجمع بين الفائدة والمتعة تكسر الروتين وتمدّهم بالطاقة، تجعل الطلاب يحبون المدرسة، ويشتاقون إليها مقبلين على التعلم بحماس. فمشاركة الأهالي في الأنشطة المدرسية لا تقتصر على كونها فرصة للترفيه، أو التواجد مع الأبناء، بل هي وسيلة تربوية هامة تسهّل على المدرسة والمعلمين فهم طبيعة كل طفل بشكل أفضل، والتعرف إلى احتياجاته الفردية عن قرب. فعندما يتعاون البيت مع المدرسة، يصبح من الممكن معالجة بعض التحدّيات، السلوكية أو التعليمية، بشكل أسرع، وأكثر فاعلية». وتوجز «إن شعور الطفل بالانتماء والدعم النفسي هو حجر الأساس في نجاحه الدراسي، وتوازنه العاطفي، والمدرسة يجب أن تكون الامتداد الطبيعي للبيت، يشعر الطالب داخلها بالأمان والرعاية، تماماً كما يشعر في كنف أسرته. في الوقت نفسه، نؤكد أهمية مشاركة الأهل، سواء بالحضور المباشر، أو بالدعم غير المباشر، لكونهم الركيزة الأساسية في بناء شخصية الطالب، وتعزيز ثقته بنفسه، وربطه بالمدرسة باعتبارها بيته الثاني».

فيما تكشف، محبوبة حسن، رئيس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية في مدرسة أكويلا – دبي" إن إشراك أولياء الأمور في الأنشطة والفعاليات المدرسية لا يُسهم فقط في دعم العملية التعليمية، بل يعزز ثقة الطالب بنفسه ويوطّد الروابط الأسرية ويجعل المدرسة امتداداً طبيعياً للبيت". تشير" أن تنوع الأنشطة التي تُثري اللغة العربية والدراسات الإسلامية، مثل مسابقات حفظ القرآن الكريم، إلقاء الشعر العربي، جلسات السرد القصصي، والطابور الصباحي الذي يعزز القيم العربية والإسلامية، والاحتفالات الثقافية، كالاحتفال باليوم الوطني لدولة الإمارات واليوم العالمي للغة العربية، يجعل الأبناء يشعرون بأن ما يتعلمونه داخل الصف ينعكس مباشرة في حياتهم الواقعية، مما يرفع من تقديرهم لذاتهم ويصقل ثقتهم". تضيف" أن مشاركة الأهالي الفعاليات المدرسية ، تخلق شراكات قوية تتجاوز حدود الفصل الدراسي، تعزز الهوية الثقافية والدينية للأسرة، وتتيح للطلاب رؤية أهاليهم شركاء في رحلة التعلم، ما يسهم في بناء جيل متوازن ذا ثقة وجذور متينة".

مجلة كل الأسرة

بوابة لفهم شخصية الطفل

في هذا السياق، ترى المدرّبة والخبيرة التربوية سارة الشامسي، أن مشاركة الأهل في الأنشطة المدرسية تحمل قيمة مضاعفة، تتجاوز الحضور الشكلي، أو الدعم المعنوي، فهي في جوهرها عملية تربوية متكاملة تفتح للأهل أبواباً جديدة لفهم شخصية أطفالهم، وتطويرها «هذه المشاركات تمنح الوالدين فرصة لاكتشاف اهتمامات أبنائهما وقدراتهم الفردية، حيث تظهر مهارات كثيرة خلال الأنشطة لا يمكن رصدها داخل الصف وحده، مثل روح القيادة في نشاط جماعي، أو قدرة الطفل على التعاون والعمل بروح الفريق، في فعالية رياضية أو فنية». كما أن وجود الأهل في هذه الفعاليات يسهم في متابعة التحصيل الدراسي بشكل إيجابي بعيد عن أسلوب التوبيخ، أو الضغط. فحضور اللقاءات وورش العمل التي تنظمها المدرسة يتيح للأهل الاطلاع على مستوى أبنائهم الأكاديمي بشكل مباشر، ومناقشة المعلمين حول التحديات والاحتياجات، ما يمكنهم من تقديم دعم منزلي مناسب يتماشى مع قدرات الطفل وإمكاناته، بما يعزز من كفاءة العملية التعليمية، ويقوي جسور التواصل بين الأسرة والمدرسة».

وعن تأثير وجود الأهل في نفسية الطفل، تكشف سارة الشامسي «يمنح هذا الحضور الطفل إحساساً كبيراً بأهميته بين زملائه، وأقرانه. فحين يرى الطالب والديه يتابعان أداءه، ويهتمان بما يقدمه، يشعر بأن جهوده مقدّرة، وأن نجاحه ليس مجرّد أمر عابر، بل قيمة حقيقية تلتفت إليها الأسرة والمدرسة، ما يعزز تقدير الطفل لذاته، ويزيد من شعوره بالانتماء، ويجعله أكثر حماساً للمدرسة، وتفاعلاً مع الأنشطة، فكلمات التشجيع بعد مباراة رياضية، أو عرض فني، تمثل أكبر مكافأة معنوية للطفل، تدفعه إلى الثقة بنفسه، وتفتح أمامه مساحة للمبادرة والإبداع».

وتلفت الخبيرة التربوية «مشاركة الأهل تؤثر إيجابياً في جميع جوانب حياة الطالب داخل المدرسة، فهي لا تتوقف عند تعزيز ثقته بنفسه، أو دعمه الأكاديمي فحسب، بل تنعكس أيضاً على سلوكه اليومي. فتلك المشاركة تشجع الطفل على التعاون مع زملائه، والالتزام بالقوانين والأنظمة، بخاصة في الأنشطة الجماعية، مثل المباريات الرياضية التي تعكس أهمية اللعب بروح الفريق، والروح الرياضية. كما تسهم هذه المشاركة في تحويل المدرسة إلى بيئة محببة ومرحبة، تتجاوز كونها مجرّد مبنى للدراسة، لتصبح مساحة ممتعة للتعلم، تمنح الطالب شعوراً بالراحة والانتماء». وتختم «إن حضور الأهل يرسّخ قيماً مدرسية داخلية، مثل الاحترام والانضباط، ليس بدافع الخوف من العقاب، بل نتيجة إدراك الطفل لجدية أسرته تجاه العملية التعليمية، ما يدفعه إلى التعامل مع هذه القيم كجزء أساسي من حياته، وليست مجرد تعليمات مفروضة».