20 أغسطس 2025

في عصر التطور السريع... هل أصبح تمرّد الأبناء على الآباء ظاهرة اجتماعية؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

«من يربّي الآخر؟»، تساءلت إحدى الأمّهات وقد ترقرقت الدموع في عينيها، بسبب تعنّت ابنها البالغ من العمر أربعة عشر عاماً، ومحاولة فرض رأيه عليها بصوت مرتفع.

الأبناء يضعون اللوم على الآباء والأمّهات، وهؤلاء يلقون باللائمة على التطور التقني، وعلى مواقع التواصل، ما الذي نتوقعه؟ كفّة من سترجح في زمن بات فيه قليل من الأبناء يدركون خطورة التمرّد على الآباء والأمّهات، وقليل من الآباء لا يعلمون ما يجري مع أبنائهم في الغرف المغلقة، وأمام الشاشات؟

ظاهرة عصرية

في الواقع، تحوّل تمرّد الأبناء على آبائهم وأمّهاتهم إلى ظاهرة اجتماعية يواجهها العديد من الأسر، حيث يظهر الأبناء سلوكات معارضة لأوامر وتوجيهات الآباء، الأمر الذي يسبب حيرة وقلقاً لدى الآباء والأمّهات. وقد تشير هذه الظاهرة إلى مشكلات عميقة داخل الأسرة، أو قد تكون انعكاساً لما يحدث من تغيّرات، اجتماعية وثقافية.

أسباب لدى الوالدين تجعل الأبناء يتمرّدون

أخطاء تربوية

مجلة كل الأسرة

1- الشدة والضغط

قد يقع الآباء والأمّهات في أخطاء تربوية وهم لا يدركون نتائجها التي تظهر فيما بعد، فيصبح الطفل مثل بركان يتأهب للانفجار في أيّ لحظة. فالشدّة الزائدة خطأ تربوي يؤدي إلى تمرّد الأبناء، كردّ فعل على الضغط الذي يتعرضون له، ليثبتوا لكل من حولهم أنهم قادرون على اتخاذ قراراتهم من دون الرجوع إلى أيّ من الكبار، فيصبح الرفض عنواناً لمسيرتهم في الحياة، خصوصاً خلال مرحلة المراهقة.

2- الإفراط في الدلال

قد يؤدي التساهل، أو الدلال الزائد، إلى جعل الأبناء غير قادرين على تحمّل المسؤولية فيعتمدون على الآخرين في كل شيء.

3- غياب الحوار

آباء وأمّهات كثر لا يعملون على بناء حوار مع أبنائهم، الأمر الذي يبعد الأبناء عنهم، ويجعلهم يبحثون عن أصدقاء خارج نطاق الأسرة ليعبّروا عن آرائهم ومشاعرهم، وقد يؤدي ذلك إلى البعد عن ذويهم، وبالتالي إلى النفور والتمرّد.

4- التفريق في المعاملة بين الأبناء

عن قصد، أو عن غير قصد، قد يفضل الأبوان طفلاً على آخر، فيدلّلانه على حساب أخيه، ويقارنانه دائماً به، الأمر الذي يولّد لدى الطفل المهمل شعوراً بالنقص، وعدم الثقة بالنفس، فيصبح محبطاً ومتمرّداً.

مجلة كل الأسرة

المشكلات العائلية

يظنّ الكثير من الأزواج أن مشكلاتهم وخلافاتهم تخصّهم وحدهم، فيسود الصراخ والنقد والتجريح أجواء الأسرة التي يشاركهم فيها طفل، (أو أكثر)، يمتصّ كل ما حوله كما تمتص الإسفنجة الماء، وتعلق رواسب الغضب والتمّرد في جوانب نفسيته، فيصبح مقلداً لما يدور حوله، وهو لا يدري ما فعل به أبواه، أو قد يصبح متمرّداً على ذلك الشعور بالخوف الذي ينشأ مع كل خلاف بين أبويه.

تأثيرات خارجية

الأصدقاء والأصحاب لهم تأثير قوي في تشكيل شخصية الطفل، خصوصاً في مرحلة المراهقة، وقد يدفع هذا التأثير الأبناء إلى تبنّي سلوكات متمرّدة.

وسائل الإعلام

فيسبوك، تيك توك، واتساب، سناب شات، أفلام العنف، أو الألعاب الإلكترونية العنيفة، الصور والفيديوهات التي يتعارض معظمها مع التقاليد والعادات... تؤثر في سلوك الأبناء، وتزيد من عدوانيتهم وتمرّدهم.

الرغبة في الاستقلالية

في مرحلة المراهقة، يشعر الابن بحاجته إلى الاستقلالية والتخلص من سلطة الأبوين، وقد يدفعه هذا الشعور إلى التمرّد ليثبت قدرته على التحكم في قراراته.

الحل؟

أوّل خطوة نحو حل مشكلة تمرّد الأبناء، تكمن في مدّ جسر للتواصل معهم، ومع أن ذلك يتطلب جهداً كبيراً، وصبراً طويلاً، لكنه يُعد اللبنة الأولى في كسر الحواجز بين الأبوين وابنهما. وبناء التواصل يتطلب الصبر، والتفهم، والاستعداد للاستماع الفعّال، وإظهار الاهتمام الحقيقي بأفكار الولد، ومشاعره.

وينصح الخبراء الوالدين بـ:

أولاً: تجنب مقاطعته عندما يريد التعبير عن أفكاره ولو كانت متناقضة مع أفكارهما، كما يجب منحه كامل الانتباه، فإن هذا يرسخ الشعور لديه بأنه مسموع ومحترم.

ثانياً: لا بدّ من فهم الأسباب الكامنة وراء التمرّد، سواء كانت نفسية، أو اجتماعية، أو أسرية.

ثالثاً: إن وضع القواعد ورسم الحدود يجب أن يتناسبا مع عمر الابن وطبيعته، مع العمل على دعمه عاطفياً، وإشعاره بالحب والتقدير.

رابعاً: على الآباء تشجيع أبنائهم على الاستقلالية، وإعطاؤهم مساحة من الحرية، مع مراقبتهم عن بعد، وتوجيههم عند الحاجة.

من ناحية أخرى، لا بدّ أن يكون الوالدان قدوة حسنة لأبنائهما في كل أفعالهما وألفاظهما. ثم، على الوالدين التحلي بالصبر والمثابرة في التعامل مع الأبناء، فالتغيير قد يستغرق وقتاً!

وفي النهاية، لا بدّ من القول إن أسباب التمرّد تختلف من ولد إلى آخر، حسب شخصية الابن، واحتياجاته الفردية.