
مع أن المهارات الحركية الدقيقة تلعب دوراً محوريا في تحضير الطفل للكتابة، إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. إنها لحظة فارقة تُشعِر الآباء بالفخر: المرة الأولى التي يكتب فيها طفلهم اسمه بصعوبة، وهي بداية للعديد من لحظات الطفولة الهامة.
إذا كنت ترغب في مساعدة طفلك على تعلّم الكتابة، فقد تفكّر في أن تطلب منه محاولة نسخ الأشكال، أو تتبع الخطوط المنقّطة لحرف ما. لكن تعلّم الكتابة أكثر من ذلك بكثير، فهي تتطلب مهارات حركية دقيقة باستخدام اليدين، ويمكن ممارستها من خلال خيط الخرز، ولفّ عجينة اللعب، وتكديس المكعبات.
ومع أن المهارات الحركية الدقيقة تلعب دوراً محورياً في تحضير الأطفال للكتابة، إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد. فالكتابة اليدوية عملية نموّ معقدة، ويتضمن التحضير للكتابة اليدوية أيضاً تنمية المهارات الحركية الكبرى الأساسية، إضافة إلى المهارات الإدراكية البصرية.
في ما يلي 5 طرق لا تخطر على بالك لمساعدة طفلك على الاستعداد للكتابة اليدوية:

1- اصطحبه إلى ساحة اللعب
قد لا يبدو الأمر بديهياً، لكن الذهاب إلى ساحة لعب الأطفال يُعدّ تحضيراً مثالياً للكتابة اليدوية. توفر كل هذه المساحة المفتوحة، ومعدّات التسلق فرصاً وافرة للأطفال الصغار لتطوير مهاراتهم الحركية الكبرى.
تشمل المهارات الحركية الكبرى عضلات الجسم الكبيرة، التي تُعد ضرورية للتوازن والثبات، إضافة إلى تحسين وضعية الجسم، والتنسيق. فكّر في تمارين «قضبان القرد»، فهي طريقة رائعة وممتعة لتطوير ثبات الكتف، ما يسمح بتحكم أكبر في الحركات الحركية الدقيقة، لليدين والأصابع.
ومن العناصر الهامّة الأخرى للمهارات الحركية الكبرى ما يُعرف بعبور خط الوسط، وهو خط وهمي يمتد أسفل مركز جسم الطفل، ويلعب دوراً محورياً في تطوير سيطرة اليد، حيث يتعلم الأطفال مدّ أيديهم عبر أجسادهم للكتابة. هل يستطيع طفلك التعلق بـ«قضبان القرد»، ويداه متقاطعتان؟ هذا تمرين رائع لعبور خط الوسط.
كل هذه المساحة المفتوحة، التي تتخللها معدّات ملعب ضخمة ومتعدّدة، توفر للأطفال فرصة مثالية لتطوير وعيهم المكاني، فالطفل هنا ينحني، ويغوص، وينحرف لتجنب العوائق القادمة. ويلعب الوعي المكاني دوراً رئيسياً في تشكيل الحروف، ووضعها، وتشكيل حجمها، إضافة إلى إتقان تباعدها ومحاذاتها في الصفحة.

2- امنحه مساحات فارغة كثيرة
من خلال رسم العلامات والخربشة في المراحل المبكرة، يستكشف الأطفال مجموعة من الحركات، والأشكال. هذه المرحلة المبكرة من رسم العلامات أساسية في إرساء أسس تطوير خط اليد، حيث يطور الطفل وعياً متزايداً بالمساحة، ومكانه فيها.
ابحث عن مساحات فارغة كبيرة، داخل منزلك وخارجه، يمكن للأطفال استخدامها لرسم العلامات والرسم. انسَ دفاتر التلوين، وفكّر بدلاً من ذلك في أقلام طباشير كبيرة على أرصفة مفتوحة كبيرة، أو لفافات ورق على مساحة أرضية مفتوحة، أو أوراق كبيرة فارغة على حامل.

3- علّمه كيف ينظر بعناية
فكّر في أن تطلب من طفلك الصغير نسخ شكلٍ أو حرفٍ باستخدام قلم رصاص. قل له «فقط انسخ الشكل، الأمر بسيط، أليس كذلك؟».. المشكلة هي أن الأمر ليس بهذه البساطة.
يبدأ الأمر بالإدراك البصري، وهي العملية التي يستخلص بها الدماغ المعلومات، وينظمها، مُعطياً معنى لما نراه، فهذا يُحوّل، مثلاً، مجموعة من الخطوط إلى مربع. التكامل البصري الحركي هو القدرة على تنسيق المهارات الحركية الدقيقة، والمهارات الإدراكية البصرية لإنتاج الحرف، أو الشكل، أو الرقم بطريقة واضحة.
يُمكّن العنصر البصري الأطفال من التمييز بين أشكال الحروف للتعرف إلى خصائص كل حرف، وتحديد اتجاهه.
كما يُمكّن العنصر الحركي الطفل من تنفيذ التسلسل اللازم من الحركات لتشكيل الحرف.
ومن خلال توفير العديد من الفرص للأطفال الصغار لتطوير مهاراتهم الإدراكية البصرية، يُمكنك مساعدتهم على الاستعداد للكتابة اليدوية. فكّر في كتب الصور الغنية بالرسومات، وأحجيات الصور المقطوعة، فهذه الكتب تُساعد الأطفال على فهم معاني العلامات، والأشكال. كما يُعدّ اختيار الأشكال، والأرقام، والحروف، في الشارع أثناء ذهابكم معاً إلى المتجر، فرصة جيدة أيضاً.

4- عرّفه الأشكال قبل الحروف
قد يكون من المغري اقتناء كتاب تدريبي ملوّن الحروف الأبجدية، مزود بسبورة بيضاء سهلة التنظيف، لمساعدة طفلك على تعلّم الكتابة. لكن لا تضعه في سلّة التسوق الآن. قبل أن يكون الأطفال مستعدين لكتابة الحروف رسمياً، يجب أن يكونوا قادرين أولاً على نسخ تسعة أشكال هندسية.
تُعد القدرة على نسخ الأشكال الهندسية في الأبحاث مؤشراً على جاهزية الطفل للكتابة. يجب تأجيل التدريب على الكتابة اليدوية الرسمية حتى يتمكن الطفل من نسخ خط عمودي، وخط أفقي، وخطّين متقاطعين، ودائرة، وخط مائل أيمن، ومربّع، وخط مائل أيسر، وخطّين متقاطعين مائلين، ومثلث، بنجاح.

5- تخلّص من أقلام التلوين المكسورة
أكثر ما يُزعج الطفل الصغير أقلام التحديد الباهتة، أو أقلام التلوين الباهتة، أو علبة أقلام تلوين مكسورة، أو متضرّرة. وقد وجد الباحثون أن جودة أدوات الكتابة تُحفّز الكاتب المُتردّد على تجربتها.
إنّ توفير مجموعة مُتنوّعة من أدوات الكتابة، الجديدة والمُمتعة، للأطفال، يُعزّز دافعيتهم للكتابة، ويزيد من استمتاعهم بها. قد تكون هذه الأدوات أقلام تلوين زاهية الألوان، أو أقلام جل، أو أقلام تحديد، أو أقلام تلوين سحرية، أو حتى أقلام تلوين معطّرة، ولا تنسَ ألوان الأصابع. فكلما زادت الفوضى، كان ذلك أفضل.
اقرأ أيضاً:
- كيف نكتشف وننمّي مهارات أطفالنا الإبداعية؟
- كيف تكتشف صعوبات التعلّم لدى طفلك؟