لا يعد رسم الأطفال وخربشاتهم العشوائية بلا معنى، فتلك الخطوط هي منفذ لتحليل شخصياتهم واختراق عوالمهم وكشف أسرارهم النفسية والعقلية وسبر أغوارهم وحتى منفذ لتعديل سلوكياتهم في بعض الأحيان، إذ يمكن قياس هذه الأفكار والتعبيرات والألوان على الورق لفهم الواقع النفسي للطفل وقياس نضجه العقلي واختراق عوالمه المفعمة بخيال يستند إلى حقيقة يعيشها.
فالرسم يكشف نقاط القوة والضعف ويسهل التعرف إلى طبيعة علاقة الطفل بالأقران والأهل والغرباء والمعلمين، كما اكتشاف المشكلات النفسية لديهم من خلال الخطوط والألوان ودلالاتها، وهو ما تؤكده الخبيرة والاستشارية التربوية والنفسية زهرة محسن، صاحبة مركز «ليلاس مرسى للسعادة»، والتي تحلل المعاني الكامنة وراء رسومات الأطفال وترصد أبعادها النفسية في استخدام الألوان والخطوط وحتى التموجات والخطوط الأفقية وغيرها.
ما هو علم الجرافولوجي؟
يعد علم الجرافولوجي فرعاً من فروع علم النفس ويدرّس أكاديمياً في الجامعات، وظهرت عدّة محاولات تاريخية لتفسير رسومات الإنسان وخطوطه منذ مئات السنين، وهو علم تحليل الشخصيات من خلال خط اليد، وبما أن الأطفال ليس لديهم القدرة على التعبير، فقد نقرأ أفكارهم من خلال رسوماتهم و«شخابيطهم» وأي خط يخطونه على الورق.
توفير بيئة آمنة للطفل
من الضروري الطلب من الطفل أن يكتب في بيئة آمنة، بعيداً عن أي ضغوط «تحليل رسوم الأطفال يحتاج إلى دقة كبيرة وشروط مهمة حتى لا يقع المحلل في موقف محرج، بحيث لا بد من فهم حالة الطفل الصحية أثناء الرسم ومعرفة وضعه الاجتماعي ومعلومات عن حالته وسبب طلب التحليل.
مراعاة حالة الطفل النفسية
كلما كانت الأجواء مريحة ومشجعة، كلما أبدع الطفل في الرسم، ويجب مراعاة حالته النفسية ألا يكون حزيناً أو مجبراً على الرسم ونهيئ له المكان ونوفر كل المستلزمات ونطلب منه رسمة مع بعض كلمات التشجيع والدعم ولمعرفة فيما يفكر، نطلب منه أن يرسم العائلة والمنزل أو رسم نفسه في المدرسة مع معلميه أو أن يرسم مدى حبه لأصدقائه أو رسم الطبيعة لنعرف مثلاً كيف يرسم الشجرة التي تحمل معاني كثيرة.
دوافع الرسم عند الأطفال
يعتبر الرسم أداة بديلة للغة المنطوقة وشكلاً من أشكال التواصل غير اللفظي وهو وسيلة انعكاس ما بداخل الطفل «الرسم هو طريقة للتواصل غير اللفظي والتنفيس الانفعالي ووسيلة لفهم العوامل النفسية وراء السلوك القائم حيث أثبتت الدراسات النفسية التحليلية للأطفال أنّه من خلال الرسم الحر الذي يقوم به الطفل، يمكن الوصول إلى أمور لاشعورية غير ظاهرة والتعرف إلى مشكلاته وإلى ميوله واتجاهاته وعلاقته بالآخرين سواء في الأسرة أو في المحيط».
يرسم الطفل لدوافع عدة أهمها:
تشرح الخبيرة والاستشارية التربوية والنفسية زهرة محسن «الخطوط والألوان ترسم لنا ملامح واقع يعيشه الطفل وهو واقع قد نكون بعيدين عنه ولا نستطيع كشف أغواره وهذه الخطوط تساعد في فهم ما يعانيه الطفل من مشاعر مكبوتة وصراعات نفسية وتساعد في تعديل سلوكه واكتشاف ميوله».
الرسم يعدّل سلوك الأطفال
من خلال هذه التحليلات، يمكن رصد الأبعاد الفكرية والنفسية للطفل والعمل على تعديل سلوكه «خربشات الأطفال دليلنا إلى فهم نفسياتهم، فهي تكشف مشكلات نفسية وعقلية يعانيها الطفل وبالأخص عندما يرسم الطفل يدين خارجتين من الرأس أو هناك عدم تناسب زائد في الرسمة أو يعمد إلى التكرار الآلي للأشكال إلى قلة التفاصيل وتشتت الأفكار».
أما الأطفال الذين لديهم ميل للعزلة، يلاحظ:
بينما الأطفال الذين لديهم نزعة عدوانية، نلاحظ في رسوماتهم:
على الصعيد التربوي، يستخدم الرسم لتعديل السلوك «ففي حال رسم الطفل أشجاراً من غير ثمار، فهو كريم ولكن لا يعرف كيف يتصرف ويعطي ويحتاج إلى تعلم العطاء، وهنا ندعمه ونساعده من خلال التصدق أو التطوع لتتركز عنده قيمة العطاء».
«وفي حال عمد الطفل إلى رسم شجرة ذات فروع كثيرة فهو شخص اجتماعي وصاحب علاقات واسعة ويمكن الاستفادة منه في وظائف العلاقات العامة، أما رسم شجرة مثمرة فدليل حب الإنجاز وهو صاحب إنجازات ويحب جني الأرباح ويمكن الاستفادة منه في المشاريع التي تحتاج إلى جهد كبير».
دلالات الألوان في رسومات الأطفال
الألوان تعطينا معلومات مهمة عن شخصية الطفل «فالألوان النارية الحادة هي الأحمر ودرجاته والأسود والبرتقالي، والألوان المريحة هي الفاتحة وهي الأصفر والأزرق والوردي الفاتح وتتسم بالهدوء والراحة. وفي هذا السياق، يستخدم الطفل العصبي والقيادي والمغامر والذي يتسم بالقوة والعدوانية والشغب الألوان النارية، ما يعطينا عمقاً في التحليل، في حين أن الأطفال الهادئين يميلون لاستخدام الألوان الهادئة».
تبقى بعض الحالات النفسية التي يمّر بها الطفل وكيف يعبّر عنها بالرسم والشخبطة:
الطفل السعيد: يكثر من رسم الأشكال الدائرية والبيضاوية جميع أنحاء الصفحة بحيث تكون متجهة نحو الأعلى ويرسم أشكالاً مبتسمة.
الطفل القلق: يحصر الرسم في زاوية واحدة من الصفحة وفي الغالب يرسم رسومات نحيفة.
الطفل الحزين: يصغر حجم الرسومات وغالباً ما يرسم بانحدار الأشكال إلى الأسفل والدوائر متجهة للأسفل.
الطفل المرح: يميل لرسم الأشكال العفوية في جميع أنحاء الصفحة ويرسم العين مسحوبة على شكل خط أفقي أو على شكل نقطة ويرسم أشكالاً ضاحكة مرحة.
الطفل الحساس المدلل: يكثر من الرسومات الصغيرة ويرسم الأشكال العفوية دائرية وعلى يمين الصفحة.
الطفل المتوتر: عدم القدرة على ضبط الرسم من حيث الحجم مع تقطيع في الرسومات وعدم استقرارها.
الطفل الذكي: يربط بين الأشكال الدائرية والمستطيلات والمثلثات الواحدة بخطوط مستقيمة ويستخدم ألواناً متنوعة ويرسم التفاصيل في الصورة.
الطفل الغاضب أو العنيد: يرسم أشكالاً حادة كبيرة في أعلى الصفحة أو في وسطها ولا يلتزم بالمساحات المخصصة للتلوين.
ترصد الخبيرة والاستشارية التربوية والنفسية زهرة محس فوائد تحليل شخصية الطفل بالرسم من خلال: