12 مايو 2025

طفل منضبط.. طفل متعب وعنيد.. من المسؤول؟

رئيس قسم الشباب في مجلة كل الأسرة

مجلة كل الأسرة

ليست التربية رحلة سهلة، فهي تحتاج إلى الصبر وتحمّل المشاق، كي ينشأ الأبناء قادرين على تحمّل المسؤولية، واثقين بأنفسهم، قادرين على اتخاذ القرارات.

أساليب تربوية

 تتشكل شخصية الطفل من مزيج من الأساليب التربوية التي يتّبعها الوالدان، فبعضها قد ينشئ طفلاً ذا شخصية قوية، مطيعاً، صادقاً ومحبوباً، وبعضها الآخر قد يكون هدّاماً، يزعزع شخصية الطفل، ويجعله خائفاً، متردّداً، قلقاً، فيتحول إلى طفل عنيد، ومتعب.

الأم والأب بالنسبة إلى الطفل مرآة يرى فيها صورته المستقبلية، فكل التصرفات، والمواقف، والسلوكات التي يقوم بها الوالدان تنعكس في تلك المرآة، فإما أن يعطي الانعكاس شخصية ضعيفة ومهزوزة ، وإما أن يعطي شخصية قوية وواثقة.

مجلة كل الأسرة

طفل متعب ومتمرد

عند خروجه من المتجر مع أمه، سارع الطفل ذو السنوات الأربع، إلى فتح العلبة التي تحوي لعبته الجديدة ، فأفلتت اللعبة من بين يديه، ووقعت على الأرض فتطايرت أجزاء، فما كان من الأم إلا أن صفعته أمام الناس، وراحت تصرخ، وتشدّ أذنه، وتقول: «كم مرة قلت لك لا تفتح العلبة قبل أن نصل إلى البيت!»، وعلا صراخ الطفل، فحارت الأم كيف تسكته.

هذه صورة من صور التربية التي لا يلقي لها الأبوان بالاً، لكنها تكون ذات عواقب وخيمة، قد تحطم شخصية الطفل فيكون عدوانياً، مهزوز الثقة بنفسه. فكيف نصنع مثل هذا الطفل؟

1- النقد الجارح والتسلط

يزرع النقد اللاذع في نفس الطفل الشك والخوف، وعندما يقترن هذا النقد بالتسلط والتحكّم، يفقد الطفل قدراته على التعبير، ويتبنّى سلوكاً دفاعياً، فيصبح عدوانياً ومتمرداً.

2- المقارنة السلبية معول يهدم الشخصية

عندما يقارن الوالدان، أحدهما أو كلاهما، طفلهما بأطفال آخرين، سواء كانوا من الأقرباء، أو من الأتراب الغرباء، فكأنهم يحملون معولاً يحطّمون به شخصيته، ويسحقون كرامته، فهو بهذه المقارنة يشعر بالغيرة، والدونية، والنقص، فتهتز شخصيته، ويفقد الثقة بنفسه، ويلجأ إلى العنف ليقول: «أنا هنا».

3- الحماية الزائدة تنشئ شخصية اتكالية

قد يصل الحب بالأم والأب إلى درجة تجعل الطفل مدللاً، يحصل على كل ما يريده، إن تعثر هُرعت إليه أمه، وإن مشى خافت عليه من السقوط، وإن أراد اللعب مع الأطفال الآخرين منعته، وكلما طلب منها شيئا أحضرته... إن مثل هذا السلوك يبني شخصية اتكالية لا تتحمّل المسؤولية، ويصبح الطفل خائفا من الخطأ، ولا يستطيع اتخاذ القرارات عندما يكبر، ويبقى معتمداً على من يسانده. فالطفل الذي لا يمنح فرصة للخطأ والتعلم منه، يبقى خائفاً متردّداً، وقد يتحوّل إلى قنبلة موقوتة تنفجر في سِن المراهقة.

مجلة كل الأسرة

طفل منضبط وواثق بنفسه

1- الاحترام والمدح نتيجتهما ثقة عالية بالنفس

عندما يؤدي الطفل عملاً، مهما كان بسيطاً، فإن المدح على مجهوده يشعره بالاحترام والتقدير، فيصبح واثقا بنفسه وقدراته، فيبذل في المستقبل مجهوداً أكبر ليحظى بذلك الدعم .

من ناحية أخرى، عندما يشعر الطفل بأنه محبوب في العائلة، ويحسّ بقيمة وجوده فيها، فيسمع الكلام الجميل وعبارات الثناء، فإنه يستزيد من السلوك الجيد، ويصبح حسن الخلق، ومطيعاً، واثقاً بنفسه.

2- التركيز على السلوك الإيجابي يشجع الطفل

عادة، يكرّر الأطفال تصرفات معيّنة لجذب انتباه والديهم، وقد يكون كثير من هذه التصرفات سلبياً، ولو ركّز الوالدان على هذا السلوك ووضعاه تحت المجهر، فإن الطفل قد يكرر ما فعله لجذب المزيد من الانتباه، ويصبح مع الوقت متمرداً. لذا ، يجب تجاهل السلوك السلبي والتركيز على الإيجابي، فإن ذلك يشجع الطفل على القيام بكل ما هو حسن ليحظى بالثناء، ورضا والديه.

3- التكليف بمسؤولية يبني شخصية قوية

ينصح الخبراء بتكليف الطفل بمهمات صغيرة تتناسب مع عمره، على أن يدعمه والداه حينما يجد صعوبة بكل محبة وتشجيع، فحينما يتحمّل الطفل مسؤوليات صغيرة، ويشعر بدعم والديه عند الحاجة يتكوّن لديه إحساس بالقدرة على القيام بأيّ مهمة.

4- الثقة وغرس قيمة الصدق ينمّيان الرقابة الذاتية

تعليم الطفل أهمية الصدق، ومنحه الثقة لا يعنيان غياب الرقابة عنه،  بل هما سقاء لبذرة الخير فيه، كي تنمو فيصبح رقيباً على ذاته، حتى في غياب ذويه.

أهمية التربية السليمة

لا تقتصر التربية السليمة على حلّ المشكلات التي يتعرض لها الطفل، سواء مع والديه، أو في المدرسة  أو مع الغرباء، فكل تصرف، وكل كلمة، وكل رد فعل، تشكل لبنة في بناء شخصية الطفل، كما أن إحساس الطفل بالمحبة والاحترام يجعله سعيداً، واثقاً بنفسه، فعلى الوالدان التحلي بالصبر، والتعامل مع الطفل بهدوء ومرونة، من دون تخويفه،وإهانته، فبالتعامل السليم والتوجيه الصحيح نبني شخصية مستقلة، وقوية، قادرة على اتخاذ القرارات، وتقود إلى النجاح.