تهدئة بكاء الرضيع هو شغل الأمهات الشاغل.. في البداية يجب أن نعرف الأسباب وأن نعالجها بطريقة فعالة ومناسبة، فإذا لم نفعل ذلك سنظل نتخبط في عملية العثور على حلول مع تصاعد بكاء الطفل.
يقدم لنا كتاب «مئة حيلة وحيلة لتهدئة بكاء الرضيع»، من تأليف روكسان فونتين ، مجموعة الحلول العملية التي تركز على السنوات الأولى من عمر الطفل باعتبارها السنوات المؤسسة، ويؤكد أن حسن معالجة البكاء يكون بوضع أسس علاقة مطمئنة ومستقرة بين الطفل وأهله.
بكاء الطفل في وقت النوم
نوم الرضيع نوم خاص يحتوي على نوعين يتعايشان فيه:
هاتان المرحلتان ضروريتان لتوازن الطفل وهما تتناوبان خلال الليل.
في الأسابيع الأولى، يدخل الطفل في بداية نومه في النوم المتناقض ما يسبب له مشكلات في الانخراط في النوم ويعطي الانطباع بأنه لم ينم بعد حقاً بما أنه يتحرك ويفتح عينيه ويبتسم لوحده.. هذا النوم بالتحديد لدى الرضيع يحتاج إلى الهدهدة والمرافقة اللطيفة نحو النوم العميق الذي يصعب الحصول عليه.
وفي نحو الشهرين الثالث والرابع، يتغير نوم الرضيع ليدخل مباشرة في النوم العميق ويتمكن من النوم وحده بسرعة أكبر. هذه الفترة هي الفترة الانتقالية في اكتساب النوم النوعي، ومتى لوحظ أنه قد دخل فيها، من المهم ترك الطفل ينام لوحده حتى لو بكى قليلاً، فهو لا يبكي لأنه بحاجة إلى أن تحملوه بين ذراعيكم، لكنه يبكي لأنه متعب ببساطة. وتغير موقف الأهل يكون أساسياً حتى يكتسب الطفل استقلاليته إزاء النوم.
وإذا كنا لا نستطيع أن نجبر الطفل على النوم، يمكن أن نضعه في ظروف تمهد له ذلك. فالرضيع بحاجة إلى إطار حياة منتظم وبرنامج محدد ونهارات تنتظم بشكل مستقر، وهو كذلك بحاجة إلى ضوء خلال النهار وعتمة خلال الليل.
كيف تتعاملين مع بكاء الطفل قبل الشهر الثالث؟
الأرجحة
واحدة من أفضل الوسائل لجعل الرضيع ينام هي أن تضموه إلى صدركم وأن تؤرجحوه بلطف حتى يتمكن من النوم بسرعة. فهو حين يلتصق بكم يطمئن ويسمع نبضات قلبكم ويشم رائحتكم ويعيش مجدداً الأرجحة التي عرفها حين كان في رحم أمه، فيأخذه النوم بسلام بعد بضع دقائق، وأحياناً قد لا تكون الأرجحة ضرورية، لأنه بحاجة فقط إلى وجودكم المطمئن إلى جانبه.
حمام المساء
حتى ينام الرضيع بسهولة أكبر من المهم أن يدرك جيداً الفرق بين الليل والنهار، لذا من المهم ألاّ نترك له الأنوار مضاءة مساء. حمام المساء ضروري كذلك لأنه يشكل علامة قطع بين الزمنين وهو قطع سيفهمه الرضيع بسرعة. كما أن الحمام يعتبر متعباً بالنسبة إليه لأنه يتحرك بكثرة فيه ومهدئاً لأنه سيشعر كما لو أنه يعيش مجدداً في السائل الأمنوسي داخل الرحم. لذا من المهم إعطاءه حمامة قبل وجبة المساء حتى ينام بسهولة أكبر ولمدة أطول.
التدليك بعد الحمام
يعد التدليك وسيلة للاستفادة حتى الحد الأقصى من تأثير الحمام المزدوج، المتعب والمريح في آن. متى شعرت أن الرضيع صار بعمر قادر على أن يتلقى فيه التدليك، أي أنه لا يصرخ بعد الحمام ولا يشعر بجوع شديد ويقبل فترة الراحة هذه، دلكيه بزيت مناسب للأطفال من قدميه وحتى رأسه مع ممارسة عملية تمديد لعضلات الذراعين والساقين. سيشعر أن هذه الملامسة الهادئة واللطيفة مهدئة له وتضعه في كامل الاستعداد للنوم.
شعائر النوم
عليكم بإرساء شعائر وعادات نوم للرضع خلال أشهر حياتهم الثلاثة الأولى باتباع حركات تساعدهم على النوم. وليس المطلوب بعد إرساء هذه العادات أن تجعلوا الطفل ينام بنفسه، لكن أن تجعلوه يهدأ حتى يتعلم كيف يجد النوم بنفسه. لذا يجب التخلي عن الأرجحة والبقاء معه حتى ينام شيئاً فشيئاً لمصلحة التواصل والتغنيج الذي يتكرر على المنوال نفسه كل مساء حتى يعلم الطفل أنه سينام بعده.
وماذا تفعلين لتهدئة بكاء الطفل بعد الشهر الثالث؟
عطر النوم
إن كل ما يعيد إلى الطفل الأجواء التي عاشها في رحم أمه سيكون مساعداً له على النوم، وعليك أن تجدي الأجواء المناسبة لك. وقبل وضع الطفل في سريره، يتم تدليعه قليلاً والتحدث معه أو إنشاد أهزوجة.. كما ترغبين. وثمة حيلة أكثر فاعلية مما يبدو للوهلة الأولى وهي رش بعض من عطرك في غرفة الطفل مساء قبل أن ينام، سيشعر بأنه محاط برائحتك ليستسلم شيئاً فشيئاً إلى النوم.
حكاية قبل النوم
من الممكن كذلك أن نحكي حكاية للصغير منذ شهره الثالث أو الرابع، سواء أكانت مخترعة أو من كتاب، وسواء فهمها أم لم يفهمها، لا يهم. المهم هو التحدث مع الطفل ومعاملته كفرد وأن يسمع صوتاً ونبرة مهدئتين. وخلال الحكاية سيشعر أن الصوت يهدهده حتى لا تفعل هذا ذراعاك ويتعلم الطفل أن ينام وحده.
الوجود المطمئن
حين يبكي الطفل أو يضطرب حتى ينام، أول ما يجب فعله هو الذهاب إلى غرفته حتى يراك ويعرف أنك موجودة. يمكنك أن تضعي يدك على بطنه وأن تنشدي له أهزوجة صغيرة أو تقولي له إنه قد حان وقت النوم وعليه أن يرتاح. إن مجرد سماع صوتك والشعور بملامستك سيشكلان بالنسبة إليه مصدر أمان. تجنبي أن تأخذيه بين ذراعيك حتى يفهم تدريجياً أن عليه أن يجد النوم لوحده. لا تخافي إن بكى قليلاً فهذا مجرد بكاء تعب.
الطعام والبكاء
في المرحلة الأولى يقدر الطبيب الوضع ويحدد إن كان رفض الطعام حاداً أو مزمناً وبالأخص لدى الرضيع. في الحالة الأولى، قد يأتي الرفض بطريقة مفاجئة نتيجة تغيير مفاجئ في نوعية الطعام. لذا من المهم تنويع طعام الصغير بلطف وإدخال الخضار والفاكهة واللحوم تدريجياً حتى لا يحس بالضياع.
وفي الحالة الثانية المزمنة، فهي متصلة بالرضع صغار الحجم ورقيقي البنية والذين لا يحتاجون إلى كميات كبيرة من الطعام. وجدير أن نعرف أن شهية الطفل لا تقاس بحسب يوم قد يكون فيه تعباً أو قد لا يحب فيه ما قدم له من طعام، لكنها تقاس على مدى أسبوع كامل.
هل يجب أن نجبر الطفل على الأكل؟
كلا، لا يجب أن نولد لديه حالة صد يمكن أن تشعره بالقلق. يجب في البداية البحث عن السبب ثم الالتفاف حول الرفض باتباع طريقة أكثر تدرجاً في تنويع الطعام مع التشديد على أن الطفل إن رفض تناول وجبة، فإنه سيعوض ما خسره في الوجبة التالية. وكما يقول أطباء الأطفال: الطفل لا يترك نفسه يموت جوعاً وعلى الأهل أن يؤقلموا سلوكهم. وفي ما عدا رفض الرضيع تناول الطعام بشكل مفاجئ وكامل، لا داعي للقلق إن أكل كمية أقل في وجبة معينة.
ما هو السلوك المطلوب؟
يجب العودة إلى الطعام الذي يعرفه الطفل حتى نلاحظ إن كان مجرد رفض لتذوق أي طعام جديد. ومن المهم كذلك عدم التركيز على الكمية. حين نرى أن الطفل ينمو بشكل طبيعي، يبقى أن نهتم فقط بالمتعة التي يجدها في تناول طعامه وليس بالكمية التي يتناولها. المهم، هو أن لا نرى وجبة الطعام كحلبة صراع ينبغي أن ننتصر فيها بأي ثمن لنقول: «لقد تمكنت من إطعامه». المهم هو أن نسمع الرسالة الضمنية التي يبعث الطفل بها وهي «يحق لي ألاّ أحب ما تعطيني إياه... وأن آخذ وقتي حتى أعتاد على أي طعام جديد.. وأن أكون أقل أو أكثر جوعاً في وجبة ما».
رفض الطفل للطعام أمر طبيعي
يرفض الطفل عدداً من الأطعمة وهذا أمر طبيعي ويطلق عليه اسم «رهاب المواليد الجدد الغذائي». ويمكن تفسير هذا الرفض على الأرجح من خلال ظهور مرحلة يكون فيها كل جديد مخيفاً. وفي مقابل هذا، نرى قيام آليات نفسية مركبة: رغبة في الاستقلالية والإدراك بأن الطعام هي وسيلة التواصل مع المحيط ووسيلة لتأكيد النفس عبر رفضه. فلا تعيري أي انتباه له، إلا إذا، كما قلنا، كان الانقطاع عن الطعام مفاجئاً وحاداً، وخذي الإجراءات التي جئنا على ذكرها من دون أن تشعري بالقلق الذي لا بد أن يشعر به الطفل عبرك، فتتحول مسألة الطعام إلى سلاح ابتزاز في يد الطفل حينما يكبر قليلاً.