حين نعود إلى المنزل مرهقين من يوم عمل شاق أو من لقاءات ضاغطة وعلاقات اجتماعية مضنية، أو حين نعيش وضعاً متوتراً في المنزل، يفضل الكثيرون من الأهل حجب مزاجهم السيئ عن أطفالهم بغية توفير جو هادئ لهم، خالٍ من المشاكل التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل. لكن هل هذه فكرة سديدة حقاً؟
بالطبع لا يُنصح بالشجار أمام الأطفال ولا بتبادل الكلمات النابية ولا حتى بالتحدث معهم بواسطة الصراخ والنبرات المرهبة، لأن الأطفال ليسوا وعاء نفرغ فيه مشاعرنا المؤذية، لكن في المقابل، لا يُنصح بإخفاء مشاعرنا السلبية بشكل مقصود ومنهجي أمامهم.
تلك هي النتيجة التي توصل إليها فريق من الباحثين من كندا وأميركا وقد جمعوا أكثر من مئة والد أو والدة مع طفلهم. جعلوا الأهل يعيشون وضعاً ضاغطاً إذ طلبوا منهم التحدث أمام جمهور كانت ردود فعله سلبية إزاءهم. ثم طلبوا من الأهل أن يلعب كلٌّ مع طفله لعبة تستلزم مشاركة وتبادلاً، وفرضوا على نصفهم إخفاء مشاعر التوتر والخجل والغضب الناجمة عن الحادثة التي مرّوا بها.
وقد لاحظ الباحثون أن الأهل والأطفال في هذه الحالة كانوا أقل تجاوباً مع بعضهم بعضاً وأقل دفئاً وحرارة ليسود بينهما جو بارد ومزعج.
لم يكن هذا الجو ناجماً عن أي سوء تصرف من قبل الطفل ولا أي سوء معاملة من قبل الأهل، بل الحقيقة هي أن الأطفال أصحاب موهبة لا تقاس في التقاط أقل ذرة من الانفعالات التي تنتاب المحيطين بهم.
فإن كان الأهل يشعرون بانزعاج وتوتر لا بد أن يلتقطه الطفل حتى لو اختبأ الأهل خلف قناع، لذا لا ينفع أن يتظاهر الأهل بأنهم في أحسن حال، بل إن هذا التظاهر سيئ بحد ذاته.
فإذا ما شعر الطفل بأن ثمة حدثاً مزعجاً قد وقع سيشعر بالإرباك والحيرة وعدم الاستقرار حين يرى أن أهله يتصرفون بشكل طبيعي كما لو أن شيئاً لم يكن.
وربما انتابه شعور بالذنب ناجم عن اعتقاده بأنه هو المسؤول، عن سوء مزاجهم.
بالطبع، ليس المطلوب طرح المشكلة أمام الطفل وإثقال كاهله بها، لكن من المفضل التعبير عن بعض المشاعر السلبية التي يشعر بها الأهل والتحدث في الطريقة السليمة للتعامل معها، وبهذا يعمل الأهل على طمأنة الطفل وحمله إلى التضامن مع أهله، والأهم أن الأهل يعلِّمون الطفل بهذه المناسبة كيفية التعاطي مع مختلف المشاعر التي تنتابه والمواقف التي قد يواجهها في حياته.
شاركنا رأيك.. هل تخبر طفلك بمشاكلك؟