يتضمن كتاب "الرضيع إن حكى.." للمؤلفين د. أنيت كارميلوف سميث وكيرا كارميلوف، مشاهد حية لكل مرحلة من مراحل التطور النفسي لدى الطفل، وهو منجم للمعلومات حتى نتمكن من فهم ما الذي يشعر به الطفل حقًا وبالأخص في المرحلة التي تسبق تعلُّمه الكلام.
كما يقدم مجموعة من النصائح المناسبة لكل مرحلة من أجل مساعدة الطفل على النمو والتطور بشكل متناغم.
كتاب "الرضيع إن حكى.."
ما الطريقة التي يتمكن فيها الرضيع من التواصل من قبل أن يتعلم الكلام؟
إنه البكاء بالطبع. وعلى الرغم من أن الرضّع يملكون عددًا كبيرًا من الأصوات منذ ولادتهم، فإن البكاء هو أكثر الأصوات التي سيستخدمونها خلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم. ففي هذه الفترة، سيمكنهم البكاء من التعبير عن بعض الحالات الفيسيولوجية كعدم الارتياح والألم والملل والوحدة والجوع أو الحاجة إلى تغيير الحفاض.
منذ يوم ولادته، يكون بكاء طفلك فريداً من نوعه، تمامًا كما هي بصماته. فهو يمتلك نبرته الخاصة وإيقاعه وقوته. وينجم اختلاف البكاء من عملية ضبط الهواء في الأوتار الصوتية وإيقاع الوقفات وحدة الأصوات.
التمييز بين أنماط البكاء المتعددة لدى الطفل الرضيع
الطابع الخاص لبكاء كل طفل يمكِّن أهله من التعرف إلى صوته بين أصوات الأطفال العديدة في دور الولادة أو الحضانة. وفي غضون بضعة أسابيع، ينجح الأهل في التمييز بين أنماط البكاء المتعددة لدى طفلهم. وعلى الرغم من أننا ندرك تمامًا المشاعر القوية التي يسببها بكاء طفلنا، من قلق وحزن وإحباط أو حتى غضب، يجب أن نعلم أن هذا البكاء يثير لدينا ردود فعل فيسيولوجية خاصة.
فبكاء طفلنا قد يرفع من ضغط الدم لدينا أو يسارع من إيقاع القلب. كما أن نمط وحدة ردة فعل الأهل تختلف بحسب دلالة البكاء. لهذا السبب يعتبر الأهل أن بكاء الجوع أكثر مدعاة للضغط لديهم على عكس بكاء الملل مثلاً.
ردود فعل الأهل لبكاء الطفل
منذ ولادة الطفل، تتسم ردود فعل الأهل إزاء بكائه بالتنوع والاختلاف. بعضهم سيطعمونه، وبعضهم الآخر سيحمله ويدلعه ويتحدث إليه وبعضهم الأخير سيغير له حفاضه وحين يضعونه في المهد، ينتظرون ليروا ما إذا كان الملاك الصغير لن ينام ويهدأ لوحده! ويكمن الهم الأكبر لدى الأهل في تهدئة الصغير ولكن الأمر ليس سهلاً على الدوام.
وعادة ما تكون الغريزة هي أفضل مرشد للأهل على الرغم من الإحباط الذي يصيبهم لأن عليهم أن يقوموا بعدد من الإجراءات في كل مرة يأخذ طفلهم في البكاء قبل أن يجدوا الإجراء المناسب والذي سينجح في إسكاته.
ويعتبر حمل الطفل بين الذراعين من أفضل الحلول، يأتي بعدها صوت الأهل الحنون والمطمئن أو موسيقى هادئة ولكن فقط في حال لم يكن الطفل جائعًا ولا بحاجة إلى تغيير حفاضه.
وفي الأسابيع الأولى التي تلي الولادة، كثيرًا ما يسكن بكاء الطفل بواسطة أصوات مرافقة كصوت تلفزيون أو أزيز راديو سيئة الضبط أو صوت غسالة... ويبدو أن هذه الأصوات مشابهة للأصوات التي كان يسمعها الطفل حين كان جنينًا في بطن أمه. لكن حين يكبر قليلاً يفضل صوت أمه أو مراقبة لعبة تدور فوق مهده.
والتحدي الذي يواجهه الأهل إزاء البكاء هو أن هذا الأخير يبدّل طبيعته تدريجيًا بحسب سن الرضيع ومرحلة تطوره.
طرق تهدئة الطفل
قد تنجح استراتيجية معينة لتهدئة الطفل مدة من الزمن لتصير غير ذات فائدة تمامًا بعد أشهر قليلة. ويقضي الأهل أسابيع يصممون فيها تقنيات معقدة لمواجهة بكاء الطفل، ليروا أن كل معطيات المشكلة قد تغيرت في وقت قليل.
ومهما كانت سن الطفل، فإن الاستجابة السريعة والمناسبة مفضلة بالكامل على تجاهل بكائه. وقد دافع بعض الأهل والباحثين معهم في الماضي عن فكرة أن الاستجابة السريعة جدًا من جانب الأهل قد تجعل الطفل نزقًا ومفسودًا. لكن الأبحاث الكثيرة في هذا المجال قد دلت على أن غياب الرد يساهم في جعل البكاء أكثر شدة.
ومن المهم ألا ننسى أن الرضع لا يمتلكون أي وسيلة أخرى لينقلوا إلينا حاجاتهم أو فكرة عن أحوالهم سواء البدنية أو العاطفية. فإذا ما اخترتم عدم الرد على الطفل، لن يكون أمامه سوى خيار واحد وهو أن يبكي بقوة أكبر ولمدة أطول حتى يُسمع صوته.
أما الأهل الذين يردون بسرعة على بكاء الطفل، فهم يمكنونه من الإحساس بالأمان ويقيمون معه علاقة عاطفية أقوى. كما يتعلم هؤلاء الأطفال بسرعة أكبر استخدام وسائل تواصل أخرى غير البكاء. فأنتم لا تعززون سلوك البكاء حين تردون على بكاء الطفل بل تجعلونه يفهم أنه يتواصل معكم وأنكم تصغون لاحتياجاته وأنكم موجودون بجانبه ويمكنه أن يعتمد عليكم.
أنواع بكاء الطفل الرضيع ومعانيها
يدهش الأشخاص الذين ليس لديهم أطفال من السهولة التي يفهم بها الأهل في أغلب الأحيان معنى بكاء الطفل. فكيف باستطاعتهم أن يعرفوا إن كان الرضيع جائعًا وليس بحاجة إلى تغيير حفاضه، أو ربما بحاجة إلى بعض الدلع والاهتمام؟ يكفي أن نصغي بانتباه إلى المؤشرات التي يقدمها الرضيع بحد ذاته لأنه يمتلك مجموعة من «الألحان» الخاصة والدالة على حاجات محددة. وقد أثبتت الدراسات ما يلي:
أكبر مكافأة للأهل... الابتسامة
تظهر حركة الفم التي ترسم الابتسامة قبل الولادة حين تُحدِث التغييرات التي تطرأ على الجهاز العصبي لدى الطفل في بطن أمه ارتفاعًا بسيطًا في زوايا الشفتين. ويمكن أن نرى الحركة ذاتها لدى الطفل خلال الأسبوعين اللذين يليان ولادته، وهي غالبًا ما تحدث وهو نائم أو على حافة النوم ما يعطي انطباعًا أنه يحلم مع الملائكة. لكن في هذه المرحلة، لا يكون الفم المتبسم سوى تعبيرًا عن ردة فعل عضلية إزاء حافز سمعي يحرك العضلات السفلى في الوجه.
والغريب أن هذه الحركة أكثر شيوعًا بمرتين لدى البنات منها لدى الأولاد.
ومع نهاية الأسبوع الرابع لا تعود الابتسامة مجرد انعكاس فيسيولوجي وبإمكان الطفل أن يبتسم تحت الطلب ولكنها تظل ابتسامة رد على صوت ما أو على ملمس وليس على ابتسامة الآخرين. أما الابتسامة الحقيقية التي يرد فيها الرضيع على ابتسامة الآخرين فهي تظهر في الشهر الرابع حين يرى الطفل الشخص أمامه يبتسم فيرد عليه بابتسامة بدوره. وسرعان ما يتعلم الطفل كيف يستخدم ابتسامته ليجعل الآخرين يردون عليه. وفي الشهر التاسع يصير الطفل خبيرًا حقيقيًا في مسائل الابتسام ويعرف كيف يتعامل بها للتفاعل مع الآخرين مع احتفاظه بأجمل ابتساماته للأشخاص الذين يفضلهم.