كثر هم الأهل الذين تردهم شكوى من المدرسة على طفلهم لأنه ضرب رفيقه، أو لأنه يعبر عن غضبه واستيائه بطريقة عنيفة.
وبالعادة يكون الأهل قد لاحظوا على طفلهم أنه لا يستطيع التحكّم بغضبه في المنزل بالطريقة المناسبة ولا يستطيع أن يضبط امتعاضه فيخرجه على الناس والأشياء من حوله.
وإذا كانت هذه السلوكيات في الطفولة لا تؤدي في أغلب الأحيان إلى عواقب وخيمة، إلا أنها تصير كارثية في حال استمرارها إلى حين بلوغ سن الرشد.
فكيف يتعامل الأهل معها في سن مبكرة منعاً لاستفحالها؟
التعبير عن الانفعالات عنوان يتضمن جزأين يجدر التمييز بينهما وهما التعبير والانفعالات.
وإذا كانت الانفعالات داخلية إلا أن التعبير عنها خارجي، وإذا كان المرء لا يستطيع أن يتحكم بالمشاعر التي تنتابه إزاء وضع معين إلا أنه يستطيع بالمراس أن يتحكم بالطريقة التي يعبر فيها عن مشاعره. وليس المطلوب هنا إنكار وجود هذه الانفعالات، لأن إنكارها وكبتها لا يفيدان في شيء بل تكون لهما عواقب أخرى، ولكن المطلوب هو حسن التعبير السلوكي عنها بطريقة لا تؤذي صاحبها ولا الآخرين.
وتفيد مختلف الدراسات، وأهمها تلك التي صدرت مؤخرًا عن جامعة كاتالونيا بإسبانيا، أن ثمة عاملين أساسيين يساعدان الطفل في حسن التعبير عن انفعالاته وهما:
في ما يخص العامل الأول: تبيّن أنه كلما اغتنى المعجم اللغوي لدى الطفل واتسع مع بلوغه سن السابعة، كلما زادت قدرته على ضبط انفعالاته مع مرور الوقت، ممّا يعني أن اللغة ركيزة أساسية تبنى عليها السيطرة على المشاعر لأن الكلمات تساعد على التعرّف إلى هذه المشاعر واتخاذ مسافة سليمة تجاهها. لذا يُنصح الأهل بمساعدة الطفل على تسمية ما يشعر به في وضع معين، سواء أكان فرحًا أم حزنًا أم خوفًا أم غضبًا...
أما في ما يخص العامل الثاني: فقد بيّنت النتائج أنه كلما كانت قدرات الضبط العاطفي لدى الأهل عالية، كلما كانت كذلك بالنسبة إلى أطفالهم.
ويعزى السبب إلى العامل الوراثي بشكل جزئي وإلى عامل التماهي مع سلوك الأهل الذين يقعون على مدار الساعة تحت مراقبة أطفالهم.
فعندما يلاحظ الطفل كيف يتعامل أهله مع انفعالاتهم يعمل بشكل طبيعي على التعامل معها بالطريقة ذاتها.
ومن المفيد كذلك أن يحدّث الأهل أطفالهم عن كيفية سيطرتهم على انفعالاتهم والطريقة التي يستخدمونها لضبط أعصابهم. فالحديث عن المشاعر والانفتاح العاطفي يجعلنا نجتاز المسافة التي تفصل الأهل عن أطفالهم بسرعة الضوء.