قرر المخرج كونتِن تارانتينو، فجأة، إلغاء مشروع فيلم كان أعلن عنه قبل أكثر من سنة تحت عنوان The Movie Critic. لم يصرّح مخرج «ذات مرّة في هوليوود» و«بالب فيكشن»، بالسبب، ولم يرد على المكالمات التي رغبت في الحديث معه حول هذا القرار المفاجئ.
بالنسبة إلى مخرج له مكانته، وشهرته الكبيرة، فإن إلغاء مشروع ما، له حجمه من الأهمية، خصوصاً وأن أعماله مفترقة، وقليلة. هذا الفيلم المُلغى كان من المفترض فيه أن يكون الفيلم الروائي العاشر (كما أُعلن) في مسيرته، والأخير له. حسب تصريحات سابقة ذكر تارنتينو أنه سيتوقف عن الإخراج بعد فيلمه هذا، لينصرف إلى وضع الكتب النقدية، والروائية.
حال أعلن ذلك، احتج المعجبون بأفلامه السابقة. النقطة التي التقى حولها معظمهم هي أن الأسباب الداعية لقراره ليست مبررة، ولا تأخذ في الاعتبار ما كان حققه لنفسه من شهرة. لكن تارنتينو لم يستجب، أو يغيّر موقفه، وردّه الوحيد حينها كان أنه يرغب في التقاعد حال بلوغه الستين من العمر.
آنذاك، أي حين أعلن رغبته في الاعتزال، كان بلغ السابعة والخمسين من العمر. وهو حالياً في الواحدة والستين، فما الذي يدفعه لإلغاء فيلمه العاشر؟ هل سيتوقف فعلاً عن العمل مكتفياً بتسعة أفلام مُعلنة (هناك سواها)، أم سينتقل إلى مشروع جديد يكمل به مسيرته؟ هل عدل تماماً، أم ما زال على رأيه؟
فيلم Inglourious Basterds
عشرة أفلام للمخرج تارانتينو أم أكثر؟
ليس هناك من رد جازم إلا إذا تبرّع هو به، لكن ما هو مؤكد أن هذا الفيلم المُلغى كان من المفترض فيه أن يُباشر تصويره قبل نهاية العام الجاري، وخلال مطلع العام المقبل، تحت عنوان جديد هو «الناقد»، والذهاب به إلى مهرجانه المفضل «كان». وكان من المفترض أن يقوم براد بت ببطولته في ثالث لقاء بينه وبين تارانتينو، من بعد Inglourious Basterds سنة 2009، وHollywood Once Upon a Time...in سنة 2019.
لكن هل كان هذا الفيلم الملغى هو فيلمه العاشر فعلاً؟ هل أخرج تارانتينو تسعة أفلام روائية فقط، خلال رحلته التي بدأت سنة 1992 بفيلم «مستودع الكلاب» (Reservoir Dogs)؟ كيف نحسب أعماله التي تزيد على عشرة أفلام في الواقع؟ ثم ماذا عن أفلام أخرجها مع آخرين؟
فيلم Pulp Fiction
لو أكتفينا بأفلامه التي حققها منفرداً لبلغت أحد عشر فيلماً، وليس تسعة، كما أحصاها البعض، بناء على أقوال المخرج.
بعد «مستودع الكلاب»، أنجز سنة 1994 «بالب فيكشن»، وفي سنة 1997 حقق «جاكي براون»، ثم فيلمي «أقتل بل 1» (بطولة أوما ثورمن)، و«أقتل بل 2». صحيح إنه دمجهما معاً لاحقاً، لكن الأول عُرض منفصلاً سنة 2003 والثاني عرض، منفصلاً أيضاً- كأي مسلسل سينمائي، بعد ذلك بعام.
الفيلم السابع هو «برهان موت» (Death Proof) ورد سنة 2007، تلاه «أبناء العاهرة المشينين» (Inglourious Basterds) بعد عامين، ثم فيلمه الوسترن الأول «دجانغو بلا قيد» (Unchained Django) سنة 2012، تلاه فيلمه الوسترن الثاني «الثمانية الكارهون» (The Hateful Eight) في عام 2015، واختتم هذه المسيرة (حتى الآن) بـ«ذات مرة في هوليوود» (2019).
ساهم في تحقيق ثلاثة أفلام أخرى تكوّنت من أجزاء، أو ساعد على الإشراف على إخراجها، وهي «أربع غرف» (1995)، ثم «مدينة الخطيئة» (Sin City) سنة 2005 ومنح عنه لقب غريب بذاته هو «مخرج ضيف خاص» (Speical Guest Director)، ثم «غرينهاوس» (Grindhouse) سنة 2007.
مشاريع في بال المخرج كونتِن تارانتينو
حتى عام مضى كان الفيلم الجديد «الناقد»، على روزنامة الإنتاج. فاتَح براد بت فيه، واتصل بالممثلة أوليفيا وايلد، التي التقت به في جلسة عمل، كذلك تواصل مع الممثل ديفيد كرومهولتز (له دور في فيلم «أوبنهايمر»)، والممثل بول وولتر هاوزر الذي شوهد في فيلم سبايك لي الساخر BlackKklansman سنة 2018.
خلف الكاميرا تحدّث مع ستايسي شر (Sher) التي انتجت فيلميه الوسترن. بالتالي، بدا كل شيء ممنهجاً للبدء بالتصوير، بل وجمع له من لجنة «كاليفورنيا فيلم كوميشن» 20 مليون دولار كجزء من الميزانية.
وفي حين حافظ المخرج على سريّة الموضوع، إلا أن الدلالات تشير إلى أن «الناقد» يدور حول ناقد سينمائي جيد، لكنه مغمور، يعمل في مجلة «بورنو»، بعدما أخفق في إيجاد فرصة عمل في صحف، أو مطبوعات أولى.
الأمر الثاني المعروف هو أن الأحداث تقع في السبعينات ما يجعله أقرب إلى فيلم تارنتينو الأخير «ذات مرّة في هوليوود»، الذي دار حول ممثل (ليونارد ديكابريو) و«دوبليره» (براد بِت).
علماً بأن علاقته مع النقد والنقاد غامضة. في بعض تصريحاته السابقة هاجم ما وجده نقداً غير صائب لبعض أفلامه. في أخرى أعلن غبطته بأن أفلامه وجدت بين أغلبية النقاد كل هذا القدر من الإعجاب.
الواقع أن النقاد الأمريكيين والفرنسيين العاملين في الصحف الرسمية، منحوا معظم أفلامه تقديرات عالية. على سبيل المثال، حصد «بالب فيكشن» 95 في المئة من النقد الإيجابي. هبط المعدّل في «جاكي براون» إلى 62، ثم ارتفع مجدداً إلى 83 حين عرض «اقتل بل - 2». لكن فيلمه الأخير، «ذات مرة في هوليوود» حصل على 69 في المئة.
لكن إذا ما تم إلغاء هذا الفيلم لسبب لا يعرفه سوى تارنتينو، ماذا في جعبته كبديل؟
هل سيقلع عن العمل نهائياً، منصرفاً إلى تأليف الكتب كما قال، أم سينقلب على قراره ويختار فيلماً آخر؟
فيلم Unchained Django
في رأس تارنتينو حبكات أفلام متعددة. وحسب مقال في العدد الورقي الشهري من مجلة «ذَ هوليوود ريبورتر»، فإن هذه الحبكات قد تتبلور إلى أعمال مؤكدة.
من بينها تحقيق جزء ثالث من «اقتل بل»، أو العودة إلى فكرة خطرت له بعد أن أخرج «دجانغو بلا قيد» وهي الجمع بين شخصية دجانغو، وبين شخصية زورو المكسيكية. وكانت الأخبار تداولت سابقاً أنه عرض تحقيق جزء جديد من المسلسل الخيالي العلمي Star Trek. هذا قد يعود إلى الواجهة أيضاً، إذا ما قرر خطوته التالية.