لم يتوقف طموحها في العمل عند حدٍ معين، إذ أرادت أن تثبت خطواتها بتفانيها، وتفرّدها، حيث تمكنت المهندسة الدكتورة حورية أحمد البلوشي، مستشار التخطيط لقطاع تطوير البنية التحتية في بلدية عجمان، أن تترك بصمتها في مجال التخطيط العمراني.
من خلال خبرتها الواسعة في مجال تصميم البنى التحتية، وتطوير المشاريع العمرانية، تمكنت البلوشي أن تكون من الشخصيات المهمة والمؤثرة في مجال التخطيط العمراني في إمارة عجمان، لتسهم في إنجاز العديد من المشاريع البارزة التي تضفي جمالية وجاذبية للمدينة، والحرص على تحقيق التوازن بين الحداثة والتراث في تصاميمها بإبراز الطراز المعماري التقليدي للإمارة، وتعزيز جاذبيتها كوجهة سياحية اقتصادية بارزة في دولة الإمارات.
الاطلاع على سير العمل في مشروع تطوير متحف عجمان
ما الذي قاد د. حورية نحو التخصص في المجالات الهندسية؟
بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية قررت دراسة الهندسة، لأني وجدت فيها الفرصة للمساهمة في تحسين المجتمع، وتطوير البنية والخدمات المقدمة للمجتمع، لذلك اخترت هندسة التصميم الداخلي لكونه تخصصاً حديثاً، إلى حدٍ ما، في ذلك الوقت، إضافة إلى شغفي بالتغيير وتطوير المساحات الداخلية في المباني، السكنية والتجارية، ومن ثم بعد ذلك إدارة المشاريع الهندسية، على أثر ذلك قررت التوجه نحو الاختصاصات المرتبطة بإدارة البنية التحتية بشكل رئيسي، مثل إدارة المشاريع الهندسية، وإدارة المشاريع العامة لأسباب تتعلق بطبيعة عملي في دائرة البلدية والتخطيط، في إمارة عجمان، والحاجة الملحّة لاكتساب المهارات الإدارية في إدارة المشاريع الهندسية.
ساهمت في تطوير الكثير من المشاريع في إمارة عجمان، ما أهمها؟ وأين تجدين بصمتك الخاصة؟
بشكل مباشر، أو غير مباشر، شاركت في العديد من مشاريع تطوير مدينة عجمان، سواء من خلال ممارسة المهام اليومية، أو إدارة المشاريع التطويرية، وتنفيذها، وهو أمر يشعرني بالفخر والسعادة، ولعل أهم مشروع عملت عليه مشروع إنشاء وتطوير الحي التراثي في متحف عجمان، فهو من أهم المشاريع الاستراتيجية والحيوية في الإمارة، كان من أولويات هذا المشروع الحفاظ، مع فرق العمل المشاركة، على النباتات الموجودة في المكان مثل شجرة الغاف، والنخيل، واللوز، لذلك تم تغيير مخططات المشروع للحفاظ على هذه النباتات، إضافة إلى مبادرة عجمان مدينة الـ15 دقيقة، التي تتبنى دراسة مفهوم مدن الـ15 دقيقة في إمارة عجمان، وتوفير المنصات الجيومكانية والخطط لتطبيقها للمساهمة في تطوير الإمارة، وتعزيز جودة الحياة.
كنتِ ضمن اللجان المقيّمة في برامج التميز الحكومي في الإمارات، وجائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز، ما هو الدور الذي أنيط بكم خلال هذه المرحلة؟ وما هي الخبرات التي اكتسبتموها؟
ساهمت مشاركتي في الجوائز، المحلية والدولية، سواء كمقيّم، أو رئيس لفرق التقييم، في تطوير وتعزيز خبراتي في مجالات مختلفة، حيث تعتبر هذه الجوائز فرصة للتعلم والإطلاع على أفضل الممارسات، ومناقشتها، وبيان أثرها مع أهل الاختصاص، إضافة إلى دورها في نقل المعرفة من قبلنا إلى الجهات المشاركة وبالعكس، إضافة إلى التعرف إلى نماذج فردية متميزة في الدولة وخارجها، والاستفادة من خبراتها، ولعل من بين أبرز الخبرات والمهارات التي اكتسبتها من هذه التجارب إدارة الفرق ومهارة التواصل، ومهارات التقييم المؤسسي، والتخطيط الاستراتيجي.
بفضل من الله ودعم الحكومة يتواجد الآن عدد كبير من المهندسات باختلاف تخصصاتهن الفنية في مختلف إمارات الدولة
حققت المرأة الإماراتية نجاحات في مجالات مختلفة، كيف ترصدين وجودها في مجال التخطيط العمراني والبلديات؟
اهتمت القيادة الرشيدة منذ تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بالمرأة، ووفرت لها جميع متطلبات النجاح، وقد تمكنت من إبراز دورها وأثرها في كل المجالات الفنية، والتخصصية، والإدارية، وبرز أثرها بشكل كبير في قطاع البلديات والتخطيط العمراني، من خلال لمساتها ورؤيتها المختلفة التي ساهمت في صياغة الاحتياجات، والتوجهات العامة للمجتمع، وبالتالي انعكست بشكل إيجابي على جودة الحياة. وبفضل من الله، ودعم الحكومة، يتواجد الآن عدد كبير من المهندسات باختلاف تخصصاتهن الفنية في مختلف إمارات الدولة، يعملن، ويساهمن في تطوير البنية التحتية والحضرية، من خلال التخطيط، والتصميم، والمتابعة، وكذلك التنفيذ، كما يمكن أن نجدهن اليوم متحدثات دوليات في مجالات التخطيط والهندسة في المؤتمرات المحلية، والعالمية، ما يؤكد أهمية تواجدها في مجالات التخطيط العمراني والبلديات.
خلال ورشة في دائرة البلدية والتخطيط في حكومة عجمان
ما هي التحديات التي تواجه المرأة في هذا المجال، وكيف يمكن أن تتغلب عليها؟
يعد تعزيز دور المرأة في قطاع التخطيط العمراني خطوة إيجابية لقدرتها على الإبداع والمساهمة في تحقيق النجاح في المجال، وكل المجالات الأخرى، فقد حظيت المرأة اليوم بفرص متساوية في مجال التخطيط العمراني، وعمل البلديات، بفضل التطور الذي شهده المجتمع، والذي أدى إلى تغيير النظرة نحو دورها في المجال، حتى تمكنت من تبوؤ مواقع قيادية في قطاعات الهندسة المعمارية، والتخطيط العمراني، وتقوم بأداء أعمال مهمة ومتميزة، وهي نتيجة كبيرة، بخاصة أن تلك الأدوار كانت، ولفترة ليست بالبعيدة، حكراً على الرجال، لكننا اليوم نجد جزءاً كبيراً من العاملين في هذه القطاعات هم من النساء اللواتي يسهمن في بناء وتطوير المدن، وتحسين الخدمات. ولا شك في أن للحكومة دوراً كبيراً في تقديم الدعم للمرأة العاملة في هذه المجالات، سواء من خلال توفير برامج التدريب والتأهيل التي تساعدها على تطوير مهاراتها وزيادة خبراتها، أو توفير بيئة العمل المناسبة التي تساعدها على تحقيق التوازن بين العمل، والحياة الشخصية.
ما هي المشاريع المستقبلية لتطوير مدينة عجمان وتحسين بنيتها التحتية؟
تشهد مدينة عجمان العديد من المشاريع الاستراتيجية، والمبادرات لتعزيز وتطوير البنية التحتية، وجودة الحياة فيها، والتي لا تتوقف عند التطور العمراني والإنشائي، بل تشتمل على مجموعة من المشاريع الرئيسية المستقبلية، مثل التخطيط الحضري للإمارة، وتطوير المعايير والاشتراطات الفنية، التي هي ضمن خطة الدائرة لتنفيذها خلال الفترة الحالية، والمقبلة، وكذلك تنفيذ مبادرة عجمان مدينة الـ15 دقيقة حتى عام 2030 التي تهدف لتحقيق التنمية المستدامة، حيث يستند مفهوم المبادرة إلى أربع ركائز تتضمن القرب، والتنوع، والكثافة، والمكان، بما يسهم في تغيير أسلوب حياة أفراد المجتمع شكل إيجابي، من خلال تشجيعهم على ممارسة المشي، واستخدام وسائل النقل العام، ووسائل النقل الحديثة مثل الدراجات الكهربائية في نطاق 15 دقيقة.
مشاركتها في أحد المؤتمرات المعنية بالمدن الحديثة
كيف ترصدين دور الفن والثقافة في إثراء الحياة العمرانية في المدن؟
تعتبر الفنون والثقافة جزءاً أساسياً من الحياة العمرانية في المدن، حيث تلعب دوراً حيوياً في إثراء البيئة الحضرية، وجعلها أكثر تنوعاً وحيوية، فهي تسهم في تعزيز الهوية، والتراث الثقافي للمجتمعات، وتضيف عمقاً وجمالاً للمناطق الحضرية. كما تساعد على تحفيز الإبداع والابتكار، وتعزيز التفاعل الاجتماعي والتعبير الفردي، ما يجعل المجتمعات أكثر ديناميكية وتنوعاً، لذلك يعد الاستثمار الحكومي في الفنون والثقافة استثماراً مستداماً، لمساهمته في تحقيق التنمية الشاملة وبناء مجتمعات أكثر ازدهاراً.
ما هو طموحك المستقبلي؟
منذ البداية، كان طموحي السعي لمواصلة التأثير في تطوير البنية التحتية في الإمارة، والدولة، بشكل عام، سواء من خلال دوري في دائرة البلدية والتخطيط، أو الأدوار الأخرى مع الجهات المحلية، والاتحادية، والأكاديمية، بالعمل على التأثير في السياسات، وتنفيذ المشاريع النوعية والفريدة التي تلعب دوراً حيوياً في تطوير البنية التحتية، وتعزيز الاقتصاد، إضافة إلى رغبتي في المشاركة في المجالات الأكاديمية، ونقل الخبرات وممارسة التعليم والتدريب في الجامعات، ومواصلة تمثيل الدولة في المؤتمرات والمحافل الدولية، ونقل تجاربنا الناجحة للآخرين، بما يحقق الازدهار والتقدم للإمارة والدولة بأسرها، وكل ذلك بالتأكيد لن يتم من دون العمل بجديّة، وإخلاص.