اجتهدت في ترك بصمة إيجابية في مجال الرعاية الصحية لتكون مصدر إلهام للكثيرين، من خلال إنجازاتها وتفانيها في العمل، أسّست فريقاً خاصاً لدعم الصحة النفسية للعاملين في مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، وترأست فريق المستجيب النسائي.. هي الدكتورة بشاير عبد الرحمن الرم، أخصائية بحوث طبية رئيسية في مؤسسة دبي للإسعاف، وحاصلة على درجة الماجستير في علوم سياسة الصحة، والدكتوراه في خدمات الصحة من جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، وجائزة أفضل عرض بحثي لرسالة الدكتوراه في مؤتمر إكسبو لخدمات الطب الطارئ الذي عقد في ولاية فلوريدا، في الولايات المتحدة الأمريكية. التقيناها للتعرف إلى المزيد من رؤيتها وخبراتها، والتحديات التي واجهتها في مجال الطب الطارئ.
كيف أثرت نشأتك في اختيارك للدراسة وتحديد مسارك الوظيفي؟
نشأت في بيئة محبة للتعليم، وتربّيت على أهمية التعلق بالمدرسة، ولكون والدتي معلمة كانت تحثنا دائماً على السعي للنجاح، وتحقيق المراكز الأولى في الدراسة، هذا الاهتمام ساعدني على اختيار مجال الدراسة، والانخراط في برنامج الطب الطارئ في كليات التقنية العليا بدبي، وبدء العمل في مجال الإسعاف.
عملت كفنّي طب طارئ لمدة ست سنوات، ما الذي جذبك في هذا المجال؟
في عام 2013 بعد انتهاء تدريبي في برنامج الطب الطارئ، بدأت تجربتي مع مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف بالعمل كفنّي طب طارئ في الميدان لمدة ست سنوات تقريباً، كان دوري يتضمن الاستجابة للحالات الطارئة وتقديم العلاج اللازم، والرعاية للحالات قبل الوصول للمستشفى. ورغم جميع التحديات كانت تجربة ممتعة وملهمة، كنت أرى فيها الأثر الإيجابي الذي أتركه على حياة الآخرين، وجمالية العمل كفريق لتقديم الرعاية اللازمة للمرضى، ودافعية الحرص على التطوير المهني في متابعة كل المستجدات المرتبطة بالإرشادات والتقنيات، والاستعداد الدائم، والقدرة على التصرف بشكل سريع مع جميع الحالات.
جاءت فكرة تأسيس فريق المستجيب النسائي للحاجة إلى فريق يهتم بالحفاظ على خصوصية المرضى من النساء
ترأست فريق المستجيب النسائي الذي تم ترشيحه ضمن القائمة النهائية لـ«برنامج حمدان بن محمد للحكومة الذكية»، كيف تم تشكيل هذا الفريق، وكيف تكوّنت الفكرة؟
عام 2017 تم ترشيحنا ضمن القائمة النهائية للبرنامج التي تضمنت 8 مبادرات، حيث جاءت فكرة تأسيس فريق المستجيب النسائي، وتخصيص طاقم متكامل محترف للاستجابة للحالات الطارئة التي تخصّ العنصر النسائي، للحاجة إلى فريق يهتم بالحفاظ على خصوصية المرضى من النساء، وتقديم الرعاية المناسبة لهن، وتلقت المبادرة استحساناً كبيراً، لكونها كانت تهتم بالقضايا النسائية، وتوفر الرعاية اللازمة للمريضة، أو المصابة.
تعملين حالياً أخصائية بحوث طبية رئيسية في المؤسسة، هل لك أن تشرحي لنا تفاصيل بعض مما تقومين به؟
بدأت بالعمل في هذا المنصب بعد أن أكملت دراسة الماجستير في علوم سياسة الصحة، والدكتوراه في خدمات الصحة، من جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة، حيث أقوم بإعداد ومتابعة البحوث الطبية، والتعاون مع الجهات، المحلية والعالمية، في مجال الدراسات السريرية، والعمل على تبنّي أفضل الممارسات العالمية في مجال الطب الطارئ، والإشراف على البحوث التي يقدمها الطلاب التابعون للمؤسسة، وتقديم الدعم اللازم لهم، كما أتولى رئاسة فرق البحث والدراسات الطبية في المؤسسة.
خلال مناقشتها البحث
حدثينا عن فحوى البحث الذي حصلت على أثر تقديمه جائزة مؤتمر ومعرض إكسبو فلوريدا؟
جاء حصولي على جائزة أفضل عرض بحثي لرسالة الدكتوراه في مؤتمر ومعرض إكسبو لخدمات الطب الطارئ الذي عقد في ولاية فلوريدا، في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2022 نتيجة تركيز البحث على أهمية تطبيق السّبل الفعالة لتخفيف الضغوطات والصدمات النفسية على العاملين في مجال الإسعاف، وهو موضوع مهم وغريب، إلى حدٍ ما، حيث جاء اختياري للموضوع بسبب دوافع شخصية تعرضت لها خلال فترة عملي كفنّي طب طارئ، نتيجة الضغوطات النفسية التي تسببت بها طبيعة العمل، إضافة إلى ندرة الأبحاث والدراسات التي تركز على تأثير طبيعة العمل الاسعافي في الصحة النفسية للمسعف في الشرق الأوسط، لذا جاء القرار بالتوجه والتفرغ لهذا المجال، وتوجيه الجهود للمساهمة في تخفيف الضغوطات والصدمات النفسية على الموظفين الميدانيين في المؤسسات الطبية.
خلال إحدى التكريمات
ما هي أفضل الممارسات السريرية الحالية لخدمات الطب الطارئ، وما هي المخاطر المحتملة المرتبطة بها؟
ما تركته جائحة Covid على العاملين في العمل الإسعافي من أثر لا يتوقف عند المجهود البدني، بل أثر في الجانب النفسي، خاصة عند التعامل مع الحالات الطارئة المعقدة، مثل حوادث الأطفال، والحوادث متعددة الإصابات، الذي قد يؤدي بهم إلى اضطرابات نفسية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة. وقد أكدت الكثير من البحوث العالمية انتشار اضطراب ما بعد الصدمة بين الأفراد الذين يعملون في مجال الطوارئ، مثل رجال الشرطة، والإسعاف، ورجال الإطفاء، ويشير هذا إلى صعوبة التحديات التي يواجهها العاملون في هذه الاختصاصات أثناء التعامل مع مواقف قاسية، وحوادث مروّعة، ويؤكد أهمية تدارك الجهات المختصة الأمر، وتوفير برامج الدعم النفسي والرعاية النفسية المناسبة للعاملين في مجال الطوارئ، وتخصيص فترات راحة منتظمة للعاملين في هذه المجالات لتعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
قمت بتأسيس فريق خاص لدعم الصحة النفسية في المؤسسة، ما مدى النجاح الذي حققتموه؟
نعمل في فريق دعم الصحة النفسية على مساعدة ومساندة الموظفين، بخاصة الميدانيين المعرّضين للإصابة بصدمات نفسية أثناء تأدية المهمات الإسعافية، أو بعد تعرّضهم لحوادث جسيمة، حيث يسعى الفريق إلى تزويدهم بجميع الضوابط اللازمة من إجراءات وسياسات وأدلّة عمل معتمدة، إضافة إلى نشر الثقافة والتوعية بأهمية الصحة النفسية بين المسعفين، كما يعمل بمثابة حلقة وصل بين الموظفين والخدمات النفسية المرخصة في الإمارة، من خلال تعزيز التعاون والشراكة مع الجهات الخارجية ذات الصلة لتوفير جلسات الاستشارة النفسية والمجموعات الداعمة للمساعدة في التعامل مع المشاكل النفسية، وتقديم المشورة الملائمة. علاوة على عمل الفريق في دعم وتقديم العلاج النفسي، وتعزيز بيئة عمل مهيئة لدعم الصحة النفسية، للمسعفين والموظفين، وذلك بتحديد الموارد التي تركز على التعافي، وتوفير الأدوات اللازمة، وتعزيز قدراتهم على التعامل مع التحديات النفسية المختلفة المحتملة خلال مهام عملهم اليومي.
تتوسط زملاءها في جامعة شيفيلد في المملكة المتحدة
ماهي أبرز التحديات التي واجهتك في رحلتك، الدراسية والعملية؟
شكّلت تجربة الغربة بالنسبة إليّ تحدياً كبيراً، وساهمت في نموّ وتطوير قدراتي، الشخصية والأكاديمية، زادت من ثقتي بنفسي، وساعدتني على اكتساب مهارات التواصل مع مختلف فئات المجتمع، إضافة إلى الصعوبات التي واجهتها في جمع البيانات البحثية بسبب ندرة البحوث المتعلقة بالصحة النفسية في هذا المجال.
ما هو طموحك؟
أطمح إلى تأسيس وحدة خاصة تعنى بالدراسات والبحوث المتعلقة بخدمات الإسعاف، بخاصة في مجال الصحة النفسية، تعمل على تحسين خدمات الإسعاف والرعاية الصحية للعاملين في هذا المجال، من خلال الدراسات والبحوث، وعلى فهم التحديات التي يواجهها العاملون في الإسعاف، وتطوير البرامج التدريبية والرعاية المناسبة لهم، وتعزيز الوعي والتثقيف الصحي بشأن الصحة النفسية، وأهميتها في مجال الإسعاف.
ما هي الرسالة التي تودّين أن توصليها للشباب الذين يتطلعون لممارسة مهنة في مجال الطب الطارئ؟
أشجّع جميع الشباب الراغبين في العمل في مجال الرعاية الصحية، ومجال الطب الطارئ، بشكل خاص، أن يكونوا جدّيين في العمل، متأهبين بشكل مستمر لمواجهة التحديات المحتملة خلال العمل، بثقة ومهنية، وأن يستمروا في تطوير مهاراتهم ومعرفتهم، شغوفين بتحقيق تأثير إيجابي، والعمل بروح الفريق الواحد.
* تصوير: السيد رمضان