في العاشر من شهر مارس، تنطلق حفلة توزيع جوائز الأوسكار من جديد. من ناحية، هذا أمر طبيعي يقع كل عام. من ناحية أخرى، كل عام يختلف بأفلامه وفائزيه عن العام السابق.. هنا نقوم برحلة استكشافية لمعاينة خمسة أفلام هي الأقرب إلى خط النهاية من سواها.
POOR THINGS
أشياء بائسة
«أشياء بائسة»، يدور حول فتاة اسمها بيلا (إيما ستون، بحاجبين يختلفان شكلاً وسماكة من مشهد لآخر)، كان العالم غودوين باكستر غيّر نخاعها المعطوب بآخر معطوب أيضاً، لكنه قابل للتحسّن. فعل ذلك وسط ديكور من الشّرارات الكهربائية.
لم يعرف عن المخرج لانتيموس أنه منطقي التفكير. أفلامه السابقة (مثل «مقتل الغزال المقدّس» و«لوبستر») تمارس ساديتها على المشاهدين، ومثلها يفعل هذا الفيلم، ولو بلمسات خفيفة. إيما ستون تفتعل ما تؤديه على نحو يجلب بؤساً إضافياً.
THE HOLDOVERS
المستمرون
كعادته، ينطلق المخرج ألكسندر باين، من حبكة صغيرة تكشف عن أوضاع وأبعاد أكبر حجماً. في هذا الفيلم هناك أستاذ التاريخ القديم هونام، الذي لا يحبّه أحد. ملتزم بالتفاصيل. يهجو، ويسخر من طلابه وينتقدهم، وعندما يوزّع عليهم نتائج الامتحان فإن المشترك بين معظمهم هو العلامات المتدنية. هناك استثناء واحد من نصيب الطالب تولي الذي، رغم تفوّقه، لا يطيق هذا الأستاذ المتذمر، والخالي من اللطف، والذي يتفاخر بمعلّمه ومعلوماته. مدير المدرسة أول من يخبره أن عليه، لكي ينجح، أن يكون إنساناً في المقام الأول. لكن هونام لا يعرف كيف يكون شخصاً آخر. والفيلم ينتهي به وقد تحوّل، جزئياً، عن شخصيّته السابقة من دون أن يتخلّى عنها تماماً.
SOCIETY OF THE SNOW
مجتمع الثلج
فريق رياضي شاب في رحلة جوية للاشتراك في مباراة في الأرجنتين. الكل سعيد، والجو العام مريح، إلى أن بدأت الطائرة بالاهتزاز عندما أدرك قبطان الطائرة أنه بدأ الهبوط بها قبل مسافة كبيرة من المطار، ما نتج عنه اصطدامه بجبل من الثلج، ثمّ سقوطه في منطقة جبال الأنديز. ببراعة، وبتأنٍّ، يرصد المخرج كل ما يمكن أن يواجهه من بقي على قيد الحياة، من مصاعب وأزمات. وبعد أكثر من أسبوع تتوحد كل هذه الأزمات تحت عنوان واحد: كيف سيواصل الأحياء البقاء على قيد الحياة، إذا لم يأكل بعضهم بعضاً؟
ANATOMY OF A FALL
تشريح سقوط
بداية النهاية بالنسبة إلى البيت السعيد هي عندما يعلو صوت الموسيقى الضاجّة من غرفة الزوج، بينما كانت زوجته تحاول كتابة روايتها. تصعد إليه للاحتجاج. يقع جدال. ثم يسقط الزوج من الشرفة إلى الأرض، ويموت. هل قتلته؟ هل انتحر؟
المحكمة لا تبدو مقتنعة بدفاع الزوجة عن نفسها، وقولها إنها لم تكن معه في الغرفة حين رمى نفسه، بل تركته وانصرفت. ابنها (يعاني ضعف البصر)، لا يستطيع أن يكون شاهداً حاسماً في أي اتجاه. والسؤال يداوم البقاء في سماء معظم أحداث الفيلم. هذه دراما نفسية حول قتيل، بجريمة أو من دونها.
BARBIE
باربي
أنجح فيلم للعام الماضي، وأسخف فيلم في الوقت ذاته. حكاية لعب باربي (اسم الشركة المموّلة)، عبر شخصية امرأة واحدة تعيش في أرض تلك الألعاب ثم تحاول فهم عقلية الناس، والمجتمع البشري، فتنزح إلى المدينة حيث ترصد، وتلاحظ.
هناك بضع حسنات في الفيلم، لكنها لا تكفي لإنجاز ما هو جيد، أو مهم، بل تبقى الحبكة تحت قبضة الدوران حول نفسها، مع فراغ كبير يحيط بها.
OPPENHEIMER
أوبنهايمر
سيرة مقتطفة من حياة ج. روبرت أوبنهايمر، ذلك الذي أشعل البذرة الأولى للقضاء على ملايين اليابانيين بقنبلتين نوويّتين. لكن الفيلم، إذ يأتي على مسؤولية أوبنهايمر في ذلك، يبتعد عن نقده، أو معاداته، ولا يحاول تبرئته أيضاً. موقفه منه هو سرد تاريخي يتضمن، فيما يتضمّن، «شعوره» بالذنب، لكونه ابتدع القنبلة التي أودت بحياة أبرياء.
جيد، لكنه ليس أجود أفلام نولان، لأن المهمّة هنا صعبة، والحكاية شاسعة. لكنه ينجز ما يريد إنجازه حول الرجل، وحقبته الزمنية، وكيف صعد، ثم كيف سقط.