استكمل مهرجان «طيران الإمارات للآداب 2024» مسيرته الاحتفائية بالأدب، وحلّق، في دورته الـ 16، هذا العام، نحو آفاق أبعد في التعريف بالأدب الإماراتي عالمياً، حيث شكّل الكتاب الإماراتيون ثلث المشاركين من بين 160 كاتباً، إلى جانب مشاركة أسماء لامعة، بينها وزير الدولة للشباب الدكتور سلطان بن سيف النيادي، ورائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري، وكتاب وفنانون من بينهم الكاتب والشاعر علي أبو الريش الذي فازت روايته «الاعتراف» ضمن أهم مئة رواية عربية خلال القرن، والكاتبة ريم الكمالي التي تأهلت للقائمة النهائية للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2022 عن روايتها «يوميات روز»، والتي ترجمت إلى الإنجليزية، إضافة إلى مجموعة من الفنانين الإماراتيين في مجالات عدة.
وتمثلت الإضاءة على المواهب الإماراتية عبر فعاليات عدة، احتضنها فندق إنتركونتيننتال فيستفال سيتي - دبي، وكلها أرست للتفاعل مع نبض الأدب الإماراتي وتعزيز حضوره، ومنها إطلاق دار «ELF» للنشر التابعة لمؤسسة الإمارات للآداب، ثمانية إصدارات خلال المهرجان الذي افتُتح برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون، في دبي، عضو مجلس دبي.
ميثاء خياط تستعرض كتابَي لؤلؤة عائشة وكعكة عائشة
وتكامل إصدار هذه النتاجات مع هدف الدار ومهمتها نشر قصص الإماراتيين والمقيمين فيها حول المنطقة، وتدوين قصص الماضي، والحفاظ على التاريخ الشفوي للمنطقة في صيغة مكتوبة، كما تبدّى الدعم للكتّاب المحليين بمبادرات عدّة، واكبت المهرجان خلال سنوات انعقاده، ومنها رعاية هيئة الثقافة والفنون في دبي، «دبي للثقافة»، هذا العام، محور «بالإماراتي»، بهدف الاحتفاء بالثقافة الإماراتية، حيث اعتبر الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في «دبي للثقافة» أن «محور «بالإماراتي» يساهم في فتح الآفاق أمام المبدع الإماراتي، ويمثل فرصة لكل عشاق الأدب لاستكشاف تنوّع الإنتاج الأدبي المحلي».
وفي مجال الشعر، تصدّر ديوان «فتاة العرب»، لعوشة بنت خليفة السويدي، إحدى رائدات الشعر النبطي، باكورة تلك النتاجات، والذي جمعته الدكتورة رفيعة غباش، وترجمته إلى اللغة الإنجليزية الدكتورة نادية خوندنة، عضو مجلس أمناء جائزة فتاة العرب عوشة بنت خليفة السويدي، ومحاضر الأدب الإنجليزي بجامعة أم القرى، وناقدة وكاتبة ومترجمة أدبية، حازت الكثير من الجوائز».
تتوقف د. خوندنة عند أهمية ترجمة الأدب العربي إلى لغات أخرى، بكونها «خطوة جميلة وهامة، وبالأخص أن القارئ الغربي لديه شغف واهتمام كبير بترجمة هذا الأدب إلى لغات عالمية، وترجمة ديوان فتاة العرب هو نتاج جهد الدكتورة رفيعة غباش، صاحبة المبادرة، وصاحبة الفكرة، وهو كتاب موسوعي جمعت فيه جميع قصائد عوشة، وقدمت فيه سيرتها الذاتية لأول مرة للمجتمع الإماراتي، وأهنّئ الدكتورة رفيعة غباش بصدور الكتاب، ولجهودها الكبيرة في الحفاظ على تراث الإمارات، حيث خصصت قاعة مميزة حملت اسم عوشة في متحف المرأة، مجهزة بكل الوسائل العصرية».
أما الدافع للترجمة، فشرحته د. خوندنة: «لاحظت د. رفيعة غباش رغبة زوار متحف المرأة، وبينهم الألمان، في قراءة أشعار بلغاتهم، ما حدا بها إلى إنجاز الترجمة باللغة الإنجليزية، وتولّى معهد غوته في دبي مهمة ترجمة الديوان إلى الألمانية».
وحول التحديات، تشير خوندنة إلى أن ترجمة الشعر من أصعب أنواع الترجمة، وبالأخص من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية، لأن الشعر المقفى والموزون يفقد الكثير عند ترجمته إلى اللغة الإنجليزية، ولكن تبقى روح النص، وتبقى الرسالة، ويبقى المعنى، وأبرز الصعوبات التي قد يواجهها أي مترجم هي المسائل الثقافية، لأن لكل مجتمع خصوصيته الثقافية».
وتوضح: «من الصعب ترجمة الأمثال، ولكن نسدد ونقارب، وحتى الأغاني الشعبية التي تعني الكثير للكاتب، وقد أوردها في السياق للتعبير عن واقع، أو موقف، أو حين الاستشهاد بآيات من القرآن الكريم، لأن هذا أسلوب حياة بالنسبة إلينا، فأوردها في معظم الأحيان، وأوصل روح النص ومضمون الرسالة».
وتوجز د. خوندنة: «هذا الكتاب هو ترجمة قصائد عوشة، ويؤكد أن الشعر ذاكرة للمجتمع، حيث إنّ «فتاة العرب» لم تحفظ اللهجة الإماراتية فقط، بل حفظت تاريخ وجغرافيا وعادات مجتمعية، ووثقت كثيراً من هذا الجمال، والتاريخ، والأدب، والهوية للإمارات، ولأهل الخليج للعالم العربي، ما يعني الكثير من القوة الناعمة».
وكانت أحلام بلوكي، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب، ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب، والمديرة الإدارية لدار «ELF» للنشر، أكدت أن إطلاق هذه المجموعة من الكتب، ستساهم في نشر الأدب المحلي عالمياً، وإبراز أصوات الكتاب المحليين، والعمل من خلال ترجمة الأعمال من العربية إلى الإنجليزية، وتعزيز وصول مواهب المنطقة وتوفير فرص لجعل مهنتهم في الكتابة مستدامة، داعية جميع الكتّاب الطموحين إلى مشاركة مسوداتهم معنا.
فالترجمة يمكن أن تكون فرصة لاستلهام روح الكتابة الحقيقية، وفتح آفاق جديدة للأدب الروائي.
تشيب روستي يوقع «يوميات روز» للكاتبة ريم الكمالي
وفي الأدب الروائي، أطلقت الدار كتاب «يوميات روز»، للكاتبة ريم الكمالي؛ وصلت الرواية إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2022، وترجمها إلى اللغة العربية، المترجم تشيب روسيتي، مدير تحرير سلسلة مكتبة الأدب العربي في جامعة نيويورك أبوظبي حاصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة بنسلفانيا، وتناولت الرواية حقبة مفصلية من تاريخ الإمارات.
وتضمّنت الإصدارات الجديدة مجموعة متنوعة من الكتب في أدب الأطفال، والأدب الروائي، وغير الروائي، منها كتاب «كعكة عائشة»، من تأليف الكاتبة جوليا جونسون، ورسم الفنانة ميثاء خياط، ويروي مغامرات فتاة إماراتية مع جدّها.
وتم إصدار كتاب مصور للأطفال «تنين يدعى أزرق»، للكاتبة ابتسام البيتي، وكتاب «موسوعة الإمارات العربية المتحدة»، وهو دليل تعريفي وتفاعلي حول دولة الإمارات وموقعها الجغرافي، وثقافتها، للكاتبة فرانشيسكا أفليك، ويعتبر بمثابة الكتاب المثالي لمحبّي الاستكشاف من جميع الأعمار، إلى كتاب «لولي بخير تماماً» من تأليف ويندي ميدور.
وتم إصدار كتاب خارج حدود هذا العالم، وهو كتاب يعرض مقتطفات حصرية من مهمة رائد الفضاء الإماراتي الدكتور سلطان النيادي التي دامت لأشهر، على متن محطة الفضاء الدولية.
وتتبدّى إيجابيات ترجمة النتاجات الأدبية الإماراتية إلى اللغة الإنجليزية، أو اللغات الأخرى، بحسب الآراء المشاركة في المهرجان، في التسويق الجيد للثقافة الإماراتية للجمهور العالمي، وكذلك تمكين الكتّاب الإماراتيين من الوصول إلى قاعدة جماهيرية أوسع، وتعزيز التبادل الثقافي بين الكتّاب والقرّاء من مختلف الثقافات، وتعزيز الهوية الوطنية من خلال نقل صورة إيجابية عن الثقافة والتقاليد الإماراتية، وتعزيز حوار ثقافي أكبر بين الشعوب، وتقارب القيم والتجارب الإنسانية، إلى إسهام الأعمال الإماراتية في إثراء المشهد الأدبي العالمي بأصوات وقصص جديدة وفريدة، تعكس التنوع الثقافي.
يشكل مهرجان «طيران الإمارات للآداب» منطلقاً لدعم الأعمال الإماراتية واختيار ذات الجودة منها، وترجمتها والترويج لها من باب تعزيز رؤية الأدب الإماراتي، وجذب الانتباه الدولي له، في ظل دعم الكتاب والمبدعين من قبل الجهات الحكومية لتعزيز الترجمة وترويج الأدب الإماراتي.
ومن الفعاليات الجديرة بالإحاطة، الإعلان عن المتأهلين للدورة الثالثة من برنامج «الفصل الأول: زمالة الإمارات للآداب وصِدِّيقي للكتّاب»، البرنامج الإرشادي الأول من نوعه في المنطقة لدعم الكتّاب المحليين الواعدين.