ستيلتو
استطاع عدد من المسلسلات التركية المعرّبة تحقيق نجاح لافت على مستوى الوطن العربي بأكمله، بل وأثنى عدد كبير من المشاهدين على النسخ العربية، مقارنة بأصلها التركي، من حيث التمثيل، والاختيار الجيد للممثلين، كما استطاعت هذه الأعمال المعرّبة أن تخلق نجوماً ومشاهير حققوا نجاحات كبيرة من خلالها، وصاروا أهمّ من السابق.
من أبرز هذه الأعمال «عروس بيروت»، بجزأيه الأول والثاني، وهو من بطولة ظافر العابدين، وكارمن بصيبص، ومرام علي، والمأخوذ عن التركي «عروس إسطنبول»، ومسلسل «ستيلتو» بطولة قيس الشيخ نجيب، وريتا حرب، وديما قندلفت، وكاريس بشار، وهو المأخوذ عن التركي «جرائم صغيرة»، ومسلسل «الثمن» بطولة رزان جمال ونيكولا معوض، وباسل خياط، وهو المأخوذ عن العمل التركي «ويبقى الحب»، وكذلك مسلسل «كريستال» بطولة خالد شباط، وباميلا الكيك وستيفاني عطا الله، وهو مأخوذ عن التركي «حرب الورود»، وأخيراً مسلسل «الخائن»، بطولة سلافة معمار، وقيس الشيخ نجيب، ومرام علي، وريتا حرب، وهو مأخوذ عن مسلسل تركي يحمل الاسم نفسه.
وقد استطاع مسلسل «الخائن»، المعروض حالياً على شاشة MBC، أن يخطف الأنظار، ويلفت الانتباه إليه، لدرجة أن رواد الـ«سوشيال ميديا» أقاموا عدداً من المقارنات بمقاطع فيديو قصيرة بين النسخة العربية والتركية، ورجّح كثيرون كفة النسخة العربية، بسبب الأداء المميز للفنانة السورية سلافة معمار.
ولكن رغم النجاح الجماهيري لبعض هذه الأعمال المعرّبة، إلا أن كثيراً من المتابعين ومؤلفي للدراما وصنّاع للفن، انتقدوا هذه الأعمال بشدّة، على اعتبار أنها ليست إلا ترجمة حرفية للعمل الأصلي، مع اختلاف الفنانين، واللغة المقدم بها العمل فقط، حيث يتم التصوير في أماكن النسخة التركية نفسها، وبالنص الحواري نفسه، وترتيب الأحداث نفسه، وكذلك الأزياء وكادرات التصوير نفسها، فضلاً عن اتّهامها بأن فيها كثيراً من الأحداث البعيدة عن عادات المجتمع العربي. ويبقى السؤال الأهم: هل النجاح الجماهيري لهذه الأعمال قد يشجع على مزيد من إنتاجها، وانتشار تقديمها على مستوى الوطن العربي، وعدم اقتصاره على اللهجة اللبنانية فقط؟
كلوديا مارشيليان
وقد أجابت المؤلفة اللبنانية كلوديا مارشيليان، في تصريحات لـ«كل الأسرة» على هذه التساؤلات بقولها «هذه الأعمال صحيح أنها قدمت باللهجة اللبنانية، ومن المفترض أن أحداثها تدور داخل لبنان، إلا أن أغلب الفنانين فيها سوريون، بجانب اللبنانيين، ومن تونس أيضاً. وتقديم الأعمال المعرّبة فكرة جديدة، وموضة إذا أردنا وصفها بدقة، فهي حالة خاصة، وبعيدة عن فكرة الاقتباس كلياً، ونستطيع وصفها بأنها ترجمة لما يحدث في العمل الأصلي، لأنهم يعودون إلى أماكن التصوير نفسها، وحتى المخرج نفسه، مع الاستعانة بورشة كتابة عربية، تكتب الجمل الحوارية نفسها تقريباً، ولكن بالتقاليد التركية، مع تعديلات بسيطة جداً، تكاد لا تذكر، لأنها مشاهد قد لا تكون مقبولة في مجتمعنا العربي أبداً. وبالتأكيد هذا ليس له علاقة بالاقتباس، لأن الاقتباس أنا سبق وقدمته أكثر من مرة، من خلال مسلسلات «روبي» المقتبس عن عمل مكسيكي، و«فرصة ثانية» و«آدم وحواء» المقتبسين من عمل كندي، وغيّرت كثيراً من الأحداث، وكتبت هذه الأعمال بما يتوافق مع مجتمعاتنا، ورؤيتي الخاصة للأحداث وترتيبها».
وأوضحت مارشيليان سبب نجاح هذه الأعمال المعرّبة «رغم أنه باستطاعة الجمهور مشاهدة العمل الأصلي من دون ملاحظة أي تغيير كبير بين النسختين، إلا أنه يمكن للمشاهد الشعور بأن هذه الأحداث لا تشبه كثيراً المجتمعات العربية، وأماكن التصوير جديدة وجذابة للغاية، وهذه الأعمال أحدثت ضجة لأنها نوعية جديدة كلياً. وإذا راجعنا التاريخ الدرامي سنجد أن أي نوعية جديدة تظهر تحدث ضجة، وصخباً، ونجاحاً طبعاً، مثلما حدث مع نوعية «السوب أوبرا» أي المسلسلات الطويلة، والبان أراب، وبمجرد انتشارها ونجاحها يعتادها الجمهور، ثم تختفي بالتدريج»، وأكدت «أنا لست ضد أي نوعية يحبها الجمهور، ويتفاعل معها، لأن كل شخص له متعته الخاصة، وشغفه، وبحثه عن الكيفية التي يرفّه بها عن نفسه».
مسلسل كريستال
رغم ذلك، إلّا أن كاتبة سيناريو مسلسل «روبي» الشهير، بطولة سيرين عبد النور، أوضحت أنه لو عُرض عليها كتابة السيناريو والحوار لأحد هذه الأعمال المعرّبة ستوافق ولكن بشرط «إذا عرض عليّ كتابة سيناريو وحوار لعمل معرّب فبالتأكيد هذا الأمر سيأخذ مني تفكيراً طويلاً. والملحوظة الأكبر لديّ على هذه الأعمال أنها لا تشبه مفرداتنا العربية، أو واقعنا العربي، وعاداتنا، ولو عُرض عليّ سأقبله، ولكن سأكتبه بمرجعيتي الشخصية وبما يتوافق مع قناعاتي. ومع الأسف، كثير من الكتاب الذين كتبوا هذه الأعمال لم يفكروا في تقريب النص لمجتمعنا العربي بما فيه الكفاية، واكتفوا بالترجمة، وهذا فخ كبير لأي مؤلف بالطبع».
ولكنها أكدت أن هذه الأعمال ستستمر طالما أنها تحوز نجاحات كبيرة، ويشاهدها الجمهور بقوة.
وعن سؤال حول حجم الخسارة التي قد تعود على الفنان الذي يشارك في هذه الأعمال لأنه لم يقدم إبداعاً خالصاً لنفسه، نفت مارشيليان هذا الأمر، وأكدت أن العكس هو ما يحدث، حيث يربح الفنان كثيراً من وراء مشاركته في هذه النوعية، وبعضهم حقق شهرة، ونجاحاً، وانتشاراً لم يكن يحلم به، أمثال كارمن بصيبص، وباميلا الكيك، وستيفاني عطا الله، ورزان جمال، مؤكدة أن الخسارة الحقيقية ستقع على عاتق سيناريست كبير يقبل أن يكون دوره مقتصراً على الترجمة فقط، من دون أيّ إبداع كتابي ملموس.
* القاهرة: منة عصام
اقرأ أيضاً: ورد الخال: لا أحب المسلسلات التركية وأنا أملك خفة روح في لعب الكوميديا