قالوا إن جوائز «غولدن غلوبز» انتهت، ولم يعد لها أثر، إلا حين النظر إلى أرشيفات الأعوام السابقة. لكن ها هي تطلّ من جديد بقوائم رائعة، مؤكدة حضورها اليوم في موسم المناسبات والجوائز.
لن تأتي مناسبة كبيرة كالأوسكار، أو الـ«غولدن غلوبز»، أو البافتا، بما يتّفق عليه كل النقاد والإعلاميين والسينمائيين. سيبقى السؤال حول سبب وجود هذا الممثل، أو المخرج، أو الكاتب في هذه المسابقة، أو سبب غيابه عنها. لكن ترشيحات الـ«غولدن غلوبز» الخاصّة بالتمثيل ضمنت هذا العام عدداً أعلى من القبول عموماً. هناك استثناءات، لكنها قليلة. وهناك توقعات مسبقة لأسماء كان من غير الممكن إغفالها، وورد ذكرها فعلاً.
هذا واضح في قسمَي أفضل ممثل في دور كوميدي أول، وأفضل ممثلة في دور كوميدي أول.
جائزة أفضل ممثل.. «كيليان مورفي» أم «خواكين فينكس»؟
بالنسبة إلى الممثلين الذكور كان لابد أن نجد اسم سيليان مورفي عن دوره في «أوبنهايمر»، تلك الشخصية الحقيقية التي اخترعت الذرّة، وباركت استخدامها ضد اليابان، ثم تذكّرت حجم الخسائر البشرية فندمت. كأي ممثل جيد تعرّف مورفي إلى الشخصية التي سيمثلها، وجرّبها قبل أن يقتحمها بهدوء محسوب.
هذا ما فعله أيضاً واكين فينكس، في «نابليون» مع اختلاف بيّن، وهو أن هناك معاصرين ووثائق مصوّرة عن أوبنهايمر، وليس هناك هذا النحو من المراجع بالنسبة إلى نابليون. كتابات فقط. هذا ما منح فينكس يداً طليقة في اختيار طريقته في تمثيل الشخصية.
لكن فينكس ليس متسابقاً في هذه الجائزة (بل في سواها)، لأن التصويت بوشر به قبل عرض فيلمه «نابليون». وما هو مؤكد أنه سيكون من بين المتبارين للفوز بأوسكار أفضل ممثل، حين يأتي دور هذه الجائزة.
الترشيح الذي ناله فينكس هو عن فيلم «بو خائف» (Beau is Afraid) الدامج للغرابة والتخويف، وقليل من الطرافة في عمل واحد، كان تم عرضه في ربيع العام الجاري. لكن من غير المتوقع خروجه بجائزة، استحق ذلك أو لم يستحق. هذه غالباً ما سينتزعها سيليان مورفي.
ممثلون يتنافسون على جائزة الأفضل
منافسو سيليان مورفي هم مجموعة، إلا إذا باغته حصان أسود، وهناك أكثر من واحد: مات دامون عن دوره في «هواء»، وبول جيامتي عن دوره في «المستمرون»، وتيموثي شالامات عن «وونكا» (افتتح في بريطانيا مؤخراً)، وجفري رايت عن «أميركان فيكشن»، كما نيكولاس كايج عن «دريم سيناريو» (Dream Scenario)، وإذا كان هذا الممثل سيفوز بجائزة أولى يوماً (وكان سابقاً فاز ببعضها)، فإنه سيكون عن هذا الفيلم الكوميدي الجيد.
المستحقون هم مورفي، ورايت، وجياماتي، لكن الحظوظ هنا متساوية بين معظم من تم ذكرهم، أي باستثناء مورفي.
أسماء أنثوية.. جائزة أفضل ممثلة
في الجهة المقابلة، فإن الأسماء الأنثوية التي تخوض مسابقة أفضل ممثلة في فيلم كوميدي، أو موسيقي، مولّفة أيضاً من ستة أسماء (عوض خمسة أسماء كما التقليد السابق).
أكثرهنّ حظوة مارغوت روبي عن «باربي». وبصرف النظر عن قيام جيش من النقاد الأمريكيين بمدحها في هذا الفيلم (ومدح الفيلم طبعاً)، فإن ما قامت به هو نوع من التمثيل الطبيعي الدارج. التمثيل الذي يترك فيه المخرج للممثل، أو الممثلة، أن يكونا طبيعيين. هذا يسهّل المهمّة إلى حد بعيد، لأن الاختيار الآخر هو دخول الشخصية حسب المنهج الذي يقتضي إزالة الفوارق بين الممثل والشخصية التي يؤديها، حتى وإن منحها حضوره.
على هذا الأساس، فإن الاستحقاق الأجدى هو لإيما ستون عن «أشياء بائسة»، ولنتالي بورتمن عن «ماي ديسمبر». باقي الممثلات هن ألما بوستي التي لعبت دورها في «أوراق شجر متساقط»، ببراعة، هي الفتاة الشابة التي تخلو حياتها من البهجة، عندما تلتقي برجل قد يكون مناسباً لعلاقة تدرك أنه ليس أهلاً لدخول حياتها لأنه مدمن شرب. وطوال مشاهدها تتقمّص دورها بكل ما يجب أن تحتويه الشخصية من حزن، ينعكس على وجهها بسهولة. قد يكون ترشيحها عاطفياً نتيجة فهم المقترعين لشخصيتها، ومنوال حياتها.
في كل الحالات وجودها عن هذا الدور تقدير جيد، ما هو مناف للواقع أن تدخل مسابقة الفيلم الكوميدي لكون «أوراق شجر متساقطة» أبعد بكثير عن أن يكون كوميدياً، حتى ولو اعتبره البعض كوميديا سوداوية.
هناك جنيفر لورنس عن «لا مشاعر حادة» (No Hard Feelings) كوميديا رومانسية سيئة في كل النواحي، بما في ذلك دورها.
أفضل منها هي الممثلة الجديدة على مثل هذه المناسبات فانتازيا بارينو، عن دورها في «اللون أرجواني». مرّة أخرى، هي قد تستحق الترشيح لكن الفيلم ليس كوميدياً على الإطلاق.
الدراما في جوائز «غولدن غلوبز»
على صعيد التمثيل الدرامي النسائي تقتحم الممثلتان أنيت بانينغ، وجودي فوستر، الفرصة بثبات. الأولى تدخل سباق أفضل ممثلة درامية، والثانية تدلف سباق أفضل ممثلة مساندة. كلاهما عن فيلم NYAD (حول امرأة في الستين من العمر، تحدت سنّها وفازت بسباق سباحة). المنافسات الخمس الأخريات لديهن حظوظ متقاربة. حتى بانينغ لا يبدو أن الاختيار سيرسو عليها، لكن إذا لم يفعل فإن التوقعات صعبة في هذا المجال. هناك ليلي غلادستون عن «قتلة مون فلاور»، وساندرا هولر عن «تشريح سقوط» و«غريتا لي عن «حيوات سابقة»، وكاري موليغن عن «مايسترو» ثم كايلي سبايني عن «برسيليا».
كانت غلادستون قطفت جوائز عدة، مؤخراً، عن دورها في «قتلة مون فلاور»، من بينها جائزة نقاد نيويورك، وجائزة «ناشنال بورد أوف ريفيو»، وجائزة غوثام النيويوركية أيضاً. هذا يمنحها علاوة عن باقي الممثلات هنا، لكن هناك مشكلة لدى هذا الناقد، وسواه، وهي أن دور غلادستون، بصرف النظر عن موهبتها، محدود. الفيلم لا ينطلق، أو يتمحور حولها، ولا يقدّمها بحجم البطولة. هذه البطولة موزّعة بين روبرت دي نيرو، وليوناردو بيكابريو.
والممثلة التي قد تنتزع هذا الاحتمال من ليلي غلادستون هي الألمانية ساندرا هولر عن «تشريح سقوط» (Anatomy of a Fall).
على الجانب الرجالي تختلف المقاسات: هناك ليوناردو ديكابريو عن «قتلة فلاور مون»، وهو أدّى الدور بشحنة قلقة طوال الوقت، ما قلل من فرص تقديمه تعابير أخرى. الحق ليس عليه بل على الكتابة التي منحته ذلك اللون الواحد معظم الوقت. سيليان مورفي، هو الأوفر حظاً عن «أوبنهايمر»، كما تقدّم، ولا وجود لحصان أسود إلا إذا أقنع برادلي كوبر المقترعين بأنه ممثل جيد في «مايسترو»، كما كان جيداً في سواه.
الآخرون هم كولمن دومينغو عن Rustin، وباري كيوغن عن Saltburn، وأندرو سكوت عن All Us Strangers
وبالنسبة إلى الممثلين المتنافسين في الأدوار المساندة، هناك بضعة أسماء مثيرة للاهتمام. نعم رايان غوزلينغ موجود عن «باربي» تسانده ابتسامته، وتخونه القدرة على منح الشخصية شيئاً خاصاً.
روبرت داوني جونيور أفضل منه بمرّات في «أوبنهايمر»، دور قصير إلى حد ما، لكن شغل الممثل عليه مثل الطابع على رسالة بريدية قبل اختراع الإيميل. هناك روبرت دي نيرو بالطبع عن «قتلة فلاور مون»، وهو من بين مستحقي الفوز، لكن الفوز فعلياً هو أمر آخر.
على نحو أقل طغيانا، تشارلز ملتون عن «ماي ديسمبر»، ومارك روفالو عن «أشياء بائسة»، ووليام دافو عن الفيلم ذاته.
نسائياً، تتنافس جوليان مور عن «ماي ديسمبر» ضد جودي فوستر عن NYAD، وإميلي بُلنت عن «أوبنهايمر». الأقل حظوة (حتى الآن على الأقل) هن روزامند بايك عن دور جيد لها في «سولتبيرن»، ودانيال بروكس عن «اللون أرجواني».