بين عيد الاتحاد والأسرة الإماراتية ارتباط استثنائي.. وفي العيد الـ52، تشرع العائلة الإماراتية أبواب الفرح، وتحتفي بالعيد على طريقتها، ليتقاطع نبض الإنجاز عند مفترق اتحاد قوي أرسى دعائمه ليكون الإيمان بالمستحيل هو المرتكز.
فاطمة عابدين: عيد الاتحاد احتفالية تطلّ على الماضي من بوابة الحاضر
الاحتفال مع أسرة الإعلامية في قناة سما دبي، فاطمة عابدين، بعيد الاتحاد الـ52 احتفال مزدوج، فهي تحتفل بالعيد خلال دوامها وتغطيتها الإعلامية لأنشطة تواكب عيد الاتحاد الـ52، كما تحتفل في الجزء المتبقي من النهار مع الأسرة، وسط الزينة، وتقطيع قالب حلوى خاص بالمناسبة وتذوّق الأطباق الشعبية.
فالجدّة منيرة عبدالكريم تشارك أحفادها الاحتفال، وترصد مزايا قيام الاتحاد، وتستذكر المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، «الحكيم والكريم»، كما تصفه، مستعيدة معه مسيرة زوجها الذي كان من أوائل الذين درسوا الطب في الدولة، وهو الدكتور محمد عابدين.
تقول «شهدت الدولة مع الاتحاد تحوّلاً كبيراً في كل المجالات، ولم يكن الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، يميّز بين مواطن ومقيم، وهي مسيرة مستمرة مع قادتنا. أذكر كيف كان زوجي يحيي، سنوياً، ذكرى المغفور لهما الشيخ راشد والشيخ زايد، بالدعاء لهما، مع أملي بأن يحافظ الجيل الجديد على الموروث القيَمي للاتحاد».
بدورها، تقف الإعلامية فاطمة عابدين مطوّلاً أمام مفهوم الاتحاد ورمزيته «في كل عيد، أشهد ولادتي من جديد، كفرد من أفراد شعب هو الأسعد في العالم، حيث نتلمس ملامح الخير، والأمان، والتسامح، والرفاهية والسعادة، لدى المواطن والمقيم».
هذا الشعور الذي يغمر تلك الإعلامية هو نتاج معايشتها للكثير من الشرائح خلال عملها «الاحتفال بعيد الاتحاد يطلّ بنا على «ورود» في الطريق نقطفها تباعاً عبر الشعور بالأمان، وتوفير أفضل تعليم، وجودة الرعاية الصحية، وبحكم عملي كإعلامية، أدرك مدى تماس المقيمين وتماهيهم مع قيم دولتنا، وشعورهم بالأمان في ربوعها، ومدى احتواء القادة، لنا ولهم، من منطلق الأبوّة».
في عيد الاتحاد، تذكّر فاطمة عابدين أبناءها دوماً، بقصة العجوز الذي استدعى أبناءه قبل وفاته، وطلب منهم أن يكسروا حزمة من العِصيّ مجتمعة، ولكنهم فشلوا، فما كان من الأب إلا أن فرّقها، وأعطى كل واحد منهم عصا، ليكسرها بسهولة، ويبيّن لهم أن «الاتحاد قوة».
فالاحتفال بعيد الاتحاد يشكّل فرصة للأم فاطمة عابدين في أن تستحضر طفولتها، وخوضها مجال الإعلام عبر برنامج «زهور الغد»، كأول برنامج قامت بتقديمه على شاشة تلفزيون دبي، وتستعرض فيه مزايا الاتحاد ومآثره، وهي تنقل كل تلك المآثر إلى أبنائها: منيرة، ميرا، ومحمد.
فالاحتفال هو يوم من الفرح الاستثنائي بكل فصوله بالنسبة إلى الأبناء الذين يعايشون اليوم بكل تفاصيله، ويرتدون الزيّ الإماراتي، ويتوشحون العلم، تبين منيرة «في هذا اليوم، نرتدي الزيّ الإماراتي، ونرفع العلم، وننشد نشيدنا الوطني، ونزيّن المنزل بألوان العلم».
وتشارك ميرا أختها الفرحة وتنشدان معاً، ولكن الصورة الراسخة التي تتوقف عندها هي «صورة بابا زايد وبابا راشد عندما اتّحدا».
ولا يتوقف الفرح عند حدود المنزل. فكلتا الطفلتين تشارك في احتفالية المدرسة وفي الطابور الصباحي، وحتى في فقرات إذاعية، واستعراضية تحلّق بها إلى آفاق من الفخر والتلاحم.
مها المازمي: استثمر الاحتفال بغرس قيم الاتحاد لدى أبنائي والاحتفاء بتاريخنا
يأخذ الاحتفال الكثير من الأشكال، إلا أنه يتقاطع عند الكثير من مظاهر الاحتفاء بهذه المناسبة، وبالأخص في الأزياء والأطباق الإماراتية، والزينة، مع اختلاف مكان الاحتفال.
تحتفل مها المازمي، عضو جمعية الاتحاد النسائية بالشارقة، سنوياً، مع عائلتها، وينصبّ اهتمامها على إضافة لمسات تراثية تحاكي ماهية المناسبة «أحرص على إعداد الأطباق الشعبية التي تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هويتنا، ولم تزل تحافظ على أصالتها إلى اليوم»، واللافت أن تلك الأطباق تواكب يوميات العائلة، الخبيصة، البلاليط، الخمير، والدانغو، واللقيمات، وغيرها.
رؤية شاملة تؤطر احتفال المازمي بعيد الاتحاد «أحرص على استثمار الحدث مع أبنائي في طريقة التربية، حيث أغرس، عبر الحوارات معهم وسرد القصص، قيَماً وطنية، منها الولاء، والانتماء، وحب الوطن، والعمل الخيري، وكرم الضيافة، والتسامح، والمساواة، ونتبادل الحوارات حول مفهوم وماهية الوطن، وواجباتنا تجاهه، ويشمل ذلك سيرة الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، وفضله علينا، في ظل دوره المحوري في تأسيس الاتحاد، وإنجازاته في ترسيخ نهضة الدولة، وأُطلعهم على صوره ليترسخ في ذاكرتهم، ويواظبون على الدعاء له بالرحمة».
وتحرص المازمي على أن تكون مظاهر الاحتفال بعيد الاتحاد ظاهرة «نباشر بالتجهيز للاحتفال قبل وقت، ليشعر الأبناء بأهمية المناسبة، ونحتفل مع العائلة الكبيرة في بيت الجد، ليدركوا أن هذه المناسبة هي عزيزة على قلوب الكبار والصغار، حيث يرتدي الكل الزيّ الإماراتي، ونردّد النشيد الوطني معاً، كما ننظم فقرات ومسابقات تتعلق بأسئلة تخصّ تاريخ الإمارات، لأن الاحتفاء بالعيد هو احتفاء بتاريخنا وقِيمنا».
آمنة الصايغ: بيت العريش واستحضار الأواني التراثية
تحتفل آمنة الصايغ، عضو جمعية الاتحاد النسائية في الشارقة، بعيد الاتحاد الـ52 بكثير من الفخر، وتزيّن المنزل بألوان العلم الإماراتي وتعّد الأطباق التقليدية لكون «التراث جزءاً لا يتجزأ من مسيرة دولتنا»، كما تقول.
وفي معادلة الانتماء للوطن، تجد الصايغ في كل ما يدلّ على الماضي «صورة بهية»، تعيد فيها لحظات قيام الاتحاد «في كل عام أقيم بيت العريش، وأستحضر كل الأواني التراثية من فوانيس، وقدور قديمة، والكولة (الموقد القديم)، ونرتدي أزياءنا التراثية و«نحنّي» العيال، ونلبسهم أجمل الأثواب ذات الطابع التقليدي، لأن الاتحاد هو عيد وفرحة تتجاوز الأعياد الأخرى».
أما أكثر الأطباق التي تجذب الأبناء والأحفاد فهو الهريس، مع إقبالهم على تذوّق الأطباق الأخرى من دانغو، خبز خمير، العرسية، خبز جباب، الخبيصة، البلاليط بالمكسرات، البلاليط بالبيض، الفندال (البطاطس الحلوة)، الزلابية واللقيمات، والبثيثة التي تعدّها مباشرة أمام الجميع.
الفرح، منظومة متكاملة تواكب تفاصيل هذا اليوم العزيز على قلوب الإماراتيين، وبالأخص قلب الصايغ، الأم لـ٤ أبناء، و4 بنات، والتي تشير إلى تمسك أبنائها وأحفادها بالأطباق التراثية «نجتمع كأسرة كبيرة في عيد الاتحاد في منزل واحد، حيث أسرد الكثير من حكايا الاتحاد على مسامع أحفادي الذين، بدورهم، يعرفون الكثير عن تاريخ دولتهم، بيد أن حكاياتي تلامس قلوبهم، لكوني عشت مرحلة قيام الاتحاد ويعني لي الكثير من الفرح الغامر».
وما زالت تلك اللحظات راسخة في رأسها «شهدت إعلان قيام الاتحاد أمام شاشة التلفاز، وقدِم الخير على بلادنا بفعل هذا الإنجاز، وقد انصبّ اهتمام الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، على إعمار الإمارات الأخرى لتحقيق التوازن والازدهار في كل المجالات، وها هم أبناؤه يستكملون المسيرة».
وتؤمن الجدة، بقوة الاتحاد وتواظب على إخبار أحفادها قصة الاتحاد، وكيفية تأسيس دولة لها مكانتها الراسخة وسط الدول «هي حكاية لا تنتهي ولا نتوقف عن تكرارها».
فاطمة المغني: نحتفي بالعيد في البر ونستحضر كل ما يتعلق بالتراث
في عيد الاتحاد، تخطط الباحثة في التراث فاطمة المغني مع أسرتها الكبيرة لقضاء يوم استثنائي «سابقاً، كنا نحتفل بعيد الاتحاد في البيت، ولكن في السنوات الأخيرة، كبرت الأسرة، وبات الخروج إلى البر خياراً قائماً».
تقيم الأسرة الخيم، ويتم تنظيم فعاليات تراثية تشمل أسئلة عن معالم وتاريخ وتراث الدولة، إلى حكايات وأمثلة عن حياة الأجداد، حيث تتجلى مهمة الجدة الدؤوبة، فاطمة المغني، في المواظبة على تعليم أحفادها العادات والتقاليد، وكل القيم التي يرتكز إليها الاتحاد، وبالأخص أنها أقامت في منزلها متحفاً يحاكي مفردات التراث وأصالته.
ويتزين المعسكر الذي تقيمه العائلة بألوان العلم الإماراتي، وبزينة عيد الاتحاد، ويشارك الأحفاد في الزينة، وكذلك الشباب الذين يعبّرون عن حبهم وفخرهم بهذه المناسبة، وحتى يشاركون في إعداد «الصالونة البدوية»، والإيدام، والحرص على أن يكون «يوماً استثنائياً متخماً بكل ملامح التراث من طعام وأزياء من المخور والتلي واستحضار الألعاب ذات الطابع الشعبي».
ولا تتوانى الجدّة عن سرد حكايات الزمن الجميل والاتحاد على مسامع الصغار. وترسيخ صورة مؤسس الاتحاد، المغفور له الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في أذهان الجيل الجديد «ليست بالمهمة الصعبة لكون الصغير منهم يعشق اسم زايد، ويرصد صوره المنتشرة في الشوارع، وعلى السيارات، وعلى لافتات وأبواب المنازل».
فالطقوس الإماراتية هي التي تزيّن عيد الاتحاد، وتوجز الباحثة فاطمة المغني «نعيش ثلاثة أيام من الماضي الجميل بطقوسها، ونبعد الأحفاد عن الأجهزة الإلكترونية ليتسنّى لهم تقدير ما نقدّمه من أبعاد الاحتفالية وقيم لا يمكن تحصيلها إلا بالتواصل الفاعل بين الأجيال المتعاقبة لإيصال رسالة الاتحاد ومرتكزاته».
* تصوير: السيد رمضان