تستضيف مدينة إكسبو دبي مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» لكونها وجهة استثنائية و«مدينة للمستقبل» تنتهج الاستدامة، كما توظف الممارسات الابتكارية والإبداعية والتكنولوجية في مواجهة تحديات المناخ.
سمية آل علي
في حوارنا، نطل مع ، نائب رئيس الشراكات الحكومية والمتحدث الرسمي باسم مدينة «إكسبو دبي»، على أهمية استضافة «COP28» في إكسبو دبي وتماهي هذه المدينة مع مبادئ الاستدامة البيئية والحياد الكربوني في الدولة ومع النهج التوعوي بثقافة الاستدامة.
من «إكسبو 2020 دبي» إلى «COP28»، ما أبعاد استضافة هذا الحدث العالمي في إكسبو دبي؟
تسعى دولة الإمارات، عبر تعزيز التعاون مع دول وشعوب العالم واستضافة الأحداث الدولية، إلى رسم ملامح عالم أفضل، وعندما رحبت دولة الإمارات بالعالم في «إكسبو 2020 دبي»، قدمنا إكسبو عالمياً واستثنائياً، واستطعنا فيه توحيد الجهود العالمية لاتخاذ إجراءات وقرارات مؤثرة بشأن العديد من القضايا المهمة للإنسانية، وليس لدينا شك في أن الدولة ستحقق أيضاً الأهداف التي وضعتها لاستضافة مؤتمر المناخ «COP28» والتي من شأنها الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ والإسهام في تجاوز تحديات المناخ.
كيف تتلمسين نتائج هذه الاستضافة عمليا؟
نحن فخورون باستضافة مؤتمر المناخ «COP28»، وستعمل مبادرات دولة الإمارات وبرامجها المتنوعة، التي تهدف إلى إيجاد حلول واقعية لمشاكل الانبعاثات، وهدر الطعام، والطاقة والمياه، وغيرها، على توحيد الجهود الهادفة للوصول إلى الاستدامة البيئية والمناخية. كما تعزز استضافة دولة الإمارات لمؤتمر المناخ دورها ومكانتها الرائدة في القضايا التي تهم العالم، انطلاقاً من نهج الإمارات القائم على التعاون والعمل المشترك لتوحيد الجهود والتوصل إلى حلول حقيقية وعملية.
وتعتبر مدينة إكسبو دبي نموذجاً فعلياً لمدينة تحتضن الحياة الحضرية المستدامة، خاصة مع وجود الخبرات والكفاءات التي تضعها في مقدمة الوجهات الرائدة في هذا المجال، وتأتي استضافة مؤتمر «COP28» لتؤكد أن الهدف مشترك والرسالة واحدة، وهي العمل نحو تحقيق الاستدامة البيئية ومواجهة تحديات تغير المناخ حيث تسعى الإمارات إلى إلهام المجتمع المحلي والدولي، للعمل معاً بهدف ترسيخ الممارسات الصحيحة والفعّالة لتحقيق الاستدامة، بالإضافة إلى تعزيز الجهود العالمية الهادفة لمواجهة التحديات البيئية والمناخية.
مدينة إكسبو هي إحدى مناطق دبي الحضرية.. كيف ترصدين خريطة مدينة إكسبو دبي في تحقيق الحياد الكربوني؟
مدينة إكسبو دبي هي مدينة المستقبل المستدامة التي تضع خدمة الإنسان محوراً لها، وتمضي ضمن خطوات واضحة لتحفيز العمل وتحقيق الحياد الكربوني، وصممت لتكون نموذجاً للتخطيط الحضري المستدام المستند إلى الابتكار، وتعتمد المدينة خريطة طموحة لتحقيق الاستدامة تتوافق مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030 ومبادرة الإمارات الاستراتيجية للحياد المناخي 2050، ومئوية الإمارات 2071.
ومدينة إكسبو دبي هي إحدى المناطق الخمس التي تشكل خطة دبي الحضرية لعام 2040، وتتبع خريطة متكاملة لتحقيق تنمية عمرانية مستدامة في دبي، وهدفها الارتقاء بجودة الحياة وتعزيز التنافسية العالمية للإمارة، كما تتضمن الخطة تطوير مجتمعات حيوية وصحية، ومضاعفة المساحات الخضراء والحدائق لتوفير بيئة صحية للسكان والزوار، وهو ما يظهر في أفق مدينة إكسبو دبي بكل وضوح.
تدعم مدينة إكسبو دبي ثقافة الاستدامة ونشر الوعي في هذا الجانب، ماذا تحدثيننا عن هذا الدور وكيف يتكامل مع البعد التوعوي؟
بناءً على إرشادات «إكسبو 2020 دبي» للعمليات المستدامة التي ترشد الموردين لتنفيذ تدابير تدعم استدامة الحدث الدولي، تتبنى مدينة إكسبو دبي هذه الإرشادات بما يتماشى مع التزامات الاستدامة حيث تهدف إلى الحد من الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية السلبية لجميع المواد المشتراة، وإعادة التدوير، وإعادة الاستخدام، والمصادر المسؤولة.
على سبيل المثال، يجسد تيرّا - جناح الاستدامة التزام مدينة إكسبو دبي بالاستدامة، ويهدف إلى تحفيز ضيوفه من جميع الأعمار والاهتمامات من الإمارات ودول العالم لإحداث تغيير إيجابي، وتحقيق المزيد من الاستدامة على كوكبنا عبر تبني ممارسات واختيارات أكثر استدامة في حياتهم اليومية، وتم تصميم الجناح، الحاصل على شهادة «لييد» البلاتينية للريادة، ليلبي معايير المباني الخضراء ويحقق اكتفاءه الذاتي من الطاقة والمياه. ولجناح تيرا أيضاً دور محوري في برنامج إكسبو للمدارس، والذي يسعى إلى إلهام جيل اليافعين وتمكينهم في مجال الاستدامة، وقد حاز البرنامج العديد من الإرشادات من الطلبة والمدارس المشاركة، وهذه الإرشادات تؤكد فوائد مفهوم «التعلم خارج الفصل الدراسي» للطلبة والمدرسين على حدٍ سواء.
كما استقبلنا مؤخراً عبر إكسبو لايف، ضمن الدورة الثالثة من برنامج الابتكار للجامعات، أكثر من 351 مقترحاً للحلول المتعلقة بالمناخ من 36 جامعة في الدولة وبمشاركة أكثر من 1000 طالب، بعد تقديم العرض النهائي، ستبدأ الفرق الفائزة بتحويل أفكارها إلى واقع ملموس في رحلة مدتها ستة أشهر.
سمية آل علي خلال إحدى الفعاليات
ماذا تستشرفين من نتائج مؤتمر الأطراف على صعيد إيجاد حلول ومعالجات لمتغيرات المناخ وإشكالية الانبعاثات؟
بفضل الزخم الرسمي والشعبي وإشراك مختلف فئات المجتمع في دولة الإمارات والدول والمنظمات العالمية المشاركة، سيكون للجميع دور فاعل في هذه المسيرة للمساهمة في إنقاذ كوكب الأرض، وبناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، ونتوقع أن تلهم المبادرات التي تتبناها دولة الإمارات، بما فيها ما تحققه مدينة إكسبو دبي، المشاركين من جميع أنحاء العالم.
وبهدف إشراك جيل الشباب، طورت مدينة إكسبو دبي برنامج سفراء المناخ، وهو شراكة مع وزارة التغير المناخي والبيئة تدعو طلاب المدارس الثانوية والجامعات من جميع أنحاء الإمارات إلى القيام بدور مفاوضي المناخ الذين يحضرون مؤتمر المناخ «COP28» وقد ساعد هذا البرنامج المميز الشباب على بناء المهارات الأساسية بما في ذلك التفكير النقدي والمناقشة والعمل الجماعي والقيادة، والأهم من ذلك، مكنهم من الانخراط في قضايا تغير المناخ واتخاذ القرار بأنفسهم بشأن الإجراء الذي يجب أن نتخذه.
في مؤتمر دول الأطراف، يمكن للبلدان تبادل المعلومات حول جهودها لخفض الانبعاثات، والتفاوض بشأن اتفاقيات جديدة، وبناء توافق في الآراء حول كيفية معالجة أزمة، ومن المرتقب أن يحدث المؤتمر تأثيراً كبيراً في مختلف القطاعات ودفع العمل المناخي قدماً وتسريع تبني الحلول التي تسهم في الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
وكيف ترصدين التوازن بين الحفاظ على البيئة والنمو الاقتصادي الذي تشهده الإمارات منذ أكثر من 50 عاماً؟
بالتوازي مع نموها الاقتصادي المستمر منذ أكثر من 50 عاماً، تستثمر دولة الإمارات في تعزيز كفاءة الطاقة في جميع قطاعات الاقتصاد والاستثمار في النقل المستدام بما في ذلك المركبات الكهربائية والنقل العام، ونفذت الحكومة أيضًا عددًا من السياسات لتقليل الازدحام المروري وتحسين جودة الهواء.
ولطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في مكافحة تغير المناخ، حيث أصبحت في عام 2015 أول دولة في المنطقة توقع وتصدق على اتفاقية باريس لمكافحة تغير المناخ.
ولا يخفى على أحد الخطوات التي تتخذها الإمارات للحد من ظاهرة التغير المناخي عن طريق خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والاستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة، ودورها في قيادة الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي. وكانت الإمارات أطلقت العام الماضي استراتيجية الحياد المناخي الهادفة لتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وهي تقوم بخطوات جادة بينها الاستثمار في الطاقة المتجددة، والحدّ من البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70 في المئة. وتمتلك دولة الإمارات اليوم العديد من مشروعات الطاقة الشمسية وهي أول دولة في المنطقة تستخدم الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.
مدينة إكسبو هي مثال ونتاج لالتزام دولة الإمارات بالاستدامة، ومنذ بداية رحلتنا في إطار «إكسبو 2020 دبي» عملنا في مراحل التخطيط والتصميم لإنشاء موقع مدينة إكسبو دبي المستدام، ووضعنا نصب أعيننا منذ بداية العمل ضرورة بناء مدينة جديدة تكون نموذجاً لمدن المستقبل المستدامة، مدينة ذات أهداف طموحة مع التركيز على أن تكون بصمتنا البيئية منخفضة وتراعي مبادئ احترام البيئة والموارد الطبيعية والحد من تلوثها وتقليل انبعاثات الكربون.