نخبة من المتميزات في المجال التربوي، أفنين أعمارهن وسنوات خبراتهن لخدمة المنتسبات لقطاع التعليم، تدرجن في الوظائف وبلغن أعلى المناصب ليرجعن الفضل لما وصلن إليه للمدرسة ودورها في تربية وتعليم الأجيال. وبمناسبة الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية وتقديراً لجهودها المتواصلة، نلتقي عدداً من التربويات، لنسترجع معهن البدايات وما أسهمن به في بلورة شخصياتهن وما وصلن إليه من نجاحات.
أمل العفيفي: إسهامات المعلمة الإماراتية نقطة مضيئة في مسيرة بناء الأجيال
تدرجت في حياتها العملية من معلمة، ثم مديرة مدرسة، لترسو سفينة مشوارها داخل أكبر جائزة تربوية على المستويين المحلي والعربي.. هي أمل العفيفي، الأمين العام لجائزة خليفة التربوية، شاركت برأيها لتؤكد أهمية الدور الحيوي الذي تسهم به المعلمة الإماراتية في بناء الأجيال وصناعة المستقبل عبر رسالتها الرائدة في التعليم، مشيرة إلى أن المعلمة المواطنة تقدم إسهامات رائدة في الارتقاء بمنظومة التعليم منذ تأسيس دولة الاتحاد، وخلال الـ 50 عاماً الماضية شكلت إسهامات المعلمة الإماراتية نقطة تحول بارزة في مسيرة التعليم وغرس منظومة القيم ونقطة مضيئة في مسيرة بناء الأجيال.
وتقول العفيفي «المعلمة الإماراتية حققت منجزات رائدة على صعيدي التدريس والإدارة، وقدمت نماذج مبدعة في القيادة التعليمية وتصميم وبناء المناهج والتقويم وطرق التدريس والبحث العلمي التربوي والأنشطة اللاصفية وغيرها من المجالات التي تشكل عموداً فقرياً لترسيخ منظومة تعليم تترجم توجيهات قيادتنا الرشيدة وتجسد شعار (التعليم أولاً)».
وتضيف أمل العفيفي «في يوم المرأة الإماراتية نعتز بالجهود الرائدة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، هذه الجهود التي مكنت المرأة الإماراتية بصورة عامة والمعلمة الإماراتية بصورة خاصة من تحقيق منجزات في مختلف القطاعات التنموية، واليوم تتطلع المرأة الإماراتية والمعلمة الإماراتية إلى مواصلة هذا التميز والعطاء الوطني خلال الـ 50 عاماً المقبلة، فخورة بخدمة وطنها ودفع معدلات النهضة الحضارية والتقدم والازدهار في جميع المجالات».
د. خولة الملا: تميز المعلمة في رسالتها التربوية أسهم في مسيرة التنمية
من جانبها، تبين الدكتورة خولة عبد الرحمن الملا، رئيس هيئة شؤون الأسرة وأمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، «من اختار مهنة التعليم فهو إنسان له رسالة، فقد قضيت في محراب هذا القطاع ما يقارب 25 عاماً، تدرجت فيه من وظيفة معلمة إلى وكيلة ثم مديرة مدرسة يعقبها مدير تنفيذي بوزارة التربية والتعليم بدبي، وخلال تلك السنوات لم أترك العمل الميداني والمشاركة التربوية إذ كنت أشارك في المحاضرات الاجتماعية وورش العمل وفي اللجان العلمية والقيادية، وتخلل خلال هذه السنوات التزود من ينابيع العلم فحصلت على دبلوم القيادة في جامعة زايد ودبلوم الإدارة المدرسية في جامعة الإمارات، ولعل مزامنة العمل والدراسة يعمل على اكتساب الإنسان خبرة ومعرفة وأيضاً تفتح له مدارك أكبر للعمل».
وتضيف خولة الملا «لا شك أن إيمان القيادة الرشيدة بدور الإماراتية الريادي في خدمة الوطن لاسيما في قطاع التعليم، أعطى المعلمة الدافع لأن تتميز في رسالتها التربوية وتصبح عاملاً فعالاً في مسيرة التنمية منذ قيام الاتحاد، وكان سبب في استثمار طاقتها في بناء أجيال المستقبل، ولعل العمل التشاركي بين دورها كمعلمة ودورها كأحد أفراد الأسرة أعطى للمعلمة الإماراتية الخصوصية في أن تؤدي دورها بكل فاعلية، فهي ليست فقط معلمة الصف بل هي الأم الحاضنة والموجهة والمرشدة، كل ذلك أسهم في صقل شخصيات الأبناء وتعزيز الهوية الوطنية في نفوسهم، ولعل الفكر غير المسبوق لقيادتنا الرشيدة منذ فجر الاتحاد وفتحها لأبواب التعليم أمام المرأة جعلها تواصل مسيرتها لأن تكون قائدة تربوية تدرب وتعلم وتوجه وترشد، ويكفينا فخراً أن أغلب القياديات من العنصر النسائي اللاتي ساهمن في رفعة الوطن متقلدات المناصب الرفيعة بدأن في سلك التعليم وكن في الأساس معلمات، ولا ننسى ما قدمته الدولة لهن وإتاحة الفرصة كي يدرسن ويصقلن مهاراتهن وخبراتهن بالعلم ويحصلن على أعلى الشهادات العلمية، ولعل ذلك ما مكن المعلمة الإماراتية لترتقي بطالباتها بجانب دورها في غرس القيم وتوجيههن لمزيد من التميز».
وتتابع الدكتورة خولة الملا «يسعني الحديث إلى وجوب تقديم الشكر لجميع معلماتي لما قدمنه من عطاء ليس على صعيد التعلم والمعرفة، ولكن على صعيد تقديم النصح والإرشاد لاسيما في المرحلة الثانوية، إذ حرصن على أن نكون فاعلات في المجتمع وحرصن نحن على أن نقتدي بهن من خلال المشاركة في الأنشطة اللاصفية وغيرها من الفعاليات التي تصقل خبراتنا بالتجارب المفيدة، وأتذكر في المرحلة الإعدادية كم كانت تشجعني معلمتي على المشاركة في فريق المرشدات والصحة المدرسية وفريق الموسيقى، والحقيقة أن كل ذلك ساهم في أن أكمل مسيرتي التعليمية وأن أبحث عن دور فعال أقدمه لوطني كي أرد له جزءاً من جميله علي، وأود بهذه المناسبة أن أتقدم بالشكر لجميع المعلمات في الميدان فرسالتهن سامية ولا يوفيها حقها سوى الأجر من عند الله تعالى».
د. عائشة اليماحي: المعلم منارة تضيء العقول بالمعرفة
د. عائشة اليماحي، أول إماراتية تحصل على الدكتوراه في أثر الذكاء الاصطناعي في التعليم، ومستشارة مجلس الإدارة في شركة ألف للتعليم، تقول «يمثل المعلم دوراً حيوياً في بناء وتنشئة الأجيال القادمة ولا يقتصر دوره في تعليم المقررات الدراسية والمناهج فقط، فالمعلم لا يبخل علينا ويورثنا عصارة تجربته في الحياة إلى جانب دوره الأكاديمي، فهو بمثابة المنارة التي تضيء عقولنا بالمعرفة، والبوصلة التي توجهنا إلى طريق النجاح، والدافع الذي نطمح من خلاله إلى الوصول لأرفع المناصب في المستقبل».
وتكمل د. عائشة اليماحي «المعلم هو قدوة الطلبة في ريعان شبابهم، وهو يمثل نموذجاً في ضبط النفس وحسن التصرف في كل موقف، وهو قادر على فهم ومساعدة كل طالب وفقاً لطبيعة حالته وظرفه ومستواه، وهذه صفات تساعد الطلبة على فهم الناس من حولهم والانخراط في المجتمع بشكل أفضل، فنحن اليوم وبفضلهم بعد الله عز وجل، أصبحنا أطباء نداوي من به ألم، ومهندسين نرسم الطرق ونرفع البنيان، ومؤلفين ننشر من القصص ما يسعد القلب ويغذي الروح، وعلماء نطور الدواء للداء، ومعلمين ومعلمات نواصل مسيرتهم في نشر العلم والأخلاق، وإلى آخره من كل المهن التي للمعلمين اليد العليا فيها».
وتضيف د. اليماحي «حين أعود بذاكرتي إلى سنواتي السابقة التي عملت فيها كمعلمة، أتذكر الدور المهم الذي كان على عاتقي، إذ كنت حريصة على غرس مفاهيم مهمة في قلوب طالباتي، فكان هدفي هو تعزيز حب التعلم والتفكير النقدي، كما سعيت جاهدة لزرع الثقة في نفوسهن وترسيخ أهمية المثابرة واحتضان التحديات لتنمية شخصيات قوية ومؤثرة، وزرعت بداخلهن بذور العلم وحب المعرفة ليتسلحن بها في مواجهة تحديات الحياة بدون صعوبات، وللحقيقة لم أكن أنظر إلى نفسي بأنني مجرد معلمة فحسب، ولكن كنت أسعى لأكون بمثابة المرشد والدليل الذي يساعدهن للوصول إلى أقصى إمكاناتهن والسير في طريق النجاح بكل ثقة وعزيمة وإصرار. شكراً للمدرسة الإماراتية ولكل معلم ومعلمة، فقد بلغتم الرسالة وأوصلتم الأمانة».
د. شيخة العري: نهلنا من معلماتنا حب التعليم ليحملنا المجتمع رسالة بناء الإنسان
الدكتورة شيخة العري، تربوية وأستاذة جامعية وعضو سابق في المجلس الوطني الاتحادي، توضح "سنواتي في التربية والتعليم عمر يحمل الكثير من الفخر، إذ نهلنا من معلماتنا حب التعليم ليحملنا المجتمع رسالة بناء الإنسان الذي جعلته قيادة التأسيس هدف الدولة الأول، إذ انخرطنا في العمل التربوي، علمنا وتعلمنا فكان التعليم شغف لا وظيفة وكان رسالة لا مصدر رزق فحسب، وأتذكر عندما كان ينتهي الدوام نظل ساعات بعده نكمل دورنا، فقد كنا لا نعمل بوقت محدد إنما بإنجاز الأهداف، وأدركنا حقيقة مهمة وهي أن العمل لا ينجز إلا بروح الفريق، لنغزل خيوط العلم مقتنعات أن التقييم وتطبيق المعايير وسيلة لمعرفة هل نحن نسير نحو الاتجاه الصحيح، والحمد لله كلل تعبنا بالنجاح وحصدنا جوائز التميز التربوي».
وتضيف د. شيخة العري «سبب نجاح مسيرة المعلمة الإماراتية إيمانها بأن ما تقدمه لطالباتها ليس مادة أكاديمية فقط وإنما يصاحب ذلك أنشطة تبني الشخصية اجتماعياً وفكرياً، فكانت ثمار جهدنا متميزات يعبرن عن أنفسهن في المحافل المختلفة، ونشكر وزارة التربية والتعليم وفرق عملها، فقد أعطتنا مساحة لاتخاذ القرار فكنا بقدر المسؤولية والثقة وخصصت لنا ميزانيات ضخمة لإيمانها بأن نجاحنا نجاح للميدان التربوي، فكنا نجني نحن المعلمات ثمارها وتجني طالباتنا ثمار جهودنا جميعاً. وبمناسبة يوم المرأة الإماراتية نحن اليوم نفتخر بما قدمت وبنات جيلي وإن تركنا الميدان بقي الأثر قائلاً (من هنا كان المسير)".
فاطمة السجواني: المدرسة الإماراتية منبع لتربية الأجيال ومصدر فخر
فاطمة محمد علي السجواني، اختصاصية نفسية، قضت 34 عاماً في الميدان التربوي، واصفة تلك المرحلة بالممتعة، وتشرح «المعلم له الدور الأكبر في تحقيق الأهداف المرجوة في العملية التربوية، وبلاشك تأثيره يكون بالغاً وخطيراً سواء في نواتج التعلم أو في صحة الطالب النفسية، فالمعلم الناجح هو من تتكامل أدواره، وتترابط أفكاره وقدراته على إيصال المعلومة، وكلما كانت علاقته مع الطالب إيجابية كلما انعكس ذلك على سلوكه وعلى نواتج التعلم والعكس صحيح».
وتتابع فاطمة السجواني «ينسب للمدرسة الإماراتية الفضل في تشكيل عقولنا وبلورة أفكارنا، فمن منا لم يحمل من الذكريات والمواقف والخبرات المكتسبة ما أهلته لخوض غمار الحياة بقوة؟ ومن منا لا يزال يتذكر نصيحة معلماته ودورهن في تشكيل سلوكياتنا الحياتية؟ فالمدرسة الإماراتية منبع لتربية الأجيال ومصدر فخر لنا جميعاً، فعندما انتقلت من مرحلة تلقي المعلومة إلى التدريس حرصت طوال مسيرتي العملية والممتدة لسنوات طويلة أن أكون لطالباتي المعلمة والموجه والمربية والصديقة، وسعيت لأن أتحلى بمميزات المعلم الناجح والمدرك لحقيقة أن التعليم رسالة إنسانية وليست مادية فحسب، وأن القيام بالواجبات مهما بلغت صعوبتها أمر لا جدال فيه، بجانب الحرص على إبعاد الملل عن الطالبات بابتكار طرق جذابة ومشوقة باستخدام أفضل طرق التدريس لتوصيل المعلومة لهن، فبلا شك ما تقوم به المعلمة مهمة إنسانية عظيمة قبل أن تكون تربوية، وعلى بناتي من المعلمات تكملة المسيرة كي يقدمن للمجتمع جيلاً واعداً وناجح قادر على العطاء وتكملة مشوار الرائدات في المجال التربوي».
ليلى اليماحي: المعلم المبدع طالب علم طوال حياته
ليلى عبيد سالم اليماحي، معلمة اللغة العربية بمدرسة مربح الحلقة الثالثة بإمارة الفجيرة، والحائزة جائزة محمد بن زايد لأفضل معلم في دورتها الثانية، تقول في هذه المناسبة «لابد لكل إماراتية أن تفخر بمنجزاتها، ودورنا في الأعوام الخمسين المقبلة يعتمد في جوهره على تنمية رأس المال البشري، والذي يتمحور حول صناعة فرص جديدة ومتميزة في مسار التعليم والتعلم، ولكي يكون التعليم في المسار الصحيح لابد أن يكون التطوير شمولياً يغطي كافة أطراف العملية التعليمية فلا نجاح ولا تطوير ولا مستقبل دون النظرة الشاملة لهذه الجوانب».
وتكمل ليلى اليماحي «لكي يكون المعلم ناجحاً فإنه يحتاج دائماً إلى تطوير مهاراته واستراتيجيته العلمية وخاصة في بداية تدريسه، ففي سنواتي الخمس الأولى في التدريس وجدت المساعدة والتوجيه من المعلمات الأكثر خبرة في المدرسة كما كان لحضوري للمواقف التعليمية وتبادل الخبرات داخل وخارج المدرسة الأثر الكبير في مسيرتي التعليمية والذي حدد الأسس الجوهرية للطرق التدريسية وتعاملي مع الطالبات وأولياء أمورهن، ولأني آمنت دائماً أن المعلم المبدع طالب علم طوال حياته في مجتمع كثير التجدد والتطور والتغيير، وهو له مكانة مرموقة في المجتمعات في كل العالم، فأنا أرى أنه فنان بل نحات ينحت العلم في قلوب وعقول الأجيال. وبما أنني معلمة فعلي تقع مسؤولية كبيرة تجاه الأجيال، فصناعة الجيل تتطلب مني مهارات وكفاءات عديدة نقلتي من الأساليب التقليدية في السنة الأولى لتدريسي إلى عالم التكنولوجيا الفسيح بعد ذلك.
وهنا تستوقفني مقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، حين قال: «أنتم أيها المعلمون تمثلون العمود الفقري لأعظم ثروة لدينا وهو الإنسان، وذلك لأن مسؤولية بناء الإنسان الإماراتي تقع على عاتقكم وتتم بأيديكم وأنتم من يتحمل شرف إعداد أجيال المستقبل»، هذه المقولة في حد ذاتها رؤية ومنهج أنتهجته في حياتي العملية وجعلتها من أساسيات تدريسي، فكوني معلمة فإن الأمر يدعوني أن أكرس جل جهدي في صناعة جيل يتوافق مع أجندة الإمارات لرؤية 2030 وما بعدها، في التركيز على تطوير نظام تعليمي رفيع المستوى، فطالباتي بالنسبة لي جوهر الاهتمام وأقدم لهن خلاصة جهدي ومعرفتي في مجال تخصصي».