10 يوليو 2023

المسلسلات القصيرة إنذار قوي للتخلي عن الـ 30 حلقة.. تنقذ الدراما وتعيد التشويق

فريق كل الأسرة

فريق كل الأسرة

"تحت الوصاية"
"تحت الوصاية"

بعد انتشار الأعمال الدرامية القصيرة ما بين (15، 10، 7) حلقات، وتحقيقها نجاحات كبيرة على المنصات الإلكترونية والفضائيات.. تفاءل النقاد والجمهور بقوة، والأهم أنه أشاد بأغلب هذه الأعمال، ما قد يلفت نظر صناع الدراما إلى أهمية هذا النوع من الدراما، وأنه قد آن الأوان للتخلي عن فكرة الإصرار على الأعمال ذات الـ 30 حلقة، التي قد تمتد إلى أجزاء.

"ما وراء الطبيعة" تجربة ناجحة مهدت الطريق
"ما وراء الطبيعة" تجربة ناجحة مهدت الطريق

منذ منتصف الثمانينات وحتى مطلع الألفية، كانت الغالبية العظمى من منتجي الدراما التلفزيونية، يطلبون من المؤلفين والمخرجين تقديم مسلسلات، لا يقل أي منها عن 30 حلقة، حتى لو لم يكن العمل يتحمل ذلك، ومع زيادة حجم الإعلانات تحولت الـ 30 حلقة إلى 60 و90 وربما أكثر عبر ما يسمى بالأجزاء، في مقابل تراجع وقت الحلقة من 45 دقيقة إلى 40 ثم 30، حتى أصبحت الحلقة وسط الإعلانات لا يتجاوز وقتها 25 دقيقة مع تتري البداية والنهاية.

هذه الزيادة في عدد الحلقات كانت على حساب جودة العمل، فعانت الدراما «المط والتطويل» وتفكك الأحداث وسطحية عدد كبير من الشخصيات، حتى ظهر ما يطلق عليه «المنصات الإلكترونية» التي استدعت العودة مجدداً إلى الحلقات الأقل، بما يتناسب وأسلوب عرض «المنصات»، لتشهد الدراما مؤخراً تراجعاً ملحوظاً، ليس فقط في زمن الحلقة، بل في الأعمال ذات الـ 30 حلقة نفسها، في مقابل زيادة الأعمال ذات الـ 15، و10 حلقات، وفي بعض الأحيان تصل بعض الأعمال إلى 7 حلقات، مثل حكايات مسلسل «إلا أنا» الذي عرض مؤخراً، بالتالي يمكن التعامل مع كل منها على أنها مسلسل مستقل. وكان أهم ما يميز هذه التجربة، أن فريق الكتابة والإخراج يتغير مع كل حكاية، وتزامن ذلك مع انطلاق الدراما المصرية على منصة «نتفليكس» بمسلسل قصير مكون من 6 حلقات فقط، هو «ما وراء الطبيعة».

المسلسلات القصيرة إنذار قوي للتخلي عن الـ 30 حلقة.. تنقذ الدراما وتعيد التشويق

مسلسلات الحلقات القصيرة لم يعد قاصراً على المواسم الموازية، بل أصبح يشمل أغلب المواسم، بما في ذلك الموسم الأكبر للدراما خلال شهر رمضان، ليشهد الموسم الأخير منه عرض أكثر من 12 مسلسلاً ذات الـ 15 حلقة في موسم واحد، من بين ما يقرب من 36 عملاً قدمت خلال هذا الموسم، أي ما يمثل ثلث أعمال الموسم، حيث عرض أعمال مثل «يوميات زوج، علاقة مشروعة، رشيد، كامل العدد، تحت الوصاية، الصندوق، الصفارة، تغيير جو، الهرشة السابعة، كشف مستعجل، جت سليمة، وتلت التلاتة»، بالإضافة مسلسل «الكتيبة 101» الذي قدم في 20 حلقة، ومسلسل «حرب» الذي عرض في 10 حلقات فقط، وأعمال أخرى لم تلحق بالعرض الرمضاني بسبب عامل الوقت.

«الصفارة»
«الصفارة»

المنافسة الفنية شرسة والتغيير مطلوب

يقول الناقد كمال رمزي «مؤكد أن انتشار منصات العرض عبر الإنترنت هو ما شجع صناع الأعمال الفنية التلفزيونية على تغيير الخطط وفقاً لمتطلبات سوق المشاهدة، خصوصاً بعد أن أصبحت المنافسة شرسة مع منصات العرض العربية والعالمية، فتزايد تطلع المشاهد إلى متابعة أعمال على وتيرة مشابهة».

لكن كمال رمزي يحذر «أعتقد أن هذا الأمر قد يكون سلاحاً ذا حدين، فإذا أحسنا استخدامه، مؤكد سيكون في صالح تطور الدراما العربية بشكل كبير، وسينتقل بها إلى منطقة جديدة ومختلفة، وسيخرج لنا طاقات إبداعية لم نكن نتوقعها، لكننا إذا ما أسأنا استخدامها للكسب السريع، سينتج عنه كوارث حقيقية، وهو مالا نتمناه».

من جهته، يبين الناقد طارق الشناوي أن مساحة المسلسلات القصيرة ذات الـ 15 أو 10 حلقات زادت كثيراً، وصارت مسيطرة على جزء كبير من المشهد الرمضاني، وكذلك خارج الموسم الرمضاني «أظنها في طريقها لتصبح هي القاعدة، بديلاً عن الأعمال ذات الـ 30، وكم من الجرائم ارتكبت تحت هذا الرقم».

السبب الرئيسي وراء أعمال الأجزاء التي كانت تتم دون داعٍ هي أسباب تسويقية بحتة، لا علاقة لها بالعملية الفنية

ويضيف «إنها واحدة من حسنات «المنصات» التي انتشرت في السنوات الأخيرة، وكسرت هذه القاعدة التي تم ابتداعها لأسباب تسويقية، والكل شارك في تأكيدها، جهة الإنتاج والمؤلفين والمخرجين، بل والممثلين أيضاً، لأن الكل مستفيد من زيادة عدد الحلقات، فكلما كان عدد الحلقات أكثر، كان الأجر أكبر للجميع. وأعتقد أن السبب الرئيسي وراء أعمال الأجزاء التي كانت تتم دون داعٍ، أو أعمال الـ 30 حلقة، هي أسباب تسويقية بحتة، لا علاقة لها بالعملية الفنية، فالديكور الذي تستخدمه في 30 حلقة سيوفر لك، ولو كان هناك جزء ثان يكون أفضل ليتم في الديكور نفسه، لكن لو فقط 15 أو أقل، فالتكلفة الإنتاجية ستزيد، لذا فإن زيادة عدد الحلقات يكون لصالح كل الأطراف حتى لو نفى بعضهم ذلك».

ويؤكد الشناوي «لكن أعتقد أن ظهور المنصات واتباعها الأسلوب العلمي في إنتاج الدراما، لفت الأنظار إلى أهمية هذا النوع الذي يعد بمثابة طوق نجاة لإنقاذ الدراما من دوامة المط والتطويل اللتين سيطرتا عليها في السنوات الماضية، لتكون الفكرة الدرامية هي التي تفرض زمنها، ما جعلنا نشاهد أعمالاً ذات 8 حلقات، وأخرى حلقات9، وثالثة 12 أو 15 حلقة، في الوقت الذي أصبح فيه المتلقي أكثر وعياً ودراية بالأعمال الجيدة من الرديئة، ورد فعله سريع ومباشر من خلال السوشيال ميديا، ويعلنها صراحة في مواجهة الأعمال التي لا تلقى إعجابه».

«كامل العدد»
«كامل العدد»

المسلسلات القصيرة ظاهرة أنقذت الدراما

بدوره، يشيد السيناريست والمخرج بشير الديك بفكرة تواجد مسلسلات الـ 15 حلقة، قائلاً «فكرة رائعة جداً وأشجعها، لأنها تركز على المضمون بعيداً عن المط والتطويل الذي يصيب المشاهد بالملل، وأعتقد أن هناك أعمالاً قدمت هذا العام، أكدت هذا الرأي، على مستوى الصورة والكتابة واختيار الممثلين، ربما من بينها مسلسل «تحت الوصاية»، وكذلك «الهرشة السابعة».
ويلفت الديك إلى أن الدراما التلفزيونية في فترة الستينات والسبعينات قدمت مسلسلات لا تتعدى الـ10 حلقات، ثم زادت فيما بعد إلى 15 حلقة وأحياناً من 16 إلى 18 حلقة، إلى أن وصلنا إلى الشكل المعروف أو المعتاد حالياً لمسلسلات الـ 30 حلقة، والتي ارتبط ظهورها بشهر رمضان، وهناك مسلسلات عظيمة ولا تزال محفورة في وجدان وذاكرة الجمهور وحققت نجاحاً ضخماً رغم أن حلقاتها لا تتعدى الـ 18 حلقة».

«الهرشة السابعة»
«الهرشة السابعة»

المسلسلات القصيرة قفزة نوعية

وتعتبر المخرجة مريم أحمدي أن هذا الأمر يمثل نقلة نوعية في الدراما المصرية، وأن ظهور المسلسلات القصيرة، أسهم في التطرق إلى موضوعات غير تقليدية في الدراما، وتوضح أحمدي «منذ سنوات طويلة أسعى لتقديم تجارب قصيرة، لكنني لم أكن أجد ترحيباً من المنتجين، لذا فأنا سعيدة جداً بهذا التطور، أتمنى أن أقدم تجارب مماثلة لنظيرتها العالمية، من خلال مسلسلات في خمس حلقات أو ثلاث فقط، والمنصات الإلكترونية ستكون سبباً لانتشار تجارب كثيرة من هذا النوع».

المسلسلات القصيرة إنذار قوي للتخلي عن الـ 30 حلقة.. تنقذ الدراما وتعيد التشويق

أما الناقدة ماجدة خير الله فتبدي إعجابها بفكرة انتشار مسلسلات الـ 15 حلقة في رمضان 2023، «هذه ظاهرة جيدة جداً وأنقذت العديد من المسلسلات، فأحياناً تجد أعمالاً مميزة في فكرتها وتناولها وتبدأ بقوة، لكن بمرور الحلقات تسيطر مشكلة المط والتطويل، كون صناع هذه الأعمال متمسكين بفكرة الـ 30 حلقة، حتى لو لم تكن أحداث العمل تسمح بذلك، وهي فكرة قاتلة للإبداع. لذا فإن المسلسلات القصيرة تعالج أزمة المط والتطويل، وتعتمد على تكثيف الأحداث في عدد محدود من الحلقات، وهو أمر غاية في الأهمية حيث أنقذت العديد من المسلسلات من الملل، وهذا في صالح الدراما بكل تأكيد، وهو ما شاهدناه في الموسم الماضي في أعمال مثل «تحت الوصاية، الصفارة، والهرشة السابعة، وكامل العدد وغيرها من الأعمال ذات الـ 15 حلقة المميزة».

إعداد: أحمد إبراهيم

 

مقالات ذات صلة