تهدف إلى دعم الأصوات الأدبية الأصيلة، وجعل مؤسسة الإمارات للآداب، التي تولت منصب الرئيسة التنفيذية لها مؤخراً، مكاناً يهتم به القراء من جميع أنحاء العالم للعثور على قصص تعكس ثقافة وتراث المنطقة العربية، شغفها بالأدب والقراءة والاطلاع لم يمنعها من أن تطمح في أن تكون عازفة بيانو ماهرة.. هي أحلام بلوكي، التقيناها لنتعرف إلى تطلعاتها المستقبلية.
نهنئك على توليك مؤخراً منصب الرئيسة التنفيذية لمؤسسة الإمارات للآداب، ونود الاطلاع على الأهداف التي تأملين تحقيقها وبما تسهم في دعم المواهب وإبراز إنجازاتها.
يُعد المنصب فرصة مثالية لرفد المستقبل الثقافي والإبداعي في الدولة والمنطقة، والذي بنته مؤسسة الإمارات للآداب على مدى سنوات، وينصب محور رؤيتي لمستقبل المؤسسة في بناء نظام متكامل ومستدام يدعم كافة جوانب المجتمع الأدبي في الدولة، بدايةً من تشجيع الكتّاب الإماراتيين والمحليين، وتوفير المزيد من الفرص لدعم تطورهم وتقدمهم الإبداعي، وإتاحة إمكانية وصول أعمالهم لجمهور عالمي بشكل يعكس الثقافة المحلية وغزارة الإنتاج الأدبي في الإمارات، إضافة إلى غرس حب القراءة في نفوس الناس، فمن دواعي الفخر أن أحظى بفرصة لتعزيز الأدب وتمكين الأجيال الإماراتية القادمة وإلهامهم، فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله»، «الشباب هم قوة الأوطان وأملها في بناء غد أفضل».
عملت في محطات سابقة في الاتصال والتسويق، إلى أي مدى توظفين هذا المجال في عملك كمديرة لمهرجان طيران الإمارات للآداب؟
ساهمت خلفيتي المهنية في مجالي التسويق والاتصالات بشكل كبير في عملي بمؤسسة الإمارات للآداب وفي المهرجان، إذ إن فهم سلوكيات الناس والتفكير دائماً في طرائق مختلفة ومبتكرة لجذب جوانب المجتمع المختلفة، كان له دور في تنظيم مهرجان يتناسب ويشمل كافة شرائح الجمهور المختلفة التي نجدها هنا في الإمارات عامةً وإمارة دبي خاصةً. فمعرفتي بأدوات التواصل، مثل أهمية المحتوى المرئي واللغات المستخدمة في مختلف وسائل التسويق والاتصال، سواء عبر السوشيال ميديا أو الإعلام، أسهمت في بناء صورة متكاملة تعكس جهود المؤسسة والمهرجان للجمهور المستهدف، إضافة إلى تحديد جوانب عملنا، كمؤسسة وفريق، التي تحتاج إلى تطوير وتحسين مما يخلق مساحة للنمو بشكل فعّال ومستدام.
يقام مهرجان طيران الإمارات للآداب في بلد يمتزج فيه التراث الأصيل بالانفتاح الحضاري
يهدف مهرجان طيران الإمارات للآداب، والذي يعد أهم مبادرات المؤسسة، إلى تطوير ثقافة القراءة وترسيخ مكانتها لدى أفراد المجتمع.. ما أكثر ما يميزه عن غيره من التظاهرات الثقافية التي تقام في الدولة؟
يُقام المهرجان في بلد يمتزج فيه التراث العريق والتقاليد العربية الأصيلة بالانفتاح الحضاري والثقافات الإنسانية العالمية الأخرى، وهو ما يمثل مصدر الإلهام لنا في مهرجان طيران الإمارات للآداب، إذ تمكن على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية من جمع الآلاف من الكتّاب والمبدعين من حول العالم مع نظرائهم من الدولة والمنطقة وأرجاء المعمورة، وذلك لتشجيع ثقافة تبادل الأفكار والنظريات حول كافة الموضوعات، التي تهم المجتمعين المحلي والعالمي، من الأدب والثقافة والإبداع والفنون والطعام والصحة النفسية والجسدية والأفلام وغيرها، مما أسهمت ولا تزال تسهم هذه الحوارات في فتح آفاق جديدة من التخيل والإبداع وإثراء التجربة الإنسانية للفرد وللمجتمع، وذلك من خلال إتاحة الجماهير التي نستقبلها في رحاب المهرجان كل عام من التفاعل مع الإبداع بشتى أشكاله وثقافاته.
تم اختيار «طيران الإمارات للآداب» كأفضل مهرجان في الشرق الأوسط لثلاث مرات، هل يضع عليكم ذلك مسؤولية وحملاً كبيرين؟
بالطبع، كونه المهرجان الأدبي الأول والوحيد من نوعه في المنطقة، ولا يوجد حدث آخر مثل المهرجان يتميز بكونه منصة عالمية ترفد الأدب عن طريق تحفيز سبل مبتكرة وإبداعية للحوار، وهي مسؤولية نأخذها على محمل الجد، لذا نسعى بشكل مستمر لأن يكون المهرجان مكاناً لتسليط الضوء على الأصوات العربية والعالمية على حد سواء، وذلك في إطار جهودنا لخلق مساحة للحوار بين المنطقة العربية والعالم وبناء جسور تعزيز التواصل الحضاري والثقافي تطويراً للمشهد الأدبي الإبداعي العام.
هل حصلت على جوائز وتكريمات تحبين الحديث عنها؟
وصلت مؤخراً إلى قائمة «أريبيان بزنس» لأفضل 50 من القيادات النسائية في قطاع الأعمال، وكان من دواعي الفخر رؤية تفاصيل مشواري المهني في دائرة الضوء وبهذا الشكل، إذ قادني شغفي بالأدب والفنون والثقافة والبيئة وغيرها من الاهتمامات إلى مكاني هذا وهو ما أنا ممتنة له، وأشعر بالتكريم والتقدير لقيامي بشيء أحبه وأستمتع به، لكن تظل الجائزة الأفضل على الإطلاق بالنسبة لي هي التماس مدى تأثير المؤسسة والمهرجان على المجتمع عاماً بعد آخر، ومن الرائع رؤية الأطفال في رحاب المهرجان، منهم من ينتظرون في صفوف توقيع الكتب فقط للقاء الكتّاب المفضلين لديهم، أو غيرهم ممن يعتلون مسرح المهرجان ببالغ السعادة والفرح لاستلام جوائزهم بعد الفوز في المسابقات، التي ننظمها على مدار العام، إضافة إلى شعوري بالفخر في كل مرة أشهد فيها المواهب المحلية تحصل على فرصة للتألق، مثل توقيع صفقة نشر أو التعرف إلى وكيل أدبي، وهذه القدرة على تحقيق الأحلام تمثل التقدير الأهم بالنسبة لي.
تدربت على يد خبير علمني أهمية التركيز على تحديد الأهداف وتقسيمها
تتولين مهمة أكثر من منصب وأنت مازلت صغيرة في العمر، ما المقومات التي ساعدتك لتحقيق هذا الإنجاز؟
الانضباط، والتخطيط، والعمل الجاد، والتفاني، هي حجر أساس نجاحي المهني، إذ تدربت في العام الأول من رحلتي المهنية على يد خبير علمني مدى أهمية أن يركز الإنسان على تحديد أهدافه وتقسيمها إلى خطوات صغيرة يمكن تحقيقها والوصول إليها، فمن الضروري تحديد الأهداف على المديين القصير والطويل، ومنذ ذلك الحين أسأل نفسي في بداية كل أسبوع ما الذي يمكنني تحقيقه خلاله للوصول إلى هدفي، وأعتقد أن نجاحي يعززه التفاني والالتزام بمدى مسؤوليتي تجاه طموحي وأحلامي، إضافة إلى العامل الأهم وهو الشغف، والذي إذا فقده الفرد فعليه أن يبدأ في البحث عن مجال آخر.
أحلام بلوكي تدير جلسة القيادة العالمية بحضور ريم الهاشمي وإندرا نويي
تعدين ملهمة لبنات جيلك، ما نصيحتك لمن ترغب في التميز في مجالها، وأهم ما يجب أن تتحلى به من صفات؟
من الضروري أن نؤمن، نحن النساء، بقدراتنا وإمكاناتنا، فالبعض منهن يقللن من قدراتهن مما يؤدي إلى التشكك في نجاحاتنا والشعور بأننا لا نستحق المكانة التي نشغلها، لذا فإنه من المهم تحديد نقاط القوة والضعف حيث يكون النمو والتطوير واجبين وذلك من خلال قبول النقد البنّاء من زملائنا ببيئة العمل، كما أنه من المهم الاستفادة من الأخطاء التي نقع فيها مع بداية مشوارنا المهني والتعلم منها، لأن هذا هو السبيل الوحيد للتطور والنمو، ونصيحتي الأخرى طالما نقضي جزءاً كبيراً من حياتنا في العمل فمن المهم أن نختار مجالاً يتماشى مع قيمنا وأهدافنا في الحياة وما نطمح للوصول إليه.
تطلق دار (إي أل أف) للنشر عام 2022
لنترك العمل جانباً.. هل لك اهتمامات أخرى بعيدة عن الأدب والقراءة والاطلاع؟
لدي العديد من الاهتمامات الأخرى، منها إعادة استكشاف شغفي بالموسيقى مؤخراً، ولا سيما العزف على البيانو، فأثناء نشأتي أخذت دروساً لتعلمه ولكن أتيحت لي الفرصة في الفترة الأخيرة للعزف بشكل أكثر والسماح لنفسي بأن أستمتع بالسعادة التي توجدها الموسيقى.
ما مشروعاتك المستقبلية الخاصة منها وكذلك المرتبطة بمجال العمل؟
رُزقت بمولودتي راية منذ عدة أشهر، وكوني أماً جديدة أشعر وكأنني أقود أكبر مشروع في حياتي، إذ وجب علي الموازنة بين الأمومة ومسيرتي المهنية، التي تعني الكثير بالنسبة لي، وعلى الرغم من شعوري وكأنني في تحد يومي بين تحقيق ذلك، إلا أنني مستمتعة كثيراً. أما على المستوى العملي فأركز حالياً بشكل خاص على دار «ELF» للنشر لدينا بالمؤسسة، وذلك لإيماني بأهمية تسليط الضوء على المواهب المحلية والقصص الإقليمية التي تستحق أن تُشارك مع العالم، فهدفي أن أسهم في دعم ورفد الأصوات الأدبية الأصيلة والمتفردة التي تتواجد لدينا في المنطقة وأن تصبح المؤسسة مكاناً يهتم به القراء من جميع أنحاء العالم للعثور على قصص تعكس ثقافة وتراث منطقتنا العربية. وأخيراً، أطمح أن أصبح عازفة بيانو ماهرة.
* تصوير: السيد رمضان