تمكن محتال محترف من خداع زوجين عبر مكالمة هاتفية ادعى خلالها أنه موظف في إحدى الجهات الرسمية، طالباً منهما العمل فوراً على تحديث كافة بيانات «الزوجة خاصة البنكية منها»، ليتفاجأ الزوجان بعد انتهاء عملية التحديث بتعرض «حساب الزوجة للسرقة».
تفاصيل ما حدث مع الزوجين، اطلعت «كل الأسرة» عليه من حكم محكمة الجنايات في دبي وتحقيقات النيابة العامة التي قادت إلى معرفة مكان المبلغ المالي المسروق من حساب الزوجة، وأين تم التصرف به.
بدأت تفاصيل قصة الزوجين بعد ورود اتصال هاتفي من أحد الأشخاص إلى الهاتف النقال الخاص بالزوج، لكن الأخير لم يرد على المكالمة في بادئ الأمر.
رغم ذلك، أعاد المتصل الاتصال مرة أخرى، ما دفع الزوجة إلى سرعة الرد على المكالمة خاصة بعد مشاهدتها أن رقم المتصل الذي يظهر على شاشة الهاتف يتكون من ثلاثة أرقام فقط، وهو ما أصابها بالخوف واعتقدت أنه لابد أن تكون هذه المكالمة مهمة جداً.
تقول الزوجة في إفادة قدمتها بتحقيقات النيابة العامة «بدأ المتصل يتحدث معي باللغة الإنجليزية التي لا أجيدها، وبالتالي لم أفهم ما يقول، فأعطيت الهاتف إلى زوجي حتى يفهم ما يريده هذا المتصل».
انتحال صفة رسمية لسرقة البيانات
فور استلام الزوج الهاتف، بادره المتصل بالادعاء بأنه موظف يعمل في إحدى الجهات الرسمية، وأن هذه المكالمة مهمة له ولبيانات زوجته، وهو ما جعله يتعامل معها بجدية بالغة جداً دون أن يفكر في التحقق من مصدرها.
يقول الزوج «مباشرة، طلب مني العمل على تحديث بيانات زوجتي الشخصية، والتدقيق على إقامتها في الدولة، ثم طلب أن أرسل صورة عن هويتها الشخصية عبر رقم هاتف وخدمة الـ «واتس أب»، فقمت بالفعل بتلبية طلبه».
كان المتصل يتحدث مع الزوج بطريقة احترافية للغاية، ما جعله يعتقد بأن المكالمة من أجل خدمته وزوجته، وأن المتصل يعمل من خلف جهاز كمبيوتر من أجل «تحديث بياناتها» بشكل فوري وسريع، وذلك بعد أن أقنعه أنه يتوجب العمل على تحديثها فوراً كإجراء إداري مهم لعدم غلق حسابها المالي.
خطأ فادح كلف الزوجان غالياً
بعد ذلك، طلب المتصل من الزوج أن يزوده بصورة بطاقتها البنكية، فتجاوب الزوج معه، وأرسل له صورة البطاقة، لجهله بأنه لن تطلب أي جهة بنكية من عميلها أن يرسل صورة عن بطاقته تحت أي ظرف من الظروف، فوقع في الخطأ الفادح الذي سيكلفه وزوجته غالياً.
يقول الزوج «أبلغني بعد ذلك بأنني سأتلقى رقماً سرياً يؤكد تحديث كافة بياناتي، وهو الرقم المعروف باسم «OTP»، بالفعل أرسل لي رقمين فزودته بهما، لتبدأ الرسائل البنكية تصلني بحدوث خصومات من حساب زوجتي».
وتابع «الرسالة الأول بينت أنه جرى خصم 10 آلاف درهم من الحساب، فيما الرسالة الثاني فأكدت أنه جرى خصم 1426 درهماً، وهنا أدركت بعد فوات الأوان تعرضي إلى عملية نصب واحتيال من رجل محترف في هذا النوع من الجرائم».
بعد إدراك وقوعهما في جريمة، اتصل الزوجان بالبنك من أجل إيقاف الحساب، ثم قدما بلاغاً إلى الشرطة التي باشرت بدورها التحقيق في الواقعة ومتابعة مسار صرف المبالغ المالية التي خصمت من البطاقة الائتمانية للزوجة.
سداد فواتير بالأموال المسروقة
أظهرت التحقيقات أن المحتال استخدم البطاقة الائتمانية في تسديد مبالغ مالية في حسابات وفواتير خدماتية عائدة إلى رجل وامرأة، حيث سدد فاتورة للرجل بقيمة 10 آلاف درهم، فيما سدد للمرأة فاتورة بقيمة 1426 درهماً.
ضبط عصابة الرجل والمرأة
بعد ضبط الرجل والمرأة، وجهت النيابة العامة لهما أمام الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، تهمة «حيازة مال منقول في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدره»، مطالبة بمعاقبتهما عملاً بالمادة 456 البند ثانياً من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات، والتي تنص على عقوبة الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر والغرامة التي لا تزيد على 20 ألف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين في حال «الحصول على أشياء تحصلت من جريمة ولكن الجاني حصل عليها في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها».
مثل الرجل والمرأة أمام المحكمة، وأنكرا صلتهما بالمحتال وعدم شراكتهما معه في الجريمة، فيما ادعت المرأة أن هناك شخصاً من خارج الدولة هو من دفع فاتورتها المالية ولكنها لا تعرف أن مصدر المال جريمة احتيال.
رأت المحكمة «أن إنكار الرجل والمرأة هو وسيلة لدرء الاتهام ودرب من دروب الدفاع هدفه الإفلات من العقاب في ظل توافر الجريمة وأركانها»، لكنها قررت في منطوق حكمها أخذهما بالرأفة والرحمة نظراً لظروف وملابسات الدعوى.
وقضت محكمة الجنايات، أولاً بتغريم الرجل والمرأة مبلغ ألف درهم لكل منهما عن تهمة «حيازة المال» مع إيقاف تنفيذ هذه الغرامة لمدة 3 سنوات، وثانياً القضاء بتغريم الرجل مبلغ 10 آلاف درهم قيمة المال الذي استخدم في سداد فواتيره، فيما قضت بتغريم المرأة مبلغ 1426درهماً التي سددت بها فاتورتها.