27 عاماً من العطاء في قطاع التعليم، تعد أول إماراتية تحصل على الدكتوراه في أثر الذكاء الاصطناعي في التعليم.. هي الدكتورة عائشة اليماحي مستشارة مجلس الإدارة في شركة ألف للتعليم، التقيناها لنتعرف إلى آخر ما توصل إليه هذا المجال من تطور وازدهار.
تدرجت في المجال التربوي من معلمة ثم مديرة مدرسة، حدثينا عن الدافع الذي حفزك لتكملة مشوارك وصولاً إلى أعلى الدرجات العلمية.
الدافع الأساسي كان المساهمة في دفع عجلة تطور المنظومة التعليمية في الإمارات والعمل على ابتكار طرق ومنهجيات جديدة تحدث نقلة في المنظومة التعليمية بالدولة، وبما ينعكس إيجاباً على جميع الأصعدة، العلمية والمعرفية والأكاديمية، فالتعليم هو السبيل إلى التنمية الذاتية وهو حجر الأساس الذي تقوم عليه المجتمعات. فقد اكتسبت خبرات كبيرة من خلال رحلتي في هذا المجال والتي امتدت لـ 27 عاماً، إذ بدأت في هذا القطاع بمنصب كنت وما زلت أفخر به كمعلمة، ومن ثم انتقلت لأصبح مديرة مدرسة.
وأشغل حالياً منصب مستشارة مجلس الإدارة لشركة ألف للتعليم والذي من خلاله استطعت أن أقدم الكثير من خبراتي في هذا المجال لترسيخ ثقافة الابتكار والبحث العلمي والتعلم الرقمي، لتستمر المسيرة وتكلل بحصولي على درجة الدكتوراه في ديسمبر عام 2020، وأحرص على مشاركة نتاج ما اكتسبته من خبرات بتقديم محتوى تربوي واجتماعي توعوي عبر منصات التواصل الاجتماعي بهدف الوصول إلى شريحة أكبر من المجتمع.
تعدين أول إماراتية تحصل على الدكتوراه في أثر الذكاء الاصطناعي على التعليم، هل لك أن تطلعينا على خلاصة أطروحتك وأثرها في الطلاب وممارسات المعلمين؟
تكمن غاية الأطروحة في تسليط الضوء على أثر المنصات التعليمية المدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي على أداء الطلبة وممارسات المعلمين، ودورها وقت انتشار جائحة «كورونا»، وضمت العينة البحثية 7039 من طلبة 12 مدرسة حكومية في إمارة أبوظبي، و512 من الكوادر التعليمية لتلك المدارس، وتضمنت مُخرجات البحث وجود تأثير إيجابي للمنصات في أداء الطلبة، ومساهمة استخدام التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي في زيادة تفاعلهم مع المحتوى التعليمي وقدرتهم على التعلم الذاتي والمستقل.
توليت منصب مستشارة مجلس إدارة ألف للتعليم، ما الدور الذي تقدمونه تحديداً لمسيرة التعليم في الإمارات؟
تقدم منصة «ألف» الكثير من المزايا لشركائنا في العملية التعليمية، فعلى صعيد الطلبة، توفر المنصة محتوى تعليمياً غنياً وشيقاً يسهّل عليهم فهم واستيعاب المواد الدراسية، أما فيما يخص أولياء الأمور، فتقدم المنصة تقارير وبيانات لحظية خاصة بأداء أبنائهم المدرسي، وبالنسبة للمعلمين، فمن خلال استخدامهم للمنصة يمكنهم الاستفادة من وقت الدرس بكفاءة وفاعلية عاليتين، حيث تقوم المنصة بتوفير وقت المعلم المستغرق لأداء المهام الروتينية، وبالتالي التركيز على مسار التعليم بشكل أفضل، كما يمكن للإداريين الاطلاع والحصول على كافة التقارير والبيانات والعمليات التعليمية التي تخص مدرستهم بشكل مباشر ولحظي.
دور المعلم محوري ولا يمكن تجاوزه أو الاستعاضة عنه بالتقنيات الحديثة
يعد المعلم حجر الزاوية في العملية التعليمية، فهل يدعم أم يقلص تطبيق الذكاء الاصطناعي دوره في المستقبل؟
للمعلم دور محوري لا يمكن تجاوزه أو الاستعاضة عنه بالتقنيات الحديثة، فرغم تقدمها المتسارع إلا أنها عاجزة عن القيام بمهام وأدوار معينة، مثل التفاعل الإنساني والتواصل والإشراف الشخصي، إضافة إلى تحفيز الطلبة وتشجيعهم على التعلم، فدور الذكاء الاصطناعي دعم المعلم في التقليل من المهام الروتينية، مثل التحضير والتخطيط للدروس وتدقيق أعمال الطلبة، وبالتالي يمثل رافداً نوعياً للعملية التعليمية وأداة مساعدة للمعلم، وهو ما يستوجب على الطواقم التعليمية تطوير مهاراتها لمواكبة طرائق ومنهجيات التدريس الحديثة، وإجادة استخدام التقنيات التعليمية الجديدة كي يسهل عليها التواصل مع الطلبة والبقاء على اطلاع بكل ما هو جديد في عالم التعليم.
ما الفرق باختصار بين المدرسة التقليدية والمدارس التي تطبق «ألف للتعليم»؟
أبرز ما يميز منصة «ألف للتعليم» هو اعتماد الابتكار وتقنيات ومنهجيات التعليم الحديثة والذكية، وإدماجها ضمن منظومتنا التعليمية على نطاق أوسع مقارنة بالمدرسة التقليدية، ويتيح لنا هذا النهج تخصيص ما يلبي الاحتياجات الفردية للطلبة بالاعتماد على تقنيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى توفير مساحات مفتوحة ومرنة للتعلم، يمكن للطلاب من خلالها الانخراط والتفاعل بشكل أكبر مع بيئة التعلم الحية والمحيط الخارجي، كما تشمل عناصر نموذجنا التعليمي تبني الابتكار والتكنولوجيا وتطويرها في العملية التعليمية، من خلال استخدام التقنيات الحديثة مثل الواقع الافتراضي والتعلم عن بعد والتعلم المدمج.
من وجهة نظرك، هل وصول المعلم لقلب الطالب أداة مهمة لجعل التعليم ممتعاً؟
بالتأكيد، فالمعلم الناجح هو الذي يمكنه الوصول إلى قلوب الطلبة من خلال سلوكه الحسن والودود معهم، وإخلاصه في العمل، وحرصه على تقديم قدوة للطلبة والتأثير الإيجابي فيهم، بما ينعكس على تطور مسيرتهم التعليمية، فهو الذي يقوم ببناء علاقة وجسور تربطه بطلبته، تقوم على أُسس الاحترام والمحبة، مما يفضي إلى بيئةٍ إيجابية تمكنه من التفاعل مع الطلبة والتعرف إلى احتياجاتهم ومتطلباتهم، وتحفيزهم وإلهامهم لتحقيق كامل قدراتهم.
بدأتم منذ سنوات بتطبيق تجربة عالم الذكاء الاصطناعي في طرق التدريس على 10 مدارس فقط، فكم بلغ عددها الآن ومجموع الطلاب المنتسبين لها؟
شهدت هذه التجربة نقلةً نوعية منذ إطلاقها على نطاق محدود، أما اليوم فيستخدم أكثر من 820 ألف طالب وطالبة منصات «ألف للتعليم» على مستوى العالم، وتحديداً في أربعة دول، وهي: الإمارات، وإندونيسيا، والمغرب، والولايات المتحدة الأمريكية، ويستفيد من هذه المنصات أكثر من 290 ألف طالب في الإمارات في التعليم الحكومي والخاص، كما نعتزم التوسع في 6 دول جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، من بينها جمهورية مصر العربية.
أطلقتم مؤخراً قمة لمناقشة مستقبل التعليم الافتراضي، والميتافيرس، ما الهدف الذي يعكسه هذا الحدث؟
تم عقد القمة بهدف بحث واقع المشهد التعليمي واستكشاف ملامح مستقبل القطاع في عالم يسوده التحول الرقمي، وجمعت القمة كوكبةً من الخبراء ورواد القطاع، وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم لمشاركة معارفهم وخبراتهم والتباحث حول أفضل الممارسات وأحدث الحلول الرقمية لمواجهة تحديات قطاع التعليم على المستوى العالمي. وشهدت القمة عرض أحدث الحلول الرقمية التي يمكن أن تساعد على معالجة التحديات التي تواجه هذا القطاع، وركز هذا الحدث على مواضيع ومحاور رئيسية في قطاع التعليم، ومن ضمنها «التعليم والذكاء الاصطناعي التوليدي»، و«التعلم المشخصن»، كما عرضت القمة أحدث حلول الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات لمساعدة قطاع تكنولوجيا التعليم على معالجة التحديات السائدة.
تم إصدار كتاب «نساء إماراتيات منجزات» لتكريم 51 امرأة ملهمة في مجال الابتكار وريادة الأعمال وكنت واحدة منهن، هل ترين ذلك حافزاً لما هو قادم أكثر من كونه تشريفاً؟
إن تكريمي كواحدة من أفضل 51 امرأة ملهمة في مجال الابتكار وريادة الأعمال هو بلا شك تشريف وحافز وتكليف أيضاً، يضع على عاتقي مسؤولية إضافية لبذل المزيد من الجهود ومواصلة العمل الدؤوب في مجال الابتكار ضمن المنظومة التعليمية، والإسهام بشكل أكبر في مسيرة نماء الوطن وتقدمه.
حصلت على جوائز وتكريمات لجهودك في إنجاح تجربة التعلم الرقمي في الإمارات، هل لك أن تطلعينا على أهمها وأكثرها قرباً إلى قلبك؟
أفتخر وأعتز بجميع الجوائز والتكريمات التي تحققت على الصعيدين المؤسسي والفردي، وأرى فيها حافزاً لمواصلة العمل على تحقيق طموحاتي، والإسهام بشكل ملموس في تحول المنظومة التعليمية، وترك بصمة إيجابية ضمن المجتمع، ويمثل حصول «ألف للتعليم» على المركز الأول ضمن «برنامج سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك للتميز والذكاء المجتمعي» عن فئة الجهات المبادرة بدعم ورعاية القضايا المجتمعية، الجائزة الأقرب إلى قلبي. ولهذا التكريم مكانةٌ خاصة بالنسبة لي.
أرسخ في أبنائي الطلبة أن يكونوا أصحاب شخصيات قوية متسلحة بالعلم والمعرفة
كونك معلمة تربوية في المقام الأول، ما أكثر ما تسعين لغرسه في أبنائك؟
أن يكونوا أصحاب شخصيات قوية متسلحة بالعلم والمعرفة للإسهام في تقدم وتطور مجتمعهم وإعلاء شأن وطنهم، كما أسعى إلى غرس قيم الالتزام بالمسؤوليات والطموح والثقة بالنفس، والحسم في اتخاذ القرار والتواضع والعطاء والإيجابية في نفوس أبنائي.
لديك مسيرة طويلة في مجال التعليم وصلت لقرابة 27 عاماً، ما الرؤية التي تحلمين بها لمستقبل التعليم في الدولة؟
أتمنى أن أشهد انتشار منصة ألف للتعليم في أكبر عدد من الدول حول العالم، كما أنني أنظر بثقة وطموح حيال قدرة المنظومة التعليمية في الإمارات على ترسيخ مكانتها في مصاف الأفضل والأكثر تقدماً تكنولوجياً على مستوى العالم، وبما يسهم في تحقيق الرؤى والمستهدفات الوطنية المستقبلية.
* تصوير: محمد السماني