انتماؤها إلى عائلة معظم أبنائها من الأطباء الأوائل بالدولة، دفعها إلى تكملة المسيرة وخوض غمار العمل في المجال الطبي، حصلت على الدكتوراه في تخصص نادر، كما تعد من أولى المرشحات من الإمارات لاستكشاف استخدامات تقنية الواقع الافتراضي والمعزز في علاج الخصوبة.
هي الدكتورة نهلة عبد الرزاق كاظم، استشارية طب الإنجاب والعقم، ومدير تجميد الخصوبة بمركز بورن هول ميديكلينك العين، التقيناها لنتعرف إلى طبيعة عملها في مجال الصحة الإنجابية وجديد علاجات العقم والخصوبة عند النساء والرجال:
تعدين من أوائل الأطباء في الدولة الذين حصلوا على درجة الدكتوراه في تخصصك، هل لك أن تطلعينا على مضمون تلك الأطروحة؟
حصلت على الدكتوراه في جامعة إدنبرة ببريطانيا، وكانت الرسالة مهمة ومميزة عن قياس نسبة هرمون معين يحدث في الشهور الأولى من الحمل، ومدى ارتباط تلك النسبة باستمراره بطريقة طبيعية أو وقوع مضاعفات في الشهور اللاحقة مثل الإجهاض وغيرها من المشاكل المرتبطة بالحمل، وتم تطبيق العينة على مرضى من داخل الإمارات وعينات من مرضى آخرين في بريطانيا، ومن خلال تلك الدراسة استطعنا التركيز على متابعة الحوامل من البداية وإعطائهن العلاج الداعم، للتقليل من فرص الإجهاض ومضاعفات الحمل مثل التسمم، وغيرها من المشاكل المرتبطة بالسكري وارتفاع ضغط الدم.
طب الإنجاب يتم عن طريق دعم الحمل بالطرق الطبيعية وبأقل تدخل بشري
تتخصصين في الصحة الإنجابية، حدثينا عن هذا المفهوم.
يعد هذا التخصص أحد أفرع أمراض النساء والولادة ومشاكل الغدد الصماء، وتخصصي الرئيسي فيه يكمن في علاج العقم والخصوبة عند النساء والرجال، فطب الإنجاب يتم عن طريق إما دعم الحمل بالطرق الطبيعية وبأقل تدخل بشري، نقوم فيه بإجراء التشخيص والفحوص لمعرفة تأخر الحمل عند النساء وهل لوجود خلل في هرمونات الأنوثة لديهن، أو عن طريق فحص الأنابيب ونشاط المبيض، وعند الرجال فحص اضطرابات هرمونات الذكورة، ثم نوجه الزوجين نحو العلاج السليم كي يحدث الحمل، وفي حال كانت نتائج الفحوص التي أجريناها تحتاج إلى تدخل طبي، يتم تقديم العلاج الداعم على حسب نوع المشكلة، كأن نقوم بإجراءات تخصيب للبويضات بالتلقيح الخارجي أو الإخصاب عن طريق أطفال الأنابيب وعند تكون الأجنة إما نعيدهم إلى الرحم بعد مرور خمسة أيام، أو نقوم بتجميد الأجنة لعمل فحص للكروموسومات وبعدها يتم فك التجميد وإرجاعها إلى رحم الأم. وهدفنا الأساسي قبل وبعد حدوث الحمل هو استكماله بشكل سليم ودون مضاعفات للأم أو الجنين.
ما الأسباب التي تدفع المرأة لتجميد البويضات، ومزايا ومخاطر ذلك؟
تجميد البويضات علم متطور في مجال الإخصاب، ونقوم بتطبيقه لمن تعاني أمراضاً وراثية أو خمولاً في المبايض أو احتمالية التعرض لسن اليأس المبكر، أو لديها بطانة الرحم المهاجرة أو من تخضع لعلاج يؤثر في خصوبتها مثل العلاج الكيماوي والإشعاعي أو الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والصرع وأمراض الدم، حتى العلاج النفسي يؤثر أيضاً في الخصوبة.
هل غير المتزوجة يمكن لها أن تلجأ لتجميد البويضات بدون خوف؟
بكل تأكيد، فكما ذكرت هناك أمراض تؤثر في الخصوبة وفي هذه الحالة يتم تجميد البويضات، وهي عملية ناجحة وخطواتها غير معقدة ويتم التخزين لمدة قد تصل إلى عشرين عاماً، وأود هنا التركيز على نقطة مهمة وهي أن عملية التجميد الناجحة مرتبطة بعمر المرأة، كلما كانت صغيرة في السن وحالتها الصحية معقولة نوعاً ما تكون جودة البويضات ومخزونها أفضل عمن كان عمرها فوق الخمسة وثلاثين عاماً.
تقنية الواقع المعزز في علاج الخصوبة علم حديث يرى من خلالها المرضى شرحاً مرئياً لمراحل تكوين الأجنة
تعدين من أولى المرشحات من الإمارات لاستكشاف استخدامات تقنية الواقع الافتراضي والمعزز في علاج الخصوبة، ما الإضافة التي ستحدثها هذه التقنية؟
لا ترضى حكومتنا الرشيدة سوى بالأفضل وأن نكون سباقين ومواكبين في كافة المجالات، وتعد تقنية الواقع المعزز في علاج الخصوبة علم حديث، وهو عبارة عن قناع على شكل خوذة وبه نظارة، يرى من خلالها المرضى شرحاً تفصيلياً مرئياً لمراحل تكوين الأجنة داخل جسم المرأة وكيف يحدث الحمل داخل الرحم، وهي تقنية تساعد على شرح الحالات بطريقة سهلة ومبسطة كما تزيد من عامل الأمان وتقلل من المفاجآت غير المتوقعة، كما تستعرض تلك النظارة بيانات الحالة وتكشفها للطبيب أثناء القيام بعملية جراحية ما، إضافة إلى قدرتها على تعزيز الثقة بين الطبيب والمريض، وبالتالي تكون فرصة نجاح الحمل أفضل.
على الرغم من كثرة مشغولياتك تمارسين دورك المجتمعي بانضمامك لعضوية عدة لجان وجمعيات، ما الآلية التي تعتمدينها للتنسيق بين كل هذا؟
تعلمنا من قيادتنا الرشيدة الحفاظ على استدامة الإنجازات وتحقيق المزيد من المكتسبات، كل ذلك عزز بداخلنا كشعب زيادة حس المسؤولية الوطنية، فالمناخ العام الذي أعمل فيه يساعدني على تقسيم وقتي والقيام بدوري سواء داخل الأسرة أو في نطاق عملي بالشكل الأمثل، ولا يتعارض دوري المجتمعي مع ذلك؛ بل اتباع تلك الآلية في حياتي ساعدني على التوفيق بين كل تلك المسؤوليات.
هل تشعرين بالفخر لأنك اخترت هذا التخصص؟
أعتبر أنني من الطبيبات المواطنات اللاتي اختن هذا التخصص النادر في الدولة ومن الأوائل في هذا المجال، وأرى أنني أولى بتقديم الرعاية الصحية للمرأة وأن أجعل علمي في خدمتها، فكم يسعدني أن أكون مشاركة في تحقيق حلم الإنجاب لمريضة حرمت من ذلك لسنوات، أو تحقيق أمنية زوج في أن يكون أباً بعدما مر وشريكة حياته بفترات صعبة، فهي حقاً فرحة لا يضاهيها شيء عندما تكون سبباً في وضع بسمة على وجوه من يحتاج إليها.
وما أصعب المواقف التي تمر عليك أثناء تأدية عملك؟
من المواقف الصعبة التي أمر بها هي عدم اتباع المرضى للتعليمات والإرشادات التي توجه لهم، وكذلك عدم التزام المريضات بمنع الحمل لأسباب طبية تتعلق بخطورة ذلك عليهن، أو من تأتي طلباً للعلاج المساند للإنجاب كي تحمل في أكثر من جنين، وكلها مواقف مربكة وتجعلنا نعمل تحت ضغط خوفاً على الحالة.
يضاف إلى رصيد إنجازاتك حصولك على جوائز عدة في التفوق العلمي، هل لك أن تطليعنا على وقعها عليك؟
الجوائز والتكريمات تسهم في تعزيز روح المثابرة والتقدم والتميز لدى الإنسان، كونه يستشعر أن هناك عيوناً ساهرة ترصد من يجد ويجتهد، وهذا ما شعرت به عندما تم تكريمي أكثر من مرة فوقعها علي كبير وحافز يمدني بتحقيق المزيد من النجاحات.
تعتبرين نموذجاً ملهماً في مجالك للمرأة الإماراتية، فما نصيحتك لمن تبحث عن التميز في نفس التخصص؟
تبذل الدولة قصارى جهدها لتوفير كافة السبل التي تعين المرأة على التعلم والتزود بالعلم، ليس هذا فحسب؛ بل ومنحها كافة الامتيازات التي تؤهلها لبلوغ أعلى المناصب، وعلى الإماراتية أن تنتهز هذه الفرص وتبحث لها عن مكانة مضيئة لتسجل اسمها في صفحة الإنجازات.
هل لك أن تطلعينا على دور الأسرة في بلورة شخصيتك، وأكثر الداعمين لك فيها؟
أنتمي لعائلة يطلق عليها في دبي عائلة الأطباء الأوائل، فعمي الدكتور أحمد كاظم «رحمه الله» كان أول طبيب إماراتي، وقد حصل على عدة جوائز تقديرية لما بذله من جهد في خدمة الناس وعلاجهم، وعمتي الدكتورة زينب كاظم تعد أول طبيبة أمراض نساء وولادة في الإمارات، وكذلك الدكتورة حورية كاظم أول جراحة في الدولة، وتخصصي في هذا المجال كان أمراً طبيعياً، لكن دعم والدي «رحمه الله» لي وحرصه على دخولي المجال كان كبيراً، كما لوالدتي دور أيضاً فقد كانت رئيسة هيئة التمريض في الطب الوقائي بالبراحة، فقد تعلمت منها الكثير وكانت تحرص على أن تجلس معي وتزودني ببعض المعلومات الطبية التي أفادتني كثيراً، وبعد أن تزوجت استمر دعم زوجي لي بشكل كبير، حتى أنه كان رفيق دربي في رحلتي العلمية ولم يتركني لحظة، وحالياً أتلقى دعماً من نوع جديد فأبنائي يعلمون جيداً طبيعة عملي وأهمية التعليم المستمر والذي يكلل بالأبحاث والدراسات، والآن أستزيد من العلم معهم وأدرس بجانبهم.
ما الذي تتمنين تحقيقه وتطمحين في الوصول إليه
تماشياً مع سياسة الدولة والتي لا ترضى سوى بالمركز الأول في كل المجالات، وضعت مجموعة من الأولويات من أهمها العمل على زيادة الوعي بالصحة الإنجابية وخلو المجتمع من الأمراض الوراثية التي تعيق الخصوبة، وأطمح في أن تكون لي بصمة في تثقيف الناس بكل ما يتعلق بمشاكل الإنجاب وأن أتعاون مع الجهات المختصة لتعزيز تشريعات الإخصاب في الإمارات، والتوسع في استخدام تقنيات الواقع الافتراضي المعزز بشكل كبير.