حصة الفلاسي على غلاف مجلة كل الأسرة
كعادتها، «كل الأسرة» ترصد كل جديد فيما يتعلق بالبرامج الرمضانية التي باتت تفرض نفسها بقوة وسط العشرات من البرامج والمسلسلات التي تعرض على القنوات المختلفة طوال الشهر الكريم، لاسيما برنامج «الشارة» الذي يسلط الضوء على عادات وتقاليد المجتمع الإماراتي، وأسهم في التعريف بالموروث الشعبي للدولة على مستوى العالم العربي، وقد كان لمقدمة البرنامج حصة الفلاسي، الدور الأبرز في نجاح البرنامج والاستحواذ على انتباه المشاهدين من خلال المحتوى الذي تقدمه بسلاسة وتلقائية وروح مرحة، وكذلك من خلال براعة تصاميم الأزياء والمجوهرات الإماراتية، التي ترتديها، فهي تضفي لمسة مميزة في كل إطلالة لها على شاشة البرنامج الذي يلتف حوله الآلاف من المشاهدين عاماً بعد عام.
حول جديد برنامج «الشارة» لهذا العام، حاورنا المذيعة حصة الفلاسي للحديث عما يحمله «الشارة» من رسائل تسهم بشكل كبير في ارتباط المشاهدين بجذورهم وتراثهم الأصيل:
تصوير: حفصة الحمادي
في البداية، لفتت حصة الفلاسي، إلى أن تصميم ديكور البرنامج هذا العام، مختلف كلياً عن السنوات الماضية «اجتمعت مع مهندس ديكور البرنامج كي نضع تصميماً مبتكراً يجمع بين أصالة الماضي وفخامة الحاضر من دون «تخريب» لهويتنا الإماراتية، وقد استعنا بحرفيات إماراتيات ممن يتميزن بلمسة تراثية إبداعية، واستغرق تصميم الديكور المستوحى من قصر الحصن شهراً تقريباً، حرصنا خلاله أن نعكس تفاصيل قصر الحصن بالكامل من الداخل، واستخدمنا تقنية الواقع المعزز AR في الغرافيك أثناء تصوير البرنامج، كذلك الأزياء التي ارتديها جديدة ومختلفة وبها لمسة عصرية، وصممت خصيصاً لتتماشى مع فكرة البرنامج والديكور في هذا العام».
تصوير: السيد رمضان
وحول المسؤولية التي تحملها الفلاسي خلال 14 سنة، وهو عمر تقديم البرنامج، تقول «أرى نفسي واقعية إلى حد ما، لا أحب تقديم النصائح التي تدعو إلى الإيجابية طوال الوقت، كما أرى أن الإيجابية حالة يستشعرها المشاهد من خلال المحتوى المطروح في البرنامج، والطريقة التلقائية التي يتقدم تقديمها بها، خصوصاً أن أغلب برامجي تراثية، وهي الجسر بين الماضي والحاضر، وحلقة الوصل التي تربط الأجداد والآباء والأبناء، والشاهد على محطات مهمة في حياتهم، ليؤكد أننا حتى إذا وصلنا للمريخ، سنظل متمسكين بعاداتنا الأصيلة».
وكان لا بد لنا أن نعرج في حديثنا نحو الأزياء التي ترتديها حصة في برنامجها ، فهي تجذب الأنظار وتتماشى مع طبيعة البرنامج ، كما توضح «على الصعيد الشخصي، أنا أحب أن أعطي لكل شيء حقه، فالأزياء التي ارتديها لها جمهورها أيضاً، ولا تقل قيمة عن المحتوى الذي نقدمه؛ بل هي جزء لا تتجزأ من العمل، وأحب أن تكون كل قطعة مختلفة عن الأخرى، وتكون من تصميمي الشخصي في مشغلي الخاص، وكذلك ألبس من تصميم المصممة الإماراتية فاطمة الجنيبي، والعديد من المصممات المعروفات أو اللاتي دخلن مجال التصميم حديثاً».
تصوير: حفصة الحمادي
تؤكد حصة أنها تتلقى رسائل الإعجاب تشيد بملابسها وتود معرفة التفاصيل عنها ، ولا يقتصر هذا التفاعل على النساء فقط بل حتى الجيل الجديد «أشعر بالفخر بأنني أتلقى رسائل إعجاب من فتيات صغيرات وليس من النساء فقط حول الملابس والمجوهرات التي أرتديها، فلم أتوقع أن يكون للبرنامج متابعات من أعمار مختلفة، كنت أظن أنه سيعجب كبار السن ممن يشعرون بالحنين تجاه زمن الأوليين، لكنه حقق نجاحاً أكثر من المتوقع بالوصول لأبناء جيل الإنترنت، خصوصاً الفتيات المراهقات اللاتي يعجبن بالملابس التراثية التي أرتديها في البرامج وفي المناسبات التي تجمعني بهن، وأخبرهن عن أسماء المصممات لتلك الأزياء إذا لم تكن من تصميمي أنا شخصياً، وأحب أن أختار ما يعكس شخصيتي ويتناسب مع طبيعة المحتوى الذي أقدمه».
قبل أن تمسك الميكرفون وتقف أمام الكاميرا يجب أن تتعلم كل كبيرة وصغيرة عن البرنامج الذي تقدمه
وتقدم حصة بعض النصائح إلى الجيل الجديد من الإعلاميين «استكمال الرسالة الإعلامية الإماراتية تحتاج إلى تدريب وتخريج أجيال جديدة، تؤمن بالعمل الذي تقوم به، وليست مجرد وجوه باحثة عن الشهرة السريعة، وهذه هي النصيحة الأولى أقولها للمتدربين لدي في ورشات التدريب التي أقدمها للشباب الراغبين في العمل الإعلامي، فدائماً أقول لهم: قبل أن تمسك الميكرفون وتقف أمام الكاميرا يجب أن تتعلم كل كبيرة وصغيرة عن البرنامج الذي تقدمه، من الإعداد للإنتاج لمعدات التصوير والإخراج، كي يشعر بالانتماء لهذا العمل، فهذا الطريق هو الذي سلكته في حياتي، لذلك أشعر بالانتماء للقناة التي أعمل فيها، وفريق عملي هم عائلتي الثانية، نقضي ساعات طوال بعد وقت العمل، من دون كلل أو ملل، لأننا جميعاً نؤمن بالفكرة وأهميتها في ترسيخ ثقافتنا وتاريخنا».
تصوير: السيد رمضان
وهنا تتحدث حصة عن واحدة من التجارب الرائعة التي عاشتها، بحسب وصفها، وكانت تعزيزاً للدور الذي نقوم به في برنامج الشارة، «عندما كنت في مصر، خلال مشاركتي في فعاليات الاحتفال بخمسين سنة من العلاقات المصرية الإماراتية، قدمت الجلسات بملابسي الإماراتية التراثية، وكنت حديث الحضور الذين أبهرتهم المجوهرات الإماراتية التراثية، والتصميم المبدع للأزياء التي كنت أرتديها؛ بل طلبوا التقاط صور تذكارية معي، وأرى أن الفترة المقبلة أن المخور والكندروة الإماراتية ستكون المفضلة لدى نساء المنطقة العربية، خصوصاً في المناسبات الاجتماعية واللقاءات العائلية».
تصوير: حفصة الحمادي
أما عن علاقة حصة بابنتها فهي تصفها بأنها خاصة جداً، «ابنتي هي روحي بما تعنيه الكلمة من معنى، اتبع معها أسلوب النقاش والحوار في مختلف الأمور، خاصة عندما أشعر بالتقصير تجاهها بسبب انشغالي أحياناً بالعمل، وأحرص على الاعتذار منها، وهي بدروها تخبرني بأنها تتفهم طبيعة عملي، وهذه الطريقة من الحوار اتبعها معها في كافة الأمور حتى فيما يتعلق بالمحتوى الذي أقدمه في البرنامج، فهنالك كلمات وعادات تجهلها بسبب صغر سنها، فأحاول أن أبسط لها الأمور وأقدمها لها خلال حياتنا اليومية، وأربيها كما ربتني والدتي على عاداتنا وتقاليدنا بحسب المواقف المختلفة، وبما يواكب روح العصر الحديث، والأمر هنا يختلف عن تربية الأولاد، الذين يفضل الآباء اصطحابهم للمجالس كي تكتسبون العادات والتقاليد من الكبار، أما نحن فلا يفضل جلوس الفتيات الصغيرات مع النساء الأكبر منهن في العمر».
وحول سلبيات الـ«سوشيال ميديا»، تؤكد الفلاسي «أتاحت للجميع التنمر على خلق الله، وليس النقد، لأن النقد يكون على المحتوى الذي يقدمه البرنامج وليس على شكل وملابس المذيع، وقد تعرضت للتنمر مرات عديدة بسبب وزني الزائد في فترة من الفترات، وهناك من نشر صوري من دون مكياج وكأنه شيء يجب أن أخجل منه، لكنني في الواقع أخرج من منزلي للسوق أو لأي مكان من دون «ميك اب»، ولا أشعر بأن من حق أي أحد التدخل في حياة الناس، أو توقع صورة نمطية عنه حتى وإن كان مشهوراً أو إعلامياً، وأتعمد تجاهل هذا النوع من التعليقات السلبية ولا أعيرها أي انتباه».
لجنة تحكيم البرنامج، سيف بن محمد بوقبي ومحمد بن صابر المزروعي - تصوير: السيد رمضان
بوقبي وبن صابر: «الشارة» يصون التراث ويحافظ على الهوية
يعزز برنامج «الشارة» الثقافي الرمضاني رسالة الإعلام الإماراتي في حفظ الهوية الإماراتية، والحفاظ على إرثها الثقافي والحضاري؛ بل وتوارثه من جيل لجيل، خصوصاً بعدما حصد في السنوات الأخيرة مشاهدات من مختلف دول العالم من عشّاق الأصالة والتاريخ، بما يقدمه من أسئلة غنية عن التراث، وجوائز قيمة للمشاهدين طوال الحلقات المباشرة التي تعرض يومياً، خلال الشهر الفضيل، عبر قناتي «بينونة» و«الإمارات».
حرصنا على معرفة رأي الخبراء التراثيين من لجنة تحكيم البرنامج، حول نسخة هذا العام من «الشارة»، خاصة بعد أن أصبح من أهم البرامج المطروحة على المائدة الرمضانية للعام الرابع عشر على التوالي. فالتقينا بشخصيتين من خبراء التراث الإماراتي، وهما سيف بن محمد بوقبي، ومحمد بن صابر المزروعي، لإلقاء الضوء على أهمية برنامج «الشارة» ودوره في صون التراث والمحافظة على الهوية الوطنية.
تحدث أولاً خبير التراث سيف بن محمد بوقبي عن دور البرنامج في تعزيز الروابط الاجتماعية في الإمارات «اللقاء يتجدد في كل عام ونحن على العهد مع هذا الوطن الغالي، أن ننقل كل كبيرة وصغيرة من ثقافته ولهجته وتاريخ شخصياته التاريخية المؤثرة للمشاهدين الذين يتابعونا من مختلف الجنسيات، وسيستمر البرنامج في التعريف بتاريخ بناء القلاع والأبراج في الدولة، إضافة إلى مفردات اللهجة الإماراتية والشعر النبطي والأمثال والألغاز والحكايات وتفاصيل البيت الإماراتي القديم، وأبرز المهن والصناعات اليدوية والعديد من الأمور التي لا تخفى عن أي مواطن إماراتي، فعلى العكس مما يروج البعض، أن الجيل الحديث يجهل بعض العادات والتقاليد، فنحن نصطحب الصغار معنا للمجالس، ويعرفون أصول الضيافة، والتقديم، ودلالة الكلمات الإماراتية القديمة، وهذا بفضل الآباء والأجداد ودورهم الرئيسي في تعزيز هذه العادات في أبنائهم، ويأتي بعدهم دور البرنامج في التعريف والتثقيف وتصحيح بعض المفاهيم المغلوطة، أو غير الواضحة لهم».
أما الخبير التراثي محمد بن صابر المزروعي، فقد أشار إلى حجم الاتصالات التي يستقبلها البرنامج من جميع أنحاء العالم، «نجح برنامج «الشارة» في تحقيق هدفه بصون التراث والمحافظة عليه وتعزيز الهوية الوطنية، لكن ما نشهده اليوم هو إقبال أشخاص من الجاليات المختلفة التي تعيش في الدولة، وهذا يسعدني أنا شخصياً، خصوصاً أن هنالك متصلة من فرنسا أكدت أنها تحاول الاتصال من العام الماضي، وهذا إن دل فإنه يدل على تعطش الناس للمعلومات الثرية ذات القيمة العلمية والتثقيفية. ومن هنا يجب أن يفتخر كل شاب إماراتي بهذا الشغف بماضينا وحاضرنا، كما أود توجيه نصيحة لهم، ألا يقضون وقت فراغهم أمام شاشات الهواتف، وأن ينضموا إلى مشاهدي البرنامج كي يعرفوا ماضيهم، ليعلموا أنه امتداد لمستقبلنا الذي يحملون على عاتقهم مسؤولية صناعته والحفاظ على موروثاته، فكما قال المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، «من ليس له ماض، ليس له حاضر»، فحالة البحث والتفكير للإجابة عن الأسئلة المشوقة التي تسلط الضوء على العادات الأصيلة، وتراث الإمارات، يحيي المفردات الإماراتية التي قد تندثر بفعل التطور واستخدام اللهجة البيضاء التي يسهل فهمها من الجنسيات المختلفة».
تصوير الغلاف: حفصة الحمادي
تصوير: السيد رمضان