كان لنشأتها دور كبير في رسم مسار حياتها العملية التي بدأتها لفترة غير قصيرة في سلك التعليم قبل أن تنتقل لمجال العمل الفني التربوي كما تصفه، لتروي شغف الطفولة بصناعة الأفلام والتصوير وتسهم في دعم الأطفال والشباب في رسم المشهد الثقافي السينمائي في إمارة الشارقة وتعزيز صناعة السينما المحلية وتمكينها من المنافسة عالمياً..
هي الشيخة جواهر بنت عبدالله القاسمي، مديرة مؤسسة "فن" بالشارقة ومديرة مهرجان الشارقة السينمائي، التي في حوارنا معها كشفت لنا دورها وإسهاماتها في تكريس مكانة الشارقة لتكون بيئة حاضنة للإبداع وراعية للفنون من كافة الثقافات، التزاماً بتوجهات ورؤى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وقرينة سموه، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي.
ما هي العوامل التي أثرت في انفتاحك على العمل في مجال الإعلام؟
لم أخطط لدخول مجال الإعلام، بعد دراسة اللغة الإنجليزية والأدب بدأت العمل منسقةً ومن ثم مدرسة لمادة اللغة الإنجليزية في إحدى المدارس لفترة عشرة أعوام، على الرغم من حبي للعمل مع الأطفال، لكني قررت تغير مجال عملي بعد تكليفي من قبل سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، قرينة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بإعداد مهرجان سينمائي للأطفال لأروي شغفي للكاميرا وصناعة الأفلام بمختلف أنواعها.
خلال حفل افتتاح مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب 2022
يعتبر مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب أحد نماذج المشهد الثقافي في إمارة الشارقة والإمارات بشكل عام، ما هي الأهداف والرؤى التي تقف وراءه؟
توجه مهرجان الشارقة السينمائي للأطفال والشباب بداية بعرض أفلام وثائقية وأفلام قصيرة وأخرى بسيطة من أفلام الخيال العلمي والرسوم المتحركة من صنع الأطفال، أثرى المشهد الثقافي السينمائي وكان عاملاً مشجعاً لصناع الأفلام الإماراتيين لصنع أفلام خاصة عن الطفل وللطفل، ومحفزاً للأطفال والشباب على الانضمام لهذا العالم الكبير بأن يكونوا صناع محتوى أو أفلام أو للمشاركة في أي مجال آخر في هذا العالم كالكتابة والتصوير والتجميل والإخراج أو التنسيق، كما هو في الوقت ذاته فرصة مناسبة لتواصل صناع السينما من فئة الأطفال والشباب من داخل الدولة وخارجها.
عام 2011 أسند إليك مهام إدارة مؤسسة "فن" للأطفال والشباب، ما هي الفرص التي توفرها المؤسسة لتطوير المهارات الإبداعية والفنية لهذه الفئة؟
بداية اقتصر توجه المؤسسة نحو الأطفال، لكن معايشتنا ورصدنا أهمية إشراك الشباب كان الدافع وراء إفساح المجال لهذه الفئة للتخصص في هذا النوع من الفن الإعلامي سواء بالمشاركة في الفعاليات أو الورش والدورات التدريبية داخل الدولة وخارجها ودعم المواطنين من المصورين لتشجيعهم واستغلال طاقاتهم في تدريب الفئات الأصغر سناً من الشباب، ورعاية المواهب المحلية وصقلها وتنميتها والارتقاء بمحتوى أفلام الأطفال وتعزيز صناعة السينما المحلية وتمكينها من المنافسة عالمياً.
أحد أساسيات اعتمادنا لمحتوى الفيلم أن يكون بعيداً عن كل ما يمس ديننا الإسلامي وثقافتنا العربية
حدثينا عن شروط اعتماد المحتوى وطبيعة ما تناقشه من موضوعات؟
من البديهيات أن تكون أحد أساسيات اعتمادنا للمحتوى أن يكون بعيداً عن كل ما يمس ديننا الإسلامي وثقافتنا العربية، إضافة إلى عدم مرور أكثر من عامين على إنتاج الفيلم وشروط أخرى تتعلق بالمسائل الفنية والتقنية. كما نحرص في المهرجان على التنوع لاستقطاب أفلام عديدة تسلط الضوء على مواضيع أو ظواهر مختلفة تلامس الواقع مثل التنمر وقضايا حقوق الطفل، وقضايا إنسانية تطرح أفكاراً لمساعدة اللاجئين، إضافة إلى مساعدة المشاركين على أن يكونوا من صناع الأفلام المحترفين بناء على توجيهات قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، لتنمية أفكار وتوجهات الأطفال بالطريقة الصحيحة.
وصول مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب لدورته التاسعة دليل نجاحه وتفوقه، كيف تمكنتم من تحقيق ذلك؟
لا أنكر المخاوف التي سبقت الدورة بسبب الانقطاع الذي دام لعام كامل وعام آخر من العمل عن بعد، لكن إيماننا بأهمية السير وفق خطوات صغيرة واختيار الوقت المناسب ووقوفنا بالضد من تقديم أي عمل دون دراسة مسبقة ساعد على أن يكبر المهرجان بالصورة الصحيحة، وبالفعل تمكنا بالجهود الحثيثة وتعاون أفراد الفريق من تحقيق النجاح اللافت لتكريس مكانة الشارقة لتكون بيئة حاضنة للإبداع وراعية للفنون من كافة الثقافات.
هل يمكن للأفلام والأعمال السينمائية العربية والخليجية أن تنافس الإنتاج العالمي من ناحية الإنتاج والتنفيذ؟
لو سألت هذا السؤال قبل عشرة أعوام بالتأكيد كانت الإجابة ستكون "كلا"، أما اليوم وبفضل وجود الدعم بكافة أنواعه مادياً ومعنوياً ولوجستياً والتغيير الذي شهدته الأفكار بعد أن كنا نشهد عرض أفلام عربية لنسخ أجنبية، نجد اليوم أن الأفلام العربية والخليجية تفوقت من حيث النوع والكم على الغرب، ما يدل على حجم الجهد والدعم المبذول لدعم هذه الفئات لتنمية مهاراتها وقدراتها الإبداعية، وفيلم حكاية حي التابع لمؤسسة "القلب الكبير" الفائز بأربع جوائز عالمية، وفيلم فرحة المترشح لجائزة الأوسكار، أكبر دليل على نجاحها.
كوني شغوفة بالعمل مع الأطفال أشعر بانتمائي للمجال الإعلامي التربوي والحرص على وصول أفلامهم للمشاركة في المهرجانات العالمية
كيف تصفين تجربتك في مجال الإعلام؟
لا يمكن وصف عملي في مجال الإعلام الفني بالتجربة كوني لم أتعمق بشكل كافٍ في هذا المجال، لكن الشيء الوحيد الذي يمكن أن أمنح لنفسي الحق كاملاً في الحديث عنه هو مسلسل"أجوان"، أول مسلسل خيال علمي من الرسوم المتحركة، استوحيت فكرته من كتاب الكاتبة نورة النومان التي جمعت فيه بين الخيال العلمي والأسلوب الأدبي بشكل شيق، تجربة العمل في إنتاج الفيلم كانت تجربة مختلفة ومتعبة، لكنها كانت فرصة لدخول مجال الإعلام تعلمت منها الكثير ودخلت من خلالها المجال.
لا تزال روح الطفولة تسكن الشيخة جواهر.. ألم تجد طريقها للنضج؟
"تضحك"، أحب وجود هذا الجانب البريء، فقد وجدت نفسي في بيئة اجتماعية عاطفية، لا أنكر التغير اللا إرادي الذي طرأ عليه بسبب العمل والاختلاط مع أشخاص من ثقافات مختلفة، لكن يبقى التصرف بحسب ما يقتضيه كل موقف.
مع لجنة المحكمين الواعدين خلال مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للأطفال والشباب
عملك يتطلب جهداً كبيراً وكفاءة عالية، كيف تتمكنين من إيجاد التوازن وأنت زوجة وأم لثلاثة أبناء؟
لا أنكر حجم الإرباك وصعوبة إيجاد التوازن الذي واجهته وأنا أم لطفل بعمر 3 سنوات تشعر بالذنب وترغب بالعطاء، الإحساس بالمسؤولية والدافع لتأسيس لشيء جديد استوجب مني الاهتمام بأدق التفاصيل متسبباً بمنحي العمل وقتاً واهتماماًَ يفوق ما يحصل عليه منزلي وأبنائي، لكن مع مرور الوقت حاولت الدمج بين المنزل وعملي الذي هو بشكل أو بآخر يرتبط بالأطفال بتشجيعهم على مشاهدة الأفلام واختيار نوعها وإبداء آرائهم في بعض الأشياء ليتعرفوا ويفهموا طبيعة العمل الذي أمارسه.
ما هي نشاطات وهواياتك؟
شغفت بالقراءة، لكني انقطعت عنها بسبب ظروف انشغالي بالعمل، لكني أحاول في الوقت الحاضر العودة لممارسة هذه الهواية ولو بشكل أسبوعي.
ما هو طموحك على مستوى الشخصي والعمل؟
على المستوى الشخصي أتمنى النجاح والسعادة لأسرتي وأبنائي، وعلى صعيد العمل أتمنى أن يستمر المهرجان في التقدم في تحقيق النجاحات خاصة بعد النجاح المنقطع النظير الذي حققه في دورته التاسعة بمحتواه المختلف والمميز والذي تلمست صداه من خلال رسائل الشكر والامتنان الموجهة من قبل الأطفال والشباب المشاركين ليصبح المهرجان خلال سنوات قليلة من أشهر المهرجانات الموجهة لفئة الأطفال المعروفة على مستوى العالم.
* تصوير: محمد الطاهر