اقترن اسم "شيكوريل" بالأناقة والأزياء الراقية في مصر في مطلع القرن العشرين. محلات "شيكوريل" عبارة عن سلسلة متاجر خاصة بالملابس والإكسسوارات أسسها رجل الأعمال إيطالي الأصل "مورينو شيكوريل" منذ أكثر من 135 عاماً، وكان عملاؤه من العائلة المالكة وطبقة النبلاء والطبقة الأرستقراطية في مصر في هذه الحقبة من التاريخ.
لمحبي كل ما هو قديم وتاريخي، تعرفوا معنا إلى تاريخ سلسلة محلات "شيكوريل".. عنوان الأناقة في مصر في بدايات القرن العشرين.
مورينو شيكوريل.. من أزمير إلى القاهرة
هاجر مورينو شيكوريل Moreno Cicurel إلى مصر من مدينة إزمير التركية في أواخر القرن التاسع عشر، وكان ذا عقلية تجارية فذة وطموحات كبيرة. عمل "شيكوريل" لبعض الوقت في محل "أو بيتي بازار" أو Au Petit Bazar بالفرنسية، والذي كان مملوكاً لتاجر مصري يهودي معروف يدعى "هانو"، إلا أنه كان يحلم بافتتاح شركة تجارية خاصة به.
أسس شركة "شيكوريل" عام 1887
بالفعل في عام 1887، أسس "شيكوريل" شركته الخاصة برأس مال خمسمائة ألف جنيهاً مصرياً، ثم افتتح متجره الفخم الأول من نوعه "لو غراند ماغازان شيكوريل" Les Grands Magasins Cicurel عام 1909 بجوار قصر الأوبرا الخديوية بوسط القاهرة.
أمراء ونبلاء زبائن ماركات شيكوريل
أصبحت محلات "شيكوريل" من أكبر وأشهر المحلات التجارية في مصر، وكان يعمل بها نحو 485 موظفاً أجنبياً و142 موظفاً مصرياً، وجذبت إليها الطبقة المخملية في ذلك الوقت، بما في ذلك الأمراء والنبلاء والعائلات الأرستقراطية بفضل رقي معروضاتها من أشهر الماركات العالمية. بعد النجاح الباهر الذي حققه متجره الأول، خطر على بال "شيكوريل" أن يفتتح متجراً آخراً يقدم منتجات بأسعار أقل تكلفة، بحيث تكون في متناول عامة الناس. فقام بافتتاح سلسلة محلات أخرى تخدم هذا المفهوم عام 1936، وكان اسمها "أوريكو" Oreco.
من هم أبناء شيكوريل الثلاثة؟
كان لمورينو شيكوريل ثلاثة أبناء هم "يوسف" و"سولومون" و"سالفاتور"، وقد كان لكلٍ منهم شأن كبير في المجتمع المصري آنذاك، وخاصةً بين أفراد الطائفة اليهودية التي كانوا ينتمون إليها بحُكم ديانتهم. وقد ساعده أبناؤه كثيراً في توسيع إمبراطوريته وعلامة "شيكوريل" التجارية؛ فقد كان "يوسف بك شيكوريل" من مؤسسي بنك مصر عام 1920 مع طلعت باشا حرب، كما كان من بين البعثة الاقتصادية المصرية التي سافرت إلى السودان في مطلع القرن العشرين، بهدف فتح مجالات تجارية جديدة أمام الاستثمارات المصرية في السودان. أما "سلفاتور شيكوريل"، فقد كان أيضاً رجل أعمال كوالده، كما أصبح عميد اليهود المصريين في القاهرة عام 1946 بعد وفاة عميدهم الأسبق "رينيه قطاوى".
مقتل ابنه الأكبر "سولومون شيكوريل"
كان عام 1927 عاماً مريراً على أسرة شيكوريل، حيث فقد مورينو شيكوريل، ابنه الأكبر "سولومون" الذي قُتل داخل منزله في جريمة مروعة، تعاون فيها سائق العائلة مع 3 مجرمين آخرين حيث قاموا باقتحام منزل "سولومون شيكوريل" بحي الزمالك في القاهرة، وعندما حاول مقاومتهم وجهوا إليه 11 طعنة نافذة، إلا أن الشرطة تمكنت من إلقاء القبض على المجرمين وسجنهم.
احتراق محلات شيكوريل أثناء حرب فلسطين 1948
خلال حرب فلسطين عام 1948، تم قذف محلات شيكوريل بزجاجات مشتعلة عن عمد، مما أدى إلى احتراق المتجر. وتم توجيه الاتهام وقتذاك إلى أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك لما قام به بعضهم من إتلاف وإحراق لممتلكات اليهود في مصر خلال حرب فلسطين.
ثم في عام 1952، تعرض المحل للاحتراق مرة أخرى في حريق القاهرة الشهير، إلا أنه تم إصلاح المتجر وإعادة بنائه بمساعدة الحكومة المصرية.
تأميم محلات شيكوريل عام 1956
كانت آخر أزمة تعرضت لها سلسلة المحلات الشهيرة عام 1956، فقد تم وضعها تحت الحراسة بعد العدوان الثلاثي على مصر تمهيداً لتأميمها. وفور حدوث ذلك الأمر سارعت عائلة شيكوريل إلى بيع أسهم الشركة لرجال أعمال آخرين، ومن ثم قام أفراد الأسرة بالهجرة إلى أوروبا. أما الآن، فتعتبر محلات "شيكوريل" مملوكة للحكومة المصرية وتعتبر الشركة نفسها إحدى شركات الشركة المصرية القابضة للسياحة والفنادق والسينما، التابعة لوزارة الاستثمار.