في دراسة شملت أكثر من 300 ألف شخص في 57 دولة، عرض على كل منهم 36 صورة مقصوصة للعيون، وطُلب من هؤلاء الأشخاص اختيار المشاعر الصحيحة التي يشعر بها الشخص الذي تمّ تصوير عينيه، من قائمة من أربعة مشاعر، تضمنت مشاعر الرعب والارتباك، وكذلك المشاعر الخادعة مثل الإحراج والعصبية وعدم الارتياح والرضا، في ما عرف باختبار غايته «قراءة العقل في العيون».
لوحظ في معظم البلدان التي شملها الاختبار، أن النساء سجلن درجات أفضل من الرجال في المتوسط في اكتشاف المشاعر بشكل صحيح، وفي هذا الاستنتاج ما يؤكد صورة نمطية معتادة من أن النساء حساسات، وبالتالي فإنهن أكثر قدرة على الانتباه لردود فعل الآخر الذي يحدثنه، مقارنة بالرجال الذين لا يظهرون الحساسية نفسها، ما يجعلهم عرضة للوقوع في الخطأ لأنهم يفشلون في الملاحظة عندما يكون شخص ما منزعجاً أو مستاء، ويظهر هذا، في النتيجة، أن النساء يبدين أفضل حقاً في اكتشاف مشاعر الآخرين.
وحسب أحد المشاركين في فريق البحث فإن ما خلصوا إليه من ملاحظات يقدّم بعض الأدلة الأولى على أن الظاهرة المعروفة - أن الإناث في المتوسط أكثر تعاطفاً من الذكور - موجودة في مجموعة واسعة من البلدان في جميع أنحاء العالم.. لكن لا يمكننا قول ذلك بثقة إلا باستخدام مجموعة بيانات كبيرة جداً، لكن يبدو أن النساء أفضل في هذا من الرجال من سن 16 حتى سن 70 – وهو الحد الأقصى للعمر الذي نظرت فيه الدراسة.
ويشير الباحثون إلى أن للعوامل البيولوجية والاجتماعية دوراً في ذلك، بدليل أن الباحثين وجدوا انخفاضاً في تعاطف النساء بعد سن الخمسين، والذي قد يكون مرتبطاً بالتغيرات الهرمونية المرتبطة بانقطاع الطمث، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم ما إذا كان هذا يلعب أي دور، كما أن تعاطف الرجال، بناء على نتائج الاختبار، يبدأ في الانحدار بعد سن 58.
وحسب العرض الذي قُدّم لنتائج هذا الاختبار فإن القدرة على التعاطف مع الآخرين تختلف باختلاف الأشخاص، وهي وراثية جزئياً، ولكنها صعبة بشكل خاص على الأشخاص الذين يعانون الخرف والتوحد ومشاكل الصحة العقلية مثل الفصام واضطرابات الشخصية.
أنا من الذين يرون أن الأمر في مسألة مثل هذه يتوقف على الشخص الفرد، سواء كان رجلاً أو امرأة، وقد لا تخضع بالضرورة إلى هذا التقسيم الجندري بين النساء والرجال، لكن مع ذلك فالمعطيات أعلاه جديرة بالانتباه، وجدير بالانتباه أيضاً ما اعتمده الفريق الباحث من اختيار نظرات العيون بالذات مدخلاً لقراءة ما يعتمر في العقل من أفكار ومشاعر.